🌸🌼عمو شوكت و باجي نادرة 🌼🌸

375 23 2
                                    

      كتابا((لمستقبل)): صفحة رقم (3)
يصر عمو شوكت رغم الإلحاح الشديد لباجي نادرة على عدم بيع بيته القديم في المحلة ، قالت له مرات عديدة :
- يا زوجي الطيب، لم يعد هناك أحد نعرفة ، الأمور تغيرت ، الحياة تبدلت ، وصار كل شيء في يد الخراب .
لكنه و بعد كل هذه التوسلات ، يصر أمامها من جانبة على ان كل شيء سيعود الى طبيعته فيما بعد،وعندما كان يجلس معها عند كل مساء ربيعي في حديقة بيتهم في مركز مدينة السليمانية ،
يستعد معها الذكريات الجميلة التي عاشاها في المحلة ، يحدثها عن بغداد و جمالها و سحرها و أيامها الذهبية ، يحكي لها عن شارع الرشيد و أورزدي باگ ، عن شارع النهر و كيف انه اشترى لها بدلة زفافها من هناك ، حدثها عن دجلة و أبي نؤاس ، عن المنصور و المأمون و المسبح و الكرادة و الأعظمية ، عن طفولته العذبة في زمن الملوك ، و دراستة في إعدادية التجارة ، ثم في الكلية الأقتصاد .
حدثها عن وظيفته في البنك المركزي ، عن دورة حياة الدينار العراقي ، حدثها عن أشياء تعرفها هي جيداً و عاشتها معه بالتفصيل ، لكنه يحب ان يرويها لها ، كما لو انه يعترف عليها لاول مرة ، في كل مرة يذهب فيها خياله في البعيد يأخذ يدها اليسرى و يطبع عليها أثر ساعة يدوية بأسنانة القلقة و بلطف شديد .
عندما تقول له :
- لقد كبرنا يا زوجي و ليس هناك أمل في حياة جديدة نعيشها في بغداد ثانية ، دعنا نبيع البيت و نشتري بثمنه قبراً كبيراً على قمة الجبل ، نطلب في وصيتنا ان تبني عليه حجرة صغيرة ، تكتب على جدرانها قصة حبنا منذ اول يوم التقينا فيه حتى آخر يوم في حياتنا .
يرد عليها بعد تأمل طويل في الفراغ :
- كل شيء سيعود الى طبيعته .
تأخذه باجي نادرة من يده و تدخله الى البيت بعد أن تشعر أن برد المساء قد نزل في الحديقة و أن زوجها مريض ولم يعد يحتمل حتى نسمات الربيع العليلة ، تجلس معه أقل من ساعة يشاهدان فيها التلفزيون ، و عندما يغمض عينيه تغطيه و تذهب لسريرها .
في أحلامة يأتي برياد مهرولاً من على سفح جبل شاهق ثم يتدحرج أمامة مثل صخرة سوداء تصطدم بمقدمة حذائة و تتوقف عن الحركة .
(الكاتبة /شهد الراوي )

ساعة بغداد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن