الا أنتِ الفصل 54 بقلمي/ منى لطفي

22.4K 481 16
                                    


الا أنت

الفصل (54)والاخير

بقلمي/احكي ياشهزاد(منى لطفي)

لا ابيح ولا احلل نسخ اونقل او مشاركة المحتوى او جزء منه دون اذني العمل حصري لجروبي الجواز وسنينه وحكاوي شهرزاد منى لطفي فقط..

تنظر الى باب الغرفة منذ ما يقرب من الربع ساعة، يكاد قلقها ينهشها عليه، ثلاثة أيام مرت منذ تلك الفاجعة التي حلت بهم وهو يحبس نفسه في غرفته رافضا الخروج أو رؤية أحد، وتحديدا منذ انتهاء مراسم تشييع الجنازة والعزاء..

لن تنسى تلك النظرة التي اعتلت محياه منذ أفاق من انهياره في المشفى، كانت نظرة خاوية وكأن أمه بوفاتها قد سحبت كل مظاهر الحياة منه، ليتحرك بعدها كالأنسان الآلي، فيبتعد عنها ويتولى وبكل صلابة أمور انهاء ترتيبات الجنازة، وصمم على حمل نعشها فوق كتفه، لوضعه في سيارة الاسعاف، ليصعد معها وكأنه يشاركها لحظاتها الأخيرة في هذا العالم قبل ان تتركه نهائيا الى العالم الآخر.. ذلك الذي تقشعر لذكره الابدان على الرغم من أنه النهاية الطبيعية والحقيقية لكل كائن حي...

وصممت هي على مرافقته، لتشاركه تلك اللحظات، وكأنها بهذا تبدأ بتنفيذ وصيّة أمه، عندما نظرت اليها تمسك بيدها لتضعها في راحة ابنها وهي تطلب منها بصوت ضعيف متقطع ألا تتركه.. وأن تظل بجواره، فهو بحاجتها، ونظرت لابنها مردفة بابتسامة واهنة أن يتبع قلبه، وألا يفرّط في حبه الحقيقي فالأخير عملة نادرة محظوظ هو من يجد من يبادله ذلك الحب بمثيله..

وطوال رحلة الوصول الى مدافن الاسرة كانت تمسك بيده بين راحتيها، بينما كان يتشبث هو بها، تماما كالطفل الذي يخشى الضياع، ليترجل بعدها سريعا معاودا حمل التابوت حيث ترقد أمه، يتقدم المشيعون، حتى وضعه أرضا أمام المقبرة، ويتولى حارسها أمر إدخال النعش لمثواه الاخير، يساعده، يحملها معه.. يدخلها الى تلك الحفرة التي لا تتعدى المتريْن.. حيث تتوارى عن الانظار.. ثم يهيل التراب عليها ليغلقها، كل هذا وعيناه حمراوين، جاحظتين، بدموع جامدة، دعت الله كثيرا أن يرحه بسقوطها، فهي تخشى عليه كتم حزنه القوي هذا بداخله، حتى إذا ما انتهى الشيخ من الدعاء للميت، وقراءة ما تيسر من القرآن الكريم، وكان قد ما مر ما يقرب من الخمس واربعين دقيقة، بدأ المعزون بالانصراف بعد تقديم تعازيهم له، وكان قد اخبر المحامي الذي سرعان ما وافاه الى المشفى أن يقوم بالترتيبات اللازمة فالعزاء سيقتصر فقط على تشييع الجنازة، تماما كوالده..

وعاد الى منزل أسرته، ليغلق على نفسه داخل.. غرفة والديه.. أما هي فلا تتركه الا مساءا، لتأتي في الصباح، لا تراه، فلا يزال في محبسه الانفرادي الذي فرضه على نفسه، ولكن يكفيها أن تكون معه في ذات المكان، فهي الى الان لا تستطيع تصديق ما سمعته بآذانها من الفقيدة، فقد كانت تظن أن الخلاف بسبب اخفائها لأمر خطوبتها لوالد ريما بالسابق خاصة وأنها هي من سعى لتعيينه لدى الاخير، ولكن الحقيقة ظهر أنها تفوق بمراحل ما عرفته، لتجد له العذر في غضبه الشديد من امه، ليتداعى الى ذهنها الدقائق الاخيرة في حياة سهام تلك التي قاسمته ذكراهم بطلب من الاخيرة بل وإلحاح أيضا!!

إلّا أنتِ.. الجزء الثالث لسلسلة نساء متمردات بقلمي/ منى لطفيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن