Part 23

934 64 154
                                    

ما عاد لقلبي دفاعات يتغنى بها أو مقاومة، فأنا مسلوبة الإرادة بين يديه.
يغرقني مداً، ويبعثرني جزراً.. يسكرني وصالاً و اظمأ له هجراً.
يكفي أن يناديني فأصرخ له لبيك! مجنونتك رهن إشارتك وملك يديك!
سجل يا تاريخ حبنا، فلا المستقبل سينسانا ولا الماضي سيقدر على تفريقنا.

***

ترجلت من سيارة الأجرة و وقفت أمام البناء. بعد أن أصبحت الآن على بعد دقائق من رؤيته، و بعد أن أحست أن فورة مشاعرها أصبحت حقيقة الآن.. اجتاحها شيء من التردد، و عادت دموعها لتنهمر من جديد على عرض خديها مختلطة بقطرات المطر التي تبللها. ما عادت تدرك ما بها، هل الشوق يقطع شرايينها أم التردد و الخوف هو ما يثنيها عن العبور و الذهاب إليه؟!
أسكتت صوت عقلها و تركت العنان لقدميها لتذهب إلى منزله.
وقفت أمام باب المنزل و طرقته، انتظرت لحظات و ما من مجيب. عاد التردد ليباغتها و يخبرها بأن تعود أدراجها، إلا أنها كانت متجمدة القدمين أمام أطلاله وقلبها يرفض الانصياع. طرقت ثانية و ثالثة و انتظارها كاد أن يطول و ترددها كاد أن يكبر و دموعها تأبى الانقطاع أمام حرب قلبها و عقلها.. حين فجأة فتح الباب و طلّ هو من خلفه بعينيه المذعورتين و المتسائلتين عن هوية طارق بابه في ساعات الليل الأخيرة هذه.
تحولت نظراته لها إلى صدمة و ذهول و كأنه لم يصدق عيناه بعد كل هذا الانقطاع بينهما. وفي الوقت الذي كانت فيه هي مكتفية بسيل الدموع و التأمل به فقط باغتها هو و سحبها و ضمها إليه في غمرة من أحضانه، فعانقته وهي خائرة القوى تكاد تفقد روحها بين يديه.

 وفي الوقت الذي كانت فيه هي مكتفية بسيل الدموع و التأمل به فقط باغتها هو و سحبها و ضمها إليه في غمرة من أحضانه، فعانقته وهي خائرة القوى تكاد تفقد روحها بين يديه

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

بادلته العناق و روى هو عينيه من دموع الشوق الحارقة، يدخلها بصدره أكثر ليغلق الباب عليهما معاً في الداخل.
مضى بعض الوقت وهما متعانقان يروي كل منهما ظمأه من الآخر و يتنفسان بصعوبة عندما كانت لغة الدموع هي المسيطرة.
ابعدها عنه و نظر إليها متفحصاً وهو يتلمس وجهها بأطراف أصابعه وكأنه يخشى أن يخدشها فتضيع منه فقد جرب شعور الفقد و الحرمان منها مسبقاً و وجد له طعماً لاذع المرار.
- كيف.. كيف أتيت.. لم أنت مبللة هكذا؟.. يوجين أنت... ترتعشين..

أجابته بعبراتها وهي تنتحب حبها المجروح ببعده. شدها نحو الأريكة و أجلسها ثم و بلمح البصر أحضر لها بطانية و كوب ماء. مع هذا أحس بنفسه عاجزاً عن تخفيف ارتجافها و نوبة بكائها فهو لم يكن أفضل حالاً منها.
شربت القليل من الكوب ثم أخذه منها و وضعه جانباً، ليضم بعدها يديها بين يديه و يحاول تدفئتها بأنفاسه الحارة و عيناه معلقتان بها في الوقت الذي كانت فيه هي تنظر إلى الأسفل ولا تتوقف عن البكاء .
- أنتِ مبللة جداً!.. و باردة كالثلج!.. ستصابين بالمرض هكذا!..

Je t'aimeحيث تعيش القصص. اكتشف الآن