الحلقة الثانية

7.7K 223 6
                                    

جريمة باسم الحب
الجزء الثاني
وقفت هدير مترددة أمام أحد محال بيع الهواتف، لتقترب ببطء متظاهرة، بمشاهدة المعروضات بوحدة العرض بينما هي تتطلع من خلال زجاجها، لذلك الشاب الوسيم داخل المحل، الذي يرتدي ملابس شبابية تساير أحدث الموضات، ظلت هكذا لبعض الوقت ثم عزمت أمرها ودلفت للمحل بخجل.
ـ هدير برقة: سلام عليكم.
ـ الشاب ببرود: وعليكم السلام أي خدمة.
ـ هدير بخجل: أزيك يا سمير عامل أيه.
ـ سمير بضيق: كويس الحمد لله، أي خدمة.
ـ هدير بحرج: لا أنا لقيت نفسي معدية قدام المحل قلت أسلم، بقى لنا كتير محدش بيشوفك.
ـ سمير بوقاحة: هنا محل لقمة عيش مش قهوة ولا نادي، لو عايزة حاجة قولي مش عايزة، يبقى ما تعطليناش على الفاضي.
ـ هدير ناظرة بحرج للشاب بجواره والدموع محبوسة باعينها: أنا أسفة، عن أذنك.
لم تستطع التماسك حتى تغادر المحل، فانهمرت دموعها أمامهما، لتهرول خارجة وقد علا نحيبها.
ـ الشاب باستنكار: لا مش ممكن معقول أن سمير أبو الحنية يعامل بنت كده.
ـ سمير بضيق: أنت اللي مش فاهم حاجة يا سحس، ماهي دي سبب همي.
ـ سحس بدهشة: هي دي نورا.
ـ سمير بضيق: لا دي الزفتة صاحبتها.
ـ سحس باستنكار: ماشي حتى لو كده، هي ذنبها أيه أن نورا رفضتك عشان تعاملها كده.
ـ سمير بضيق: أنا متأكد أن ليها يد، أصل هي من زمان بتكرش علي، وأنا كنت باجاريها عشان أقرب من نورا، فيا هي كرهت نورا في فاكرني هبوص لها، يا نورا رفضتني عشان متخسرش صاحبتها.
ـ سحس بخبث: غشيم، حد يلاقي تسلية ببلاش ويقول لا.
ـ سمير بضيق: بلا تسلية، بلا لب وسوداني أنا مش طايق ابص في وشها أصلا، خصوصا أن نورا شكلها كده هتوافق على الواد اللي اسمه سالم ، وتبقى ضاعت من إيدي خالص، وكمان فضلت علي الخيخة ده.
******************
بعد عدة اسابيع
كان بالورشة تصل اليه أصوات الزغاريد المعبرة عن الفرحة، كصرخات مدوية مشيعة لقلبه وحلمه المستحيل، انتبه لنفسه على التنبيهات الحادة لصاحب السرير الذي يقوم بإصلاحه، ليجد نفسه وقد حطم  دعامة السرير بمطرقته، نظرا لشروده أثناء العمل.
ـ صاحب السرير بحدة: أيه ده مش تحاسب يا ابن نعمات، أنت اعمى ولا نمت وأنت شغال، يعني أنا جايبه أصلحه تقوم تنيله زيادة.
دفع السرير بعنف على الأرض حتى كاد أن يحطمه، لينتقل هجومه إلي صاحبه مباشرة، حيث باغته بعد لكمات سريعة متتابعة وهو يسبه بأقذع الألفاظ.
ـ محمود بفظاظة: مين اللي ابن نعمات يا ابن****** لو راجل انطقها تاني وأنا ****** بس أنت أصلا مش راجل أنت أخرك *******.
تجمهر بعض رواد المقهى المجاورة لمساعدة رضا وتخليص ذلك الرجل من يد محمود، الذي خرج تماما عن السيطرة، وكأنه يعاقب الرجل على ظروفه التي عايره بها، أو حلمه الذي انتهك منذ لحظات بمعرفته لخطوبتها لغيره، وأخيرا استطاعوا السيطرة عليه وإنقاذ الرجل الذي تشوه وجهه، وانبثقت الدماء من مواضع عدة به.
ـ الرجل وهو يلتقط انفاسه بصعوبة: بتضربني أنا يا محمود، أن ما عرفتك أنا ابقى مين مبقاش أنا.
ـ رضا مراضيا: حقك عليا أن يا إبراهيم يا بني، ده أنتوا أخوات ومتربين مع بعض، هي ساعة شيطان وراحت لحالها، و السرير هاصلحه لك على حسابي وحط له لوح كونتر من عندي.
ـ إبراهيم بغضب: بلا أخوات بلا هباب ليه هو أنا كنت ابن..
قاطع كلماته تلك بخوف بفعل تلك الزمجرة الوحشية الصادرة عن غريمه الذي يحاول التخلص من المحيطين به يمنعونه من الفتك به مرة أخرى.
ـ محمود مزمجرا: سرير أيه يا أسطى، هو الروبابيكيا ده سرير، أنا غلطان أن سيبت شغلي وجاملت ناس ماتستهلش احنا ورشة تصنيع مش تصليح، وسريره ده خشب صناديق والكونتر خسارة فيه.  
ـ رضا بلوم: صلوا على النبي يا ولاد، واستعيذوا بالله من الشيطان، و ملوش لازمة الكلام ده، وأنت يا محمود حب على رأس أخوك، وصلح له السرير زي ما أنا قولت.
ـ محمود بحدة: في المشمش، ده أنا هاكسره على دماغه مش هاحب عليها واصلحه له.
ـ رضا بذهول: ليه كده يا ابني، ده أنت عمرك ما كسرت لي كلمة من يوم ما اشتغلت في الورشة، من وأنت عيل.
ـ محمود صارخا بوقاحة: أنا مش ابن حد، ولا هاشتغل عند حد [ مد يده بجيبه مخرجا مفاتيح الورشة ملقيا بها على السرير الخرب] مفاتيحك أيه [وبصوت هادر اجفل المحيطين به] ويكون في علمكم، أي حد هيقل أدبه معايا هاجيب رأسه تحت رجلي.
ابتعد عن الجميع الذين انفضوا من حوله بالفعل خوفا من غضبه العاتي، ليجد نعمات تقف ببوابة المنزل ذاهلة، لا تصدق ثورته تلك التي وصلت أصواتها لغرفتها المنعزلة، لتصدم ثانية بتجاهله لها، وتخطيها دالفا لغرفتهما، لتتبعه وقد عقد لسانها من الدهشة وهي ترى ثورته وهي تنتقل لأثاثهما المتهالك محطما ما يعترض طريقه أو تطوله يديه.
ـ نعمات  بصدمة: في أيه يا بني، مالك يا محمود أنت عمرك ما كنت كده.
ـ محمود بثورة: أنا مش ابن حد، مش ابن حد.
ـ نعمات بصدمة: أنت بتكلم أمك كده يا محمود، ليه يا ابني، أنا عملت لك أيه، أذنبت في أي!
ـ محمود بثورة: أذنبتي لما ما سيبتيهومش يودوني الملجأ، على الأقل هناك الروس مساوية بعضيها ومكنتش هلاقي اللي يعايرني بأصلي والحال من بعضه، ويمكن كنت هناك قابلت اللي ترضى بحالي من غير ما تعايرني.
ـ نعمات بحزن: وحد الله يا بني، ماحدش بياخد غير نصيبه، وكله متقدر.
اعمت الغيرة بصره وبصيرته، فامسك بنعمات من كتفيها وأخذ يهزها بقوة.
ـ محمود بحقد: وأهو نصيبها طلع مع غيري، وأنا اللي متقدر لي نار تاكل في قلبي، عجبك كده، عجبك.
افلتها بقوة، فلم تستطع التوازن؛ لتسقط أرضا مصدرة تأوه عالي، كان بالنسبة له كصفعة قوية، ايقظته من جنونه، واعادته لرشده، ليرى ما قدمته يداه، لمن لم يرى منها سوى الحب والرحمة.
ـ محمود منحنيا عليها بلهفة: أما، سلامتك ياما، حقك علي، قطع أيدي قبل..
قاطعته بلهفة وهي تضمه لصدرها: بعد الشر، تف من بوقك، العدوين واللي يكرهوك يا قلب أمك.
ـ محمود باكيا وهو يختفي بحضنها: أنا اللي كاره نفسي ياما، وكاره الدنيا كلها.
ـ نعمات بحنان: لا حول ولا قوة الا بالله، استغفر الله العظيم، مش كنا متفقين، ندعي ربنا، ونرضى بنصيبنا مهما كان.
ـ محمود بقهر: والله كنت راضي، وكنت عارف من الأول ، أنها ابعد لي من نجوم السما، وأنها مش لي، بس أول ما عرفت أنها هتبقى لغيري، النار قدت في، حسيت وكأني خسرتها، مع أني عمري ما كسبتها علشان اخسرها.
ـ نعمات بحنان: وحتى لو كانت ليك في يوم، وكان نصيبك تخسرها، يبقى مفيش داعي تخسر نفسك كمان وكل اللي حواليك، ذنبهم أيه إبراهيم ولا الأسطى رضا في اللي حصل، عشان تطلع غلبك فيهم.
ـ محمود بحسرة: لا ذنبهم، إبراهيم بيعايرني زيهم كلهم يمكن لو مكنوش عايروني كده زمان، مكنتش كرهت المدرسة وسيبتها، وكان زماني حاجة تشرف وقبلت بي، والأسطى رضا كان هناك معهم ياما، هنا وبارك وحط أيده في أيد اللي خدها مني، وحرق قلبي.
ـ نعمات بعتاب: لا يا حبيبي، أنت بتضحك علي نفسك، إبراهيم صحيح لسانه متبري منه بس هو من حرقته على عياله اللي هيناموا على الأرض، وأنت أكتر واحد عارف ظروفه وضيق حاله، والأسطى رضا جوز خالتها وطبيعي يحضر خطوبتها، وهو أصلا ميعرفش حاجة عن اللي في قلبك، يبقى أنت ظلمتهم وفشيت غلك فيهم وخلاص، ولا أنت فعلا شايف أني غلطانة لما خليتك معايا.
ـ محمود بسرعة: لا ياما ده أنت نعمة ربنا لي، اللي عوضتني عن أي حاجة اتحرمت منها، كله إلا زعلك مني، والله ده هبهبة وقت الجنونة وخلاص.
ـ نعمات بعتاب: والأسطى رضا طول عمره كان زي أبوك، وياما وقف في ضهرك وسندك، ينفع يبقى ده جزاته.
ـ محمود بندم: أنا غلطت فيه جامد قوي ياما، أنا مش هاعرف أوريه وشي تاني، زمانه فاكر أني نفشت ريشي؛ عشان بقيت أنا اللي مدور الورشة، بعد ما صحته مبقتش مساعده.
ـ نعمات بحسم: اللي كسر يجبر، تخرج دلوقتي تستسمحه وتبوس راسه، وبليل تروح بيت إبراهيم وتجبر بخاطره ومعك السرير بعد ما تصلحه ولوح الكونتر يبقى عليك.
ـ محمود بإنكسار: وأنا مين هيجبر بكسرة قلبي ياما.
ـ نعمات بإيمان: رب القلوب يا قلب أمك، هيجبر بكسرك ويراضيك، بس لما ترضى بقدره الأول.
ـ محمود بندم: ونعم بالله.
اندس بحضن أمه أكثر، لعله يطفئ تلك النار التي أشتعلت بقلبه لاقترانها بغيره، ولعجبه وجد نفسه راضيا عن تلك الخطوبة، رغم غرابة الأمر، فهو يعلم أنه خارج المعدلة من البداية، وأن الأمر مقتصر على اثنين لا ثالث لهما، أما سمير ذلك الشاب العابث المدلل، الذي أفسده مال أبيه المشكوك بمصدره، فمن أين لموظف حكومي بتلك الأموال التي يبعثرها ذلك المدلل أو سالم ذلك الشاب الهادئ الرزين الذي تخرج منذ فترة من كلية الحقوق، ويعمل حاليا بمكتب احد المحامين المرموقين، وكم شعر بالغرابة عندما اختلطت عنده مشاعر القهر بالارتياح، عندما وقع أختيارها على الأخير ليفوز بموافقتها، ويزين خاتمه اناملها الرقيقة؛ قهر على ظروفه التي منعته أن يكن لديه حتى لو فرصة للتفكير بدخول المنافسة، وارتياح لابتعادها عن طريق ذلك العابث الذي يسمع الكثير عن نزواته ومغامراته الليلية المحرمة.    
******************
وقفت هدير بحزن أمام وحدة العرض الخاص بمحل سمير للهواتف، فقد اشتاقت له بشدة ولم تستطع منع نفسها من رؤيته، رغم معاملته الجارحة لها بالمرة السابقة، تلاقت اعينهما عبر المعروضات، فتماسكت وقررت الدخول رغم عبوسه وهي تمني نفسها، بأن معرفته بخطوبة نورا، قد تغلق باب الأمل بوجهه وتجعل لها فرصة معه.
ـ هدير بتوتر: سلام عليكم.
ـ سمير ببرود: وعليكم السلام أي خدمة.
ـ هدير بحزن: لو سمحت الاسكرينة مكسورة وعايزة تتغير.
ـ سمير زافرا: سحس، تعالى شوف الأنسة عايزة أيه عشان مش فاضي.
ـ سحس بحماسة: يا سلام احنا في خدمة ست البنات، أومري يا قمر.
ـ هدير بحرج: لو سمحت الاسكرينة مكسورة وعايزة تتغير.
ـ سحس بعبث: نغيرها منغيرهاش ليه، ولو عايزة تغيري الموبايل كله وعلى حسابي أنا في الخدمة.
ـ هدير بضيق وكل تركيزها باتجاه سمير: لا شكرا، غير الإسكرينة وخلاص.
ـ سحس محاولا جذب انتباهها: أنا سحس صاحب سمير وشريكه، القمر اسمه هدير مش كده.
ـ هدير بغلظة: ميخصكش، حسابك كام.
ـ سحس بضيق: ولا مؤاخذة بس متتعصبش كده يا قمر، عشرين جنيه.
ـ هدير بحده وهي تلقي بالنقود أمامه: اتفضل، سلام عليكم.
لتنصرف وقد امتلأت عينيها بالدموع متطلعة لسمير الذي تظاهر بالإنشغال ببعض المعروضات.
ـ سحس بضيق: مع السلامة ملكيش في الطيب نصيب.
ـ سمير بضيق: أنت بتستهبل، أقولك مش طايق ابص في وشها، رايح تلاغيها، عشان تاخدك حجة وتنط لنا كل شوية.
ـ سحس بعبث: لاقيتك مش عايز تتسلى، قلت أزاز أنا شوية، بس طلعت مش شايفة غيرك يا بن المحظوظة.
ـ سمير باستنكار: محظوظة أيه باقولك مش طايقها، وحاسس أنها هي اللي طايرت نورا من إيدي.
ـ سحس بخبث: مش باقولك غشيم، ده ده لوحده المفروض يخليك ما تسيبهاش، ولو هي اللي كرهت نورا فيك فاديك خدت حقك، ولو نورا رفضتك عشانها، وقع ما بينهم ووريها حقيقة صاحبتها اللي باعتك عشانها.
ـ سمير بإعجاب: يا ابن اللعيبة.
******************
بمنزل نورا مساءا
ـ شاب بابتسامة: خلاص هتستأذني باباكي بعد ما أمشي زي ما اتفقنا.
ـ نورا باستنكار: طيب ما تقوله أنت دلوقتي يا سالم.
ـ سالم بمراوغة: لا أنا مليش كلام معه، ولسه بتحرج منه، لكن أنت حبيبة قلبه، وبنته الوحيدة ومش هيرفض لك طلب.
ـ نورا باستنكار: بصراحة أنا نفسي مش مقتنعة، احنا لسه مخطوبين ولسه بدري قوي على موضوع الأوض ده.
ـ سالم بضيق:أيه يا نورا هو اللي هاقوله هافضل أعيده وأزيده [بتملق] ما ينفعش كده يا قمر.
ـ نورا بضيق: أنا مقلتش حاجة أنا بس مش شايفة وجه الاستعجال.
ـ سالم بمهادنة: ما قولت لك يا قلبي، الأوضة العمولة بتبقى أجمد وأحلى بس بتاخد وقت، فاحنا نلحق نفسنا من دلوقتي بدل ما نتزنق بعدين.
ـ نورا بإعتراض: بس دول سنتين والموضة كل يوم بتتغير، والألوان كمان.
ـ سالم بإقناع: مفيش مشكلة، نختار أذواق هادية؛ اللي بتكون ثابتة مهما اتغيرت الموضة، والأسطى رضا يسيبها من غير دهان لقبل جوازنا بكام شهر، ونشوف ساعتها الألوان اللي نازلة موضة وندهن زيها.
ـ نورا باستسلام: اللي تشوفه.
ـ سالم بحزن مصطنع: ومالك بتقوليها كده، وأنا اللي افتكرتك هتبقي طايرة من الفرح زيي، وملهوفة أننا نبتدي ناخد خطوة تحسسنا أننا بقينا لبعض، وبنبتدي حياتنا سوا.
ـ نورا بابتسامة: خلاص ما تزعلش، هاكلم بابا وأن شاء الله نروح وننقي في أقرب وقت.
ـ سالم بتودد: أيوه كده يا قمر، بتبقي قمر والابتسامة منورة وشك.
ـ نورا بدلال: خلاص، ما تضايقنيش وأنا وشي يبقى منور علطول .
ـ سالم بتودد: وحد برضه يقدر يزعل القمر، أنا هامشي بقى يا قلبي عشان أتأخرت على المكتب، وهاستنى منك تليفون تبلغيني نيجي امتى عشان نروح للأسطى رضا.
ـ نورا بتوتر: هما مين اللي يجوا.
ـ سالم ببساطة: أنا وماما.
ـ نورا بضيق: طيب ما نروح أنا وأنت نتفرج، دي أوضنا احنا، والمفروض تبقى على ذوقنا.
ـ سالم باستنكار:لا طبعا الناس الكبيرة بتفهم في الخشب والحاجات دي أكتر مننا.
ـ نورا باستنكار: خشب أيه يا سالم، هو احنا هنشتري من حد غريب، ده جوز خالتي، وأكيد هيديني أحسن حاجة عنده.
ـ سالم بهدوء: أيوه طبعا، ما هو الأسطى رضا هو اللي يظبطنا في الخشب وماما ست خبرة هي اللي عارفة الحاجات العملي واللي زحمة على فاضي، أنما الذوق ده بتاعنا احنا محدش هيتدخل فيه.
ـ نورا بضيق: قولت لي كده واحنا رايحين نشتري الشبكة، وهي اللي جابتها على ذوقها، ومنعتني أخد اللي في نفسي.
ـ سالم باستنكار: يعني هي منعتك تحكم، ما فهمتك وجهة نظرها، وأن الفصوص الكتير اللي أنت مختارها، هتخسرنا كتير لو جينا نبيع، افتكرت أنت اللي هتصممي تسمعي كلامها، ولا أنت قلبك مش علي فلوسي.
ـ نورا باستنكار: مش حكاية فلوسك، ده حتى الحاجات اللي بابا دفع تمنها، اتدخلت برضه وهي اللي نقيتها.
ـ سالم بمبالغة: ااه، لا يا هانم أنا من الأول قلت لكم على الفلوس اللي محددها للشبكة وأنتم وافقتم، ومطلبتش من حد يجيب لي حاجة، باباكي هو اللي صمم يهاديكي ويزود الشبكة، وبعدين فكري فيها كده هتلاقي أنها اتصرفت للمصلحة وبس، معملتش فرق بين فلوسي وفلوس أبوكي، مش زيك عاملة فرق و هو من أولها، فلوس بابا ومش فلوس بابا.
ـ نورا بندم: أنا مقصدتش كده، أنا كل قصدي أن نفسي ننقي حاجاتنا على ذوقنا، ده حتى لما سمعت كلامها وبعدت عن الفصوص برضه مارضيتش باللي عجبوني.
ـ سالم بانفعال: ما قلت لك منفوخين على الفاضي وهيطقوا بسرعة، وبعدين عشان نبقى على نور من الأول، أنا مبحبش حوار أمك قالت وأمك عادت، وأنك تحطيها في دماغك في كل حاجة كده.
ـ نورا بذهول: أنا حاطها في دماغي.
ـ سالم بحسم: بصي يا نورا أنا راجل شغلي كله تفكير، ومحتاج دماغ رايقة، وعشان نعيش مرتاحين، أي حاجة أمي تقول عليها، تهوديها و تراضيها، وبعدين تكلميني أنا، وأنا هاريحك وأعمل لك اللي أنت عايزه، اتفقنا.
ـ نورا بحزن: اتفقنا.
ـ سالم بنعومة: اتفاق أيه بالتكشيرة دي.
ـ نورا بابتسامة مفتعلة: اتفقنا.
ـ سالم بابتسامة: أيوه كده الدنيا نورت بنور ابتسامتك يا نورا.
أندهشت من إنخداعه بابتسامتها المفتعلة وكيف لم يشعر بالحزن بنبرتها، أم أن ذلك لا يعنيه، وكل ما يهمه هو طاعتها المغلفة بالرضا ولو جبرا، لينعم هو بالراحة والهدوء.
******************
في المساء، بشارع هادئ
مشت هدير بتثاقل، فهي عائدة لتوها من يوم عمل شاق، كبائعة بأحد المحال التجارية، نظرا لظروف أسرتها المادية الصعبة، كانت مرهقة، فرب عملها رجل قاسي، لم يراعي اصاباتها بنوبة برد، وضغط عليها لتحمل عدة أشياء ثقيلة أجهدت عضلاتها بالكامل، ولكن تراجع المها واصاب جسدها الخدر، وهي تستمع لاسمها بذلك الصوت الرخيم.
ـ سمير بلهفة: هدير.
ـ هدير بلهفة: سمير أزيك، عامل أيه.
ـ سمير بهدوء: وحشتيني.
ـ هدير بصدمة: أيه، قولت أيه.
******************
ياترى العلاقة بين نورا و حماتها هيكون شكلها أيه، ومحمود هيكون موقفه أيه وحبيبته جاية تنقي فرش شقتها مع واحد غيره، وياترى سمير ناوي على أيه.
اتمنى الحلقة تعجبكم ومستنية رأيكم فيها.
******************

جريمة باسم الحب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن