الجزء العاشر

6.7K 182 11
                                    

جريمة باسم الحب
الجزء العاشر
يعني بالعقل كده، أنا مكنتش قادر ابعد وأنا عارف أنها مستحيل تبصي لي، تقومي أنت عايز تبعديني بعد ما بقى عندي أمل [برجاء] حتى لو باكدب على نفسي وبعلقها بحبال دايبة، زي ما بتقولي، سيبيني اتعشم وافرح ياما، نفسي افرح ولو مرة حتى لو هافوق بقلم على وشي ووجع قلبي زي كل مرة.
ـ نعمات بتأثر: معاش ولا كان اللي يوجع قلبك يا قلب أمك ربنا يفرح قلبك ويكتب لك الفرح والهنا.
ـ محمود بسعادة: يا رب ياما يا رب، دعواتك أنت بس.
ـ نعمات بحب: داعية لك من كل قلبي وربنا العالم [باستسلام] خلاص اتكل على الله وربنا يكتب لك الخير[باعتراض] بس بصراحة أنا مش فاهمة لازمته أيه المخزن، ونور وإيجار ومصاريف على الفاضي، ما الورشة برحة وشايلة الشغل وزيادة، والأوضة اللي بتخلص بتنشال، والأشية معدن.
ـ محمود بحسم: لا ياما ليها لازمة، مش نوارة اللي تستنى لقمة من حد ولو حتى خالتها، ولا هاستنى لما امها تشطب على دهبها ويحسوا بالحاجة والعوزا.
ـ نعمات باستسلام: ربنا يوسع رزقك ويجعله في ميزان حسناتك.
ـ محمود باستنكار: أيه ياما هو أنا بشحتها.
ـ نعمات ضاحكة: طيب ما تزعلش ياعم الحبيب، تعيش وتجيب لها.
ـ محمود بسعادة: أيوه يا نعوم، هي دي الدعوة ولا بلاش، ربنا يخليكي لي.
ـ نعمات بحب: ويخليك لي، ويفرح قلبك، ويرزقك ما تتمنى.
******************
مساءا بمنزل نورا.
يجلس محمود بأعين زائغة، متطلعا من وقت لأخر لباب غرفتها، ، يرهف السمع لعله يلتقط أي صوتا صادرا منها، يدعو الله أن تخرج منها لأي سببا كان فقد أضناه الشوق لرؤيتها.
ـ زينب بدهشة: بس أنت هتعمل أيه بمحل جزارة يا بني؟
ـ محمود بابتسامة: يعني لو جينا نفتحه حاجة تانية غير الجزارة، هايقول لا يا حاجة.
ـ زينب موضحة: لا بس يعني أنت مش محتاجه، ورشتك كبيرة الله أكبر، و اللي أعرفه بسم الله ماشاء الله.
ـ محمود بابتسامة: هو فعلا الحمد لله الحال ماشي كويس قوي، وأنا اتوسعت في الشغل عن أيام الأسطى رضا الله يرحمه، عشان كده محتاج مخزن، وطبعا لازم تكون في المنطقة، عشان مصاريف النقل والمشوار من هنا لهنا، والحارة والحواري اللي جنبنا، مفيهومش خرم ابرة فاضي، عشان كده ما صدقت أني سمعت أنكم مش ناويين تشغلوا المحل تاني، وقلت أنا أولى من الغريب، وأكيد الحاجة أم نورا مش هتستخسره في.
ـ زينب بالتأكيد: لا طبعا ما يغلاش عليك، هو أنا هلاقي أحسن منك.
سرح بخياله متصورا أن تكون تلك إجاباتها على طلبه ليد حبيبته، لا لإستجار المحل؛ فشعر بنشوة لمجرد الفكرة.
ـ محمود بنشوة: خلاص نقرا الفاتحة، ونحدد ميعاد نكتب فيه العقد، باكويين كل شهر كويس؟.
ـ زينب بدهشة: الفين جنيه!
ـ محمود بجدية: مستشوياهم؟ أزودهم؟.
ـ زينب بذهول: لا طبعا دول كتير قوي، ده أكبر محل في الحارة وفي برج كمان إيجاره آلف جنيه، يبقى أزاي المحل الصغير ده، في البيت المهكع ده إيجاره الفين!
ـ محمود بتلعثم: لا ماهو مش هيبقى مخزن بس، أنا هاجي اشتغل فيه بعيد عن دوشة الورشة والصبيان، والورش بالذات نظمها مختلف في الإيجار، يعني عشان الخبط والدوشة وكده، وكمان المحل متوضب وكله سيراميك وأنا هاستخدم مايه من الحنفية اللي في الحوش من ضمن الإيجار.
ـ تفحصته بنظراتها ثم زفرت باستسلام: خلاص يا بني ربنا يملاه لك بركة، شوف عايز تنقل امتى وأنا تحت أمرك.
ـ محمود بارتياح وهو يخرج بعض النقود: على بركة الله ، بعد يومين نص الشهر، دول الف جنيه ايجارهم، ومن بداية الشهر اللي يهل هيوصلك الالفين.
ـ زينب وهي تنظر للنقود بتردد وكسرة: على بركة الله.
يتحرك ببطء كارها للإنصراف ولكنه مضطر، يلعن حظه الذي حرمه أن يلمح ولو حتى طيفها.
ـ محمود ضيق: طيب استأذن أنا يا حاجة، ويومين كده أجيلك نمضي العقد.
ـ زينب بهدوء: تأنس وتنور يا بني.
ـ محمود باستسلام: سلام.
بمجرد خروجه فتح بابها الذي حرمته فتحه بوجوده، لتخرج تلك المنشودة كشهاب مشتعل.
ـ نورا بصياح: أنت أزاي توافقي على أنا سمعته ده، محل أيه اللي بالفين جنيه، ده جاي يتصدق علينا.
ـ زينب ببرود: عارفة.
ـ نورا بصدمة: عارفة!
ـ زينب بقهر: من يوم ما جوز خالتك مات، ومحمود بيراعي فوقية ويهاديها بحاجات بسيطة، ومن يوم موتة أبوكي وهداياه كترت وبقي تقريبا متكفل بيها، وفجأة بعد ما حالنا مال بقى يجيب لها الطاق اتنين وتلاتة، وهي بتدينا من اللي بيجيبه وبتعدي من قدامه وهي شايلة ومحملة وهي جاية لنا، ودلوقتي هو جاي يأجر المحل بشئ وشويات، تفتكري أنا مفهمتش أنه جاي يساعدنا، ليه فاكرني غبية.
ـ نورا بذهول: ووافقتي ليه.
ـ زينب بقهر: عشان معنديش حل تاني، عمك ربنا ينتقم منه، لهف كل حاجة، والبيت ايجاره ملاليم، والخمس تلاف اللي رجعهم محمود من العربون بعد ما الزفت سالم ما خد فلوسه وفلوس الدهب اللي بعته عشمانة نشغله ولا نحطه في بنك نأكل من ريعه، طلع لنا فيه الف طمعان، اللي قال أيه كان مدي الحاج تمن بقرة يدبحها قبل مايموت بايام، وهو عمره ما داق اللحمة ابن الجعانة، واللي بايع له كام خروف وخد نص تمنهم وفاضل النص، وطبعا احنا لازم ندفع واحنا ساكتين لاننا مش ناقصيين فضايح ولا لينا ضهر نتسند عليه، وفلوس الدهب باقي أقل من ربعها، وبعد ما تخلص مش هنلاقي ناكل، يبقى كده اكرم لنا، حسنة مخفية، أحسن ما نستنا نقاسم خالتك في اللي بيجبهو لها.
ـ نورا بثورة: حسنة من ابن نعمات.
ـ زينب بثورة لا تقل حدة عن ثورة ابنتها: ماله ابن نعمات، طلع ابن حلال وعنده أصل أحسن من ناس كتير أبوهم موجود بس ما ربهومش، هو ده الحل اللي عندي، لو عندك غيره قولي لي [ طأطأت رأسها بخنوع فأردفت زينب بقوة] يبقى تحطي لسانك في بوقك وما اسمعش صوتك، وتدعي ربنا في سرك، أنه يفضل مأجره، ومتكونش حركة جدعنة وشوية ويستكتر المبلغ ويسيبه.
رجعت لغرفتها تتقاذفها شياطين الغضب، اصبحت الأن مطالبة بأن تبتهل إلي الله، ألا يمنع ابن نعمات صدقته عنها حتى لا تموت جوعا، أي هوان باتت فيه إذا، ولكنها لن ترضى هذا ابدا، يكفيها ما نالها من هوان ظلما وبهتانا، زفرت بقوة وقد عزمت أمرها على ما أنتوته، وقررت أن تبدأ بتنفيذه باقرب وقت.
******************
في الصباح الباكر
أرتدت نورا ملابسها، محاولة التحرك بأقل ضجة ممكنة، تجنبا لإيقاظ أمها، مخافة أن تمنعها من تنفيذ ما انتوت عليه، فهي قررت خلع عباءة الذل التي اجبرت على أرتداءها، نعم هي أخطأت عندما وثقت بمن لا تستحق وأسأت لنفسها حين انتهكت قدسية انوثتها, وخلعت ملابسها خارج منزلها، لكنها ارتكبت خطأ لا خطيئة لتقبل بالهوان، وهل هناك هوانا أكثر من أن تنتظر قوتها احسانا من أي شخص، فما بال أن كان احسانا من شخص لطالما تعالت عليه، لا لن تقبلها على كبريائها، ستبحث عن عمل يكفيها ذل السؤال، ستعيش على مالها هي ولو حد الكفاف، فتحت الباب وأغلقته وراءها بخفة وهي تتنفس الصعداء، خرجت من المنزل وهي تحمد الله على الشارع شبه الخالي، لا تريد الإحتكاك بأي من جيرانها حاليا، مشت بخطوات واسعة، لتوقفها تلك الكلمات اللاذعة.
ـ شاب بوقاحة لمرافيقه شبه المغيبين: الله، الله، القطة خرجت من جحرها أهو.
التفتت لتعرف أن المتحدث أحد شباب الحارة الفاسدين، بصحبة رفاقه، انتابها الخوف، فحاولت الإسراع للإبتعاد عنهم، لكنها فوجئت به يعترض طريقها ويمنعها من المرور.
ـ الشاب بوقاحة: على فين يا برنسيسة، مستعجلة على أيه.
ـ شاب ثاني هازئا: شكلها عندها تصوير[ متفحصا أياها بوقاحة] بس جسمها اتظبط كتير والعود بقى فرنساوي على الأخر، دي القمصان هتولع.
ارتعدت فرائصها وهي تراهم وقد احاطوا بها، فخرج صوتها مرتعب برغم محاولتها للتظاهر بالقوة.
ـ نورا بصوت مرتعش: أوعى أنت وهو من قدامي.
ـ شاب ثالث: في أيه يا مزة، اهدي بس، احنا بناخد وندي بشكل ودي.
ـ الشاب الثاني: ولا اللي أنت رايحاله وش الفجر أجدع مننا.
ـ الشاب الأول بوقاحة: مين ده يا جدع اللي أجدع مننا داحنا جدعان قوي، ورجالة قوي، وهي هتشوف وتحكم بنفسها.
كاد أن يغشى عليها خوفا، ولكنها حاولت التماسك واستغلال تلك الثغرة بينهم للمرور ركضا، ولكنها وجدت احدهم وقد امسك بحجابها يجذبها منه حتى كادت تختنق، فأخذت بالصراخ مستنجدة، وايديهم تعبث بملابسها تحاول نزعها عنها وهي تتلوى بين ايديهم مولولة، تحاول ستر جسدها.
ـ الشاب الأول ضاحكا: متخافيش احنا مش هنعمل حاجة، احنا بس عايزين نشوف القميص حاجة جديدة والا من اللي في الفيديو.
******************
في غرفة القبو
يتململ محمود بفراشه مستاءا، فقد فاتته صلاة الفجر بعد أن نام متأخرا بسبب ضغط العمل بالأمس، لينتفض حتى سقط أرضا حين طعنت تلك الصرخة قلبه قبل أن تخترق أذنيه، فساكنة قلبه هي من تصرخ مستغيثة بأمها، نهض راكضا ملتقطا احد ادواته المعدنية في طريقه، ليصعق بذلك المشهد اللعين، حبيبته ملقاة أرضا متكومة على نفسها متمسكة بما تبقى من ملابسها محاطة بثلاث من الوحوش البشرية، تمتد ايديهم القذرة اليها محاولين فك تخشبها، ونزع ما تبقى من ملابسها المهترئة، انقض عليهم ضاربا الأول على رأسه من الخلف، ليسقط فوق تلك التي ازداد صراخها فزعابهستيريا، ليرفعه من فوقها بسرعة، ملقيا اياه بعيدا عنها ليجد بعض المصلين الخارجين من المسجد قد تجمعوا على صراخها وانهالوا ضربا على المعتدين، مما اعطاه الفرصة لاحتواء محبوبته فنزع عنه سترة منامته محاولا البساها اياها، ولكن زاد تخشبها وصراخها وهي تظنه احد المعتدين، فلم يجد أمامه حل سوى أن يضعها فوقها كغطاء، ويركع ليحملها على وضعها المتخشب محاولا طمئنتها.
ـ محمود بوجع ولهفة: متخافيش، متخافيش يا نورا، أنا محمود، أنا ابن نعمات يا نوارة، أهدي بس عشان متقعيش ، أنا مروحك أهو، بس أنت أهدي.
شعر بالراحة بعد أن استكانت وكفت عن الصراخ وهي تتمسك بغطاءها بيد، وباليد الأخرى تمسكت برسغه القريب، أسرع مهرولا بحمله الثمين حتى باب دارها، طارقا اياه لتفتحه أمها ناعسة لتفزع صارخة وهي تتبين طبيعة حمله وهيئته، ليتخطاها متوجها لباب غرفتها، ليضعها برفق فوق فراشها، سحب الغطاء فوقها وخرج مغلقا الباب خلفه، ليجد والدتها بانتظاره، ولم تفارقها صدمتها بعد.
ـ زينب بهلع : أيه اللي حصل يا بني ومين اللي عمل فيها كده.
ـ محمود مهدئا: أهدي يا حاجة محصلش حاجة، شوية عيال مصطبحين على الصبح وربناهم، وربنا ستر [عاتبا] بس مكنش في لازمة تنزل بدري قوي كده والدنيا هس هس، ما أنا كنت عندك امبارح مأمرتنيش باللي محتاجاه ليه.
لعنت ابنتها سرا وهي لا تعلم ما كانت تنتوي، فهل كانت تفر من المنزل ، آم كانت ذاهبة لقضاء أمر ما وستعود، لكنها لم تستطع إخباره بأنها لم تكن على علم بخروج ابنتها من الأساس، لا ينقصها إلا هذا لتدمر سمعتها الملوثة مسبقا، شعرت بضعف قدميها وعدم قدرتها على الوقوف فافترشت الأرض تحتها، تلطم خديها بانهيار.
ـ زينب مولولة: اااااه، ااااه، يا غلبك يا زينب، يا خراب بيتك من بعد راجلك، كلاب السكك طمعوا فيكي وفي بنتك، ياريتني ما خوفت من تهديد عمها، ورجعت بيها لأهل أبوها، كانوا تاواها ولا جوزوها، وشالوا الحمل ده من على كتافي، بدل ما أنا مش عارفة أعمل أيه، والله ما عارفة أعمل أيه.
ـ محمود بتوهان كمن يحدث نفسه وتفاجأ بصوته المسموع : جوزهاني يا حاجة.
كفت عن ولولتها، وهي تنظر إليه بدهشة فاغرة فمها، ليندم هو على عدم انتباهه، لا خوفا من رفضها المتوقع فقط ، بل من رفضها لعرضه الذي قبلته بالأمس أيضا، ظانةً أنها محاولة منه للي ذراعهما واجبارهما على الموافقة، ليأتي دوره لفغر فمه وهو يسمع ردها الصادم.
ـ زينب بحسم : لو عايز تتجوزها، أنزل هات المأذون.
ـ محمود بصدمة : هتجوزهاني.
ـ زينب زاجرة: هو أنت كنت بترمي كلمة وخلاص ولا بتتكلم جد ولا حكايتك أيه.
ـ محمود بلهفة: لا طبعا بتكلم جد، وجد الجد كمان، بس مش هتخشي تسأليها الأول.
ـ زينب باضطراب وبصوت مرتفع نسبيا: اللي أنا أقوله هو اللي هيمشي، وقلت لك لو عايزها هات المأذون دلوقتي، ياما نفضها سيرة.
فهم محاولتها لفرض السيطرة بالصياح والتظاهر بالقوة، وجبنها عن مواجهة ابنتها خوفا من أن تضعف وتتراجع أمامها، فقرر أنه لا ضير من أن يكون أنانيا بحبه ولو لمرة واحدة، سيستغل الموقف ليحظى بها، ثم يداوي جرحها بعد ذلك بحبه وحنانه، خشي أن يتركهما، فتروح السكرة وتأتي الفكرة وتتراجع أمها عن الموافقة، فقرر إجراء مكالمة ينهى بها الأمر دون الحاجة للمغادرة.
ـ محمود بأدب: ممكن بس أعمل مكالمة، عشان خرجت من الأوضة على الصوات من غير موبايل.
ـ زينب ممسكة باحد الهواتف: اتفضل.
ـ محمود مهاتفا نعمات: ألو، أيوه يا اماه، اسمعيني كويس... لا أنا بخير... مش مهم الصوات والخناقة دلوقتي... لا مفيش حاجة بعدين هافهمك.... اسمعيني بس أبوس ايدك... اطلعي للحج فوزي اللي في الدور التالت... قولي له يجيب بطاقته ويفوت على الشيخ علي المأذون والشيخ أحمد إمام الجامع، ويجيب أي حد تاني من طرفه ببطاقته، ويجيني على بيت المعلم حسين الجزار الله يرحمه... قولي له الشيخ أحمد هيلاقيه قاعد في الجامع من بعد صلاة الفجر، والشيخ علي يصحيه، ويقوله هياخد الدوبل عن أي جوازة تانية... وأنت ياما موبايلي عندك هاتيه وهاتي لي احلى غيار خروج ومحفظتي وفلوس وتعاليلي عند الحاجة زينب... اه يقول لهم هاكتب كتابي على نورا، سلام.
ضغط على جملته الأخيرة ليعلم تلك التي زاد توترها أمامه، أن الأمر قد بات نهائي وفات وقت التراجع.
ـ زينب بتوتر: ربنا يتم لكم على خير.
ـ محمود بابتسامة: الله يبارك فيكي يا حماتي، أنا عارف أن المفروض هي اللي تنقي وكيلها، بس أنا قلت مش هنلاقي أحسن من الشيخ أحمد إمام الجامع.
ـ زينب بابتسامة مصطنعة: اللي تشوفه، هادخل أغير قبل ما الناس تيجي.
ـ محمود بقلق: والعروسة مش هتغير.
ـ زينب بتوتر: لما الناس تيجي، هادخل هاجهزها، عقبال ما تملوا البيانات.
ابتسم باستسلام، فأمها تود وضعها أمام الأمر الواقع كما فعل هو بها منذ قليل، ولكن لا بأس ربما هذا أفضل، يعلم أنهما يحاصرانها، ولكن الأمر لم يعد مجرد رغبته بها، بل أصبحت هي نفسها بحاجة لهذا الارتباط حتى لو أنكرت الأمر، فما حدث اليوم سيكون بداية لسلسلة من الإعتداءات المتوقعة، لو لم يكن لها من يحميها ويذود عنها، ولن تجد غيره يفتديها بروحه وهو ممتن لسماحها له بحمايتها.
******************
بغرفة نورا
تكومت فوق فراشها بملابسها الممزقة، لا تصدق ما تسمعه، هل ستزوجها أمها من محمود فعلا، هل انحدرت لتلك الدرجة، وهانت كل هذا الهوان، ليس فقط لشخصية الزوج المقترح، بل بطريقة الزواج نفسه، فقد تكرم وقرر سترها ومنحها اسمه، بعد أن حملها من منتصف الطريق شبه عارية، الاسم الذي طالما عايرته به، هو ما سيسترها به الأن، فياله من عقاب على سوء أدبها.
دلفت والدتها إلى حجرتها بوجه جامد، تتجنب أن تتلاقى أعينهم.
ـ زينب بصوت مرتعش: قومي يا نورا، المأذون والشهود بره، غيري هدومك ووضبي نفسك، عشان هيدخلوا يمضوكي.
ـ نورا بخفوت: هتجوزيني محمود ابن نعمات.
ـ زينب زاجرة: أسمه محمود شوقي الزيني، جوزك اللي هتشيلي أسمه وتحترميه وتعيشي تحت طوعه.
ـ نورا باعتراض: شوقي الزيني وابنه محمود ماتوا واندفنوا تحت الردم، واللي بره ده ابن الح..
ـ زينب مقرعة: اللي بره ده ابن حلال مصفي، ولاد الحرام هما اللي نزلتي لهم من ورايا تتسحبي [مشيرة لملابسها الممزقة] ورجعوكي بالمنظر ده، ولولاه مكنتيش رجعتي خالص.
ـ نورا باستعطاف: كنت نازلة أدور على شغل، مكنتش عايزة نتحوج ليه ولا لغيره.
ـ زينب بعزم: هي كلمة واحدة، يا تنفذي كلمتي من سكات، يا تفضحيني قدام الناس اللي بره، بس ساعتها لا أنت بنتي ولا أعرفك.
انهالت دموعها بصمت وهي تتحرك لتنفيذ ما أمرتها به.
ـ زينب بحنان: بكرة تعرفي، أني عملت كده عشان مصلحتك، أنا مش هاعيش لك العمر كله، وعايزة أسيبك وأنا مطمنة عليكي، ومحمود راجل بجد، عرف يحمي نفسه، وهايقدر يحميكي ويحاجي عليكي.
******************
خارج الغرفة
ـ نورا صارخة بوجه محمود: أنت اتجننت، نسيت نفسك، مبقاش الا ابن الحرام كمان، يوم ما تفكر تتجوز روح جيب لك عروسة من الملجأ يا ابن نعمات.
ـ المأذون بابتسامة: حط أيدك في أيد وكيل العروسة يا عريسنا.
انتفض محمود على صوت المأذون، ليكتشف أن الشهود قد خرجوا حاملين موافقتها، وهو الذي كاد يجن منذ دخول أمها اليها، يتخيل رفضها المهين له أمام الجميع حتى تجسد له كحقيقة يراها رؤى العين.
ـ المأذون بدعابة: أيه يا عريس عقلت ورجعت في كلامك ولا أيه، مليش دعوة أنا كده كده فتحة الدفتر بحساب.
ـ محمود بارتباك وعدم تصديق: أرجع أيه، ده أنا ما صدقت.
ظل يردد ما يقال له وعينيه مركزة على بابها خاصة وقت دخول وكيلها بالدفتر لأخذ توقيعها وبصمتها، حتى انتهى الأمر، وارتفع صوت نعمات يصدح بالزغاريد، تلقى التهاني بسعادة غير مصدق بأنها أصبحت تنتمي اليه، وأن يومه الذي بدأ بالصراخ حقق به فرحة عمره لحلمه المستحيل قبل انتصافه.
انصرف الجميع ليبقى هو وأمه بصحبة زينب بوجهها الجامد بلا ي تعابير منذ خروجها من غرفة ابنتها.
ـ نعمات بسعادة: مبروك يا حاجة زينب، ألف مبروك، ربنا يفرحك بعوضهم.
ـ زينب بجمود: الله يبارك فيكي.
ـ محمود بلهفة: طب أيه، أمي مش هتشوف العروسة وتبارك لها.
ـ زينب بابتسامة مصطنعة: أه طبعا ثواني، انده لها.
تحركت ببطء متجهة لغرفة نورا، بينما تعلق قلب محمود بخطواتها المتهادية لا يعلم ماذا سيفعل عندما يراها، لينخلع قلبه لتلك الصرخة التي اطلقتها زينب بمجرد دلوفها للغرفة.
******************
تفتكروا زينب بتصوت ليه، ومحمود هيحس بأيه لما يحس برفض نورا له، وممكن يجي وقت تقبل جوازها بمحمود.
اتمنى الحلقة تعجبكم ومستنية رأيكم فيها.
******************

جريمة باسم الحب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن