الكلمة الطيبة صدقة
اختبار [الجزء الثاني لجريمة باسم الحب]
الحلقة الثالثة
بشقة نغم
ـ نغم بخفوت بالهاتف: لا خلاص حاضر ولا يهمك،.... ماشي يا قلبي،..... متضايقيش نفسك الموضوع بسيط،..... وأنت طيبة يا نومي.
ـ شهاب بتساءل: مالها نعم.
ـ نغم بابتسامة: لا مفيش يا قلبي، دي مضايقة بس كده من موضوع بسيط، وكمان كانت بتسألني على الحاجات اللي ممكن تساعدني فيها بعيد ميلاد لولو، وأنا قلت لها أن مامتك حجزت القاعة وظبطت كل حاجة [بتوتر] صحيح هو أنت عزمت صلاح على عيد الميلاد ولا لسه.
ـ شهاب بدهشة: وهما محتاجين عزومة.
ـ نغم بارتباك: لا بس يعني السنة اللي فاتت الحفلة كانت هناك عندهم في شقة بابا، وأكيد مش محتاج عزومة، لكن المرة دي، في قاعة وممكن يتحرج يجي لو أنت معزمتوش.
ـ شهاب بدهاء: يتحرج ولا يتقمص.
ـ نغم بارتباك: يتقمص أيه بس يا شهاب هو عيل صغير، أنا بس باتكلم في الأصول يا قلبي.
ـ شهاب بابتسامة عابثة: هو ده بقى الموضوع البسيط اللي مضايق نعم، المتر عاش عليها الدور وبيملي شروطه كالعادة، طيب تراهني أن أول واحد هيجي الحفلة دي هو صلاح حتى لو أنا معزمتوش أو حتى لمحت له أني مش عايزه يجي.
ـ نغم بدهشة: اللي هو أزاي يعني!
ـ شهاب بتأكيد: ممكن أوريكي وأثبت لك، بس مش هاعمل كده، عشان محبش انكد على نعم، اللي باعتبرها زي ماهي، [بثقة] لكن أنا متأكد أن الدكتور لا يمكن يفوت فرصة زي دي، وهو عارف أن الحفلة هيكون فيها أصدقاء بابا وصاحبات ماما من النادي، يعني الطبقة اللي هو هيتجنن ويتعرف عليها ويبقى منها.
ـ نغم باستنكار: لا طبعا هو صيحح عقله صغير بس مش وصولي.
ـ شهاب بحب: لا يا قلبي أنتم اللي ناس طبية زيادة عن اللزوم، لكن أنا عمري كله عيشته بره مع ناس حياتهم كلها ماديات، و أعرف كويس اميز الطريقة دي في التفكير، رغم أنهم بره واضحين ومعندهمش مشكلة، لكن هنا الماديين بيتداروا ورا العواطف والمثاليات، عامة ده مش بيفرق معايا، ولو العزومة هاكلمه، المهم نعم تكون مرتاحة.
ـ نغم بامتنان: ربنا يخليك لي يا شيبو ويريح قلبك يا قلبي.
ـ شهاب بحب: ويخليكي لي يا نغمة حياتي.
***************************
بحفل عيد الميلاد بأحد الفنادق الفخمة.
تجلس أسرة محمود على طاولة، بينما صلاح يقف مع عدة رجال من رجال الأعمال يتجاذبون أطراف الحديث.
ـ شهاب هامسا بأذن نغم مشيرا لصلاح بطرف خفي: هو ده اللي متأثر، واحتمال ميجيش، ده أنا حاسس أن هو اللي عازمني.
ـ نغم بلوم: مش كتر خيره أنه معتبر لولو بنته وبيرحب بضيوف باباك.
ـ شهاب بتهكم: كتر خيره طبعا.
ـ سوزي بزجر: أيه يا شهاب هاتفضل قاعد جنب مراتك وسايب الضيوف، المفروض أن ده عيد ميلاد بنتك، يالا دقايق والتورتة هاتدخل.
ـ شهاب بتبرم: والله أنا مش شايف أي عيد ميلاد، النص عشاء عمل، والنص التاني شلة النادي باختلاف الترابيزة.
ـ نغم بمراعاة: بس يا شهاب، حاضر يا طنط، احنا هنقوم حالا.
ـ سوزي بنفاذ صبر: ياريت [بانتباه لبعض الوافدين] هاروح استقبل صاحبتي، وياريت أرجع الاقيكم اتحركتم، وبترحبوا بضيوفكم.
لم تترك لهم فرصة للرد وتحركت بسرعة لاستقبال هايا وأسرتها.
ـ سوزي بابتسامة: أهلا، أهلا، كنت هازعل قوي لو ما جيتوش.
ـ هايا بمجاملة: لا طبعا، دي برضه حفيدتك.
ـ شابة ترتدي ملابس فاضحة بفضول: امال فين مرات شهاب.
ـ سوزي بابتسامة: موجودة طبعا، بس مش تبوسيني انا الاول يا ميرا.
ـ ميرا بارتباك: أه طبعا، أزيك يا طنط، أنا بس كنت عايزة أشوف أميرة الحفلة، وأكيد هي مع مامتها.
ـ سوزي بابتسامة: أه طبعا، لولو هناك أهيه مع جدتها نورا اتفضلوا.
تقدمتهم لطاولة محمود مشيرة للصغيرة باحضان نورا لتقول بسعادة: أميرتنا أهى يا ميرا، أيه رأيك بقى، نورا ميرا وهايا جيرانا من أيام المانيا.
تجلت الصدمة باجل معانيها على وجهوه نورا وهايا ومحمود، لتهتف نورا بدون وعي: هيام!
ـ هيام بصدمة مماثلة: نوارة.
ـ سوزي بدهشة: أنتم تعرفوا بعض.
ـ هيام بصدمة: هي دي جدة لولو، يعني دي حماة شهاب، [ لتنقل بصرها لمحمود متفحصة بانكار] ومحمود ده يبقى حماه.
جذب أسلوبها والتعابير المرسومة على الوجوه انتباه كل أفراد الطاولة، حتى أن صلاح أقترب بفضول وقد استشعر وجود خطب ما.
كانت نورا قد شحب وجهها كمن رأت شبحا، بينما عينيها تنظر لهيام بتوسل، وكانما ترجوها بصمت، بينما محمود ينظر لنورا بإشفاق وحزن وعينيه تنتقل بين ابناءه بارتياع، كأنما يخشى عليهم مما يحدث.
ـ سوزي بدهشة: أنت تعرفيهم يا هايا.
ـ هيام بتهكم وقد زالت صدمتها: ألا أعرفهم، نورا هانم تبقى بنت خالتي، ومحمود كان شغال عند بابا، هما دول بقى أهل الدكتورة الشخصية اللي مش أقل من أي حد، واللي مايعبهاش حاجة و باباها كلاس وجنتل مان جدا، واللي غيروا رأيك في الفروق الاجتماعية وخلوكي بتساوي ما بين بنت المهندس والنجار.
ـ سوزي بإستياء: ما لك يا هايا، أنت بتتكلمي كده ليه، وأيه الأسلوب ده.
ـ هايا بشماتة: أنا بتكلم كده، عشان أنت صاحبتي وعشرة عمر، وأزعل لما يتنصب عليكي، عشان كده صوتي واطي، لأن أكيد يهمني أن محدش يعرف أن حما ابنك العزيز وجد بنته لقيط، اتبنته ست معدمة عشان يعيشوا الاتنين من صداقات أهل الكرم والجود.
ارتفعت شهقات أفراد أسرة محمود بصدمة، وارتسمت على وجهوهم ايات الصدمة والاستنكار، بينما ارتسم الالم بملامح محمود، وغامت عيني نورا وتمسكت بالطاولة بوهن، ليكن شهاب أول المتغلبين على صدمته، موجها كلامه لهيام، لتلحق به والدته وهي تشير لمسئول الموسيقى المدمجة برفع الصوت.
ـ شهاب بانفعال: جنان أيه ده، مين ده اللي لقيط، عمي محمود من الصعيد وليه عيلة هناك، [مشيرا لحسين] وحفيد عمه معنا كمان ويبقى جوز ماهي.
ـ هيام بسخرية: عيلة وولاد عم [عقدت حاجبيها بتفكير، لتردف بصدمة] مش ممكن، ده الولد اللي لاقيته على باب الجامع وهربتوا من الحارة عشانه، زي ما نعمات قالت لماما، [ لتهمس بتشفي لسوزي] مش حما بنتك بس اللي لقيط و ابن حرام، جوز بنتك كمان يا سوزي.
ـ نورا باندفاع: أخرسي، ابن الحرام ده اللي كان متكفل بامك اللي استعريتي منها، ولما هربنا زي ما بتقولي، ومبقاش ليها حد رامتيها في دار المسنين يا بنت الحلال.
لما تنتبه نورا بأن حميتها وغيرتها على تؤام روحها قد أكدت ما قالته تلك الحية، لترتفع الشهقات وتذرف الدموع بعيني نعم ونغم بينما ينهار حسين بكرسيه تحت نظرات ماهي المصدومة، ونظرات شهاب المتنقلة بحيرة بين الجميع، لتكتمل صدمة الجميع لأقصى درجة بعدما نفثت تلك الحية أخر سمومها.
ـ هيام بسخرية: وكنت عايزني اجي أشوف ماما أزاي بعد ما فضحتينا، بجوازك من ابن نعمات بعد ما بقاش يناسبك غيره بعد ما الكل شاف فيلم البرنو اللي حضرتك صورتيه.
انطلقت بعض الصرخات من أفواه البنات، وانتبه الموجودين لوجود مشكلة ما دون أدراك ماهيتها، وكاد محمود أن يفتك بتلك القذرة، ولكن توقف كل شئ بلمح البصر بسقوط نورا مغشيا عليها.
لتتعالي صرخات البنات ولكن فزعا عليها تلك المرة، بينما انشغل محمود بها عن العالم بأسره، ليحملها باهتمام، محتضنا اياها بحب، تنهمر دموعه وهو يهمس باسمها بقلق، واحتشد الموجودين حولهم محاولين معرفة ما يجري.
ـ شهاب بحسم: عن أذنكم يا جماعة، هوا بس عشان نفوقها، عمي طالعها الأوضة اللي حاجزنها فوق، وأنا هاطلب دكتور الفندق، [هامسا لهيام] أظن تتفضلي دلوقتي عيد الميلاد انتهي خلاص.
تحرك محمود غير عابئ بأي شئ سوى حبيبته بين ذراعيه، لتتابعاه ابنتيه على الفور والقلق ينهشهما على والدتهما، لينظر شهاب لحسين المغيب عن ما حوله.
ـ شهاب برفق: حسين، ماما نورا اغمى عليها، مامتك مش عارفين مالها وبابا محمود محتاجك جنبه، مش هتيجي.
ليتحرك حسين بألية ودون ادراك متبعا أسرته، بينما أمر شهاب شقيقته بصحبة زوجها رغم عدم خروجها من حالة الصدمة التي اعترتها.
ـ شهاب برجاء: هتيجي يا صلاح.
لينظر له صلاح بحقد، ثم يتحرك دون تعليق باتجاه موقف السيارات تتبعه نظرات شهاب المذدرية.
ـ سوزي بارتياع: سمعت اللي سمعته.
ـ شهاب هامسا بتحذير: ماما الناس حوالينا، نطلع نطمن على ماما نورا وبعدين نتكلم.
تركها دون أن يعطيها فرصة للرد، لتتبعه وهي تمتاز غيظا.
***************************
بغرفة الفندق
ـ الطبيب باهتمام: متقلقوش يا جماعة، الضغط ارتفع فجأة، بس الحمد لله ربنا ستر، الحقنة اللي أديتها لها هتخليها ترتاح للصبح، وبإذن الله هتكون أحسن.
ـ شهاب بهدوء: شكرا يا دكتور.
انصرف الطبيب، ليطبق الصمت على الجميع لفترة، حيث جلستا كلا من نعم ونغم بجوار والدتهما، كلا من ناحية متمسكتان بيديها، باكيتان تملأ اعينهما نظرات الاستنكار والمهانة والخزي، يتبادلاتا نظرات حائرة متسائلة، لتقطع سوزي الصمت هذه المرة.
ـ سوزي بحده: ممكن أعرف معنى كلام هايا، أنتم فعلا نصبتوا علينا وأنت وحسين من مجهولي النسب.
تعلقت أعين الجميع بمحمود، لينظر باشفاق لاعين حسين المترجية بأن يكون كل ما قيل كذب، ولدموع بنتيه وقد انكسرت نظراتهما واحتل الخزي مقلاتهما، ليحاول التماسك وقد قرر المواجهة.
ـ محمود بقوة: احنا منصبناش على حد، من يوم ما طلبنا بنتكم وأنا صارحتكم أننا ناس عادية لا أصل و لاعيلة، وأني اتولدت مليش في الدنيا غير أمي الله يرحمها بعد ما أخويا مات تحت الانقاض، وأن حسين نصيبه زيي، وقتها وعدتكم أن ماهي هتتجوز راجل بمعنى الكلمة، وأنها هتعيش وسطنا معززة مكرمة [ بثقة] وأظن وافينا بوعدنا وزيادة، وأبنك هو اللي كان هيتجنن عشان يتجوز بنتي وأظن دي مانصبناش عليكم فيها نغم بنتي أنا ونورا من جواز شرعي ومفيش حاجة اتغيرت بالنسبة لها.
ـ سوزي باستنكار: مفيش حاجة اتغيرت! ابني اتجوز بنت الحاج محمود الزيني، مش بنت واحد من غير اهل ولا أصل، لما قلت زمان أنك لا أصل و لاعيلة، افتكرنك بتقصد أنك من عيلة بسيطة أو فقيرة، مش ابن حسب ونسب، ورضينا بنصيبنا وصبرنا، وطبعا عمرنا ما تخيلنا أنك تقصد المصيبة دي، وأنت أكيد كنت قاصد تلعب بينا بدليل كلامك عن أمك و أخوك اللي مات تحت الانقاض، يبقى نصب ولا مش نصب.
ـ محمود بحدة: نعمات أمي بالرضاعة والتربية والقلب و ابنها طبعا أخويا، احنا زي ما احنا باخلاقنا وتربيتنا وظروفنا، اللي عرفتيه لايخصك ولا يفرق معكي، ولا مع غيرك، حاجة تخصنا احنا وبس.
ـ سوزي بانفعال: أنت بتستعبط، هو أيه اللي مايخصنيش [ناظرة لحسين الضائع بهيستريا] وما يفرقش أن جوز بنتي يبقى لقيط ما يخصنيش، أن مرات ابني أبوها لقيط وأمها شمال، أن أحفادي من ناس متشرفش.
ـ محمود غاضبا وقد احتقن وجهه بشدة: من دي اللي شمال، اللي بتتكلمي عليها دي ضوفرها برقبتكم كلكم، ولولا أنك واحدة ست كنت عرفت أحاسبك على اللي قولتيه، لكن كلامي مع جوزك لما يرجع.
ـ سوزي بتعالي: مين دي اللي ضفرها برقبتي، ومين ده اللي يحاسبني [بإذدراء] أنت يا ابن نعمات.
احتقن وجه محمود بشدة واقترب منها يكاد يفتك بها، ليحول بينهما شهاب بسرعة.
ـ شهاب بقوة:عمي اهدى، الموقف مش مستحمل، وأنت يا ماما مايصحش كده، ممكن تتفضلي دلوقتي.
ـ سوزي باستنكار: أنا اللي ما يصحش، شايف حماك بيتهجم علي، بعد ما ربنا فاضحهم، وبدل ما تربيه وترد كرامة أمك، عايزني أنا اللي أمشي من الجناح اللي أنا حاجزه.
ـ محمود بحدة وهو يهم بحمل نورا: أشبعي بجناحك، احنا ماشين، أنا عمري ما مديت ايدي على واحدة ست، فمينفعش امد ايدي على أم شهاب ومرات المهندس صالح، بس أنت فعلا كنت هتخرجيني عن شعوري، حقك علي يا شهاب يا بني، يالا يا ولاد بينا.
ـ شهاب باعتراض: هتمشي فين بس يا عمي وطنط تعبانة كده.
ـ محمود بضيق: من فضلك يا شهاب سيبنا نمشي، مش هاقدر اقعد هنا اكتر من كده، يالا ياحسين يا بني يالا يا نعم، هافهمكم كل حاجة لما نروح.
ـ سوزي هازئة: خد نغم تفهمها معك بالمرة، وتفهمها كمان أن الناس مستويات، وأنها مش مستوانا.
ـ شهاب بغضب: ماما أيه اللي بتقوليه ده.
ـ سوزي باستنكار: ليه أنت متخيل أنك هتفضل متجوز بنت دول، ولا أني ممكن اسمح لها تدخل بيتي تاني.
ـ شهاب بحدة محتضنا نغم الباكية: عندك حق، المفروض أن مراتي تبقى في بيتها من البداية، بيتها اللي أنا اعمله لها من مالي، ومحدش يقدر يطردها منه، عمي أنا هاعقد عندكم يومين، لغاية ما أشوف لنا شقة، يالا يا نغم، يالا يا ماهي اسندي جوزك.
ـ سوزي بهيستريا: جوز مين، لو أنت اتجننت وبيعت أهلك، ورضيت بعارهم، أنت حر، لا بنتي ولا ابنها ممكن يقبلوا بنسب زي ده، وأنا هاثبت النصب اللي اتعرضنا له، وهارفع قضية بطلان زواج.
ـ شهاب بحزم: ماهي عاجبك اللي بتقولوه ماما ده، هتتخلي عن حسين من غير حتى ماتعرفي الموضوع، هتحاسبيه عن حاجة هو نفسه مكنش يعرفها.
ـ سوزي بسرعة وقد لاحظت صدمة ماهي وتخبطها: هو مين ده اللي مش عارف، دول عصابة مع بعض، وحتى لو مش عارف، ذنبها أيه هي وأبنه يتحملوا فضيحة زي دي، [ باستجداء] والله يا ماهي لو مشيتي معهم لا أنت بنتي ولا أعرفك.
لأول مرة منذ أن صعق حسين بما سمع، ينتبه لما حوله على ثورة حماته، ليرى الحيرة والجزع على ملامح زوجته، لينظر اليها والحزن يعتصر قلبه، فتنظر اليه والدموع تملأ عينيها وهي تقترب منه ببطء، ولكن تتحرك والدتها باتجاهها جاذبة إياها لاحضانها، باقصى قوتها، لتنفجر ماهي بالبكاء فجأة.
ـ سوزي بحسم: اهدي يا حبيبتي، اهدي، مش هاسمح لهم يأذوكي اكتر من كده، ملناش كلام معهم دلوقتي، أول ما بابي يرجع هو اللي هيتصرف.
ـ شهاب بحدة: ماما، ماهي مرات حسين، والطبيعي أنها تبقى جنب جوزها في موقف زي ده.
ـ سوزي وهي تشدد من احتضانها لماهي: مش لما يبقى ده حسين جوزها تبقى تسانده، ده واحد لا له اسم ولا أصل، اتفضل امشي معهم زي ما أنت عايز، بس ملكش دعوة ببنتي ولا ابنها، أنت على الاقل بنتك لسه باسمها ونسبها لك، لكن تقدر تقولي جوزها اللي انت عايزها تمشي معه ده نسب ابنه ليه صح ولا غلط وهو متجوزها باسم مش اسمه اصلا.
هم شهاب بالرد ولكن قاطعه صوت حسين المتحشرج: سيبها براحتها يا شهاب، الكلام هيبقى مع عمي صالح لما يرجع، واللي هو عايزه هاعمله.
ـ سوزي بانتصار: أهو قالك، اتفضلوا امشوا، أنت مش ولي أمرها، ولما صالح يرجع، حسابكم كلكم معه، وأنت أولهم يا شهاب.
ـ محمود بنفاذ صبر: طيب ممكن نمشي، بجد مش هاقدراكتر من كده، ولو نورا فاقت وحد ضايقها بكلمة، والله ما هيهمني حد.
ـ حسين بانكسار: حاضر يالا يا بنات.
انتبهت الباكيتان على نداء حسين، ويد والدهما ترفع امهما الملتفتان حولها، ليقترب شهاب مساندا زوجته، محتويا لها، بينما تنبهت نعم للتو لغياب زوجها.
ـ نعم بتساؤل: فين صلاح؟
ـ شهاب بتوتر: مشي من بدري، هات أختك ويالا بينا يا حسين.
ليتحرك الجميع خارجا، محمود حاملا نورا باهتمام، وشهاب محتضنا زوجته بحب، وحسين مساندا نعم برفق بينما عينيه تتفحص تلك الباكية باحضان والدتها بالم وخذلان، ليزداد المه بكلمات والدتها المسمومة.
ـ سوزي بحقد: شهاب، وانت رايح تاخد بنتك من الناني، ملكش دعوى بابن ماهي، هو هيفضل مع مامته، وطبعا ده أحسن له وأشرف له.
***************************
بشقة نعم، يجلس صلاح بثورة وضيق أمام الحاسوب مجريا مهاتفة مرئية مع شقيقه.
ـ صلاح بضيق: مش عارف يا وليد، أنا هاتجنن، مش متخيل أزاي قدروا يستغفلوني ويخبوا حاجة زي دي.
ـ وليد بحيرة: مش فاهم بصراحة، أنت مضايق أكتر على المصيبة اللي سمعتها، ولا عشان هما قدروا يخبوا عليك.
ـ صلاح بحنق: مش حكاية أيه مضايقني أكتر، أنا بس مستغرب أن الاتنين اللي يبانوا اعبط اتنين شفتهم بحياتي، يطلعوا بالخبث ده، ويلعبوا بينا كلنا، خصوصا نورا، دي مبيتخبيش أي حاجة عن بناتها مهما محمود شدد عليها، أزاي احتفظت بسر زي ده العمر ده كله.
ـ وليد باستنكار: وهي دي برضه حاجة تنحكي، متخيل يعني ممكن تقولهم أيه؟
ـ صلاح بحنق: على رأيك، يعني هتلم بناتها تقولهم أبوكم لقيط، وأنا كنت مقضياها، وحتى الواد اللي ربناه في وسطكم وخليناه أخوكم، هو كمان جايبنه من على باب جامع، حاجة تشرف بصحيح.
ـ وليد بحيرة: طيب أنت ناوي على أيه بالظبط، وهتقول لنعم أيه بعد ما سيبتها ومشيت بالطريقة دي.
ـ صلاح بحزن: نعم، بجد أنا مش عارف ممكن تكون حالتها أيه بعد اللي سمعته ده، أنا مش هاكدب عليك وأقول أنها متفرقش معايا، نعم تفرق وتفرق كتير قوي بس مش أكتر من مستقبلي، والحياة اللي أنا راسمها لنفسي، [بجمود وحزم] مش هاضيع كل حاجة بعد ما اقربت أوصل، أنا تقريبا قربت أحقق كل أحلامي، الوجاهة و المركز الاجتماعي، بقيت دكتور في الجامعة ولي مكانتي، والفلوس وبقى معي قرشين كويسين، أه مش اللي باحلم به، بس مشوار الالف ميل، فماينفعش بعد ده كله أسمح لحد يهد لي اللي بنيته مهما كان، أنا استحملت اللي محدش يقدر يستحمله، مش هاضيع كل حاجة، عشان خاطر أي حد، حتى لو نعم.
ـ وليد بصدمة: يعني هتسيبها، ده أنت حتى ما أتأكدتش من اللي سمعته.
ـ صلاح بغضب: مفيش تأكيد أكتر من الرعب الي كان على وش نورا ومحمود، ودموع نورا قبل ما يغمى عليها، وبعدين الست دي قالت أنها بنت خالتها ومحدش حاول يكدب حاجة من اللي قالتها، أنت مش متخيل كانت واثقة من نفسها أزاي وهي بتتكلم.
ـ وليد بضيق: يبقى قررت فعلا تسيبها، حاول تراجع نفسك، أنت معرفتش طعم الراحة الا لما عرفتها.
***************************
مين فاكر هيام بنت الأسطى رضا، وأيه رأيكم في موقفها، و نورا ومحمود هيواجهوا ولادهم أزاي بعد اللي عرفوه.
***************************
مع تحياتي
منى الفولي