11 || لقاءٌ وكشفُ حقائق.

3.1K 352 166
                                    


انتظرنا داخلاً لمدةٍ قاربت الرُبع ساعة، صمتٌ أحاطنا بعدما تبكمت فيورا لتغرق بين أفكارها؛ وصوتا الرجلان خارجاً صدحا. ذاك إلى أن وأخيراً اتفقا على شيءٍ ما لم أهتم لمعرفته، خاصةً عند توغل أصوات خطواتهم تتمازج في إيقاع سريعٍ انتهى بخروجهما من الغرفة.

انتظرت دُقيقات تأكدت فيها من ابتعادهما، تحركت يداي مع انتهائهن تلقائياً لمحو الخشبة؛ أزحتها برويةٍ وألقيت بنفسي خارجاً كأرنبٍ اُصطيد وحُبس لأيام قُبيل أن يكتشف شقاً استغلّه ابتغاءً للنجاة، وهاهو أخيراً يستنشق الهواء دليلاً على حريته.

ما أجمل الهواء.

بعدما عادت لي الروح أدرت رأسي نحو فيورا، التي خرجت بهدوء من مكانها عكسي، وتمتمت مُعيدةً الخشبة لمكانها:" هيا، علينا الخروج من هنا. " أومأت رُغم الرغبة الجامحة في الردّ بسخرية التي تملكتني، وانطلقتُ نحو اقرب نافذة افتحها وألقي نظري لأسفلها:" يُمكننا القفز من هنا فوق تلك الصناديق، الارتفاع ليس كبيراً. " نظرت لها وأكملت:" لكن.. " ولم تدعني أكمل كلامي مع اندفاعها السريع رفقة قفزتها الرشيقة لخارج البيت، وعدم إعارتها اهتماماً لي مع شروعها حال ملامستها الأرض في الابتعاد.

-" مهلاً ! " صحت وقفزت بدوري، ذاك بعد أن ألقيت نظرةً سريعة على المكتب؛ أتأكد فيها من خلوه من أيّ مما قد يُقيد لنا.

تمكنت من اللحاق بها فهي تكن تمشي بسرعة، ومع أصوات أقدامنا وصمت الليل المُحدق، رحت أفكر بما يجدر بي القول. ذاك حتى تذكرت أمراً.

-" اسمعي، بما أننا نعمل معاً، فأنتِ ملزمة بمشاركتي كل تفصيلة لها علاقة بالكنز الذي نسعى نحوه، وأريد إذن تفسيراً لمحاولتكِ إزاحتي عن هذه المهمة. " في البداية لم تجب، أو أنها تجاهلتني، فاستطردت:" وإلا، فودعي الخريطة. " أخيراً هنا وتحت تأثير تهديدي توقفت عن سيرها، وألقت نحوي نظرة مهددة هي الأخرى، قائلة:" من تظن نفسك بالضبط؟ "

-" شخصٌ لا تعلمين عنه أو قدراته شيئاً، ولا يكسل من أن يُريكِ إياها في حالة ما عارضته. " ببرودٍ أجبت. من تظن هي نفسها؟ ألا تدري أن بسيط الشكل هذا الذي أمامها يملك في جُعبته ما لا يُمكن أن تتخيل من حيلٍ قد تسلبها كل ما تملكه بما في ذلك الميدوسا حتى؟ .. هذا غير عادل، أحتاج أن أنشئ لقباً لنفسي بين الناس، عسى أن أظفر ببعض الاحترام !

ولسببٍ ما، انصاعت لكلامي، أو لنقل أني ومظهرياً قد أُرى كشخصٍ يكذب أكثر من أن يصدق، لكنه حينما يفعل الأخير؛ يصعب حقاً تكذيبه. فشرحتْ:" أنا لم أزحك عن المهمة لأيّ دافعٍ يتعارض مع شراكتنا، إنما كانت لي خطةٌ أخرى، جانبية، كنتُ لأتطرق لها في حال لم أجد العين. "

-" وتلك الخطة تستلزم عدم وجودي؟ ماذا تُراها تكون؟ "

-" لنقل أنك لو وُجدت حينها، كنت لتكون فقط عائقاً. " رمقتها بنظرةٍ توحي بتعطشي لمعرفة المزيد، لمعرفة مكنون تلك الخطة المجهولة بالضبط والتي أمست الآن تنهش عقلي فضولاً اتجاهها. لكن، وعلى ما يبدو، كان للحظ رأيٌ آخر، فهي ما إن استسلمت وشرعت في حديثها عنها؛ توقفت فجأة، عيناها الزُمرديتان اتسعتا تُحملقان بما كان خلفي في وجل.

كنزُ آفيروناميسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن