الجزء التاسع

6.1K 201 20
                                    

جريمة باسم الحب
الجزء التاسع
ـ السيدة بالأسفل بأعلى صوتها: أنزل يا سالم، أنزل يا بني، متوسخش نفسك بالمعرفة الهباب دي، انساهم وقول لهم ينسونا، وقول لزينب ما تتصلش تترجاك تاني تجي لهم، لو بنتها عايزة تعمل جزء تاني للفيديو، تشوف بطل غيرك، أنت مش وش الحاجات دي، انزل يا سالم هيضيعوا مستقبلك زي البت اللي ضيعوها، ولبسوها القضية عشان يخرجوا صاحبة الصون والعفاف.
صعقت نورا مما تسمع وتكومت على نفسها بملاصقة الحائط واضعة يديها على أذنيها وأخذ جسدها يرتجف بقوة، بينما خارج غرفتها بهتت والدتها مما تسمع، بينما ابتسم حسن وهو يقول شامتا: أنزل للوالدة يا متر، مفيش حاجة تستاهل أنك تعصى أمك عشانها، خصوصا لو حاجة معيوبة متستاهلش.
لتزداد صدمتهم جميعا بتلك المختلة أسفل الشرفة وهي تجمع أطفال الحارة.
ـ السيدة بحقد: قولوا يا عيال [بنبرة منغمة] يا نورا يا فاجرة يا بنت زينب القادرة.
ـ صوت مجموعة من الأطفال: يا نورا يا فاجرة يا بنت زينب القادرة، يا نورا يا فاجرة يا بنت زينب القادرة، يا نورا يا فاجرة يا بنت زينب القادرة.
ـ السيدة متغنية: يا نورا خلصنا خلاص سالم راجل مش قرطاس.
ـ صوت الأطفال: يا نورا خلصنا خلاص سالم راجل مش قرطاس، يا نورا خلصنا خلاص سالم راجل مش قرطاس، يا نورا خلصنا خلاص سالم راجل مش قرطاس.
انتفض سالم ليهبط مهرولا لأمه، جاذبا اياها من وسط الأطفال المحيطيين بها، لا يصدق أنها اقدمت على تلك الفعلة المنكرة.
ـ سالم بحدة: أيه اللي أنت بتعمليه ده ياما.
ـ السيدة بغل: قلت لك متجيش، وقول لأمها خالتي وخالتك واتفرقوا الخالات، وأقفل السكة في وشها، عصيتني وصممت تخرج، وماصدقتنيش لما قولت لك لو روحت لها هافضحها وافتكرتني باهوش، يبقى تستحمل جناني.
******************
في غرفة القبو.
بينما النغمات الحقودة تتردد في الشارع كان محمود يستحم بدورة المياه، وفور أغلاقه للمياه تتناهى لمسامعه تلك الأصوات الطفولية.
ـ صوت مجموعة من الأطفال: يا نورا يا فاجرة يا بنت زينب القادرة، يا نورا يا فاجرة يا بنت زينب القادرة.
ـ السيدة متغنية: يا نورا خلصنا خلاص سالم راجل مش قرطاس.
ـ صوت الأطفال: يا نورا خلصنا خلاص سالم راجل مش قرطاس، يا نورا خلصنا خلاص سالم راجل مش قرطاس، يا نورا خلصنا خلاص سالم راجل مش قرطاس.
يتناول ملابسه من فوق المشجب ليرتديها كيفما اتفق ليخرج مهرولا وهو يحمل حزامه بيديه، ليصل لمنزل نورا، ليستمع من بعيد لأخر كلمات تلك السيدة المختلة: ما صدقتنيش لما قولت لك لو روحت لها هافضحها وافتكرتني باهوش، يبقى تستحمل جناني.
ـ محمود بسوقية: جنانك ده على نفسك يا ولية يا مجنونة.
رفع حزامه عاليا بالهواء وهو يقترب من الأطفال المتجمعين.
ـ محمود بعصبية: امشي من هنا أنت وهو يا واد يا ابن الكلب، اللي هيقع تحت أيدي، هاقطع جتته بالحزام [هرول الأطفال مبتعدين] وأنت يا ولية انجري من هنا بدل ما اعملها معاكي.
ـ سالم بانفعال: أنت اتجننت ونسيت نفسك، يا محمود.
امتدت يد محمود لتقبض على سالم جاذبة إياه، ليكون ظهره مقابلا صدره بينما يضغط برسغه على رقبته.
ـ محمود بسوقية: لا يا حيلتها، أنت اللي نسيت نفسك، ده أنا ابن نعمات يا ابن أمك يعني لا حكومة تهم ولا سجن يلم ولا اتخلق اللي يقول معنا بم [مهددا والدة سالم التي تلطم وجنتيها مستنجدة] يلزمك ولا مستغنية عنه.
ـ السيدة بذعر: يلزمني طبعا يا خويا هو أنا حيلتي غيره.
ـ محمود بانفعال: يبقى تخديه وتمشي واياك تطولي لسانك تاني على اسيادك، لأنها لو حصلت مش هاقطع لك لسانك عشان الحارة متتسممش يا ولية يا عقربة، هاقطع لك رقبة المحروس ابن أمه، فاهمة والا لأ.
ـ السيدة بذعر: فاهمة، والله فاهمة، بس أنت سيبه الواد هيتخنق في ايدك، ووشه أزرق.
ليفلته بقوة باتجاهها، فيسقط أرضا تحت اقدام أمه وهو يسعل بشدة ويدلك رقبته، لتمتد يد أمه مساندة له، لينسحبا بعيدا، وهو مازال يلهث بشدة.
******************
اما في شقة نورا كان الحوار ما زال دائرا بين الحجة زينب وعم نورا حسن ، بعد انسحاب سالم.
ـ حسن بتشفي: أهو سبع البورمبة الأفوكاتو،اللي جبتيه يخوفني، سابكم وخلع.
ـ زينب بقهر: أنت عايز أيه دلوقتي.
ـ حسن بغلظة: هي سيرة ماقولتك، أنت الثمن وأنا الباقي، حق ربنا.
ـ زينب بحزم: لا حق ربنا بقى بيقول، أنا الثمن وبنتي النص وأنت الباقي.
ـ حسن بغموض: وأنا موافق.
ـ زينب بتعجب: يبقى ما اختلفناش.
ـ حسن بغموض: بس الحق مش فلوس وبس يا مرات أخويا.
ـ زينب بحيرة: تقصد أيه!
ـ حسن بتهديد: يعني تسافري معي أنت والمحروسة البلد تستلموا حقكم في الأرض والزريبة، وبالمرة اعمامي يعرفوا ابنهم مات ازاي وليه، وكل من له حق ياخده.
ـ زينب بحده: بقى كده.
ـ حسن بوقاحة: ومافيش الا كده، أنا مبقاش لي عين ارفع وشي في وش حد هنا بعد عاملة بنتك، ولو رجعت البلد وعيشت وسطهم، وأنا مخبي عليهم حاجة زي كده، مفيش حاجة بتستخبى ، بكرة يعرفوا ويجرسوني، لكن لو اخدت حقي في الورث، هاتصرف فيه وأغور من وشكم أنتي وهما، عقلك في راسك تعرفي خلاصك.
ـ زينب بتخاذل: طيب سيب لنا النص وخد النص.
ـ حسن بجبروت: هو البيت ده مفيش غيره، ويسوى أكتر من حقك كمان، بس أنا سيبهولك عشان مش عايز أدخل الحارة دي تاني، بعد اللي حصل واللي لسه هيحصل، واديكي شوفتي العيال وهما بيزفوا المحروسة بنتك، قولتي أيه يا أم المحروسة.
ـ زينب بقهر: قلت حسبي الله ونعم الوكيل.
ـ حسن متهكما: حسبي الله ونعم الوكيل على القادر والفاجر، هاكلم المحامي يظبط العقود، ونتقابل في الشهر العقاري، سلام.
ـ زينب بخفوت: لا تسلم ولا تربح يا بعيد.
******************
بعد فترة كان سالم قد وسط احدهم حتى يطلب من محمود ان يسلم له الاثاث المتفق عليه من اجل زواجه ، فالتقى الرجل بمحمود بالمسجد و بعد انصراف المصلين
ـ رجل وقور: بس ده فرشه يا حودة، وهو هيدفع باقي سعره ويشيل.
ـ محمود مستنكرا: لا يا شيخ أحمد مش فرشه، الأوض دي تمنها أكترمن تمانين ألف، وأننا نتفق على خمسين فدي كانت مجاملة للحاج حسين الله يرحمه مش ليه، هو كل اللي دفعه، خمستاشر ألف يغور بيهم، مع أن المفروض ملوش حاجة، بعد عاملة أمه السودة، والجرسة اللي عملتها للبنية.
ـ الشيخ أحمد بهدوء: بس الاتفاق، اتفاق يا حودة.
ـ محمود بحسم: واحنا ماتفقناش معه، ولا حتى كان شاهد على اتفاقنا، انا والاسطى رضا اتفقنا مع الحج حسين الله يرحمه والسعر كان مجاملة ليه والا اللي اسمه سالم دا ولا حتى بخياله كان يحلم بالسعر دا ،ولو قال غير كده، قول له، محمود بيقولك {وحياة خالتك العيانة} ملوحا بسماعه للخطة الرخصية بين سالم وبين والدته
*****************
بغرفة القبو بعد شهر
يستعد محمود للعودة للورشة بعد ان أتى لتناول الغداء بصحبة نعمات.
ـ نعمات بتردد: بص يا حودة في حاجة كده محيراني بس خايفة أكون باظلم.
ـ محمود باهتمام: خير ياما؟
ـ نعمات بارتباك: أنت عارف أن زبيدة بتيجي كل أسبوع تطلب مني طلبات الحاجة فوقية، و بقالها فترة كده وطلباتها زادت، و بتقولي بتطلع تنضف لها تاني يوم ما تجبلها الطلبات بتلاقي نصها تقريبا خلص، وأن الحاجة بقيت توفر قوي في الأكل عشان النص التاني يقضيها باقية الأسبوع، وأنا بصراحة خايفة تكون عايزانا نزود وعاملة حساب بيتها هي ،وبرضه خايفة أظلمها لأنها أمينة وبنت حلال.
ـ محمود بتفكير: ياريت تكون هي دي الحكاية، أهي رخرة صاحبة عيال، [بقلق] المشكلة أني في حاجة تانية أنا ملاحظها بقالي فترة والاتنين مع بعض حاجة تقلق.
ـ نعمات باستنكار: أنا لو حاسيت أنها محتاجة، مش هاستخسر فيها، المشكلة أنها تكون مش أمينة [باهتمام] و بعدين أيه ده اللي يقلق وأنت ملاحظه.
ـ محمود بوجوم: بعدين ياما، لما أتأكد، [بتفكير] أنا عايزك دلوقتي تندهي نعمات، وتديها فلوس تشتري طلبات الأسبوع وتوديها للحاجة فوقية حالا.
ـ نعمات بدهشة: ما هي مودية طلبات الأسبوع من يومين.
ـ محمود بضيق: أبوس إيدك ياما بلاش مناهدة دلوقتي، أنا اللي في مكفيني، اسمعي كلامي دلوقتي، ولما أتأكد من اللي في دماغي هافهمك.
ـ نعمات باستسلام: زي ما أنت عايز يا قلب امك، بس اهدى كده وصلي علي النبي.
ـ محمود زافرا: عليه الصلاة والسلام.
خرج من المنزل ليخرج العديد من القطع الخشبية شبه المكتملة، أمام الورشة، ينوي أن يتم كل ما وراءه من عمل بمكانه هذا دون الدخول للورشة، وتركيزه منصب على الطريق بين بيت الحاجة فوقية وبيت محبوبته.
رأى زبيدة وهي تحمل حقائب المشتريات لبيت الحاجة فوقية، ورأها وهي تغادره بعد قليل بأيد خاوية، انتظر لعدة ساعات حتى كاد يكذب ظنونه، لكنه فوجئ بالحاجة فوقية تسير متمهلة بخطى متعبة وهي تحمل حقيبة بلاستيكية سوداء، يظهر ثقلها من معاناة الحاجة بحملها.
اقترب محمود منها بابتسامة وهو يلاحظ ارتباكها ومحاولتها لإبعاد الحقيبة عن مرمى بصره.
ـ محمود بابتسامة: أزيك يا حاجة منورة الشارع كله.
ـ فوقية بود: منور بيك يا حودة، أزيك وأزي نعمات، أخبارك أيه يا حبيبي، ربنا يوسع رزقك ويبارك لك.
ـ محمود بود: ربنا يحفظك يا حاجة ويبارك لنا في عمرك.
ـ فوقية بحرج: كده برضه يا حودة، كل مرة تبعت زبيدة بكل ده، يا بني ما قولت لك عندي كل حاجة ومش محتاجة حاجة.
ـ محمود باحترام: طبعا يا حاجة، ربنا ما يحوجك أبدا، ده أنت الكرم كله، بس أنا عارف أنك مش بتقدري تنزلي ولا تشيلي، وأنت وصية الغالي، يرضيكي تبقي محتاجة حاجة ومتقدريش تنزلي تشتريها والغالي يحس ويزعل مني.
ـ فوقية بأسى: ربنا يرحمه طول عمره بيفهم في معادن الناس، وكان دايما يقول عليك رجل بجد.
ـ محمود بحزن: الله يرحمه هو اللي علمني الرجولة قبل الصنعة.
ـ فوقية بود: ربنا يحميك يا بني، استأذنك رايحة اطمن على الحاجة زينب.
ـ محمود باهتمام: ربنا ما يحرمكم من بعض، طيب عنك الشنطة يا حاجة.
ـ فوقية بارتباك: لا شكرا دي خفيفة، هو انت فاتح ليه لحد دلوقتي.
ـ محمود بدهاء: مستني واحد من حبايب المرحوم، كلمني واتفأجى لما عرف أنه مات، وقالي انه جاي ولازم استناه ضروري.
ـ فوقية بتوتر: خير يا رب.
ـ محمود بهدوء: أكيد خير المرحوم عمر ما جه من وراه إلا الخير.
ـ فوقية بحزن: الله يرحمه بالإذن يا حودة، عشان الحق أروح وارجع
ـ محمود متفحصا الحقيبة بشرود: في حفظ الله يا حاجة.
******************
بغرفة القبو
يدلف محمود بوجه محتقن، وملامح عابسة.
ـ نعمات بقلق: خير يا حبيبي مالك؟
ـ محمود بضيق: باينه مش خير ياما، [بتوتر] أنت تعرفي مين اقرب واحدة للست زينب من جيرانها.
ـ نعمات بحيرة: الست زينب خيرها على الكل، وكل اللي يعرفها بيحبها، انت عايز أيه بالظبط؟
ـ محمود بضيق: عايز واحدة تكون قريبة منهم، وتسحبيها في الكلام وتعرفي اخبارهم منها.
ـ نعمات بحيرة: يا بني راسيني، أخبار أيه اللي أنت عايز تعرفها؛ عشان أعرف هاعمل أيه بالظبط.
ـ محمود بتردد: من فترة كده لاحظت أن الحاجة فوقية بتنزل متأخر مرة في الأسبوع وتروح لبيت أختها وكل مرة بيبقى معها شنطة سودة مليانة وشايلها على قلبها، ولما قولتي لي على كلام زبيدة افتكرت أن المشوار ده بيبقى يا في نفس اليوم يا تاني يوم بنبعت لها طلباتها، بس برضه مكنتش مصدق ان الحاجة زينب ممكن تكون محتاجة لشوية حاجات بسيطة زي دي، ولما خليتك تبعتي طلبات الأسبوع ركزت قوي، وفعلا الحاجة نزلت آخر النهار ومعها الشنطة زي كل مرة، ولما قربت اكلمها اتلغبطت وكانت بتداريها، بس أنا متأكد أن كان فيها حاجات من الطلبات، صحيح الشنطة سودا بس كانت الحاجات باينة من قريب، وأنا متأكد أني شوفت أكياس مكرونة.
ـ نعمات باستنكار: أزاي يعني يا محمود، امال خير المرحوم المعلم حسين ده كله راح فين.
ـ محمود بضيق: مش عارف، مش عارف، كل اللي عارفه أن نورا ممكن تكون محتاجة حاجة، وأنا بيني وبينها خطوتين ومحسيتش بيها ولا ساعدتها.
ـ نعمات بحنان: أهدى بس يا حبيبي، ومتقدرش البلا قبل وقوعه.
ـ محمود برجاء: طيب اتصرفي وهاتي لي قرار الموضوع ده، أنا كنت عايز أسأل الحاجة فوقية بس حسيت أني هاحرجها.
ـ نعمات باستنكار: وأنت فاكر أن حتى لو تفكيرك صح، أنها هتفضح أختها قدامك، الموضوع ده مش عايز حد من حبايب الحاجة زينب زي ما انت فاكر.
ـ محمود بحيرة: امال عايز أيه؟
ـ نعمات باشمئزاز: ده عايز الله اما احفظنا، الفاضحين اللي بيحبوا يجيبوا في سيرة الناس.
ـ محمود بحيرة: يعني هتعملي ايه؟
ـ نعمات بضيق: الست اللي في الشقة تحتيهم مش بتسيب حد في حاله من غير ما تمسك سيرته، وأنا عمري ما أدتيها فرصة تشيلني ذنوب، هاتصرف وأقابلها بأي حجة، وهي ما هتصدق وتفتح في الكلام، وربنا يسامحني بقى، هو أعلم أن نيتي خير.
ـ محمود بلهفة: يعني هتجبيلي الخبر اليقين امتى.
ـ نعمات بتعقل: أهدى بس يا محمود وأديني يومين عشان الست متحسش أني قاصدة.
ـ محمود بتفكير: خلاص ياما بس المهم تنجزي، وأنا في حاجة في دماغي هاعملها لحد ما أصل الموضوع يظهر.
******************
في اليوم التالي أمام الورشة
ـ نعمات بهدوء : أديني طالعة لها أهو، هاعمل نفسي رايحة أطمن على الحاجة زينب، وقولت أسلم بالمرة.
ـ محمود بتوتر: ماشي بس أوعي تسبيها قبل ما تعرفي الدنيا ماشية أزاي بالظبط.
ـ نعمات بابتسامة: ما تخافش وراك رجالة.
ـ محمود بحب: ربنا ما يحرمني منك.
تتبعها بنظره حتى دلفت لمنزل محبوبته، فترك عمله واستقل دراجته البخارية، لقضاء أمر ما.
******************
بأحد أكبر محال تجارة المواد الغذائية.
يسير محمود دافعا أمامه عربة التسوق، يضع بها كل ما يقابله من مواد غذائية، ويستزيد بكثرة من تلك التي يعلم بتفضيل نورا لها، حتى أمتلأت العربة عن بكرة أبيها.
******************
بغرفة القبو
عاد محمود محملا بالمواد الغذائية، يستغل خلو الغرفة لتنفيذ ما يريد فهو لن يقلل من شأن محبوبته حتى أمام أمه، ولولا احتياجه لمساعدتها ما صرح لها بشكوكه حاول وضع نورا المالي، أخرج الأغذية من الحقائب المزينة باسم محل الأغذية الشهير، ليضعها بحقائب سوداء، لا تدل على مصدرها، يرتب العبوات والمغلفات داخل الحقائب بعناية وحب، وهو يقبل كل منها قبل أن يضعها بالحقيبة، لربما صادفت يد محبوبته موضع شفاهه.
******************
بشقة فوقية
تفتح الباب لتفاجئ بمحمود المحمل بعدد ضخم من الحقائب الممتلئة.
ـ محمود بجهد: سلام عليكم، أزيك يا حاجة.
ـ فوقية بدهشة: وعليكم السلام، أيه ده كله يا محمود.
ـ محمود بابتسامة: طيب دخليني الأول يا حاجة.
ـ فوقية بحرج: ما تأخذنيش يا بني، أتفضل.
ـ محمود بابتسامة: تسلمي ياحاجة.
ـ فوقية بحيرة: أيه الشنط دي كلها ياحودة.
ـ محمود بابتسامة: فضلة خيرك يا حاجة، الراجل اللي قولت لك عليه امبارح، طلع عايزني عشان كده.
ـ فوقية بحيرة: ليه يعني، وليه باعت ده كله.
ـ محمود بابتسامة: أصل الراجل ده طلع كان ما بيعيش له عيال ومراته خلفت مرتين، والعيل أسبوع ويموت، ومن سنة مراته كانت حامل وشايل الهم ومش راضي يشتري لا سرير ولا لوازم المولود، الأسطى الله يرحمه، بشره أن العيل ده هيعيش، وعمله سرير مخصوص عشان يبقى فال حلو، وامبارح كان عيد ميلاد الواد، وهو كان نادر أنه في أول عيد ميلاد للواد يدبح لوجه الله، ويبعت للأسطى نصيبه مع أنه نقل محافظة تانية، وزعل قوي لما عرف أن الأسطى اتوفى، بس صمم يوفي بالندر.
ـ فوقية متفحصة محتويات الحقائب: بس دول أكتر من عشرة كيلو لحمة، وبعدين دي بقالة كتيرة قوي، وأيه ده كمان ده كذا طبق بسطرمة ده ولا اللي جايب قمع بحاله.
ـ محمود بثقة: لا مهو أصله عنده سوبر ماركت كبير قوي فالبلد اللي هو فيها، وبعت البقالة هدية مع لحمة الندر.
ـ فوقية بحرج: بس دي حاجات كتير قوي، مش عارفة أقولك أيه.
ـ محمود باصرار: متقوليش حاجة يا حاجة، النبي قبل الهدية، والندر ولابد يوفي، وبعدين ده حقك والمرحوم كان خيره على الكل.
ـ فوقية بحيرة: يعني رأيك أقبلهم.
ـ محمود بحسم: طبعا، وبعدين لو رجعنهم، ممكن يتشائم، ولا يبقى فال وحش على الواد.
ـ فوقية بطيبة: لا الف بعد الشر عنه، ربنا يحفظه له، ويفرحه به.
ـ محمود بسعادة: ويحفظك يا حاجة، ويحفظ حبايبك، ويفرحك بهم.
تركها وغادر ليعود للعمل أمام ورشته، ليفاجئ بفوقية تمر من أمامه لبيت شقيقتها محملة بالعديد من الحقائب، ولكنها هذه المرة استعانت بزبيدة لكثرة ثقل حملها، ليحزن قلبه بتيقنه من حدوث مشكلة ما لمحبوبته قبل عودة والدته بتفاصيلها، ورغم حزنه كان بداخله فرح خفي، وهو يتخيل أن تأكل حبيبته من كده وتسوقه.
******************
بعد اسبوع بغرفة القبو.
ـ محمود مدللا: يعني يرضيكي يا نعومة، أروح مشوار زي ده وأنت مش راضية عني، ما هو يا البيعة تخسر معايا، أو حتى ممكن يجرى لي حاجة في السكة.
ـ نعمات بذعر: بعد الشر تف من بوقك فال الله ولا فالك.
ـ محمود بابتسامة: طيب بدل بتحبيني قوي كده، مستخسرة في دعوة وكلمتين حلويين ليه.
ـ نعمات معاتبة: أنا برضه هاستخسر ادعيلك، بس أنت عارف أني مش راضية على اللي أنت هتعمله.
ـ محمود مستعطفا: ليه بس يا قمر، انا مش هلف ودور عليكي، أنت عارفة من الأول أنا كنت ناوي اسيب الحارة واشتريت الورشة دي ليه، ودلوقتي الحمد لله، الحال اتغير، وكمان ربنا رزقني بمشتري هيدفع لي اللي دفعته وهاكسب كمان، أنت أيه اللي مزعلك دلوقتي.
ـ نعمات بحنان: مش زعلانة، خايفة عليك تتعلق بحبال دايبة.
محمود بابتسامة: بصي وعلى بلاطة يا نعومة لأني مش بعرف اكدب عليكي، أنا مش ملاك ياما اه مقهور عليها وعلى كسرتها، بس جوايا حاجة مفرحاني، ساعات بلوم نفسي وأقول أني ندل، بس غصب عني، أنا مش فرحان شماتة فيها حاشا لله، أنا بس فرحان أن الطريق خلي، والدنيا بتقرب من بعضيها، يعني الأول مكنتش استجري أفكر أنها ممكن تبقى نصيبي في يوم، لكن دلوقتي يعني أكيد هي مبقتش تبص لفوق زي زمان خصوصا بعد الفضيحة اللي عملتها لها، أم سالم الله يفضحها، وبعد ما عمها الله يحرقه ما قلبهم في اللي وراهم واللي قدامهم زي ما جاراتهم قالت لك، يعني بالعقل كده، أنا مكنتش قادر ابعد وأنا عارف أنها مستحيل تبصي لي، تقومي أنتي عايز تبعديني بعد ما بقى عندي أمل [برجاء] حتى لو باكدب على نفسي وباعلقها بحبال دايبة، زي ما بتقولي، سيبيني اتعشم وافرح ياما، نفسي افرح ولو مرة حتى لو هافوق بقلم على وشي ووجع قلبي زي كل مرة.
******************
أيه رأيكم باللي عملته أم سالم، وتفتكروا ممكن ربنا يرضى بالظلم ده، وانتقامه من حماتها وعمها هيكون أيه، ومحمود ناوي على أيه بعد ما عرف ظروف نورا، وهيساعدها أزاي.
اتمنى الحلقة تعجبكم ومستنية رأيكم فيها.
******************

جريمة باسم الحب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن