المقدمة

70.3K 812 13
                                    

نسمات الهواء الطليقه أخذت تلعب بشعيراتها البنيه بأطرافها الفاتحه بانتعاش .... تستنشق بعض
منها كي تنتعش أكثر .... فهل أجمل من رائحة الوطن .... بعد غربه مضنيه ... 
فلأنفاس الوطن مذاق آخر ... يجعل القلب يذوب 
تشربت رئتيها من رائحة الوطن ودمعه حنين فرت من عينيها..... كانت تتمني أن يكون والدها 
ووالدتها موجودين في استقبالها ....أن يكون لها أخ أو أخت بجوارها ولكنها أمنيات ترادودها
بين الجين والآخر ولكنها راضيه بما في يدها ...
فاليتم علمها فضيلة الرضا ......فضيلة الاستغناء...!!
نفضت رأسها عن أي شيء حاليا وهي تكمل طريقها ....
ونظرت لصغيرها ذو السنتين يمشي بجانبها بخطوات متعثره ....كم بدا جميل وهو بين ذلك
الحشد علي أرض المطار .... صغيرها الجميل بنظراته الفضوليه هنا وهناك .... أوشك علي
تركها أكثر من مره وهو يقترب من عائلات أخري كي يذهب معهم للمنزل وكأنهم عائلته
الأخري التي تربي معها ..... وعندما تنهره عن ذلك يبتسم بجمال ابتسامه تخطف أنفاسها 
تجعلها تصمت برضي ...يرفرف بأهدابه ببراءه طفوليه فتنسي ما كانت تؤنبه بسببه ..... كما
تنسي آلامها جميعها بضحكه صغيره منه ..... ابتسامه مشرقه من عينيه 
الجميلتين تجعلها تنسي ما مرت به من آلام .... صغيرها الحبيب..
ابتسمت بخفر وهي تفكر أن هذا الصغير عندما يكبر سيقهر قلب الفتيات ..... بوسامته 
الوليده التي تحمل بوادر رجوله آسره فهو خليط منها ومن والده ... عيناه الرماديه وأنفه 
الصغير وشعيراته البنيه ..... فهو صغيرها الوسيم 
أما هي فعيناها اللوزيتين بلونهما العسلي بدءتا في استكشاف ما حولها بنظره غائمه بالاشتياق
تخللت بعض النسمات البارده لبشرتها الناعمه فأغمضت عينيها اللوزيه لوهله ثم فتحتهما 
من جديد تنظر لما حولها وهي تري بعض نظرات الإعجاب تقابلها هنا وهناك 
دوما لمحة الطفوله التي تمتلكها تجذب من حولها .....تسرق النظر .... ببهاءها المبهر
وشعرها الطويل الذي يتماوج حولها بعفويه .... خطفت أنفاس الكل....!
ولكن واحد فقط هو من خطف أنفاسها 
ويا ليته ما فعل ....!!!
نظرت لأنامل صغيرها المكتنزه الملتفه حول أناملها الطويله بسمفونيه خاصه لا تكون الا له
وحده ...تجعلها فقط تتأملها بابتسامه بلهاء .... كم هو وسيم مثل ...والده....!!!
انتفض قلبها رغما عنها وهي تهمس بتضرع وتغمض عينيها للحظه خاطفه
" يا رب لا يأخذ الا وسامته ..... وسامته فقط...."
فتحت عينيها وهي تستنشق بعض من الهواء وتتنفس بسرعه كي تبعد تلك الذكريات عن 
ناظريها..وتوجهت لمكتب مواجه كي تنهي بعض الأوراق .... لكن عقلها لم يأبي التوقف عن 
تذكر لحظات بغيضه ..... يوم فارقت الوطن بدمعه يتيمه ونظره ضائعه ..... يوم علمت حقا
معني كلمة ندم ....!!
تنهدت بعذاب وهي تشعر أن كلما العمر مضي لا يزيدها سوي ألم .... كلما نظرت لصغيرها
تتأكد كم كانت غبيه ..... ولكن لا أحد يستطيع إعادة الزمن ....!!!
استمرت في سيرها بخطوات بطيئه كي لا تغضب صغيرها الذي يكتشف كل شيء في طريقه
وكأنه حصل علي حلواه المفضله ..... ولكن في طريقها وعيناها المثبته علي صغيرها 
وابتسامتها المشرقه اصطدمت بهيأه رجوليه جعلتها تتعثر قليلا لولا يداه اللتين ثبتتها مكانها
فرفعت عيناها باعتذار مهذب ..... التقطت بعينين داكنتين ذو بريق خاص وابتسامه متسامحه
فأسبلت أهدابها بحرج وهمست 
"آسفه لم أنظر أمامي...."
فأجابها بتهذيب وصوت أجش
"لا عليك سيدتي...."
فرفعت عينيها بابتسامه وديعه ولكنها توقفت قبل أن تصل لعينيها وشحب وجهها كأنها فقدت
روحها للتو وترنحت قليلا وهي تتيقن من الهيأه الرجوليه في آخر الرواق .... هيأه لو مر عليها
الزمن فلن تنساها أبدا ....تلك اللمحه الإجراميه ووجوده المخيف... !!
همس الرجل بقلق 
" هل أنت بخير سيدتي...؟؟..."
رفعت عينيها لمحدثها وقد نسيته من الأصل وحركت رأسها بحركات خرقاء ودون وعي
كانت أناملها تشتد علي أنامل صغيرها كأنها ستدخله في قلبها ......
توترت نظراتها وهي تتمني أن تختبئ تحت الرمال ...تختفي من العالم..... قلبها مضخه خوف
مستمر ليس لها نهايه ..... ارتعدت أطرافها وهي تنظر لصغيرها المبتهج لكل ما يري تتمني أن 
تخفيه عن الأعين..... شعرت بانهزام في كل أطرافها حتي في قبضة يدها .....
نظرت لمحدثها مره أخري وهي تري شفتيه تتحركان ولكنها لا تفقه شيء في هذه اللحظه 
وكأنها فقدت حاسة السمع ...!!
طرفت بعينيها هنا وهناك تبحث عن مخرج قبل أن تلتقطها تلك العينين القاسيتين 
وهي تشعر بقلبها .... يهوي...ويهوي ...بلا قرار...!


سلسلة قلوب شائكة /الحزء الاول(متاهات بين أروقة العشق) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن