بارت 15

572 37 1
                                    

بعد ان غادرت شروق بيت أم نوار وهي مصدومة من كلمات المشعوذ ، لم تنم ليلتها تلك ، قلبت في رأسها ماقالة عشرات مرات ، ليس من أجل أن تتخذ قرار صحيح ، فهي مع قرارة نفسها لا تتناقش مسألة زواجها من خليل ، هذا أمر مفروغ منة بلنسبة لها .
مايشغلها الآن و يسبب كل هذا القلق هو مايخبئه المستقبل ما بعد هذا الزواج :
-وافقي إذا كانت الحياة تعجبك كأرملة تهتم لصبي يتيم لم يرى أباه في حياته .
تلمست بطنها و تخسست حركة جنين ، كانت قدماه تتحركان بداخلها و تكاد تسمع صوت صراخه، رغم أنها لم تتزوج بعد و لم تحمل به.
تخيلت ليلة زفافها التي خططت لها طويلاً ببدلة العرس البيضاء الطويلة ولون شعرها الأشقر الجديد الذي تنتشر فوقه البقع الصغيرة
اللماعة ، تخيلت المشتمل الصغير ، الذي ستعيش فيه مع خليل وهو يعود أليها بعد الظهر متعباً من وظيفتة المرهقة في هيئة التصنيع العسكري ، تخيلت كل التفاصيل التي حدثها عنها من أجل العيش سوية، جلست على سريرها وراحت تبكي .
وقعت شروق في حب خليل قبل أقل من سنه،عندما ألتقته للمرة الأولى مصادفة ،كانت في ذلك الوقت لم تزل طالبة في سنتها الجامعية الأخيرة ، كان هو قد سبقها بسنوات وتخرج مهندساً من الجامعة التكنلوجية ، إلتحق بعد التخرج للعمل في إحدى المنشأت السرية التابعة للتصنيع العسكري،جذبها مظهرة الأنيق بطولة الفارع
ورشاقته و إستقامتة جسده ورجولته الطاغية،جذبها بقوة العضلاته
المفتولة وهو يرفع أكمامه فوق عقب ساعده،عندما نظر أليها للمرة الأولى ، تعثرت أقدامها و نسيت العالم وكادت أن تسقط في الطريق،
فهذا هو الرجل الذي حلمت فيه منذ السنوات مرهقتها المبكره .
لم تكن أحلامها تذهب بها بعيداً في الأمنيات ، كل ماتطلبه في حياتها
هو هذا النوع من الرجال ، شاب بمستوى دخل معقول، وبيت صغير وسيارة قديمة نوع لادا ،لا تعرف على وجه التحديد سبب إختيارها هذا النوع من السيارات ، ولكنها لا تستطيع أن تتخيل سواها .
حاولت بكل جهدها أن تتماسك أمام قوة نظرته وتجاوزته في خطواتها، لكنها لم تقاوم أغراء أن تلتفت للوراء التفاتة ألحت عليها لكي تسرق نظرة خاطفة لقوامه الرياضي بإكتافة العريضة .
تصادفت إلتفاتتها مع التفاتة قام بها من جانبه وهو يستطلع قوامها ،
في هذه اللحظة إنهارت كل مناعتها التي تدربت عليها أمام إغراءات
الطلاب وغزلهم في الجامعة وابتسمت له، تسمرت في مكانها ونسيت أن تواصل سيرها (لقد نسيت العالم مرة اخرى )، تقدم نحوها و سألها عن أسمها .
-شروق
- عاشت الأسامي،نظر في عينيها ثم أضاف:آنسة شروق إكملي طريقك قي الإتجاه الآخر و ساتبعك،أريد التحدث معك قليلاً إذا سمحت .
غيرت إتجاه طريقها و عبرت الشارع ،وإنتظرته هناك وهي تفكر بسحر كلمة شروق التي نطقها أمامها وهو يلثغ بحرف الراء .
سارت معه في ذلك اليوم الى المساء،ونسيت إن عليها أن تعود الى البيت ، كادت تذوب أمامه ، تفجرت أنوثتها وراح جسدها يحترق تحت ملابسها .
لم يكن خليل من نوع الشباب اللعوب ، كان في هذه المرحلة من حياته يبحث عن الأستقرار ، عن الامرأة التي تناسبة،فعثرهذا اليوم
على شروق ،لم يفكر أبداً بإستغلال لحظة ضعفها الواضحة أمامه،
حدثها بصراحة عن الزواج و المستقبل و الأولاد .
كان ذلك اليوم هو يوم ولا دتها الحقيقة ، فلم تكن قد شعرت بهذا الكم من السعادة قبله إطلاقاً .
بعد لقائين أو أكثر ، قرر أن يتقدم لها رسمياً ، طلب منها تحديد موعد مناسب لزيارة عائلتها ، غير ان أهلها طلبوا منها ان لا تفكر بالزواج أطلاقاً،عليها ان تكمل سنتها الدراسية الأخيرة ثم تفكر بذلك.
عاشت شروق سنة دراسية قاسية ، كانت تريد للأيام أن تكون أسرع
مما هي عليه لكن الزمن و الحب معادلة معقدة،عندما تكون مع نحب
يمضي الوقت سريعاً مثل القطار،وبإنتظار الحب تدب الدقائق متكاسلة ،تمط نفسها كأنها تذهب الى السرير لتنام .
تخرجت من الجامعة أخيراً ،وموعدها مع خليل هو يوم الأحد المقبل ليتفقاعلى يوم الخطوبة ، حتى ظهر المشعوذ و أفسد فرحتها.
تلمست بطنها ثانية،كانت فكرة الجنين الذي تتوهم إنه يتحرك بداخلها
،ولكنها سرعان ما تجهش بالبكاء ،عندما تتذكر أنه سوف يأتي الى هذه الدنيا من دون أن يرى أباه.
ضاق نفسها وشعرت بشحة الهواء في غرفتها ، وضعت عباءة أمها
على رأسها وخرجت للشارع من دون ان تستأذن أهلها كالعادة عند خروجها للسوق، أو زيارة صديقاتها في الزقاق المجاور.
مشت بإتجاه الشارع العام وهي لم تقرر بعد ،المكان الذي عليها أن تتوقف عنده ثم تعود أدراجها ، ظهر أمامها المشعوذ وهو يرتدي ملابس سائق الحافلة ،أسرعت بإتجاهه ووقفت أمامه لتتحدث معه،
غير ان لم يتعرف عليها ، وبدا كما لو أنه مستغرب من سلوكها ، تراجع خطوة للوراء و سألها مندهشاً :
-مابك يا آنسة؟
-أرجوك أخبرني الحقيقة ؟
-عن أي حقيقة تتحدثين يا ابنتي؟
-لا تتهرب ، أنا اعرفك جيداً ، حتى صوتك هذا هو نفسه .
وضع يده اليمنى على جبينه وصمت للحظات وهو يتأمل وجهها،
قبل أن يقول كلمة واحدة ، توقفت قربه حافلة حمراء ، صعد أليها و مضت به مسرعة، ابتسم لها من خلف الزجاج وغاب .
جاء برياد و لحس كاحلها ، نظرت الى الكلب الذي يلهث أمامها كأنه يريد أن يقول لها تعالي .
مشى أمامها و تبعته حتى توقف أمام بيتها ، دخلت البيت دون ان تغلق الباب من خلفها.

(الكاتبة /شهد الراوي )
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
فوت +كومنت= بارت 16
احبكم جدااااااااً

ساعة بغداد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن