الحلقة الرابعة ـ اختبار [الجزء الثاني لجريمة باسم الحب]

4.5K 165 7
                                    

سبحان الله، والحمد لله، ولا اله الا الله
اختبار [الجزء الثاني لجريمة باسم الحب]
الحلقة الرابعة
ـ وليد بضيق: يبقى قررت فعلا تسيبها، حاول تراجع نفسك، أنت معرفتش طعم الراحة الا لما عرفتها.ـ صلاح بحزن: أنا معشتش أساسا الا لما عرفتها، ولولا ده كان زماني رامي عليها اليمين هناك، عشان كده مشيت قبل ما اتهور.
ـ وليد برجاء: طيب حاول تتفاهم معها الأول هي برضه ملهاش ذنب.
ـ صلاح بحزم: أنا فعلا قررت ده، لما ترجع هتكلم معها ، لو وافقت على شروطي هنكمل، وربنا يستر الموضوع يكون اتلم، خاصة والست كانت بتتكلم بصوت واطي، عندت يبقى كل واحد فينا من طريق.
ـ وليد بحيرة: شروط أيه.
ـ صلاح بحزم: يا أنا يا هما.
ـ وليد باعتراض: بس دول أهلها مهما كان.
ـ صلاح بتعالي: أهلها اللي ما يشرفوش، واللي لو اتعرفت فضايحهم، مش هنقدر نرفع وشنا في وش الناس.
ـ وليد باعتراض: بس..
ـ صلاح مقاطعا: خلاص ياوليد، في أصوات عربيات وفتح البوابة، شكلهم رجعوا، نتكلم بعدين.
ـ وليد زافرا: سلام يا صلاح، حاول ما تخسرش نعم، أنت معك جوهرة، ربنا يديمها عليك نعمة.
***************************
بشقة محمود
فتح حسين الباب وتنحى جانبا، ليمر محمود حاملا نورا لغرفتهما، مانعا الاخرين من اتباعه.
ـ محمود بحسم: استنوني هنا محدش يجي معايا، ولا يمشي، هنيمها وأرجع لكم.
وضعها على الفراش برفق، وانحنى يخلع عنها حذاءها، وتوقف للحظات يتأملها باعين مليئة بالدموع، ليقترب مقبلا جبينها، ليزفر بحزن وهو يغادر الغرفة لمواجهة أبناءه.
ـ محمود بهدوء: واقفين ليه اقعدوا.
ـ نغم باندفاع: بابا هو الكلام اللي الست دي قالته حقيقي.
ـ محمود بهدوء: كل اللي الست قالته عني حقيقي، بس طبعا مش بالشكل اللي هي صورته، و هحكي لكم بالتفصيل، بس مش دلوقتي، مفنيش حيل ولا دماغ، الحاجة الوحيدة اللي هاقولها لكم دلوقتي ومش هاسمح لأي حد فيكم يتكلم فيها تاني موضوع أمكم. ـ نعم بتوتر: الفيديو.
ـ محمود بضيق: أيوه الزفت ده، أمكم طول عمرها محترمة، وعمرها ما طلع منها العيبة، الفيديو ده اتصور لها وهي بتقيس هدوم مع واحدة صاحبتها، خانت صداقتهم وصورتها من غير ما تحس بالاتفاق مع واحد كان بيحب نورا واتقدم لها وهي رفضته، وصاحبتها دي اعترفت بكل حاجة واتحكمت كمان، لأن أمكم بلغت عنها.
ـ نعم بشك: يعني..
ـ محمود بحدة: ميعنيش، رقم القضية موجود، وأظن أنك محامية وتعرفي تجبيها وتطمني بنفسك، [بلوم] ولو مش المفروض نتكلم في حاجة زي دي أصلا، والمفروض أنكم عارفين كويس قوي الست اللي عاشت عشانكم، بس براحتكم، المهم مش هاسمح لأي حد يفتح الموضوع ده تاني، ولا يلمح بس أنه سمع حاجة زي كده، خصوصا قدام نورا، الموضوع ده اتقفل وللأبد، أخر كلام فيه هيكون بكرة لما أديكي رقم القضية من الاجندة اللي في الخزنة تحت.
ـ حسين بتردد وخفوت: وأنا، أنا موضوعي أيه لو سمحت.
ـ محمود بعتاب: لو سمحت، أيه يا حسين مش عايز تقول يا بابا، طيب ما أنت طول عمرك بتقولها وأنت عارف أني مش باباك.
ـ حسين بانكسار: بس في حاجات اتغيرت.
ـ محمود بحسم: مفيش حاجة اتغيرت، من الأول و نورا أمك بالرضاعة والبنات أخواتك، وده طبعا متغيرش فيه حاجة [ موجها كلامه لابنتيه] اطلعوا أنتم دلوقتي، وزي ما قولتكم، بكرة هنتكلم، عايز أقعد مع حسين شوية.
تحركوا للخروج ببطء، فأردف مستوقفا شهاب.
ـ محمود بهدوء: شهاب، ثانية واحدة عايزك.
ـ شهاب بأدب: أؤمرني يا عمي.
ـ محمود بامتنان: شكرا يابني، طول عمري عارف أنك راجل بجد، بس كمل جميلك وخليكم مع نعم لحد ما تدخل شقتها وتتأكدوا أن صلاح فوق، وأسف يا بني أننا بوظنا لك عيد ميلاد بنتك.
ـ شهاب بحب: أنا اللي يشرفني أنك تعتبرني ابنك ياعمي، ومتقلقش عربية صلاح قدام العمارة، عن أذنكم.
ـ محمود بحب: اتفضل يا بني.
***************************
أمام باب شقة نعم
ـ نعم بتوتر: صلاح، صلاح.
ـ صلاح ببرود: أنا في المطبخ يا نعم.
ـ نعم بارتياح: أهو هنا يا جماعة، اتفضلوا انتم كمان عشان تستريحوا.
ـ نغم وشهاب: تصبحوا على خير.
اغلقت الباب خلفها بهدوء، ودخلت الي المطبخ بخطوات مترددة.
ـ نعم بتردد: بتعمل أيه يا حبيبي.
ـ صلاح بسخافة: باعمل قهوة.
ـ نعم باضطراب: طيب ارتاح وأنا اعملها لك.
ـ صلاح بتهكم: تفتكري حد فينا ممكن يرتاح بعد اللي حصل النهاردة.
ـ نعم بدفاع: بابا أكد أن فيديو ماما اللي الست قالت عليه صورته لها واحدة صاحبتها من وراها، وهي بتقيس هدوم بتحريض من واحد كان بيحب ماما واتقدم لها وهي رفضته، وصاحبتها دي اعترفت بكل حاجة واتحكمت كمان، بعد ما ماما بلغت عنها، وماما طول عمرها ست محترمة، ده غير أن بابا قال أن معه رقم القضية، [ محركة رأسها بتأكيد] وهيدهوني بكرة القضية من الاجندة اللي في خزنة المعرض، ونشوف ظروف القضية بنفسنا، واظن دي شغلتنا، المهم اننا ما نتكلمش مع ماما ولا قدامها في موضوع القضية دي، لان بابا قال أنه مش هيسمح لأي حد يفتح الموضوع ده تاني.
ـ صلاح بتهكم: وياترى هيسمح لنا نتكلم في موضوعه هو كمان، ولا هو ناوي يقفل على كله.
ـ نعم بتوتر: هو قال أن الموضوع مش بالشكل اللي الست دي صورته، و أنه هيحكي لينا كل حاجة بالتفصيل، بس مش دلوقتي، عشان هو تعبان وكمان قلقان على ماما ولازم نراعي ده.
ـ صلاح بتهكم: خلاص نستنا نشوف هيقول أيه، ده لو عنده فعلا حاجة يقولها [بتهديد] بس ياريت متنسيش اننا دكاترة جامعة، وأن سمعتنا اهم حاجة في مستقبلنا، ودي أكتر حاجة لازم نراعيها.
أومأت له موافقة بصمت، تحاول التماسك للسيطرة على تلك الدموع التي تصارع للنزول.
***************************
بشقة نغم
خرج شهاب من غرفة ابنته يبحث عن زوجته، بعد أن وضع ابنته النائمة بفراشها، ليجدها تدفن وجهها بين ركبتيها محتضنة ساقيها بذراعيها، بينما ينتفض جسدها بقوة، ويعلو صوت نحيبها.
ـ شهاب بلهفة محتضنا اياها: نغم، أهدي يا قلبي، مينفعش كده، أهدي بقى عشان نعرف نتكلم.
ـ نغم منتحبة: نتكلم في أيه، هو في كلام بعد اللي حصل.
ـ شهاب بحنان: وهو أيه اللي كان حصل.
ـ نغم بانفعال محاولة الخروج من حضنه: أيه اللي حصل، عايز تفهمني أن المصيبة اللي حصلت دي مفرقتش معك في حاجة، وأن أنا زي ما أنا بالنسبة لك، بعد ماعرفت اللي عرفته النهارده.
شهاب بحنان مشددا احتضانه لها محتويا ثورتها بين ذراعيه: بس يا نغم، بس يا قلبي، اهدي لو عايزة تعرفي فرق معايا ازاي، اهدي وأنا هاقولك.
هدأت قليلا وبدأت بالنحيب، فظل يربت عليها حتى هدأت تماما، رغم استمرار دموعها بالانهمار.
ساندها حتى وقفت وقادها بهدوء للمرآة ليقفا أمامها وهي باحضانه.
ـ شهاب بهدوء: بصي بقى اللي حصل ده مفرقش بالنسبة لك عندي في أي حاجة، عارفة ليه [تطلعت إليه بحيرة، فأكمل مبتسما وهو ينظر لصورتها بالمرأة] عشان هي دي البنت اللي أنا حبتها، مش باتكلم عن الشكل وبس، لا حبيت فيها كل حاجة حنانها وجنانها وعقلها وقلبها وبراءتها، واللي حصل ما غيرش حاجة من ده، عشان حبي لك يتغير، لازم تكوني أنت اللي اتغيرتي، مش ظروفك هي اللي اتغيرت، ظروفك ما تفرقش معايا في حاجة، الحاجة الوحيدة اللي تهمني في ظروفك أني اقدر اكون لك سند فيها.
ـ نغم بانكسار وهي تدفن وجهها باحضانه: بس دي مش ظروف عادية، دول بابا وماما وطلعوا.. ي.. يعني..
ـ شهاب مقاطعا بحنان: شششش طلعوا أيه، ماما نورا وبابا حكى لنا الموضوع كله، ومن غير ما يحكي، أنت ممكن تصدقي حاجة زي كده عنها، وبالنسبة لموضوع باباكي لو طلع حقيقي، فده شئ يتحسب له، مش يتحاسب عليه، كلنا عارفين الناس اللي ظروفهم كده معظمهم بيبقى مصيرهم الضياع، فلما هو يتحدى ظروفه ويبقى الرجل اللي احنا عارفينه، احنا نحاسبه على حاجة ملوش يد فيها، [ممسكا بوجهها يرفعه لتواجه عينيها المنكسر عينيه] وبعدين أنت نفسك ياما حكيتي لي عن جدتك نعمات، وقد أيه كان بار بيها، وكنتي دايما تدعي أن ولادنا يعاملونا زي ماهو كان بيعاملها، أيه اللي اتغير، أنها طلعت مربياه مش ولاده، أظن ده يثبت قد أيه هو اصيل وابن حلال.
ـ نغم بحزن: تفتكر كل الناس هتقدر الموضوع زيك كده.
ـ شهاب بحزم: واحنا مالنا ومال الناس، هما من امتى بطلوا كلام.
ـ نعم بتردد: ومامتك، تفتكر أنها هتعدي الموضوع ده بالساهل كده.
ـ شهاب بابتسامة مشاكسة: ومن امتى كانت اي حاجة في حبك بالساهل، فاكرة اتعذبت قد أيه عشان أقولك بحبك، واتعذبت اكتر عشان اسمعها منك.
ـ نعم بحب: ربنا ما يحرمني منك.
ـ شهاب بحب: ولا يحرمني منك يا نغم حياتي، أنت لازم تجمدي يا نغم، كلهم محتاجينك، بابا وماما محتاجينك في الظروف دي، حسين اللي يعتبر أكتر واحد اتصدم وأتأثر باللي حصل محتاجك، نعم اللي ربنا وحده يعلم صلاح هيعمل معها أيه بعد اللي حصل محتاجاكي، مينفعش تضعفي و تقعي دلوقتي وتسيبي كل دول، كل اللي بتحبيهم يا قلبي.
ـ نغم بضعف: وأنا.
ـ شهاب بحسم: أنا جنبك يا قلبي، أسندي علي ومتخافيش، أنا عمري ما اقدر ابعد عنك، ولا اسيبك مهما حصل.
ـ نغم بحب وهي تتمسح بصدره: ربنا ما يحرمني منك أبدا.
ـ شهاب بغموض: تعرفي أكتر حاجة أثرت في أيه؟
ـ نغم بحيرة: أيه؟
ـ شهاب بعبث: أننا قاعدين هنا فترة، لكن عشان الظروف دي مش هينفع نسيب لولو مع تيتا نورا.
نظرت إليه بصدمة للحظات، ثم انفجرت بالضحك، ليشاركها ضحكها سعيدا لقدرته على اخرجها من حزنها ولو للحظات.
***************************
بشقة محمود
ـ محمود بحنان: اقعد ياحسين يا بني.
ـ حسين بانكسار: ابنك.
ـ محمود بحب: ايوه ابني، وربنا يعلم أني فرحتي بك ماقلتش ابدا عن فرحتي بولادي اللي من صلبي، وأكيد أنت عارف أني عمري مافرقت ما بينكم.
ـ حسين بسرعة: والله عارف يا.. عارف.
ـ محمود بعتاب: برضه يا حسين، يا وله أنت ابني فعلا، مش بس عشان ربيتك ولا انك ابن مراتي واخو بناتي بالرضاعة [بحب] لا، لكن عشان أنت فعلا ابن قلبي، زي ما نعمات الله يرحمها كانت بتقول عني، وقلبي ده هيكون غضبان عليك بجد، لو حسستني أني مش أبوك.
ـ حسين بسرعة: لا يا بابا، بالله عليك أوعى تغضب علي، أنا مليش غيرك، وعمري ما حسيت أنك مش أبويا، [تلعثم] بس.. بس أنا متلخبط.. متلخبط وتايه.. جوايا حجات كتير مش فاهمها، [ببكاء] موجوع قوي يا بابا، قوي.
ـ محمود بتأثر: حاسس بيك يا حبيبي، محدش في الدنيا دي كلها ممكن يحس بيك أكتر مني، وعشان كده قعدت معك، قبل ما اقعد مع اخواتك، وربنا وحده يعلم اللي بي.
ـ حسين بتردد: هو أنت فعلا لاقتني على باب جامع.
ـ محمود بابتسامة: لاقيتك بباب الله، في احلى من كده باب، [بسخرية مريرة] أنا لاقوني بخلاصي في الزبالة باصرخ من الجوع، أنت بقى كانت لابس ومتهيأ وراضع كمان.
ـ حسين بمرارة: بس النتيجة واحدة.
ـ محمود بحسم: النتيجة أني بقيت ابن نعمات وأنت بقيت ابني.
ـ حسين بمرارة: النتيجة ان مراتي سابتني، وهاتحرم من ابني [بلوم وانفعال] لو كنت صارحتني من الأول كنت اختارت واحدة تناسب ظروفي، لو كنت صارحتهم بحقيقتي، كان من حقهم يوافقوا أو يرفضوا من الأول، بدل ما شايفنا دلوقتي نصابين وحرموني من ابتي ومراتي.
ـ محمود بشرود وهو يزفر بقوة: ياااا يا نعمات، هي وجعتك قوي كده ومسمحتنيش عليها، لدرجة أنها بتترد لي في ابني، صحيح كله سلف ودين، [باهتمام] مرة كنت موجوع قوي زيك كده، وصرخت فيها ولومتها، وقلت أنها غلطت لما ما سابتهومش يودوني الملجأ، وأن على الأقل هناك الروس مساوية بعضيها ومكنتش هلاقي اللي يعايرني بأصلي والحال من بعضه، وكان ممكن اقابل اللي ترضى بحالي من غير ما تعايرني، وأهي الأيام لفت وأنت بتلوم علي أن حافظت عليك زي ما هي حافظت علي.
ـ حسين باعتذار: آسف، مش قاصدي يا بابا، بس على الأقل كنت تقولي بيني وبينك حتى.
ـ محمود بيقين: ساعات بيكون الجهل نعمة، ربنا خفى عننا كتير عشان يرحمنا من عذاب محناش قده، وأمرنا بالستر على قد ما نقدر، ورسولنا الكريم قال {إذا بوليتم فاستتروا} أنا عملت لك اللي نعمت مقدرتش تعمله لي، ياما اتمنيت أن لا أنا ولا غيري ولا أي حد كان يعرف حكايتي، وأنت دلوقتي زعلان عشان قدرت أحقق لك اللي ياما اتمنيته لنفسي.
ـ حسين باستنكار: وأنا استفدت أيه من ده، ما في النهاية كل شئ انكشف وبرضه خسرت كل حاجة.
ـ محمود معترضا: عشان أنت بتبص على نص الكوباية الفاضي، ليه مفكرتش أن جهل الناس أداك فرصة تكمل تعليمك لحد ما بقيت مهندس، بدل ما تكره المدرسة من زفة العيال لك، مفكرتش أن جهل الناس أداك فرصة تتجوز البنت اللي حبيتها، و حتى لو السكينة سارقها دلوقتي، بكرة تفوق وترجع لك، لأنها قربت منك وعرفت شخصيتك من غير ما تتأثر بظروف أنت ملكش ذنب فيها.
ـ حسين باضطراب: وافقت بي عشان حطناها قدام الأمر الواقع، ولكن لو كانت تعرف الحقيقة عمرها ما كانت رضيت بي، ده غلط ويمكن كمان تكون أذنبت من غير ما تحس في حق عمي صالح، لما خبيته عليه حقيقة جوز بنته.
محمود بصدق: أنا لا خبيت ولا كذبت، أنا قلت له أني بديه له راجل بجد ودي الحقيقة، ولو شايف أني غلطان ومذنب أنا عندي استعداد اعترف بده لو جاوبتني على سؤال واحد.
ـ حسين بحيرة: سؤال أيه؟
ـ محمود بهدوء: مين هو ابن الغامدية؟
ـ حسين بصدمة: ابن الغامدية!
ـ محمود بجدية: أيه نسيتها ولا أيه، ده أنا ياما حكيت لك الحكاية دي.
ـ حسين بحيرة: لا طبعا عارف مش قصدك قصة أشهر التائبات، الست اللي زنت وراحت تعترف للنبي وتطلب منه تطهيرها باقامة الحد، وهي حامل، فامرها ترجع له لما تولد، ولدت ورجعت تطلب برضه منه يطهرها فامرها ترجع له لما تفطم الطفل، فطمته ورجعت تاني تطلب منه يطهرها، وبعد ما اترجمت الرسول صلى الله عليه وسلم قال عنها {لقد تابت توبة، لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت توبة أفضل من جادت بنفسها لله تعالى}، [بتفكير] بس مفتكرش أنك حكيت لي عن ابنها، ولا أني حتى سمعت عنه قبل كده غير أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخده وقال { من يكفل هذاوهو رفيقي في الجنة كهاتين}، وأن واحد من الصحابة اتكفل به فعلا، بس برضه معرفش اسم الصحابي ده، بس هاحاول ابحث لك.
ـ محمود بثقة: متتعبش نفسك مش هتلاقى عنه ولا عن اللي كفله أي معلومة، مش بس كده احنا منعرفش الحادثة دي حصلت امتى، يعني لو كانت حصلت قبل وفاة الرسول بوقت كبير، ممكن جدا يكون ابن الغامدية من شباب الصحابة، واحتمال يكون من اصحاب السير وبنقول رضي الله عنه بعد اسمه.
ـ حسين بدهشة: أيه ده بجد!
ـ محمود بهدوء: مش بس كده، لو حد كان اتجرأ وسبه، كان اقيم عليه الحد واتجلد، لأن الرحمة والايمان كانوا بالقلوب، يبقى لما الناس تتحول لوحوش ويحاسبوا اللي زينا على ذنب هما ضحيته، يبقى لازم احمي روحي واستر نفسي.
ـ حسين بتخبط: بس أكيد مش بالطريقة دي.
ـ محمود بحزن: حقك ما أنت معيشتش اللي أنا عيشته، مكنتش ابن نعمات اللي احب الناس لقلبه بيدوس عليه، اسمه اللي الناس تعرفه بيه لوحده شتيمة.
جلس بهدوء يقص عليه بصوت حزين كل ما مر عليه من صعاب، يتهدج صوته احيانا ببعض المواقف الصعبة، ويمسح دموعه بيديه تأثرا بمواقف أخرى، انهى حديثه لينتبه على نحيب وشهقات حسين المصدوم بما سمع.
ـ حسين منتحبا: معقول أنت مر عليك كل ده، ومعقول ماما نورا بتحبك دلوقتي كل الحب ده، بعد المعاملة اللي كانت بتعاملها لك زمان، [بألم] وهو ده بقى اللي منتظرني، بعد ما الحقيقة بانت، هو ده نص الكوباية المليان. ـ محمود بقوة: أنت غيري، عندك اللي مش عندي، عندك عيلة عمرها ماهتسيبك، عندك شهادتك وعلمك وتربيتك، عندك فلوسك اللي مش هتخليك محتاج لحد،[بعزيمة] عندك أنا أبوك، سندك وضهرك، اللي عمره ما هيتخلى عنك، يوم ما ربنا رزقني نعم كنت عارف أن ربنا رزقني قلب نورا، بس كنت خايف من عقلها، كنت خايف ترجع تفكر بطريقتها القديمة واخسرها تاني، ويوم ربنا ما رزقني بك، رزقني عقل نورا وهداها لي ونور بصيرتها، أنت رزق ربنا لي، وأنا عمري ما اتبطرت على رزق.
ارتمى حسين باحضانه وقد زاد بكاءه وارتفع نحيبه.
ـ حسين بصوت متقطع: ربنا ما يحرمني منك يا بابا، أنت رزق ربنا لي، بس أنا تعبان قوي قوي، محمود الصغير وحشاني من دلوقتي هو وماهي، أزاي هاستحمل بعدهم عني، حاسس بقلبي بيتعصر جوايا.
ـ محمود بحكمة مواسيا بكلمات يتردد صداها باذنيه بصوت نعمات الحنون: لا حول ولا قوة الا بالله، استغفر الله العظيم، ادعي ربنا يكتب لك الخير، وارضى بنصيبك مهما كان، رب القلوب يداوي قلبك ويراضيه، بس لما ترضى بقدره الأول، يا ابن قلبي.
***************************
بشقة المهندس صالح.
ـ سوزي بثورة في الهاتف: يا صالح باقولك محدش فيهم رد عليها وكانوا ميتين من الرعب.. لا طبعا هي مش ممكن تألف حاجة زي كده.. بالعكس لو عشان موضوع شهاب كانت علت صوتها وعملت فضيحة، لكن هي اتكلمت بهدوء.. بصرف النظر عن هايا خالص، هما تقريبا اقروا كلامها، نورا قالت لها ابن حرام ده كان بيصرف على مامتك، ده غير جوزها اللي لما سألته قالي بمنتهى وقاحة أنا مصارحكم من الأول اننا ناس عادية لا أصل و لاعيلة، وابنك هو اللي كان هيتجنن عشان يتجوز بنتي.. والمحترم ابنك أكد على كلامه ومشي معهم وسابني.. اتصرف مش هاقدر استنى لحد ما ترجع.. اتصل بابنك وأمره يجيب بنته ويجي.. يعنى أيه هتسيبهم مع الأشكال دي.. يعني هو الاجتماع ده أهم عندك من مستقبل ولادك، براحتك يا صالح.. أوك أنا هستنى وهاشوف هاتتصرف أزاي.. من فضلك حاول ما تتاخرش.
أغلقت المهاتفة بحدة لتزفر بضيق، وهي تنظر لابنتها الواجمة محتضنة ابنتها الغافية، شوفتي بابي وعاميله، . أنا مش فاهمة العيلة دي من يوم ماعرفناها وهي مسيطرة عليه كده ازاي، ده بيقولي هاكلم محمود وافهم منه، بدل ما يقول هارجع اهدها على دماغهم، لا وبيقولي شهاب راجل وطبيعي ما يتخلاش عن مراته في ظرف زي ده.
ـ ماهي بشرود ودموعها تنساب بلا وعي منها: أنا اللي اتخليت عن حسين في ظروف زي دي، من غير ما اسمعه، ولا أعرف الحقيقة.
ـ سوزي بانفعال: أنت اتجننتي، ظروف أيه اللي كنتي تسانديه فيها، هو خسر صفقة، ولا عمل حادثة عربية، يا بنتي ده لقيط، يعني ارتبطك به أهانة لينا كلنا، ووجودك معه في مكان واحد إساءة لكي ولينا، ده غير أنهم نصابين وخبوا عننا الحقيقة.
ـ ماهي متلعثمة بتخبط: هو مكنش يعرف، صدمته كانت واضحة جدا، وبعدين ماهو شهاب فضل جنب نغم.
ـ سوزي بحنق: عشان غبي، من يوم ما اتجوزها وهو اتجنن بها وبأمها، الأول ضحى بينا عشانها، ودلوقتي بيضحي بسمعته ومستقبل بنته، برضه عشانها، [بإستمالة] بس أنت مش زيه، مش هاهون عليكي تعملي في كده، ده غير أن وضعك مختلف، مرته وبنته منسوبين ليه، يعني متشرفين باسمه ونسبه، لكن أنت وابنك منسوبين لحسين، يعني هو اللي اسمه هيسئ لكم، ده غير أن حتى الاسم مش حقيقي، أنت اتجوزتي نصاب ضحك علينا.
ـ ماهي باستنكار: لا طبعا، حسين مش نصاب، حسين أطيب واحن زوج وأب في الدنيا.
ـ سوزي بخبث: طبعا ماهو كان عامل حساب اليوم ده كويس، وعايش في دور الرجل المثالي، عشان لو الحقيقة انكشفت، تكوني اتعلقتي به، وتترددي زي ما أنت عاملة دلوقتي.
ـ ماهي باكية: أنا مش بس اتعلقت بيه، أنا حاسة أن روحي انسحبت مني لما مشي، ساعتها للحظة عينه جات في عيني، ووجعتني قوي نظرته لي، مش حاسة ممكن أقدر أعيش من غيره.
ـ سوزي بحنان: بعد الشر عنك يا قلبي، كل حاجة في الأول صعبة، وخصوصا أنه كان متعمد يبعدك عني وعن دنيتك عشان مايبقش لك اهتمامات غيره، بكرة لما ترجعي لصحاباتك وحياتك، مش يكون عندك وقت تفكري فيه، أنت مش متخيلة شغل الجمعية اتوسع قد أيه، ده أنا محتاجكي قوي، ده غير أننا هنبقى دايما مع بعض، أنت وحشاني جدا.
انفجرت ماهي بالبكاء فجأة، فوالدتها تظن أنها طفلة ستلهيها ببعض الالعاب، لا تعلم أنها قد تخلت عن سذاجتها منذ عرفته وجعل لحياتها هدف ومعنى، ولكنها للأسف لم تستطع التخلي عن ضعفها وترددها، لذا فهي عاجزة على اتخاذ قرار بموقف شائك كهذا، لذا فقد عادت لعادتها القديمة، وستترك زمام الأمر بيد الأخرين، ولتنتظر علاما سينتهي الأمر.
لم تعي أمها شئ عن الصراع بداخلها، فضمتها برفق وهي تربت عليها بحنان، ظنا منها أنها تبكي غدر حبيب محتال.
***************************
تفتكروا حسين هيقدر يسترد حياته ويواجه بعد اللي عرفه عن أصله، وأيه رأيكم في صلاح وموقفه من أسرة محمود.
***************************
مع تحياتي
منى الفولي

جريمة باسم الحب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن