بارت 10

735 51 7
                                    

كان منظر مروة وهي تمسك بالبندقية و تطلق الرصاص في الهواء يستفزني شخصياً ، لا اعرف إن كان ذلك قد اعجبني ، ام انا منزعجة منه ، ولولا بعض مظروفات بندقيتها التي كانت تتقافز أمام عيني و تخيفني لما كنت اهتممت بتاتاً بالأمر ، يحدث ذلك كل يوم خميس في مراسم تحية العلم التي تجرى في مدرستنا ، وفي هذا اليوم ، تكون مروة سعيدة و فخورة بشكل لا يصدق ، لانها بعد ان تطلق الرصاص في الهواء ، تقف في الساحة مع مجموعةمن البنات وهي تشرح لهن قوة رد الفعل في البندقية.
بعد ان تتأكد من ان الجميع فهم معنى قوة رد الفعل ، تضيف بغرور و بشيء من الولدنة المفتعلة:
- ليس هناك اي داع للقلق من هذا الموضوع ، المسألة جدا بسيطة، انا قوية يمكنني سيطرة على بندقية و ان المديرة المدرسة تعرف ذلك و يزداد إعجابها بي بعد كل مرة أطلق فيها الرصاص تحية العلم .
انا لا افهم لماذا يجب ان نطلق الرصاص في كل يوم خميس تحت سارية العلم ، لماذا يجب ان يكون مع العلم دائماً صوت اللرصاص ، لعلم بلادنا وصوت البنادق علاقة لا نفهمها ، من إجل ان نرفعه يطلق الرصاص ، وعندما تصيب احدهم رصاصة في الرأسه ينزل العلم من السارية و يلتف حول جسده . من دون العلم لا يصبح الموتى شهداء ، وعندما نرسم العلم على خارطة الوطن فهذا يعني ان الوطن شهيد .
كانت مروة طالبة شاطرة في دروسها ، لا احد ينكر ذلك ، إختاروها أكثر من مرة قدوة للصف ، وهي بالإضافة الى كل هذا ، فتاة جميلة و فاتنة ، بصدرها البارز وردفيها المكتنزين و عنقها الطويل البلوري ، هي في الحقيقة من اجمل بنات مدرستنا ، روحها مرحة و دمها خفيف ولديها قابلية كبيرة على خلق مقالب مضحكة ، الطلاب المراهقون في المحلة معجبون بها ، و يعاكسونها في الطريق وهي تضحك لهم من دون ان تصد احداً منهم ، كانوا في الكثير من المناسبات ، يستغلون الظروف و يعتمدون الإحتكاك بجسدها و ينتابهم سعور لا أعرف ماذا اسميه .
كانت هي سعيدة بهذا الشيء ، ولكنها تحب احمد بشكل خاص و لا تحب غيره ، عندما صادفته مرة وهو يمشي مع نادية في الطريق ،صارت تغار من نادية ، وقالت لصديقاتها تعالوا نتبعهم و نغني بصوت عالٍ من اجل إزعاجهم ..
-أحبك حب جنوني و أشيلك في عيوني .
التفت إليهن أحمد و حاول أن يقول كلاماً بذيئاً لكنه غيرّ راية وأكتفى بحركة سخيفة بيده ، غير إن مروة و صديقاتها لم يهتمن له وواصلن الغناء باعلى أصواتهن .
من اجل ان يتخلص من هذه الورطة ، اضطر احمد لتوديع نادية بسرعة و تغيير إتجاهه ، بعد هذه الحادثة صار لا يحب مروة ، وعندما يراها مصادفة في الطريق يدير وجهة عنها، وصارت نادية لا تحب مروة وعندما تصادفها تغير طريقها .
أنا شخصياً احب مروة ، أو في الاقل لا اكرهها ، وعندما أصادفها لا اغير طريقي ، لكنني أحب نادية و انحاز لها ، وعندما أكون معها و نصادف مروة و شلتها أغني بصوت مسموع تقريباً :
عاندي وسلمي علية خلي لوم الناس الية
عانديهم .. عانديهم خل يفكرون بأديهم ...
صارت مروة تكرهنا ، تكره نادية و تكره احمد و تكرهني انا ايضاً،
ومن اجل الإنتقام لنفسها ، ذهبت الى معاونة المدرسة واخبرها ان نادية على علاقة غير صحيحة مع شاب من محلتنا اسمة احمد ، استدعت معاونة ام نادية للحصور الى الإدارة في اليوم التالي، لم تقل لها ان ابنتك تحب احدهم ، كانت المعاونة تقدر هذا الشيء المحرج  ، هي فقط نصحتها بالأنتباه الى سلوك ابنتها في هذه المرحلة من العمر .
بعيداً عن مراقبة مروة و ملاحقتها و أزعاجها ، صارت نادية تلتقي مع احمد في الشوارع الخلفية البعيدة هن الانظار ، في الأتجاه المعاكس للطريق الإعتيادي الذي كنا نسلكه يومياً من و الى البيت .
هناك دائماً طرق بديلة نستطيع خلالها ان نتجنب الناس المزعجين ، صحيح أن مروة في بعض الأحيان تصير مزعجة ، ولكنها ليست شريرة ، هي تزعج احمد لانها تحبة ، و تزعج نادية لأن أحمد يحبها ، ونحن دائماً نستطيع بسهولة ان نزعج الناس الذين نحبهم ، حتى و نحن نريد ان نقول لهم أننا نحبهم فاننا أحياناً نقولها بطريقه تزعجهم ، أنا الوحيدة في هذا العالم التي لا تزعج الذين تحبهم و لا تزعج الذين لا تحبهم . في يوم من أيام ، حدثت لي مفاجأة غير متوقعة ، كنت اقترب من دكان أبي نبيل لأشتري شيئاً ما عندما جاء فاروق ووقف أمامي وجهاً لوجه و قال لي :
- انا معجب بك.
ولما تلعثمت أمامة من صدمة هذة المفاجأة و لم أتمكن من أيجاد رد مناسب ، تشجع و أضاف :
-انا أحبك
بقيت انا ساكتة ولا اعرف ماذا أقول له ، نسيت حينها لماذا أتيت للدكان في هذا الوقت ، حاولت أن اتذكر ، لكنني كنت أرتجف و اكاد ان ابكي ، ركضت نحو بيتنا من دون ان أشتري شيئاً و من دون أن أرد على فاروق .
حقاً ، كان حصول هذا الشيء أمراً غير متوقع . غسلت وجهي ووقفت أمام المرآة ، قرصت خدي الأيمن من اجل أن يصبح وردياً بالفعل ظهرت بقعة وردية صغيرة و أختفت في الحال ، ابتعدت للمرة الاولى عن المرآة لا ترك مسافة مناسبة ، نظرت الى جسدي بخجل ، ثم ألتفت يميناً يساراً لأتاكد من ان احداً من اهلي لا يراني ، بللت سعري بالماء قليلاً و سرحتة بيدي و نظرت في المرآة نظرة خاطفة و خرجت الى باب البيت من دون ان افكر ، رأيت فاروق من بعيد وابتسمت له ، حاول ان يقترب مني ليقول شيئاً ، لكنني تركتة و دخلت من دون ان اغلق الباب ، كنت لحظتها خائفة و اشعر ان كل الناس يراقبوني من نوافذ بيوتهم او من شرفات السطوح .
قبل أيام من هذه الحادثة -اقصد - حادثة انك قال لي احبك -كان فاروق يقف في باب بيتهم ، وكنت انا اقطع بعض عناقيد عنب التي لم تنضج بعد من قمريتنا ، تقدم نحوي وطلب مني شيئاً من العنب الخامض ، الذي قال ان يخب طعمه ، قطفت لة عنقوداً ووضعته في راحة يدة و لامست أصابعي أطراف أصابعه ، ابتسم لي ابتسامة لم أفهمها ، بعد ان ذهب الى بيتهم فكرت به قليلاً ثم نسيت الأمر . لم اتمكن تلك الليلة من النوم مبكراً ، تقلبت على فراشي أحاول ان اطرد هذه الفكرة من رأسي ، لكنني حتى اكون صادقة معكم ، كنت سعيدة في داخلي ، بقيت اتخيل فاروق وهو يكرر أمامي انا احبك ...انا احبك .. حتى نمت .
ليس لفاروق أخوة و أخوات ، ابوه سافر للعمل استاذاً جامعياً في ليبيا ثم تزوج هناك من امرأة تونسية ليست جميلة كما تقول ام فاروق ، وعاش معها يكتب لزوجته وابنه رسائل قصيرة ، يقول فيها انه بخير و يتمنى ان يكونا هما بخير ايضاً ، ويبعث لهم بعض دولارات في رأس كل شهر ، كان فاروق شاطراً في المدرسة ، ولكنة يحب الكره القدم بشكل جنوني و يذهب الى النادي ليتدرب يومياً حتى اصبح في ما بعد لاعباً معروفاً .
لا أعرف لماذا إختارني انا وقال انه يحبني ، لم يكن قد تحدثت معة ، ولم اكن مهتمة به ، لم افكر في الحب من الأصل ، كنت مستمتعة بقصة نادية و احمد وكان ذلك كافياً بالنسبة لي.
(الكاتبة /شهد الراوي )

♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
فوت+ كومنت = بارت 11
احبكم جداً اتمنى تعجبكم بااااي

ساعة بغداد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن