جريمة باسم الحب
الجزء السادس
بغرفة القبو
ـ محمود بحماس وهو يمسك ببعض الأوراق المالية: أمسكي دول كمان ياما، الحمد لله الدنيا ماشية حلاوة أهو عشان تعرفي أني كنت بافكر صح.
ـ نعمات بهدوء: بسم الله ما شاء الله، سمي يا محمود، ما يحسد المال الا صحابه يا بني، أنا طول عمري عارفة أن دماغك نضيفة، بس أنا مضايقتش من تصميمك على الورشة، أنا مضايقة من اللي ورا التصميم ده.
ـ محمود بارتباك: تاني ياما، ما قلت من ساعتها، أيوه مينفعش اسيب الحارة، بس مش عشان اللي في دماغك، عشان كل الزباين عارفين مكاني هنا، أيه بقى اللي يخليني اروح حتة جديدة، وحلني بقى عقبال ما اربي زبون.
ـ نعمات بعتاب: ده على أساس أنك بتشتغل لناس الحارة، مش لأكبر معارض في المنطقة، وأن الكام أوضة اللي بتعملهم مجاملة بسعرهم لأهل الحارة هما اللي مشغلين الورشة.
ـ محمود بارتباك: لا أنا أقصد بالزباين أصحاب المعارض اللي حوالينا، ماهو أنا لو بعدت وتكلفة النقل تقلت ممكن يشوفوا ورشة تانية تعمل لهم الشغل بتاعهم، وبعدين الفلوس كانت هتجيب ورشة صغيرة ولو جبت ورشة كبيرة السيولة هتقل في أيدي، ومش هعارف اشتري خشب، لكن كده اشتريت ماكنة جديدة واتوسعت في الشغل [بشرود] أهو سنة ولا سنتين، أكون لميت قرشين حلويين على اللي معايا، وساعتها بقى الواحد يقدر يشتري ورشة عليها القيمة.
ـ نعمات ببرود: أو سنة وشهرين.
نظر لها بلوم، وهو يلعن انكشافه امامها على هذا النحو، فعلى الرغم من كل مراوغاته لإخفاء سر بقاءه الحقيقي، إلا أنها بكل بساطة تلوح به أمامه، لتعلمه بمعرفتها بأن مدة بقاءه بالحارة هي نفسها الفترة المتبقية من فترة خطوبة نوارته التي ستنير حياة غيره.
******************
بشقة والدة سالم
ـ سالم بابتسامة: نورتونا يا جماعة وتعبتم نفسكم.
ـ زينب بمجاملة: تعب أيه هو احنا هنيجي لأعز من الحاجة.
ـ نورا بخجل: الف سلامة عليكي يا طنط.
ـ أم سالم ببرود: الله يسلمك يا حبيبتي، أيه يا نورا قاعدة متكتفة ليه يا حبيبتي، هو أنت ضيفة لا قومي كده وخدي راحتك، أقولك قومي اعملي لنا الشاي.
ـ نورا بإحراج: حاضر.
ـ سالم: تعالي أوريكي المطبخ.
ـ أم سالم بسرعة: لا سيبها تدور عليه لوحدها، عشان تتعود على الشقة، وكمان يا قمر وأنت بتعملي الشاي في طبقين في الحوض ابقي اغسليهم، أهو تتعودي على المطبخ، ما هو الطبيخ والقاعدة هتبقى هنا وتروحوا شقتكم على النوم.
ـ زينب بإستياء: هنا وهنا واحد يا حاجة، بس الاتفاق من الأول على أن كل واحد في شقته.
ـ أم سالم بخبث: أيوه يا حبيبتي ما أنا عارفة، بس اكمني تعبت كتير الفترة اللي فاتت، سالم مصمم أنه ما ينفعش يسيبني، وقال هيكلم الحاج حسين، كلام رجالة بقى، مالناش احنا فيه وزي ما قلتي، هنا وهنا واحد، و طبعا يا حبيبتي الاتنين شقتها وأنا ضيفة عندها.
نظرت لابنها بتحدي، تعلم أنه لن يجرؤ على مخالفاتها، فهو يعلم بأن ذلك سبب مرضها ولن يغامر بأن تنتكس حالتها بسببه، فمنذ أن رفض أن يطلب منهم أن تكن حياتهم مشتركة بشقتها، امتنعت هي عن تناول دواءها حتى ارتفع ضغطها بشكل خطر، كاد أن يهدد بحدوث جلطة، ولكن الأمر كان يستحق المغامرة، فها هي قد حصلت على مبتغاها دون أن يستطيع مجادلتها، ليعلم الجميع من هو الآمر الناهي بكل شيء.
******************
في الحارة
تسير نورا بصحبة والدتها، عائدتين من تلك الزيارة الثقيلة.
ـ زينب بغضب: ولية عقربة، بتتلوى زي التعابين كل يوم برأي.
ـ نورا بضيق: خلاص بقى يا ماما، هي قالت أنه لسه هيكلم بابا، قولي لبابا يرفض، وانتهى الموضوع.
ـ زينب بحنق: ده هو ده اللي مقوي قلبها علينا، هي عارفة أن كلمة أبوكي هي اللي هتمشي، وفي الوقت نفسه ملوش في المناهدة واللف والدوران بتاعها، عشان كده كل شوية تخرسنا بكلام رجالة ، و مالناش احنا فيه، وهي عارفة هتدخل له منين، {مش ينفع يرمي أمه، وست كبيرة، واللي ملوش خير في أهله}.
ـ نورا بضيق: ما هو فعلا يا ماما،اللي ملوش خير في أهله ملوش خير في حد وهي فعلا ست كبيرة وما ينفعش يرميها.
ـ زينب بحنق: بت أنت ، ما تفقعيش مرارتي، هو أنت شايفاني ست مفترية، ما أنت عارفة أني شيلت ستك على راسي لحد ما ربنا استرد وديعته، وكانت بتقول أني بنتها اللي مخلفتهاش، بس كله بالحب مش بلوي الدراع، وبعدين هو انتم ساكنين في بلد تانية، ده الشقة اللي قصادها.
ـ نورا بإستياء: يعني عايزني اعمل أيه يا ماما بس.
ـ زينب بحنان: تعقلي يا نورا، وتعرفي أنك ما بتعنديش حد ألا نفسك، سهام وهيام اللي أنت بتفكري في شماتتهم مش هينفعوكي وأنت عايشة في نار أم سالم، سالم بني ادم كويس، وده اللي مسكتني، بس أمه داخلة على طمع وافترا، وهو ساكت لها، فكري كويس يا حبيبتي قبل ما ترجعي تقولي ياريت.
أطرقت صامتة لا تدري، بماذا ترد، تعلم أنها على حق، بالفعل حماتها انسانة لا تطاق وافقت بها لتسفيد من وضعها المادي، وتتهرب من الأعباء المادية لزواج ابنها، بالأضافة للتحكم بها لمعرفتها بقوة شخصية والدها، وكيفية التعامل معه، ولكنها متأكدة أن سالم ليس كأمه، وأنه معجب بها حقا، ولكنها أيضا تدرك تحكم أمه به و خضوعه لسطوتها، وأن حياتهما معا لن تكن سهلة بسببها، فهل حلمها بالارتباط بجامعي يستحق مخاطرة كتلك.
وصلتا لمنزلهما بصمت ليدلفا إليه، بينما لا تلاحظا ذلك الذي يراقبهما بحزن، ينفطر قلبه لذبولها، لا يعلم هل هي حزينة من أجل خطيبها تعاطفا معه لمرض والدته، أم أن زهرته اختارت بستانيا لا يحسن رعايتها.
******************