ولرحيلنا أقدار ...تأخذنا من عالم لآخر ..... تنسينا أحيانا ...وتصدمنا أحيانا
وكم من الصدمات تقهر القلوب ...وكم منها من يسعدها ....
الرحيل له ذواد ....وذوادي كان أملي ....والأمل قُتل في مهده .... وسلاسلي السوداء
باتت تخنقني حتي أصبحت كشبح هارب بشعيرات طوييله ..طوييله للغايه تجري وراءه
تقتله ولا تستطيع ...فالأشباح لا تموت .... إنما تظل بلا هويه ...!!
هل ضاقت الغرفه ...أم أنها تتوهم ..
وهل تضيق الغرف بالأشخاص ...أم أن العين كاذبه
تباعا مع اختناق القلب ... تتوافق مع مشاعره وارتعاشه
حتي أنها الآن في وقفتها تشعر بعينيها ترتجف مع قلبها .... ترمش عدة مرات رغما عنهالقد قالتها بخفوت شديد .... خفوت لا يسمع ... ممكن تتدارك الموقف وتلملم أوراقها وترحل
في صمت ولكن قدماها تصلبتا في الأرض وعيناها المطرقه بأسي
ارتفعت رغما عنها لأعلي ..ورأت ما صدمها ... عيناه العميقه ..الصلبه
تنظر لها بغرابه .... تفصّلها ..قطعه ..قطعه ...تجعلها مجرده من كل شيء
وهي بالفعل مجرده حتي من نصرة الأهل .حتي من مبرر تتشبث به ..مبرر لن يفهمه الآخرون
ترنحت في وقفتها وهي تري وجهه يتصلب .... ملامحه تشتد وهو ينظر لها من علو
ضخم كالعاده ..كحائط بشري بملامح قاتمه ...ووسامه خشنه ...!.. كانت دوما تسمع بنات
العائله يتمنونه زوجا لهن ...وكم حسدنها .. وكانت تبتسم في سخريه
وتهمس لنفسها ..أن القشور دائما ما تخدع
بضع لحظات فقط ما مرت وهي متصلبه وتري حازم يسير في اتجاهها بأعين يغشيها
الضباب .. كل الألوان أصبحت باهته فجأه ... والأمل تناثرت ثماره قبل أن تنضج
فأصبحت بلا طعم ..مرة المذاق
"لـيله ...هل أنت بخير ..."
تكلم حازم باهتمام وعينين قلقتين ...وهو يقترب منها
وهي فغرت شفتيها قليلا ... قليلا فقط حتي تستطيع الكلام ....ولكنها وجدت جفاف يحيط بها
جفاف أصاب التشقق لخلاياها جميعا ... حاولت ترطيب شفتيها ومحاولة الرد
الا أن الرد جاء كقصف الرعد
"ابتعد عنها اااا..."
يا الهي لقد عرفها .... ستصبح في خبر كان الآن ... سيتركها للذئاب يأكلونها
التفت حازم وهو يقطب جبينه وعيناه تشتعلان هو الآخر ورد بصوت هادر
"وما دخلك أنت ...؟؟.."
كانت لأول مره تسمع حازم هكذا ,,,تسمع تلك القوه في صوته
دوما حنون ...خلوق ...مهذب ...خفيف الظل مع الجميع ..ولكن يبدو
أن لكل منا جوانبه الخفيه في الحياه
زم حمزه شفتيه بقوه وهو يقبض يديه بجانبه حتي لا ينقض عليها يجرها من شعرها
وتنشر الفضائح غذا في الصحف
" هروب ابنة عائلة الراوي ,,أكبر عائلات الصعيد ...."
تكلم بصوت جاف قاسي وهو ينظر لها من وراء حازم بغضب.....وازدراء
"دخلي يا هذا ..أن الواقفه أمامك هذه تكون ...."
وتلكأ في جملته وهي تحبس أنفاسها خوفا وجزعا ...وخزيا
أما حازم فوقف في مواجهته يعقد ذراعيه أمام صدره ......منتظرا كلمته
كانت مواجهتهم غريبه ....واقفان أمام بعضهما كل منهما ينظر للآخر شزرا والشرر يتطاير
من عينيه
حازم بطوله الذي لا يقل عن حمزة ووسامه ورشاقه تشبه نجوم السينما
وحمزه بضخامته وعضلاته القويه وهيبته الموروثه بالفطره من أهل الصعيد
وتلك الخشونه والفظاظه المنطلقه من عينيه
"تكون زوجتي ...."
قالها بكل سلاسه جعلت عيني حازم تتسع وهو يلتفت لليله ينظر لها بتساؤل
يريد أن يستمع منها ... "لا .." قويه ...ولكن الصمت قابله ..صمت مطبق
وهي ترتعش تبعد عنه قليلا مطرقه برأسها
فطالت نظرات حازم لها وكأنه يحاول استيعاب الأمر ولكن ما جعله يلتفت في جزع
قنبلة حمزه القويه بصوته الهادر
"منذ سِت سنوات .."
شهقه خافته أتت منها وهي تطبق فمها مره أخري وتغمض عينيها بقوه ..علّ ذلك المشهد
يختفي تماما من أمامها ولكن هيهات ...فحمزه يملأ الغرفه بأكملها بشراراته الغاضبه
اشتدت شفتي حازم وهو ينظر له بمجابهه ثم
قال بصوت جاف
"حسنا ..سيد حمزه .. هذه أمور عائليه أنا لا أتدخل بها ... يمكنكم حلها
في منزلكم ...."
هزت رأسها نفيا ومازالت تنظر للأرض وقلبها يخفق خوفا وهي تفكر
"لا....لا تتركني أنت الآخر .... يا الهي ...أين أنت مني يا أبي ....أين أنت ..."
كانت تريد رسم مستقبل آخر .... رسمه بريشتها الخاصه ... ولكن فاتها أن العالم صغير
وأن الأقدار لا يمكن أن تضع تحت بند الرسم الشخصي
بل تجمل بواسطته
وآه من حلم لم يكتمل ..... ولحن احتضر في بداية نوتته ..
وها هي تقف كاللوح الخشبي ..لا تقوي علي الحراك ولكنها متألمه ...متألمه بقوه
وما آلمها أكثر صوت حمزه الصارم وهو يقترب منها
"معك حق .... ولذا سآخذها في الحال ..."
هزت رأسها مره أخري بضعف ...تريد أن يصرخ حازم ...يأمره أن يتركها
يفعل أي شيء حتي لا تذهب معه ...أي شيء...!!
ولكن حازم لم ينبس بكلمه ....وماذا سيقول بين رجل وزوجته
ماذا سيقول الا الصمت ..
انتفضت وهي تشعر بيد ضخمه تلمس ذراعها .... لا لم تلمسه ..بل قبضت عليه بعنف
وشهقت هي ..وهي ترفع عينين جميلتين حزينتين بلحن مؤلم له
لزوجها ...! ..وذلك الضباب اللؤلؤي ازداد ..وتضخم ..حتي بات ثقيل
بدرجه خانقه ...وتدحرجت الدمعتين علي وجنتيها في صمت تحت تطلعه فيها
وتابع هو دمعاتها وهي تلامس وجنتيها مرورا بشفتيها بإحساس غريب
إنهم دمعات يا حمزه .... مجرد دمعات ...وكم يتفنن النساء في الدموع ...!!
وبدلا من أن يشفق عليها ..اشتدت يده أكثر حول ذراعها حتي تألمت
ولكنها لم تستطع البوح ... بل شحبت ملامحها أكثر
واختفي الدم من وجهها وهي تسمع همسه خافته قاسيه كماء ناري يصب فوق رأسها
"أمامي دون صوت ..."
ولم تملك سوي الارتجاف أكثر ... وهو يجرها معه من المكان وعيون حازم تلاحقهم
وملامح قاسيه ترتسم علي وجهه
أنت تقرأ
سلسلة قلوب شائكة /الحزء الاول(متاهات بين أروقة العشق)
Romanceللكاتبة المتميزة HAdeer Mansour تم نقلها من منتدى روايتي الثقافية