طرقت مياس الباب ودخلت وهي تحمل أوراق هامه بين يديها وقالت بكل عمليه
" صباح الخير سيد ياسين ..."
ابتسم ياسين وهو يريح ظهره علي كرسيه بهيمنه .... يجلس براحه ويرفع كمي قميصه
قليلا مظهرا خشونة مظهره وقال
" صباح الخير ... تليق بك العمليه للغايه..."
هل تضرب تلك الأوراق في وجهه أم ماذا .... لقد كانت تريد الابتعاد عن وجهه قدر المستطاع
اليوم ولولا العمل الكثير لما أتت في الأساس
تجاهلته تماما وهي تضع الأوراق أمامه قائله
" ادرس تلك الأوراق والملحوظات الموجوده عليها .... وأخبرني برأيك..."
ثم اعتدلت واقفه بكل هدوء وهمّت بالسير للخارج فأوقفها بصلابه
" انتظري ... أنا لم أقل لكِ أخرجي..."
زمت شفتيها بغضب ورمقته من بين أهدابها بنظره قاتله ثم قالت
" هل هناك شيء ....؟؟..."
هز رأسه ببساطه قائلا
" نعم ... لم نكمل حديثنا أمس...."
زفرت بنزق وقالت
" أي حديث ...ليس لدي شيء لأقوله..."
وقف ياسين وهو يضع قلمه علي المكتب
واقترب منها يقول بإصرار
" ماذا قلت ِ في تقليل عنادك والتفكير برويه...."
زفرت عدة أنفاس محاوله تهدئة نفسها ثم قالت وهي تقف أمامه تواجهه بعينيها
البحريتين الصباحيتين
" هناك سؤال سيقتلني ..إن لم أسألك إياه ...."
كبح ابتسامته الرجوليه وقال بهدوء
" اسألي...."
ابتلعت ريقها بصعوبه وقالت بتردد
" أنت .. أنت أخبرتني أن علاقتك بزوجتك صوريه فقط .... ماذا ....؟؟.."
توقفت ووجهها يتورّد رغما عنها فأومأ مشجعا إياها
فقالت
" هل كانت لك علاقات أخري..."
أخذ عدة لحظات حتي ظنت أنه لن يجيبها ثم قال بجديه
" نعم ... كنت متزوج سرا من قبل...."
اتساع عينيها كان أكبر دليل علي ما تشعر به الآن .... ربما تحتاج لبضع قطرات منعشه
من الماء حتي توقظها مما هي فيه .... أي زواج هذا الذي يخبرها إياه....؟؟
ابتلعت ريقها بصعوبه وهي تبحث عن الدعابه في ملامحه ... السخريه حتي ... ولكن لا شئ
فقط نظره صلبه وعيون ضيقه مركّزه عليها وعلي عينيها بشكل كلّي
همست بتردد ..تريد تصديق ما تقول
" تقصد ... أنت تقصد تلك الورقه التي أخبرتني عنها ....؟؟..."
ورغما عنها كتمت ذلك الألم عندما ذكرت السلاح الخفي له .... تلك الورقه التي تتنساها
دوما وكأنها غير موجوده وهو أيضا لم يعد يشهرها في وجهها ولكنه أيضا لم يمحِ وجودها
وكأنه تأثير خفي يملكه ياسين الصواف فقط إن تراجعت عن موافقتها ...!
نعم هي تعلم كل ذلك ... تعرف ياسين جيدا ... تعرف إصراره علي ما يريد بطريقته الخاصه
كانت تنظر باستجداء (نعم ) منه الا أن نظرة عينيه ووقفته ... يده المستريحه في جيبه
كل شيء جعلها تنظر له بقلق
أسبل أهدابه للحظه ثم رفعها وهو يقول لعينيها بصراحه
" لا ... لم أقصد ذلك ... أنا بالفعل تزوجت من قبل ... زواج لم يكن بدافع حب .. بل كان
زواج سريع ... لم يعلم به سوي أصدقائي فقط ... وانتهي الأمر..."
كانت تنظر له كالتمثال الذي فقد رد الفعل المناسب ... عيناها متسعتان بعدم تصديق
ودموع حبيسه تسكن فيهما ...شفتاها رغما عنها ترتعشان ...!
همست بتحشرج
" وانتهي الأمر...!..."
اقترب منها أكثر ورفع يديه يقربها من وجنتها الا أنها أبعدت وجهها بعنف ..فقبض يده بقوه
وأنزلها ببطئ وهو يهمس بخفوت
" لم أرد صنع علاقات محرمه يا مياس .... هل كان يرضيك أن أخبرك أنني أقيم علاقات
هنا وهناك دون الخوف من الله ... فكما تعلمين أنا رجل..."
ابتسامه بائسه صغيره لاحت علي شفتيها وهي تردد بسخريه
"نعم أنت رجل...."
تنفس بعمق ...نفس قوي ..خشن .. وقال وهو ينظر لملامحها النقيه
" أنا لن أخبرك ما تودي سماعه يا مياس ... يجب أن تعتادي علي هذا ... أنا رجل ولست
قديس وبديهي أن يكون لدي ماضي ... فاعتادي علي صراحتي .. لأني لن أكذب
عليكِ يوما حتي أسترضيكي..."
همست بشيء لم يسمعه ... فقال وهو يقترب منها
" ماذا ...؟؟... ماذا تقولين....؟؟..."
همست بحرقه شديده وهي ترفع إصبعها تضرب صدره الصلب بعنف مكبوت
" أقول ... ليت كان لي ماضي أيضا حتي أحرق قلبك هذا ... حتي تعلم كيف يكون الوجع
ليتني....!!!!!!!....."
رفع يديه يمسك وجهها رغما عنها ... تحشرج أنفاسها .... دموعها المحبوسه بقوه فولاذيه
همس بصوت قوي مصر
" لن أبالغ في الأمر مياس ... ولكن عندما رأيتك في مكتب حازم مره أخري ... شعرت
بروحي تعود ... بالدماء تسري مجددا بيسر بين عروقي ... لم أفكر وقتها إن كنت ِ
مرتبطه أو تزوجت من قبل دون علمي مثلا كعقد قران خفي ... لم أفكر في شيء
سوي أنني أحتاجك بجانبي حد الموت ... ولن أتنازل عنك أبدا ... فاعتادي علي هذا
ورغم ذلك أنا أغااار بقوه ...أغاار حد الألم ... الا أن قلوبنا ... ظروفنا .. أقدارنا
وما حدث لا يمكن تغييره يا نبع الياسمين..."
هددّت دموعها بالنزول ... ولهاث أنفاسها ازداد ..وهي تسمع متابعته بصوته العميق
بتلك الابتسامه الصغيره الملتويه
" وبالنسبه للوجع فقد جرّبته من قبل .. في كل وقت مرّ دون وجودك بجواري ودون قدرتي
حتي علي أن أكون أنا بجوارك...!!..."
أسبلت أهدابها وذلك الاحتراق يزداد في قلبها ... ذلك ... ذلك المغرور المتبجح ... الذي يسرد
حياته بصدق شديد دون مراعاة لمشاعرها ... من أخبره أنها تريد الصدق ..
لأول مره لا تتمني الصدق منه ... لأول مره ....!!
رفعت أهدابها تهمس بصوت قاسي آمر
" أنزل يديك ...."
ضيّق عينيه وتمعّن فيها بنظره صاعقه دون الانصياع لأمرها
فقالت بقوه أكبر وغضبها يفور
" ابتعد عني يا ياسين في تلك اللحظه والا أقسم لن أكون مسؤوله عن تصرفاتي ..
ابتعد....!!!....."
وحتي دون انتظار انصياعه دفعته بقوه فانصاع ليديها الصغيرتين وهو يكبح مشاعره هو الآخر
في تلك اللحظه ...
كزّ علي أسنانه بقوه يمنع نفسه عنها وعن جنونها
وقد كانت بالفعل تهيج بغضب حارق حتي أنها استدارت حول نفسها تبحث عن أي شيء
تخرج فيه غضبها الشديد وتنتقم منه
فتوجهت نحو مكتبه تنظر له ببحث وهي تقبض يديها بعنف .. ثم مدّت يدها
لكوب القهوه الذي ما زال يحوي نصفه وأمسكته ثم التفتت بغته وقذفته عليه
فهتف ياسين وهو يرتد خطوه للوراء
" ما هذا يا مجنونه....؟؟؟؟؟؟..."
أطلقت نفس قوي ثم قالت براحه
" يمكنك الآن متابع عملك هكذا ... أو تعطيل نفسك والذهاب للبيت للتغيير...."
ثم تركته واتجهت للخارج فوجدت في طريقها مزهريه أرضيه في الجانب
فانحنت ورفعتها ورمتها في الأرض وهي تقول بكل برود
" أنت لا تصلح للورد ..فلا تحضره مكتبك..."
رفع ياسين حاجبيه وهو يقسم بداخله أنها جنّت بالفعل ... ألهذه الدرجه آلمها الأمر....!!
زفر بضيق وهو يفكر
لم يكن بيده الكذب عليها .... لا يريد أن يكون هكذا ...!
ربما هو صعب وحياته معقده ولكنه يكره الكذب بقوه ... يكرهه لأبعد مدي
ويريدها أن تعتاد المواجهه ... لا خلق سيناريو يعجبها والعيش عليه ....!!
أغمض عينيه وأنفاسه تتلاحق وهمس بجمود
" تبا .. الأمر يزداد تعقدا .."
ثم نظر لقميصه الملوث بالقهوه وقد أصبح لا يصلح للارتداء والتوت شفتاه رغما عنه
بما يشبه الابتسام وهو يفكر
لو علمت تلك المجنونه أن حمامه الخاص يحوي ثياب بديله لأتت وأصابتها بالعطب
أو ربما قطّعتها أمام عينيه بشماته...!
أنت تقرأ
سلسلة قلوب شائكة /الحزء الاول(متاهات بين أروقة العشق)
Romanceللكاتبة المتميزة HAdeer Mansour تم نقلها من منتدى روايتي الثقافية