بارت 8 (1)

882 52 2
                                    

في احد ايام الشتاء ، لا اتذكر بالضبط في اي شهر ، وفي اي سنة حدث ذلك ، لكننا على اغلب كنا في الصف الرابع الثانوي ، بعد ليلة شديدة المطر ، انبسط الضباب الكثيف على محلتنا في الصباح ، وصار مثل شال نظيف يمنع رؤية الأشياء ، تتمرأى خلفة البيوت والأشجار وتتحرك علية العصافير وهي تشبة نقاطاً صغيرة من البحر .
ظهر أمامنا أحمد وهو يقف على دراجتة في رأس الشارع ، لما إقتربنا منه على بعد خطوات قليلة ، تقدم الى نادية بخجل وفي عينيه نعاس ثقيل من دون ان يقول لنا صباح الخير ، وضع بين يديها ورقة مطوية بعناية ، أدار دراجتة في الأتجاه الاخر و انطلق بها مسرعاً وهو يختفي في الضباب .
لم تكن نادية تتوقع هذة المفاجئة ، او روبما كانت تتوقعها وانا لا اعرف ذلك .
فتحت ورقة وراحت تشم عطرها و تقرأها بهمس لنفسها ثم التفت الي وقالت :
-هذا احمد مجنون !
-ليش مجنون ؟
-يكول اني احبك من ايام الأبتدائية .
عاشت يومها هذا وهي تفقد شعورها تدريجياً بثقل العالم من حولها ، صارت تسرح عني ولا تنتبه لما أقولة ، حتى لو كنت اتحدث في امر مهم.
هذة اول مرة تشعر فيها نادية إن طفولتها أصبحت تختفي وراء جدار كثيف من الضباب ، تغيرت هذا اليوم كثيراً ، كما لو إنها نادية أخرى لا اعرفها ، كنت أريد أن أدخل قلبها و أجرب حب ، لكننا لا يمكننا أن نستعمل قلوب غيرنا لنحب بها .
قرأت رسالة احمد مرات عديدة و نحن في الطريق ، قربتها من أنفها وهي تتنفس عطرها ، حاولت أكثر من مرة أن تمزقها ، لكنها كانت تغير رأيها في الحظة الاخيرة .
في البيت ، عندما رجعنا من المدرسة ، قبل أن تغير ملابسها وتتناول طعام الغداء مع اهلها ، وقفت أمام المراة الطويلة في غرفة نوم الأم و تحسست جسدها بسرية من دون أن يراها أحد .
خرجت الى حديقة تجلس لوحدها تحت الشمس الشتاء اللذيذة وهي تبتسم ، هبت عليها نسائم رقيقة وحركت أوراق الأشجار فتدحرجت منها قطرات المطر العالقة فوقها منذ الليلة الماضية ، نهضت من مكانها وقطفت وردة جوري حمراء اللون ونثرت أوراقها في الهواء ، تخيلت وجة أحمد الطفولي و عينية الصفراوين و أنفة المدبب ، تنفست عطرة الذي تركة على الورقة و تصاعدت أنفاسها ، إمتلأ صدرها بهواء منعش ولطيف ، دخلت البيت ووقفت أمام المراة ثانية وهي تبتسم .
اصبحت في هذا الوقت ، تخاف من جسدها ، تخاف من أكتشافها المبكر لأنوثتها ، قالت مع نفسها ، أن حاجبيها جميلان ، بل هما أجمل حاجبين تراهما عين في هذا العالم ، وان رموشها طويلة تجعل من لون عينيها قصة سحرية من الخيال ، تأكدت من أن خديها ورديان وان شفتيها شهيتان ،رفعت خصلة شعرها عن جبينها ثم تركتها تتهدل بنعومة ، ابتعدت قليلاً عن المراة ، لفت قميصها حول خصرها ثم تركتة بسرعة ، كما لو انها إنتبهت الى إنها إرتكبت خطأ غير مسموح بة .
في الليل جلست تكتب لأحمد رسالة طويلة ، هذة أول مرة تكتب فيها رسالة ، نادية لا تحب كتابة الرسائل ، حتى في درس اللغة الإنكليزية ، عندما تطلب منا المدرسة كتابة رسالة لصديقة مجهولة تعيش في بلد اجنبي ، تختار بدلاً عن كتابة رسالة أن تكتب عن رحلة وهمية في مدينة لندن .
وضعت رسالة أحمد مفتوحة أمامها وراحت تحاكي عباراتة ، كتبت لة :انا احبك ، ولكنها شخبطت فوقها ، حاولت ان تتذكر عبارات من الأغاني ومن المسلسلات التلفزيونية ، لكنها لم تتذكر شيئاً  يناسب ما كانت تريد أن تقولة بالضبط . ماذا كانت تريد ان تقول لة بالضبط ؟
هي تريد ان تقول لة ( احبك) ولكن من دون ان تكتبها مباشرة ، وأخيرا بعد ان تعبت و شعرت بالنعاس كتبت لة :
انا فرحت كثيراً برسالتك التي وضعت عليها عطراً أحببتة و قبل تجعلني أفكر بك ، و عندما استيقظ صباحاً سأفكر بك أيضاً ، انت تجعلني أفكر بك ، ثم رسمت قلباً وسهماً و نامت .
(الكاتبة /شهد الراوي )
🌸🌸🌸🌸🌸🌼🌸🌸🌸🌛🌛🌸🌸🌸🌸
اسفة جداً جان عندي امتحان ماكدرت انشر اي بارت لأن اني صف سادس ف حيل زحمة علية اكتب سامحوني حبايبي

ساعة بغداد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن