الفصل العاشر

5.7K 272 2
                                    

خطة
ترنحت مريم فاستندت بظهرها على صف من المعدات لم يكن ثابتا بالحد الكافي , فاختل الصف , حاولت مريم أن تحول دون سقوطهم , لكنها جرحت جبهتها رغم ذلك !!
أفرغت مريم غضبها المكبوت في رصهم مجددًا , كانت دموعها التي ظنت يوما أنها أبارها قد جفت , تهطل دون شعور منها , فكففتها بطرف زيها الرياضي !
بقلمي أسماء علام
............................
انتهت الساعة , و تجمعوا في الساحة المعدة للتمرين القادم !!
كان بعضهم قد تحمس بالفعل لاكمال التدريبات تحت قيادة مريم , و بعضهم ظن أن التمرد أصبح خيارا متاحا بوصول عصام , أما أفراد الجيش فولوا أسامة بمناداتها ... فذهب على مضض إلي الجحيم من وجه نظرة !
طرق باب غرفة القيادة و هو يتأفف بضيق ..
جاءه صوت عصام البارد : ..
-ادخل ..
أطل وجه أسامة المحتقن , و قال : ..
-مقدم مريم ! قائد مريم ..
هتف عصام  :..
-معقول أخويا الصغير جاي بعد المدة دي كلها .... يا ترى أي ريح طيبة أتت بك أخي العزيز .
-بل قل أي رياح عاصفة يا أخي الظريف
قالها أسامة في نفسه , ثم هتف له في نزق : ..
-أكيد مش جاي عشانك .. فين القائد مريم ؟ مش دي أوضتها !
ضحك عصام باستفزاز و قام من معقده و هو يقول : ..
-طول عمرك غشيم يا أوس ... القائد بتاعتك اللي عاملة فيها دكر .. طفشت من هنا من زمان .
هتف أسامة متعجبا : ..
-أنت بتقول إيه ؟! إزاي يعني ؟!!
عصام : طفشتها ... هي أصلا عايزة تعمل حبة كدة عليا .. بس كانت شبه الكتكوت المبلول لحد ما خلعت من هنا ودورت على مكان تاني .
نظر له أسامة باحتقار و هتف : ..
-حد قالك قبل كدة إنك مستفز ..
وضع عصام ذراعه حول كتف أسامة و قال ببرود : ..
-يووووووووووه كتيــــــر ..
أبعد أسامة ذراعي عصام بعنف و هتف بضيق لم يستطع كتمانة أكثر من ذلك : ..
-أنا غلطان أني ضيعت وقتي مع واحد مستفز زيك .
أمسك عصام بفك أسامة بقوة و قال بحزم مصطنع : ..
-حد يقول كدة لأخوه الكبير .
-أووووووووف
أبعده أسامة بعنف و هو يتأفف بضجر و تركه و غادر ....
بقلمي أسماء علام
...........................
سامح : إيه يا أسامة هي فين ؟!
أشار له أسامة برأسه بمعني "لا أعرف" .
شريف : إيه عدم الانضباط ده ... بقي هي دي اللي بتعلمنا الانضباط أنا ماشي .
محمد : أنا جاي معاك يا شريف .
خالد(شرطي) : أنا جاي معاكم .
فجأة هتف مجاهد بعد أن لمح مريم قادمة بعينه الصقرية : ..
-وقف عِنديكم ... القائد جايه هناك أهي .
كانت قادمة من غرفة المعدات , ربط أسامة ذلك بكلام عصام , ففهم أنها اتخذت من غرفة المعدات مكان إقامة دائم !!
شعر بالخجل من نفسه ... بالرغم من أن أنه يعلم أن لسانها السليط أيضا كان له دور في شجارهم ككل مرة !!
ماذا كان سيحدث لو أخبرته ببساطة بالحقيقة ؟!
لكن أنت من بدأتها هذه المرة يا أسامة .. و اتهمتها في أخلاقها !!
تأفف بضيق من نفسه , لكنه أفاق من شروده على هيأتها عندما اقتربت , خط الدماء النازف من جبهتها !! عيناها الجميلتان محمرتان من البكاء !!
مهلا مريم كانت تبكي !!
مستحيل ؟!
أليس العهد في الجبال أنها لا تبكي .
...
تعجب الكل من هيأتها المذرية ..
سامح : في إيه يا فندم ؟!
رءوف : حصل إيه ؟!
أسامة : إيه الدم اللي في وشك ده ..
مسحت مريم الدماء بطرف حجابها و هتفت بصوت صارم : ..
-ماحدش ليه حق يسألني ... انتباه !
تعجبوا من تحولها المفاجأ ! أخذوا يسألون بعضهم عما حدث وكيف تحولت مريم هكذا , واستمر التدريب باقي اليوم بتدريبات بدنية شاقة و عنيفة بدون راحة , انتهي التدريب عند الساعة 9 مساءاً مستمرًا ثمانِ ساعات متواصلة .
أحس الجميع بتحولها الغريب وشدة طاغيتها عليهم , كما أحسوا بالقلق تجاه شخصيتها المتحولة !! 
بعدما أمرتهم بالانصراف ذهبت لغرفة المعدات ثانية , لكن قطع طريقها أسامة متسائلا : ..
- مريم
أجابت بحده : انتبه لألفظك يا رائد / أسامة , أنا القائد
أسامة بهدوء نسبي : إحنا خلصنا التدريب على العموم يا قائد / مريم , بصفتي صديقك الوحيد وكمان دراعك اليمين أحب أنبهك أن كده بتفقدي احترامك حتى مع جنودك بأسلوبك الغريب ده .
أجابته بعدم اكتراث واضح على وجهها :........
- دا أسلوبي وأنا ما يهمنيش رأي حد.
أسامه بثقة : الكلام ده مش عليا , أنا أكتر واحد بكشف كدبك , إيه اللي مزعلك لدرجة دي ؟ دموعك كانت في عينيك طول التدريب , أنا ما كنتش حاسس بروحك في التدريبات ، روحك و حماسك اللي كنت بتزرعيه فينا هو اللي كانت بتحمسنا على فكرة مش حاجة تانية , إحنا مهما كان رجالة نقدر نستحمل , لكن أنتِ كدة بتجهدي نفسك و أنتِ الخسرانة  ..
نظرت له مريم نظرة غامضة و بحدة أجابته :....
-ما تخفش عليا يا سيادة الرائد ... أنا فقدت الاحساس من زمان , و أحب أفكرك أن مسألة صداقتنا أنت نهتها بنفسك من فترة واتهمتني اتهامات فظيعة جدا ناسي ولا أفكرك , ما تعملش فيها  الصديق الوفي دلوقتي ... خليك فاكرني واحدة بتستخدم أساليب ملتوية ماشي .
واندفعت للداخل وفجأة سمعت أسامه يقول بحزن : ...
- أنا آسف فعلا.
وأغلقت الباب قائلة والدموع  تملأ جفونها : ...
- أنا اللي آسفة يا أسامة .
وجلست على الأرض جانب الباب , ثم بدئت تعاتب نفسها بصوت خافت :..
- ديما الماضي بيدمر لي الحاضر, بس إيه ذنب الكل بمشاكلي الشخصية , ما ينفعش أعيب على أسامه اللي أنا بعمله دلوقتي ,اللي أنا عملته غلط كبير.... أنتِ اللي دمرتي حياتي يا بريهان إيه خلاكي تظهري تاني في حياتي .
بعد هنية سمعت نداء أسامة ثانية : ...
-مريم ! اطلعي دلوقتي حالا ... في حاجة بتحصل لازم تشوفيها .
استعادت مريم اتزانها و خرجت له بسرعة , نظرت حيث أشار فوجدا عصام يرتدي ملابس سوداء خفيفة و يجهز منظاره و بعض الأدوات الأخرى ..
هرولا حتى وصلا إلي مكانه , وقف أسامة أمامه و هو عاقد ذراعيه أمام صدره بينما وقفت مريم جواره , فهتف عصام بسخرية : ..
-و هو المفروض يعني أخاف .
أسامة : رايح فين !! مش هتروح لما تقول الحقيقة .. فاهم الحقيقة .
عصام بتحدٍ : على فكرة لو مش عايز ماحدش يقدر يمنعني ولا يجبرني أقول .. استطلاع ليلي .. حاجة تانية .
هتفت مريم بحدة فقد تحملته بما فيه الكفاية : ..
-هو أنت مش واخد بالك إننا في مهمة واحدة .. و دي مش مهمة عادية و لا كانوا كلفوا سيادتك لوحدك ... دا خطر على الأمن القومي ... بيهددوا استقرار البلد .
هتف أسامة بغيظ : ..
-هو تقريبا نفسه بدل ما تبقى رهينة واحدة تبقى اتنين ..
حملق عصام فيه بغضب كيف يجرأ على التشكيك في قدراته !
بينما وعى شريف الذي كان يقف في الجانب مستمعا للحوار المعني الخفى للجملة!
مريم : أنا جاية معاك يا مقدم عصام .
أسامة: مش هتروحي معاه لوحدك أنا جاي معاكي .
عصام بتهكم :..
-سيادتها بتخاف من الضلمة
تأففت مريم بانزعاج , فقالت و هي تشير لشريف : ..
-و دا كنت واخده معاك يونسك .
نظر لها عصام باستخفاف قاتل ثم قال بعدم اهتمام:..
-عايزين تيجوا خلصوا بسرعة ..
مريم : أسامة يلا نستعد و هات معاك مجاهد ..
أومأ لها أسامة مؤيدًا لاختيارها الصائب !
فإذا وجد الظلام .. فلابد من مجاهد ذو عيني النسر المشهورتين !
...
لما تأكد شريف من مغادرة مريم و أسامة ... قال لعصام بنبرة عادية : ..
-على فكرة بيخاف عليك !!
أردف عصام بدهشة :..
-مين دا ..
-الأخ ده .
تعجب عصام من شريف و طريقته الغامضة ؟ و ما الذي جعله يظن أن أسامة يخاف عليه ؟!
عصام : نفسي أفهم أنت مالك يا شريف .. إيه اللي غيرك .
شريف :الدنيا .
بقلمي أسماء علام        
................................
و في الفجر حضر الجميع كالعادة لكن هذه المرة أيقظهم أسامة , وكانوا مستعدين لأداء الفريضة , وبعد أدائها  و قفوا في طابور , وبعدما تبادلوا التحية مع مريم .
مريم بصوت هادئ : أنا آسفه يا جماعة عن اللي صدر مني امبارح , بس إحنا واقعين تحت ضغط كبير , والمعلومات الجديدة إن معاد المهمة هيتقدم جداً , بسبب إن معاهــــمْ  .......... رهينه , لو سمحتم سامحوني .
إبراهيم : ما فيش داعي للاعتذار, إحنا فاهمين الضغط اللي حضرتك فيه .
مجاهد : ما تحرجناش يافندم چده , إحنا رچلتك .

انتهي الأمر و بدأوا التدريب وكالعادة لم ينضم لهم عصام , لكن عند الثامنة صباحاً ,ذهب عصام بالعربة لمركز القيادة ليعلمهم بأمر الاستطلاع الليلي الناحج ليلة أمس, لكن قبل رحيله تحدث مع خمسة من أخلص رجاله إليه في أمر ما .
أنهوا التدريب باكراً هذه الليلة , حيث أن مريم أعطتهم بعض الأوراق التي تشرح نظريات عسكرية مطلوبة ليفهموها جيدًا , ودخلت مريم غرفة القيادة تراجع  خطط التدريب و جغرافية  مكان المهمة , حيث مرت ساعة كاملة .
بعدها بدأت تسمع صوت عربة تهز صمت الصحراء , فجمعت أوراقها وذهبت للخارج لتتفقد الأمر , وبشكل مفاجئ وغريب جدا وجدت اللواء جلال سراج الدين بنفسه مترجلاً من السيارة ( و يالها من مفاجأة ) , وقفت منتبه وأدت التحية العسكرية وقالت :...
- المقدم مريم محمد حجازي تحت أمرك يا فندم .
اللواء : تقدم ..... أنا سمعت مشاكل كتير عن المعسكر التدريبي ده .
مريم بدهشة : مشاكل ! مستحيل ما فيش أي مشاكل يا فندم  , الأمور كلها تسير بسلاسة  ويسر , الحمد لله  .
اللواء : أنتِ عارفه إني عينتك في المهمة دي عشان كفاءتك , ممكن أطمئن بنفسي علي العنابر .
مريم مطمئنه :أتفضل يا فندم , المكان تحت أمرك .
دعت اللواء للداخل وهي مطمئنة وخاصة لأن عصام ليس موجوداً فلن تحدث مشاكل بينه وبين أسامة , ولم تكن على علم بأن عاصفة قد دمرت كل ما بنت هي في الأيام السابقة ....
اصطحبت اللواء جلال سراج الدين إلي أول عنبر فوجدته فارغ  تماما , وما أن اقتربوا من العنبر الأخر سمعوا أصوات عاليه للغاية , فترددت في فتح الباب , ففتحه  سيادة اللواء بغضب, وكانت فوضى عارمة في الأنحاء , كل واحد يتشاجر مع الأخر - و معهم أسامة -  ولم يعد هناك شيء واحد في مكانه , فعصام قد حاك خطته وهو بعيد تمامًا عن المكان .............

أختان في العاصفةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن