1

131 8 0
                                    



كتابات راين.

"لم أفهم سبب انتحار أخي، حتى أنه لم يترك شيئاً خلفه، والدي لم يحبا التحدث عنه أو ذكر اسمه، لذا عزمتُ أن أجد السبب بنفسي.

لأنني لم أتحمل ذلك الكابوس الذي أرى به جسده المعلق في الحظيرة التي أصبحت مهجورة حالياً.

عدتُ لذلك المكان الذي بدأ كئيباً جداً، حيث كانت جدرانه تحمل آثار الألم والخسارة. ألقيتُ نظرة بالأرجاء، وواجهت خوفي الشديد من بوابة الحظيرة التي لطالما ظننت أن تلك الأبواب تلتهمني مثل أخي.

تقدمت بخطوات بطيئة، كل خطوة كانت تشبه عودتي إلى الماضي المظلم. كنت أشعر بشيء ثقيل في صدري، لكنني كنت مصمماً على كشف الحقيقة. بحثتُ جيداً حتى وجدتُ رسالة زرقاء دُفنت أسفل التراب داخل الحظيرة، وكأنها كانت تحتفظ بأسرار عائلتنا المدفونة.

عندما انتشلتها، كان محتوى تلك الرسالة كالسيف، حاداً جداً لا يمكنني تجاوزه أو التراجع عنه. الكلمات كانت تحمل في طياتها الألم والخيبة، وكأنها تحكي قصة معاناته التي لم أكن أعرفها. كل حرف كان يجرحني ويعيدني إلى ذكرياته، ويذكرني بأنني قد أكون آخر من يتذكره."

"راين..؟"

"راين؟ هل تسمعني؟.."

بعد أن سمع مناداة أمه له، أوقف حركة أصابعه التي كانت تطبع على لوحة الحاسب، ثم أسرع بإغلاقه. تنفس بعمق، ووجهه يعبر عن الاضطراب والتوتر. ثم، ببطء، قفز على سريره، ينظر حوله بعيون مترقبة، محاولًا إخفاء القلق الذي يتنامى في داخله.

دخلت والدته بخطوات هادئة، تفحص وجهه بعناية متناهية، كأنها تبحث عن دليل على ما يجول في خواطره. "عزيزي، هل أنت نائم؟ أم أنك تتظاهر بذلك؟" كان صوتها يحمل نغمة من الحنان المتوتر. ابتعد اللحاف بلطف عن جسده، وكأنها ترغب في استكشاف ما تحت السطح.

"لقد خدعتك!" ابتسم راين بابتسامة زائفة، تعلو وجهه وتتناقض مع عينيه الممتلئتين بالأسى والاكتئاب. ضحكت والدته بخفة وحنان، وهي ترسل قبلة ودية، ثم أغلقت الباب وتركته وحيدًا مع مشاعره المتقلبة وأفكاره المظلمة.

تلاشت ابتسامة راين مباشرةً بعد خروج والدته. وجهه الآن يظهر القلق والتعب، فرمى نفسه على السرير بثقل كبير، وعيناه تحملان حزنًا عميقًا وشؤمًا لا ينتهي. "هذا مؤلم، التظاهر بالسعادة، الابتسامة، كل هذه الأمور تؤلمني..." همس بصوت هامس ينطلق من أعماقه، معبرًا عن العذاب الذي يعيشه في داخله، محاولًا في الوقت نفسه إخفاءه عن العالم الخارجي.

تتراقص الذكريات في ذهنه، تتجدد كل لحظة لتذكره بالآلام الماضية. استلقى على السرير، واحتضن وسادته بشدة، كأنها يمكن أن تمحو كل الأحزان التي يحملها. "لماذا علي أن أكون هذا الشخص الذي لا يستطيع مواجهة الحقيقة؟" تساءل بصمت، وبدأت الدموع تتجمع في عينيه، متحررة أخيرًا من القيود التي كبلته لفترة طويلة.

الرسالة الزرقاء .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن