5 || العَقبة ..

4.8K 518 124
                                    

-" لماذا تكره عالمنا، أيها المستجد؟ انه مليءٌ بما يحبس الأنفاس من العجب والروعة؛ وما أجمل أن تكتشف أنت بنفسك كل تلك الأمور بمختلف بقاعه ! " سألني لوتار نائب القبطان، بنبرته شغفٌ عميقٌ تجلى في لمعان أعينه، ولم يختلف كثيراً عن حال باقي الطاقم الذين رمقوني بفضول منتظرين ردي.

قضمتُ البعض من سمكتي المشوية، وبعد ابتلاعي لها أجبتُ متسائلاً، ساخراً، ومحتفظاً ببرودي:" تقول روعة؟ فلتخبرني، أين بالضبط؟ في قارة موراس المهووسة بالحرب أو بآرتيما ذات الألف مدينةٍ وقبيلة كلٌ منها تختلف عن الأخرى؟ أو هل بقارة الانتحار التي سنتوجه لها الآن؟! أو ماذا أقول عن المخلوقات التي تعيش فيه؟ عن البشر الذين ومهما شاب رأسي فلن أفهمهم؛ أو السحرة والمشعوذين الذين جمعوا بين خبلِهم وهَوسهم مع السحر في تركيبةٍ لا تهدف إلا للقتل ! .. وطبعاً فطيرة التحلية بعد كلّ هذا، وحوش الزينيف ! " غير أن برودي مع نهاية الكلام تحولّ لنارِ كرهٍ وخرجت من داخلي أخيراً، أطفأتها بقضمةٍ أخرى من السمكة.

-" يا رجل، أنت تحمل غُلًّا كبيراً بقلبك اتجاه اللاشيء بنفسه .. " علّق أحدهم، ولَم أنفي ما يقول.

-" أنت كاذب. " قيل من صوت لم أسمعه قبلاً. كان القرصان النائم- أو المخمور، طوال الوقت. ماذا كان اسمه؟ هانك؟

ركز نظراته وإياي، لبضع لحظات، ثم ارتشف من زجاجة شرابه حتى نفذت، ثم رماها بعيداً وأغمض جفنيه. عبست. " وما الذي تعلمه أنت عني حتى تحكم؟ "

هز رأسه بروية. " أنت شخصياً لا تعلم عن نفسك. "

لم أدري حتى بما أجيب. أثارت كلماته حيرتي.

قهقه لوتار. " طالما تكلم هانك وأقر بكذبك، فأنت تكذب. " وكز ذراعي محفزاً. " هيا اعترف، ألا تحب المغامرة بدورك؟ "

هززت كتفي بملل. " أحسن من قرف الحياة الاعتيادية. " 

راحوا فيما تلا من وقتٍ بالحديث عن عدة مواضيع، ابتدأت بنقاشٍ حادٍ حول أي نوع نبيذ هو أحسن؛ وانتهى بتطلعاتٍ مستقبلية حول حياتنا بعد إيجاد الكنز المجهول. بين كل تلك المُسامرة على ضوءِ القمرِ أعلاه فقد حاولت التعرف على الطاقم بشكلٍ أفضل، شخصياتهم، أفكارهم، وحتى نقاط ضعفهم ومخاوفهم ! وكل ذلك تحت هدفٍ واحد، هو أخذ الحيطة. في ساحةِ معركةٍ مجهولة الأطراف؛ يُجدر بك التقرب ممن يشابه الحليف، قبل أن يستحيل لعدو. قد مرّت بضع أيام بالفعل، وأحسب أني بدأت بالاعتياد عليهم.

همهمت أثناء سيادة الصمت بِضع ثوان، وتساءلت مستغرباً:" بالمناسبة، كنت أتساءل .. هل تخفون أموالكم بمكانٍ ما أم ماذا؟ فبالنظر لشوقكم لذاك الكنز؛ سأعتقدكم مُجرد فقراء لم يسبق لهم امتلاك ما يفوق المئة قطعةٍ قبلاً. "

هزَّ نائب القبطان رأسه بما يرمي للخيبة، وردّ :" أنت لازِلتَ لا تفهم، مُتعتنا ليست بالكنز نفسه؛ بل في شقاء الحصول عليه ! "

كنزُ آفيروناميسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن