29 || أسفل البحر رُفقة حوريّ ..

2.4K 265 56
                                    

-" من المفترض أننا بالمكان المحدد، سيتوجب أن نبحث عنه في الأرجاء حتى نجده. "

-" كيف .. " لم أستطع إكمال جملتي بعدما دخلت المياه فمي. كيف يُمكنكِ التكلم بطلاقة مع هكذا وضع؟!

-" يجرب السحرة العديد من الأمور أكثر من البشر، سبق وفعلتُ هذا عدة مرّات لأجلب بعض المكونات التي احتاج من أعماق البِحار. ستتأقلم بعد فترة. " أجابت بعدما قرأت أفكاري. في الواقع، مع هذه الأيام التي مرّت، بدأتُ أعتاد عليها، مع عدم إيجادي لأيّ فعلٍ أقوم به حتى تمرّ الأيام الثلاث فتتمكن من نقلي شرعتُ بالتدرب على التحكم في قدرتي بمقاومة السحر معها؛ فبِتُ أسمح لها بقراءة أفكاري متى ما أريد وأوقفها متى ما أريد كذلك، كل ما يحتاجه الموضوع القليل من التركيز؛ الأمر أشبه بأنني أأمر عقلي، افعل ولا تفعل، ومع التكرار وجدتُ أن الأمر ينجح. كذا مع التجربة بتعاويذ أخرى منها اكتشفت أن قدرة العائلة لا تُتوارث كاملة؛ بل هي مثل الحيوان البرّي؛ تحتاج التدريب إن أردت ترويضها، تفاءلتُ بأنني من الممكن أن أصل لمستوى ثيو يوماً حيث لن أتأثر مُطلقاً بأيّ سحر يطأني. سيكون ذلك مفيداً.

نحنُ الآن تحت بحر فينيسيا، بالتحديد عند الموقع الذي وجدنا فيه العقبة آخر مرة. كان إيجاده أول خطوة، سيتوجب علينا خداعه بعدها، لم أفكر بخدعةٍ محددة إلا أني تركتُ ذلك لحين إيجاده؛ سأتحاور معه قليلاً لأعرف نمط شخصيته أولاً، الخداع بدوره لم يكن أسهل من السرقة، يحتاج أن تعرف هدفك جيداً، هل هو مندفع؟ مُفكر؟ أحمق؟ ذكي؟

تجولنا قليلاً في الأنحاء. كُنا نمشي، وكانت ميزةً من تأثير السائل الذي شربناه قبل النزول، وهو شعورٌ غريبٌ أن تمشي تحت الماء، تشعر بأنك على وشك الارتفاع بأي لحظة، بأن عليك الارتفاع، بكِلاً من عقلك وجسدك مرتبكين؛ كما لو أن منطقهما المعروف فجأة كُسر، فأدركتُ بالنهاية بأن عليّ تشتيت نفسي عن تلك الأفكار حتى أتأقلم تلقائياً؛ فرُحت أتأمل المنظر من حولي.

أنا لم أحب كثيراً البحر من أعلاه، لكن أسفله، كان عالماً مُختلفاً تماماً. عالماً مُدهشاً، خلّاباً، بحريةٍ تسبح الأسماك وبمختلف أنواعها التي لم أرها يوماً، بل إن ما رأيته لم يُساوي ربع الذي أراه الآن ! ، وحتى النباتات كانت مختلفة، أحياناً قليلة وأخرى كثيرة، جميلة، وجدتُ أن بعضها تتكوم وأن بعض الحيوانات الأخرى تعيش داخلها وتقتات من الأسماء الضئيلة التي تحوم حولها، أسلوبٌ ماكر. حتى مخلوقات البحر وتختلف، منها المُباشر ومنها المُناور. يبدو أن الاختلاف سُنةٌ بالحياة.

أحببت أسفل البحر كثيراً.

-" من المُستحسن أن تبدأ في التدرب على الكلام. لا أعتقد أن ذاك الحوري يقرأ الأفكار بدوره. " نوّهت آستريد في حين لم أرد فتح فمي، شرحت لي قبلاً أن تأثير السائل السحري يجعل المِياه هواءً حالما تدخل الفم، لكن كان عليّ وبهذا كذلك التدرب، كما أن قدرتي تعتبر عائقاً الآن؛ مع استعمالي سائلاً سحرياً فمفعوله لن يدوم طويلاً، سأضطر حينما يتوقف لأن أعيد شُربه كل مرة وهكذا. مزعج.

كنزُ آفيروناميسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن