17 || نحو الأمام.

2.3K 303 139
                                    



-" بالمناسبة، ذكّروني بالمرة القادمة التي نمرّ فيها على أيّ قبيلةٍ غريبةٍ أخرى من هذه القارة أن لا أتوقف مطلقاً ومهما حصل بسيري وأتوجه مباشرة لمخرجها. " قلت، محدقّاً بالغيوم المارة أعلاه في تكاسل وبطء، بينما تملكتني من ذلك رغبةٌ شديدة بالنوم والعربة بهدوءٍ تتقدم.

-" مرّت أربع أيام على الحادثة، مررنا على قبيلتين بالفعل، ولازلت تذكرها؟ " سألني المكنسة مُحتاراً.

-" عفواً ولكنيّ لستُ معتاداً على التعامل مع الوحوش كل يومٍ كبعض الأشخاص. " أجبته، موضحاً إنزعاجي. ذاك اليوم الذي خطت فيه أقدامي قبيلة شهر العزلة كان يوماً مأساويّاً. لا زلتُ للآن أشعر برجف أقدامي من كل التعبِ الذي تعرضت له، رغم أني معتادٌ على الجري.

الترحال في آرتيما ليس بالسهل كما قارة موراس المتحضرة، والتي تخلو من الزينيف والأمور الغريبة. هي كذلك لم تكن مسالمة نظراً لحرب بلدانها الدائمة، إلا أنها تظل صالحة للمشي عليها دونما أن تهاجم من قبل أطفال متحولين على الأقل.

بذكر موراس، أتساءل كيف هي أحوال صديقيّ بها؟ لازلتُ أذكر لليوم آخر مرةٍ كُنت فيها معهما، كيف أن الشاب أراد المجيء معي برحلتي بكل جوارحه بينما الفتاة لم تسمح له، وبالطبع كان معها الحق بما أنهما ملك وملكة بلدهما. ترون الفرق الذي قد يحصل في أربع سنوات؟ من صديق ملوك إلى مرافق قراصنة، أتساءل ماذا سأكون مستقبلاً كذلك ..

وبذكر الملكة، هي كانت الوحيدة التي أعرف وامتلكت عينين قانيتيّ اللون، الآن صارتا اثنتين؛ والأخرى تجلس مقابلةً إياي في العربة تقوم برسم شيءٍ ما بدفترتها بينما تتناقش حوله مع فيورا. تفرع الخمسة من ثلاثةٍ بجانبي واثنان بالجانب الآخر، بينما كان لوتار ولارز بالخارج يقودان الأحصنة. الأحصنة البطيئة..

شعرتُ بالملل.

-" بالمناسبة لارز، هل أنت من كومين؟ " سألت، فمع الوقت لاحظت انحراف صوته للكنة بلادي كومين بين الوقتِ والآخر.

أدار رأسه لي مُحدقّاً فيّ لوهلة من النافذة الواصلة بين مقعد السائق وداخل العربة، وأجاب:" أجل؟ "

-" من أي منطقة؟ " سألتُ مجدداً. أفضل الثرثرة على السماح لرغبة النوم بالتغلب عليّ، لن أنام جالساً أمام هؤلاء !

-" الشرق. " أجابت فيورا، آه صحيح طالما أنهما زوجان فلابد أنهما من نفس المنطقة.

-" منطقة الأغنياء؟ " تساءلتُ مستغرباً. مُستغرباً انحدارها هي منها تحديداً.

-" لا تنخدع بالمظاهر، تلك تملك أموال أكثر من خاصتي حتى، لو فرشناها ستجعل كل الطريق الذي عبرناه ذهباً ! " علّق لارز بعدما لاحظ نظرتي، ساخراً.

كنزُ آفيروناميسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن