اللهم أغفر لنا وارحمنا، أنت ملانا فانصرنا على القوم الظالمين
اختبار [الجزء الثاني لجريمة باسم الحب]
الحلقة الرابعة والعشرون
بقاعة الأساتذة بكلية الحقوق
تجلس مروة بصحبة سلمى يتهامسان
ـ مروة بضيق: ما على يدك، عملت المستحيل عشان أرضيه، ومفيش فايدة.
ـ سلمى بهدوء: ما هو برضو مش سهل عليه اللي عاملتيه، قولت لك نسأل على في الأقسام والمستشفيات، قلتي ده مستخبي مش مختفي.
ـ مروة بحنق: وأنا كنت هاعرف منين أنه عمل حادثة، ده واخد اجازة قبلها بمزاجه، فأن افتكرته قاصدها.
ـ سلمى بحنق: بس وليد كان بيسأل عليه، وأكيد هو لو استخبى منك، مش هيستخبى من وليد.
ـ مروة بغضب: أهو اللي حصل بقى، حظي الأسود، من يوم ما الدكتورة قالت أن بقيت تمام وممكن يحصل حمل، [ناظرة باتجاه نعم ] غراب البين دي اتخطبت وأنا حياتي اتشقلبت، وبعدين هي اتجوزت وانا بقيت متعلقة لا عارفة متجوزة ولا مطلقة.
ـ سلمى بشماتة وهي تنظر باتجاه نعم: بس صحتها مش جاية على الجواز، وشها أصفر وعلطول تعبانة.
ـ مروة بحنق: تلاقي من السهر ياختي، هي صحتها هتلاقي أحسن من كده تيجي عليه، خدامين، وعربية بالسواق و بودي جارد، تقوليش الأميرة ديانا.
ـ سلمى بحقد: اه شوفتي الهنا اللي بقيت فيه بنت اللعيبة.
ـ مروة بضيق: أنا مش عارفة أشوف غير الهم اللي بقيت أنا فيه.
ـ سلمى باهتمام: وناوية على أيه؟
ـ مروة بنفاذ صبر: اديني خارجة من هنا على المكتب، وهاحاول معه يرسيني على بر، يا يرجع معايا البيت يا يقولي ناوي على أيه.
ـ سلمى بهدوء: بس حاولي تبقي هادية كده، وادلعي عليه، الرجالة متجيش بالعند.
ـ مروة زافرة بضيق: ربنا يسهل، أنا كمان مليش خلق لدلعه ده، سلام.
ـ سلمى بابتسامة: سلام، ربنا يهدي.
***************************
مكتب صلاح بشركة الاستشارات القانونية.
يجلس صلاح على كرسي مكتبه بينما تجلس مروة فوق المكتب أمامه وتميل نحوه بدلال
ـ مروة بدلال: خلاص بقى يا قلبي.
ـ صلاح بحدة: ميصحش كده يا دكتورة، ده مكان شغل، وياريت تتفضلي على مكتبك، أنا عندي شغل مهم.
ـ مروة بدلال وهي تعبث بشعره باناملها: طيب تعالى نتفاهم في بيتنا، وأرجع كمل شغل.
ـ صلاح بسخرية: قصدك بيتك، اللي قفلتي بابه في وشي.
ـ مروة بنفاذ صبر: ماتبقاش رخم بقى، ماهو أنت برضو....
ارتفع رنين هاتفها، فقطعت كلماتها لتستقبل تلك المكالمة.
ـ مروة بهدوء: أيوه يا سلمى، .... أيوه في المكتب، ما أنا قايلة لك أني جاية على هنا، ..... [بدهشة] تحت فين، ما أنا لسه سيباكي حالا، ...... مفاجأة أيه دي، ...... طب اطلعي مستنياكي.
ـ صلاح بفضول: في أيه.
ـ مروة بحيرة: مش عارفة، صوتها غريب قوي، لسه سيبها في الجامعة، وجات ورايا، وبتقول أن فيه مفاجأة.
ـ صلاح هازئا: ربنا يستر أصل صاحبتك دي وش خير.
ـ مروة وهي متجهة لفتح الباب: من فضلك يا صلاح متحرجنيش معها.
رأت مروة سلمى تدلف للمكتب فأشارت للسكرتيرة للسماح لها بالدخول اليهما، وهي تتراقب بقلق تلك اللمعة باعين صديقتها، التي لا تراها الا عند حدوث الكوارث.
ـ سلمى بابتسامة غامضة: سلامه عليكم، أزيك يا دكتور، وحاشنا، معقول كل كده وشهر الاجازة ما خليصش.
ـ صلاح ببرود: أهلا، مفتكريش أنك متعرفيش أني جددت الاجازة شهر كمان.
ـ مروة بفضول: أيه حكاية المفاجأة دي يا سلمي.
ـ سلمى وهي تقف بمواجهتهما تراقب ترقبهما باستمتاع: بعد ما مشيتي نعم اغمى عليها، [ لاحظت ذعره وابتسامة مروة] فاكملت ببطء، أصلها حامل.
ـ صلاح منهارا على الكرسي خلفه، مرددا بخفوت: حامل، نعم حامل.
ـ مروة بصدمة: هي مين دي اللي حامل.
ـ سلمى بتشفي وهي تتكلم ببطء مشددة على كل حرف: شيرين صاحبتها بتقول، أنها عارفة من أسبوع، وأن الحمد لله ربنا عوضها خير، عن صبرها وسترها على عجز جوزها الأولاني.
ـ مروة صارخة بانهيار وهي تقبض على يدها بعنف: صابرة علي أيه.
ـ سلمى ناظرة لصلاح باستهزاء:عجز جوزها الأولاني.
توجها نظرهما معا محاصرا له، تنتظرا رده على ما سمع، بينما هو بعالم أخر، لا يصدق أنها قد حققت حلمها مع غيره، تحمل باحشاءها جزءا منه، عجز هو عن منحها أياه، ليزيد من قربها لغريمه، ويبني بينها وبينه المزيد من الأسوار.
ـ مروة هادرة بعنف وقد استفزاها صمته وأنبأها بما تخشى تصديقه: ما ترد يا دكتور.
فاق من أفكاره ليتطلع لوجهيهما ببرود، يرى نظرات الاستنكار والبغض باعين زوجته بينما تنطق نظرات صديقتها، بالشماتة والاستمتاع بما تراه، وقد ذكرته نظرات الأخيرة، بنظرات زوجة أبيه وهو يعاقب بسبب إدعاءاتها عليه، فنفض عنه ثوب الألم، وقرر مواجهتهما، فلن يذل ثانية، ويسمح لهما بالشعور بالانتصار عليه، بعد كل ما وصل إليه، وليلملم جراحه وحيدا فيما بعد.
ـ صلاح ببرود رغم ذلك الخنجر الذي يتعمق بقلبه مع كل حرف: ألف مبروك، وربنا يقومها بالسلامة.
ـ مروة بصدمة: يقومها بالسلامة، هي حملت أزاي أصلا.
ـ صلاح بثبات رغم ترنحه الداخلي: ما قالت لك، ربنا عوضها خير، عن صبرها على عجز جوزها الأولاني.
ـ سلمى بتشفي: عن عجزك، اللي أنت مقولتش عليه.
ـ صلاح بصرامة: وأنت تبقي مين أنت عشان تحاسبيني، قولت ولا مقولتيش، ولا فاكرة أن مصدق أنه يهمك مصلحتها، ومش عارف أن حرصك على أننا نتجوز بس عشان الروس تتساوى ومتبقيش أنت لوحدك خطافة الرجالة.
ـ مروة صائحة باستنكار: هي سلمى موضوعنا دلوقتي.
ـ سلمى بحقد: هتتدور علي، عشان تداري على كذبك وغشك.
ـ صلاح بصرامة: سلمى الزمي حدودك، وأي تدخل منك تاني في حياتي، هاقدم مذكرة للعميد، وهاطلب شهادة الزملة، [هازئا] وطبعا كلهم يتمنوا يخدموكي، ما أنت سبق وقمتي بالواجب معهم كلهم، وأديك كمان قمتي بالواجب هنا، فياريت تتفضلي وماتعتبيش هنا تاني.
ـ سلمى ناظرة لمروة بتحفيز: أنت ساكتة كده ليه، موافقة على...
ـ صلاح هادرا بثورة: بررره، بره قبل ما اجيب الأمن يرموكي بره.
ـ مروة بغضب: صلاح.
ـ صلاح هادرا: لو مش عاجبك حصليها، بره يا سلمى أحسن لك.
ولت سلمى هاربة، بعدما تيقنت من عدم قدرتها على مواجهته، ترى أعين السكرتيرة تتطلع لها بفضول، بعدما تسبب فتحها للباب بتسرب بعض أصوات رحى المعركة بالداخل، لتسرع السكرتيرة بإعادة غلق مكتب رئيسها، متجنبة نظراته المشتعلة .
ـ مروة بثورة: يا بجحتك، ليك عين تزعق بعد ما غشتني وفهمتني أن نعم هي اللي مبتخلفش.
ـ صلاح ببساطة: قولي لي جملة صريحة، قولت لك فيها أن نعم عاقر، أنت اللي استنتجتي ده، وأنا مش مسئول عن تفكيرك.
ـ مروة هادرة بثورة وهي تقذف بما تطاله يديها من فوق مكتبه: وكل مرة شوفتني باتعذب فيها من كتر الحقن، وكل مرة شوفت فيها خيبة أملي كل شهر، وكلامك لي عن الصبر وأن الشهر الجاي هيحصل.
ـ صلاح بتهكم: أنا قولت لك، لو ربنا عايز هايحصل، أنت هتكفري ولا أيه.
ـ مروة باستنكار: والتحليل السليمة
ـ صلاح بدهاء: أنت اللي اختارتي المعمل، وكنتي معي وأنا باعمل التحليل، يعني أهمال من المعمل، أكيد لخبطوا العينات، الا بقى لو قدرتي تثبتي أن اللي كان قبلي في الحمام، ساب لي العينة اللي أنا خرجت لك بها.
ـ مروة تهاجمه بجنون وقد تملك منها الغضب واعماها عن الفارق الجسدي بينهما: أنت مجرم وحيوان وزبالة.
ـ صلاح بكره وقد كبل حركتها بقسوة غير مبالي بانينها بين يديه: ما اختلفش عنك كتير يا مروة، أنت كمان مجرمة، اجرمتي في حقي زمان ورميتيني، عشان ما بقيتش مناسب، وبقيتي زبالة لما رجعتي تحومي حواليا، بتحاولي تحققي حلمك لو على حساب خراب بيت غيرك، وحيوانة شميتي في نعم وعايرتيها لمجرد أنك فاكرة أنها ما بتخلفش.
ـ مروة بقهروهي تحاول التخلص من قبضته: وأنت اللي ملاك، ما لفيتش عليها زمان أول ما عرفت أنها الكفة الأتقل، ماستغلتهاش عشان تعيش وتتعالج من فلوس أهلها، ولما عرفت حقيقتك ورميتك ضحكت علي عشان تبقى صاحب مؤسسة من فلوسي.
ـ صلاح بجنون متشفيا بوليلها وهو يدفعها يمينا ويسارا متخبطة بالأثاث بعنف: ما تجبيش سيرتها على لسانك، دي ضفرها برقبتك، نعم ما سبيتنيش أنا اللي سيبتها، عشان كنت غبي، وعشان ربنا بيحبها، وعارف أني ما استاهلهاش.
ـ مروة مولولة تلعن تلك الجدران العازلة للصوت التي تحجب أصوات استغاثتها: طلقني يا صلاح، طلقني يا حيوان.
ـ صلاح وهو يدفعها عنه ملقيا بها أرضا ببساطة: أنت طالق يا مروة، طالق، طالق، طالق.
ـ مروة بخفوت أثر صدمتها بأن تطلق بتلك السهولة رغم مطالبتها بذلك: طلقتني، بالبساطة دي.
ـ صلاح بشماتة: رغم أن ستك اطلقت على الإبراء، مش خسارة الخمسين الف مؤخر، عشان بس أخلص منك بسرعة، نتقابل عند المأذون بليل.
ـ مروة ناهضة وهي ترتب هندامها تحاول لملمة ما بقى من كرامتها بتلك اللهجة الثابتة: ماشي يا صلاح، بس شوف لك مكان تاني تعيش فيه غير هنا، لأن ده مكتب محترم مش لوكاندة، وأنا شريكتك فيه.
ـ صلاح بسخرية: حقك، هاشوف لي فندق، الشهرين اللي فضلين في عمر الشراكة دي.
ـ مروة بحيرة: شهرين أيه.
ـ صلاح بابتسامة واثقة: عقد الشراكة بينا بينص على أن في حالة رغبة أحد الطرفين في فض الشراكة، بيقوم بانذار الطرف التاني قبلها بشهرين [بسخرية] النهاردة بإذن الله هيوصلك الأنذار، وعقبال ما يخلصوا الشهرين، أكون كملت لك النص مليون بتاعك.
ـ مروة باستنكار: الشرط ده محطنهوش في العقد، ونص مليون جنيه أيه، أنا نصيبي مش أقل من اتنين مليون، المكتب دلوقتي له أسمه.
ـ صلاح بخيلاء: أسمه اللي أنا عاملته بمجهودي وأفكاري، في الوقت اللي أنت كنت مسلمة دماغك لسلمى ومابتهوبيش ناحية المكتب.
ـ مروة بثورة: الكلام ده تقوله في برنامج الصلح خير، احنا بينا عقود، والعقد شريعة المتعقدين.
ـ صلاح بتهكم: صح جدا، العقد شريعة المتعقدين، والعقد اللي ما بينا بينص على أنه وقت التخارج، الطرف الأول المستأجر الأصلي للعين، اللي هو أنا، بيحتفظ بالاسم والعلامة التجارية الخاصين بالمنشأة، ويحصل الطرف التاني، اللي هو حضرتك على قيمة مجمل ما دفعه كمساهمة بالمشروع.
ـ مروة بذهول: أيه التخريف اللي أنت بتقوله ده، مش دي البنود اللي حطنها سوا للعقد.
ـ صلاح باستهزاء: بس دي بنود العقد اللي أنت مضيتي عليه.
ـ مروة بصدمة متذكرة ذلك الموقف الذي وقعت به العقد دون إطلاع: يا حيوان، [بثورة] أنا هافضحك، وهافرج الناس عليك واخلي سيرتك على كل لسان.
ـ صلاح بابتسامة: تصدقي النوع الوحيد اللي مشتغلتش فيها من يوم ما فتحت المكتب، قضايا السب والقذف والتشهير، فرصة الواحد يغير.
ـ مروة هادرة بثورة: أنا هاثبت التدليس اللي أنت عملته، وأنك غيرت البنود المتفق عليها.
ـ صلاح بهدوء: عيب يا دكتورة، أنت أستاذة في القانون وعارفة، [بابتسامة مستفزة] القانون لا يحمي المغفلين.
***************************
بغرفة النوم بفيلا أحمد
تستلقي نعم باسترخاء بينما يسقيها أحمد أحد أكواب العصير بيده.
ـ أحمد بعتاب: ينفع كده يا قلبي، مردتيش تاخدي اجازة عشان متشتتيش طلابك وهما داخلين على امتحانات، يبقى على الأقل تاخدي بالك من نفسك وتتغذي كويس.
ـ نعم باعتذار: بجد ما قدرتيش، الدادة حضرت الفطار وعملت اللي عليها، بس أنا شميت راحيته، معدتي كلها اتقلبت.
ـ أحمد بضيق: بس مش هينفع كده، خلاص أنا هاكلم عمي وأقوله أننا جايين زي ما ماما قالت.
ـ نعم باضطراب: لا يا أحمد مش هينفع.
ـ أحمد بدهشة: مش هينفع ليه، في أيه يا نعم، من ساعة ما ماما قالت لنا أنك ترجعي شقتك، عشان ترعاكي لحد ما تقومي بالسلامة، وأنت رد فعلك مش طبيعي.
ـ نعم بتوتر: لا طبعا، انا بس خايفة أنك ما ترتحش، دي شقة صغيرة في منطقة متوسطة، وأنت مش متعود على كده.
ـ أحمد بحب: المهم أنت تبقي مرتاحة، وطول ما أنا مطمن عليكي هبقى مرتاح [مشاكسا] وأحلى حاجة أنها صغيرة، على الأقل مش هتلاقي مكان تزوغي مني.
ـ نعم باضطراب: طيب خلينا هنا، ولو تعبت أكتر نبقى نر وح.
ـ أحمد بشك: في أيه يا نعم، هو فيه حد ممكن يضايق من وجودنا.
ـ نعم بسرعة: أبدا والله، دول كلهم بيتحايلوا علي، حتى نغم قالت لي أني لو جيت، هتيجي تقعد في شقتها، عشان تبقى جنبي.
ـ أحمد بحسم: نعم، ممكن أعرف في أيه.
ـ نعم باضطراب: أنا خايفة تكون رايح مضطر وتضايق يعني، عشان دي كانت شقتي القديمة .
ـ أحمد بهدوء: مش هانكر أني باغير عليكي بجنون، بس راحتك اهم من الدنيا كلها، [بامتنان] وبعدين من يوم جوازنا ورغم أننا ما بنبتش هناك، عمي محمود صمم يغير عفش شقتك كله.
ـ نعم باعتراض: بس انت صممت تشتري الفيلا دي ومحبيتش نعيش بفيلتك القديمة.
ـ أحمد بندم: عشان بتفكرني بذنبي يا نعم، [بصدق] لكن أنت معملتيش حاجة تخجلي منها، وأهم حاجة بالنسبة لي أني أكون الوحيد اللي ساكن قلبك دلوقتي.
ـ نعم بصدق: والله أنك ساكن قلبي وعقلي، وما في حياتي غيرك.
ـ أحمد بثقة: عارف يا قلبي، وعشان كده معرضتيش أنك تستتمري بشغلك وتكملي رسالتك، أنت أعلى من أنك تتقيمي أو تتقيدي بأي ظروف مريتي بها ياقلبي.
ـ نعم بحب: ربنا ما يحرمني منك ويخليك لي.
ـ أحمد بحب: ويحفظك لي يا أغلى نعم ربنا علي.
***************************
بعد بضعة أشهر، بقاعة الأساتذة بكلية الحقوق
دلف صلاح للقاعة ناظرا باستهزاء لهاتان اللتان ترمقانه بحنق، فمنذ أن كان له ما أراد، واستطاع طلاق مروة وفض الشراكة بينهما بشروطه، وهما ناقمتان عليه، ولكنهما لما تتجرءا على التعرض له ثانية ، منذ أن كاد أن يتسبب بفصل سلمى من الجامعة بعد أن دبر لها مكيدة كادت أن تنهي مشوارها الاكاديمي بفضيحة واتهام بتسريب الامتحان لبعض الطلاب.
اتجه للجانب الأخر من القاعة، حيث مكانه المفضل لمراقبة شغفه الوحيد بالأيام الماضية، حيث يراقب باستمتاع تلك التي تحولت لألة مضغ، فمنذ أن تخطى صدمة حملها من غريمه، اعتاد مراقبتها اشفاقا عليها لوهنها ونوبات قيئها المتعددة، ليفاجأ بعد ذلك بتوقف كل تلك الأمور، لتتحول صاحبة الشهية المنعدمة لوحش شره، يتأملها بسعادة وخفاء وهي تخرج من حقيبتها {تلك التي يظن أن لها نافذة سحرية على أحد المطاعم} الصنف تلو الأخر لتلتهمه باستمتاع وتقلب، ففترة تهوى الأطعمة ذات المذاق الحلو وأخرى المقبلات.
أصبحت مراقبتها بوقت فراغ كلا منهما من المحاضرات شغله الشاغل، حتى أنه أصبح يتناسى في كثير من الأحيان أنها حامل من غيره، فكل ما يهمه الأن أنه يراها كما تمنى دائما، فلطالما فكر كيف ستبدو في حاملها، وها هو يراقب إجابة سؤاله بكل استمتاع، ولا يريد أن تفسد عليه أي فكرة متعته تلك.
فتح فمه مشدوها، يكذب ما ظن أنه رأه، فأحد جوانب بطنها المنتفخة، قد تحركت بشكل طفيف ولكنه ملحوظ، ليصدق عينيه بعدما رأى ذلك الألم الجلي بملامحها، وهي تتحسس المكان نفسه، ليبتسم بسعادة وقد وجد شفغ جديد.
***************************
بشقة محمود
جلس أفراد الأسرة يتسامرون بسعادة، بينما أحمد يجلس بجانب نعم، يطعمها بعض الحلوى بيده، بينما يهمس إليها ببعض كلمات الغزل، ليحتقن وجهها خجلا.
ـ شهاب بسماجة: كفاية، كفاية يا بني، دي شوية وحاسس أنها هتنفجر.
ـ أحمد مغيظا: وأنت مالك خليك في اللي حالك.
ـ شهاب بسماجة: لا طبعا مالي، احنا قربنا ندخل على مجاعة بسبب الحمل ده.
ـ أحمد زاجرا: شهاااب.
ـ نعم بخجل وهي تدفن وجهها بصدر أحمد: كده يا شهاب.
ـ نغم بعتاب : بس يا شهاب، [بحنان] ده بيهزر يا قلبي، طب عارفة ده اتأخر النهارده مخصوص عشان كان بيدور لحد ما لاقى الفراولة اللي طلبتيها.
ـ حسين ضاحكا: أيه ده، يعني مجهودي ضاع على الفاضي، ده أنا مرضيتش أرجع غير بيها.
ـ نغم بابتسامة وهي تنظر لأحمد بحب: بس أنا خلاص أكلتها.
ـ نورا بسعادة: بألف هنا يا قلبي، خديهم حطيهم في التلاجة وكلي منهم، كل ما نفسك تهفك عليها، ربنا يخليكم لبعض، وما يحرمني منكم.
ـ أحمد بابتسامة: شكرا يا حسين، تعبناك معنا، بس نصيبك، ما الخال والد.
ـ شهاب بتذمر طفولي: أيه يا عم ما أنا كمان جيبت، مفيش شكرا يا شيبو.
ـ أحمد مشاكسا: أنت لا ، عشان ضايقت نعمي.
ـ شهاب بخبث: ده أنا برضو شيبو، وحياة فادي، ده احنا دافنينه سوا.
ـ أحمد مشاكسا وهو يحتضن نعم بتملك: لا مبقناش محتاجين خدماتك.
ـ شهاب بوجه حزين: ولا حتى عشان كنت السبب.
ـ أحمد ناظرة لنعم بحب: أهي دي بقى لو قعدت عمري كله أشكرك عليها مش هاوافيك.
ـ شهاب بانتصار: أيوه بقى، يا شيبو يا جامد.
انفجر الجميع بالضحك، ومحمود يراقبهم بسعادة، وهو يحمد الله، على نعمة الأهل والسكينة، التي لا يعرف مقدارها الإ من افتقدها يوما مثله.
***************************
ربنا يعوض كل صابر ويرزق كل محروم يارب
***************************
مع تحياتي
منى الفولي