الفصل الثامن

25.1K 522 5
                                    

قبل ذلك بساعات
كانت ما تزال جالسه علي الأريكه ..وقد شعرت بجسدها تخشب ولكنها لم تهتم..!
فقد دخل حمزه مره أخري لمكتبه ولم يحدثها بكلمه من بعد ذهاب مياس وياسين
كم أرادت أن تذهب مع مياس وترحل من هنا 
يا الهي كم أرادت هذا وبقوه ..!!
رفعت يدها تمررها فوق جبينها بإرهاق ..إذ طالت الساعات حتي باتت تمر كعقرب الساعه
بصوته الرتيب ودقته التي تشعرك بالتنبيه القلق 
عندما سألتها مياس عن وجودها بجوارها كادت تقول لها (نعم أريدك بجانبي جدا )
الا أنها شعرت بالأنانيه الشديده بفعل ذلك ..فيكفي ما فعلوه معها 
وهي هنا عالقه لا تعلم ماذا سيحدث في الساعات القادمه ... إن كان سيسامحها جدها
أم سينهي الأمر بإشاره من يده كما اعتاد ...!
أجفلت علي صوت حمزه الخشن الفظ وهو يقول مادا يده ببعض الملابس
"خذي ..أظن تلك الأشياء ستناسبك..."
توسعت عيناها الكحيلتين للحظات وهي تنظر للملابس ببعض الريبه وكأنها تحوي ماده 
فور ارتدائها ..ستقتلها علي الفور
ابتسامه صغيره فظه لاحت علي وجه حمزه الأسمر وهو يقول ساخر
"لا تقلقي يا صغيره ..لن تقتلك الثياب ..فلست جبان كما ترين ..."
لا تعلم هل كلمة صغيره أم ابتسامته الصغيره هي ما جعلها تستغرب أكثر ..إذ أن ابتسامته
جميله للغايه .. وأظهرت وسامته السمراء بشده ..ولكن يبدو أنه قليل الابتسام 
كصديقه الذي أتي اليوم ..حينما دخل المنزل شعرت بهاله من الهيبه المخيفه أحاطت
بها ووجه جامد صارم لا يوجد في لمحة مرونه 
ما بالهم هؤلاء الرجال يظنون أنهم لو ابتسموا سيموتون في التو ...!!
"صحيح ..أنا لست جبان ولكن بالتأكيد ليس لدي أي نوع من الصبر كي
أقف هنا لساعات حتي تتمنني علي بمد يدك وأخذ الثياب ..."
يا الهي ..إنها قوالب طوب من تخرج من فمه ..هذا الفظ ..
توترت شفتيها وهي تهز رأسها وتتلعثم بالقول
"أنا ...أنا لا أحتاج ثياب... كما ..تري ..أنا أرتدي ....ثيابي ...."
رفع حاجبه بسخريه وهو ما زال يقف مكانه ممسك بالملابس ..يبدو كحائط بشري ..ضخم
مخيف ....!
ثم تمتم بنبره متهكمه
"حقا لم أكن أعلم أنك ترتدي ملابسك ..ولكن إذا تكرمت ممكن أن تأخذي الثياب 
من يدي علي الأقل ..."
شحب وجهها من نبرته التهكميه الجارحه وهو يمد يده مره أخري بالثياب
فمدت يدها بارتعاش كي تأخذهم منه
ثم نظرت فيهم بتمعن ... وإذ بها تري عباءه رقيقه وحجاب ملون ..فقطبت جبينها
بحيره وهي ترفع عينيها له كي تفهم ماذا يريد
فأنهي الحيره بقوله القاطع
"ارتديهم فوق ثيابك ... "
فتمتمت بصوت خفيض 
"لماذا ..؟؟..."
فأجاب بصوت قوي النبرات متهكم بوحشيه
" لا أعلم إذا كنت تريدين رؤية جدك وهو يراكي بهذه الثياب أم لا .. أنا تغاضيت 
عن الأمر مؤقتا .... الا أن الراوي الكبير لن يتغاضي عنه وأنت تعلمين ...."
توترت يداها الممسكه بالثياب وهي تفهم كلماته الا أن الغيظ تسلل أيضا لمشاعرها
وهي تذكر (تغاضيت ) ... يا الهي كم هو مغرور ومتعالي ويشعر بأنه يملك الكون 
بضخامته تلك ... الا أنها اغتاظت بشده منه 
أتي صوته مره نافذ فاقد للصبر
"ارتديهم وخلصينا من هذا الأمر الممل ..."
نظرت للعباءه مره أخري بنظره مغلقه فقاطع نظرتها بقوله
" إنها لأختي ... تركتها هنا مع بعض الثياب ... وبما أني أرضيت فضولك 
يمكنك الآن ارتداءها ..وإنهاء الأمر ....."
وقفت وهي تشعر بجسدها تخشب من طول جلستها الكئيبه علي الأريكه 
أخذت لحظات حتي استطاعت القوف باستقامه ثم بدأت في ارتداء العباءه فوق ثيابها
المحتشمه .... ولكنها كانت متسعه عليها فعلمت أن أخته وزنها يزيد عنها ...
لفت الوشاح حول وجهها بعدم اهتمام ..وكل هذا تحت أنظاره الصقريه المتابعه لكل
ما تفعل ... زفرت بعمق وهي تجلس مره أخري علي الأريكه ....بصمت...!
الا أنه قاطعه وهو يقول بلا تعبير
" سأحضر لك شيء تأكليه أو تشربيه ... فأكيد أنت تحتاجين لهذا ..."
تمتمت من خلفه بتلعثم 
" لا ..أنا ..أنا لست جائعه ... ولكن ..أنا عطشه .. ربما كوب ماء ..أكون شاكره..."
نظر لها من وراء كتفه وهو رافع حاجبه ثم مضي في طريقه دون أن ينبس بكلمه
فقضمت شفتها وهي تهمس بذعر
"ماذا فعلت ... هو سألني ...وأنا أجبته ..لم أفعل شيء خاطئ حتي ينظر لي هكذا ..."
مرت دقائق وهي جالسه مكانها
ولكنها شعرت بقدومه فرفعت رأسها وتوترت حدقتاها وهي تراه قادم ..يحمل صينيه
صغيره ومتجه نحوها ....
لحظه صغيره شعرت بها بالامتنان له .. ولاح في عقلها أنه يخفي داخله خلف قشره 
من الجمود والخشونه ...الا أنه أكيد يمتلك بعض الحنان ....!!
وضع الصينيه علي الطاوله الصغيره الملائمه للأريكه وهو يقول بنبره متهكمه
"تناولي طعامك ...فلا يجب أن تدافعي عن آرائك القويه أمام جدك بوجهك 
الشاحب هذا ..فتسقطين بعد أول كلمه ..."
شحب وجهها أكثر وهي تنظر له وتفكر ... هل هناك قسوه أكثر من هذه 
لماذا كلماته تنخر في جسدها كنصل حاد
أم أن غروره لم يستطع السيطره وهو يدرك أن الفتاه التي نبذها لست سنوات قررت 
كسر العادات والثوره عليها وهربت معلنه أمامهم رفضها بالطريقه الأقوي 
والأبشع لعرفهم ...!
ولكنه قطع ذلك التواصل الشارد منها وهو يتجه مره أخري للداخل متمتم بجفاء
" خذي وقتك ..."
راقبت دخوله بعينيها الكحيلتين المتورمتين من بكائها الطويل للحظات
ثم مدت يدها للصينيه وهي تتناول كأس الماء تتجرعه بعطش رهيب ...!

سلسلة قلوب شائكة /الحزء الاول(متاهات بين أروقة العشق) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن