35 || جزيرة الكنز.

2.2K 221 158
                                    

ارتبكت بضع لحظات، هل أكمل تجديفي نحوها أو أتوقف متى ما يمكنني التوقف؟ لكن وماذا بعد التوقف؟ الهرب؟ فقط لأنني متردد خائف؟ وإلى أين الهرب؟ إنني بذاك الموقف الصعب الذي لا مهرب منه، خلفي البحر وأمامي العدو. ثم أنني لستُ وحيداً، لستُ وحيداً لأكون جباناً وأتحمل مسؤولية ذلك؛ ثيو يحتاج ماءً وعلاجاً بأقرب وقتٍ وأنا لن أسمح بموته، إنه .. عائلة. الوحيد الذي أعتبره يقينياً عائلة. لن أخسره ولن أتخلى عنه كما تم التخلي عني، لستُ كؤلائك الأوغاد ولن أكون يوماً.

أخذت نفساً واستكملت تجديفي، بوتيرةٍ أسرع نمت عن قلقي على ثيو أولاً ولضمان وصولي قبل أن أغير رأيي.. أنا جديدٌ على موضوع ' ارمي نفسك بالتهلكة ' هذا، من طبائعي التي اكتسبتها من مهنتي أن أدرس الأوضاع جيداً ولا أتحرك حتى أضمن أن إمكانية نجاحي تفوق احتمالية فشلي بكثير، وأن أكون مستعداً للتصرف مع الوضع إن فشلت.

توقعت أنني سأندم على قراري رغم أنه حقاً ليس بقرار بقدر ماهو حاجة. لكنني شعرتُ بالندم بأيّ حال، بالإضافة لتردد مضاعف، ورهبة، ورغبةٍ في الاختفاء من الدنيا، ربما بإغراق نفسي أو ما شابه، لا الموت؛ فقط الاختفاء، ما يجعلني أذمّ حظي لعدم ولادتي بقدرات تخولني أن أتعلم السحر، فلو أنني كنت قوياً كالسحرة لما كنت أشعر بالخوف من كل موقف سيء أقع فيه.

أستسمحكم عذراً لثرثرتي، لكنني متوتر، فهناك صفٌ من البشر على طول شاطئ جزيرة الكنز يقفون كلهم باستقامة وثبات؛ تعابيرهم جامدة وأعينهم كلها تصلبت على مركبي وعليّ.

كلما اقتربت كلما زادت ضربات قلبي، حدسي يخبرني بأنهم لم يأتوا للترحيب وذاك شعورٌ طبيعي يمكن لإحساس به من نظراتهم، نظراتهم لا تقول شيئاً وذاك لا يعني إلا أنني غير مرحبٍّ بي وبأنهم غير قلقون فهم مستعدون للتخلص مني بكل سهولة لحظة ما أرسو على أرضهم.

لم يحملوا أسلحة رغم ذلك، ربما هم سحرة؟ ولم سيحتاجون أيّ أسلحة على أيّ حال؟ لاشك أنهم أدركوا أنه ومهما كانت هوية الآتي ومهما بلغت قوته فهو وبالتأكيد بعد مروره على كل تلك الجزر بما فيها فإن طاقته تبخرت كلياً هذا إن لم يفقد عقله. لقمةٌ سائغة، خاصة مع عددهم.

توقفت عن التجديف. كان قاربي يقترب بمفرده بفعل الريح، لم تكن الريح فعالةً قبل قليل، إما أن هذا من فعل هؤلاء؛ أو أن الطبيعة تكرهني. أو ربما هو حظي. لا يهم حقاً، بكل الأحوال أنا هالك. ربما لن أموت، لكنني هالك.

انتظروا لحظة، لستُ بذاك الضعف، أنا لص؛ لا أسرق عن عبث وآخر عمليةٍ لي كانت الأضخم بها وبغنيمتها ! لديّ قطع قوى التنانين الخاصة بالملك، كدت أنسى أمرها، قوتها مجتمعة بإمكانها كسر اللعنة فما بالك إن استعملتها بحماية نفسي !

ارتفعت معنوياتي مع ازدياد ثقتي بنفسي، ركّبت حقيبتي بشكل عكسي لتواجهني فلا أستغرق وقتاً في استخراج ما داخلها أثناء أيّ طارئ، كما أن ظهري سيُستعمل لاحقاً في تحمل وزن ثيو الذي لا يزال على حاله.

كنزُ آفيروناميسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن