الا انتِ الفصل 30 بقلمي/ منى لطفي

20.9K 483 18
                                    


الا انت

الفصل (30)

بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)

لا ابيح ولا احلل نقل او نسخ او مشاركة المحتوى او جزء بدون اذن مني، العمل حصري لجروبي الجواز وسنينه

لا تكاد تصدق ما حدث لها، تشعر وكأنها تعيش احداث فيلم سينمائي!.. فقط في تلك الافلام نجد الظابط يشير لآخر كي يتقدم قبل ان يقوم بتسليمه جواز سفر تلك التي تقف أمامه وهو يقول بروتينية "نأسف.. لن تستطيعي السفر، فمن غير المسموح لك مغادرة الاراضي المصرية.. نعتذر"!!!.. مشهد من فيلم عربي، صحيح؟!!!.. وهي من قامت بدور البطولة تلك التي مُنعت من الصعود على متن الطائرة المغادرة الى انجلترا برفقة والدتها، والتي قلقت من مشهد ابنتها وهي تتجادل كثيرا مع ضابط الجوازات، قبل ان تستدير عائدة متمتمة بكلمات باردة وصوت مذهول أنها قد تم منعها من السفر!!..

وقفت حينها والدتها للحظات مترددة، ولكن مع النداء الثاني للرحلة كانت قد اتخذت قرارها فالبقاء في مصر يعني شماتة الأعداء وسخرية من ظنتهم يوما أصدقاء، فسمعتهم تلوكها الألسن وقد سمعت أقاويل لا بأس بها أيام العزاء، فلم يراعوا حزن أرملة أو ابنة بصرف النظر ان كان المتوفي مذنب أم لا، فللوفاة حرمة يجب عدم المساس بها، وكم أرادت يومها الصراخ بهم أن كنتم تحتقرونه الى تلك الدرجة ففيما قودمكم لتقديم التعزية فيه؟.. كان من الأفضل والأشرف لكم مقاطعة عزائه، ولكنكم جميعكم منافقون، أنتم الوجه الآخر له، ذلك الرجل الذي أفنيت شبابي ,اجمل سنوات عمري معه، كي أحافظ على اسم عائلة الرازي، وأضمن لابنتي واجهة عائلية مرموقة، فلست أنا من أحمل لقب مطلقة تلك الصفة المرادفة للفشل، وأنا سليلة عائلات الأناضول، لم أكن لألوث اسم العائلة بهكذا صفة، على الرغم من خياناته المتكررة لي والتي كانت تأتيني تفاصيلها دون جهد يذكر مني، وكلما زادت خياناته زاد المقابل، من شقة في لندن، فمنزل على سفح جبلي من جبال الالب في سويسرا، ففيلا في نيس بفرنسا، وكل ذلك باسمها هي، ولعله كان يقوم بهذا كي يحتاط لليوم الذي ستظهر فيه حقيقته المخزية، وهذا ما كان سيحدث ان آجلا أو عاجلا، وساعتها فهي على يقين من أنه وبعلاقاته الاخطبوطية كان سيهرب خارج البلاد ليعيش عيشة الملوك ذاتها فهو قد عمل حساب ذلك اليوم وانتهى الامر، ولكن فاته أن يقوم من عمل لحسابهم بتصفيته فمن الواضح أن فضل قد أصبح كاردا محروقا بالنسبة له وليس أسهل من التخلص منه وبلمح البصر!!..

والآن ها هي تفر من بلدها برفقة ابنتها التي واجهتها حماتها برفضها أن تبقى ككنة لها، فعائلة المسيري عائلة عريقة، ترفض أن يختلط نسبها بآخر عديم الشرف، خائن ومجرم، فتلك وصمة عار لايمحوها الزمان!!... وهي قد سمعت اهانات ابنتها بأذنها قبل أن تدلف مرحبة بدولت المسيري، لتقف خارجا تستمع لباقي حديثها المسموم، وهي بين نارين أن تدخل اليها فتوقفها عند حدها، وبالتالي فدولت لنتسكت بل ستزداد ضربات سياط لسانها، أو أن تنسحب بهدوء دون أن ينتبهوا لوجودها من الأساس، وتترك لشهرت حرية التعامل مع حماتها، واختارت الحل الثاني لتنصرف رافعة رأسها تكبت دموعها كعادتها دائما، وبعد برهة قصيرة فاجئتها ابنتها برغبتها بالسفر معها، وقد تدبرت أمر التذاكر الى لندن، وها هما في المطار، ولكن من الواضح أن ابنتها تعاني من مشكلة ما تعيق سفرها، لتجد نفسها في موضع اختيار للمرة الثانية لهذا اليوم، هل تنتظر معها أم تسافر هي كي تخلص من هذا الكابوس الذي تحياه منذ مقتل زوجها في السجن وحتى اللحظة؟.. لتختار ترك ابنتها والهروب بنفسها للمرة الثانية، تاركة ابنتها تواجه مصيرها بمفردها، فهي أن كانت واثقة من شيء فهو أن ابنتها أكثر من قادرة على العناية بنفسها، وكأن تربيتها الانجليزية الباردة قد صقلتها جيدا لتقف أمام المِحن برأس شامخ وبرود صقيعي لا ينصهر!!..

إلّا أنتِ.. الجزء الثالث لسلسلة نساء متمردات بقلمي/ منى لطفيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن