الفصل الرابع

7.1K 268 4
                                    

(لست كأي فتاة )
-إيه رأيك أربيكِ و أطلعك من هنا يا برصاصة يا بعاهة مستديمة .
قالها و هو يشير إلي ذراعه ليبرز عضلاته و على وجهه ابتسامة ثقة !!
نظرت له بسخافة  و كأنه مهرج أو مجنون أمامها !
فهم نظراتها فنظر لها و كأنه سيقبض روحها الآن و نفرت عضلاته أكثر .
فهتفت بسخرية و هي تزيح السلاح من على رقبتها باصبعيها الوسطي و السبابة  و لم يرتد لها جفن , أو تشعره أنها خائفة : ..
-بس يا كابتن بس لا يطاقلك عرق , و ابعد السلاح لحسن تتعور .
اتسعت حدقتيه بغيظ , بينما تمتم الواقفون خلفها : ..
-يظهر كدة إن الله يرحمها ..
-دا هياكلها .
-ما هي اللي مستفزة .
رمى أسامة السلاح أرضا و قال : ..
-بلاش سلاح , إيه رأيك ما أخليش فيكي حته سليمة .
بدأ يشمر عن ساعديه .
ابتسمت له بسماجة و هي تهتف بخوف مصطنع : ..
-يامي يامي خاف يا عيد ... اللي أنت بتستخف بيها يا كابتن دي , بتلاعب 3 رياضات عنيفة و من هي أد كدة ..
قالتها و هي تشعر بيدها إلي الأرض و تابعت : ..
-حوالي 3 سنين , عد معايا  , ملاكمة , كاراتيه , و جودو , بالاضافة لدورات النيجا اللي بتخليني أعرف أضعف نقطة في جسم الخصم اللي قدامي , يعني ضربة وسط عنيك تسببلك خلل و عدم اتزان , و لو اتعفيت عليك ممكن توصل لعمي .
-و أنا لو أتعفيت عليكي هرجعك بطن أمك تاني .
تمتمت لتثيره ذلك السمج : ..
-قولتلك ما تقدرش .. أنا واخدة رقم قياسي في سرعة القضاء على الخصم , أصلي مش عضلات نفخ زيك كدة .
ثم غادرت و هي تتمشي ببرود مرتاح .
صاح أسامة بغضب هادر :...
-نـ ااااااااااااااافـــــــــــــــــــخ .. أنا يتقلي نفخ , و حياة أمي لأربيكي ...
أخذ وضع الاستعداد , فأمسكوا به كلهم ... بعدما اختفت من أمامهم و هدأ عنف أسامة , احتدت نظراته بشر و هو لا ينتوى الخير أبدًا .
تلك السمجة ستدفع الثمن !!
ضرب أسامة المنضدة بيده , و هتف :.....
- هننتقم منها .... هدفعها التمن غالي ... معايا !!
الجميع بصوت عالٍ :أيوووووووة  .
ربما لم يكن إغضابهم هو الحل الأمثل , لكن لم تستطع مريم الجلوس والنظر لهم في انتظار خطتهم القادمة , يجب أن يعلموا أي خصم يواجهون ..
-خليهم يعرفوا بتعاملوا مع مين .. بس هما مش كدة هيتقلوا العيار شوية ... غبية يا مريم .. قال يعني كنتي ناقصة مشاكل ... خلاص بقى اللي حصل حصل ... بس كان شكله مسخرة و أنا بقوله نفخ ... ههههههههههههههه .
ضحكت مريم بشدة فقد كان أسامة يبدو و كأنه سيحترق من الغضب .
في المساء دخلت مريم غرفتها بعد تدريبات شاقة و هي تشعر بالنعاس , فسمعت أصوات غريبة جدا وكأن الخشب يتحرك .
وفي الخارج النفوس خافتة ينتظرون سماع صرختها , لكنهم لم يسمعوا ما كانوا يريدون , لكنهم فقط شاهدوها وهي تخرج من الغرفة بيديها ثلاثة فئران ميتة تعلقهم على باب الغرفة .
و بعد ذلك دخلت الغرفة لتنام فغدا ستذهب للصحراء للتدرب.
كانت هذه ردة فعل ساحقة عليهم وعلي اجتماعهم .
بدت على وجهه أسامة علامات الذهول التام وقال :..
- يا جماعة انتوا متاكدين ان دى واحدة ست  .  
صابر :مش ده المهم بتاتا , انتوا متاكدين إنها من البشر .
مجاهد : يا جماعه النسوان في بلدنا لازم يكونوا رجاله بس بيخافوا من الفران وبيترعبوا ,  يا چدعان أنا مش مصدق .
كور أسامة قبضة يده بعزم قائلا :...
- إحنا مش هنستسلم لحد ما تمشي من هنا .
سامح بحزن : الخطة 6 فشلت .
أسامة بغضب : إحنا حاولنا نبقي لطاف بس يظهر دا ما ينفعش معها  لازم نبقي حازمين أكتر من كدة .
سيد : قصدك الخطة 7 ! إحنا أما كتبنا الخطط ما اعترضتش لأني كنت فاكر مش هنوصل للدرجة دي يا جماعة , كدة ممكن تتأذي فعلا مش مجرد خوف .
رءوف : هي اللي تستهال هي اللي استفزتنا وهي حرة في اللي يجري لها , لازم نوقفها عند حدها والظروف مناسبة , عشان إحنا رايحين الصحرا بكرا  إن  شاء الله .
هتف أسامة وهو يمد يده لهم : يبقي اتفقنا .
أمسك الكل بقبضته مرحبين بالخطة .
...................
وعندما اختليت مريم بنفسها في غرفتها استغفرت الله , و ظلت تنظر ليدها بتقزز :...
-إيه الأرف ده !! إيه اللي أنا عاملته ده .. بايدي طب أرشها بديتول ... لا مش هينضفها بردة .. أقطعها أسهل ... أنا كدة مش هعرف أنام .. ربنا يقلق راحتكم زي ما قلقتوا راحتي .. يا رب تموتوا كلكوا يا فشلة !
..................
جلست بريهان ضامة ركبتيها إلي صدرها و دموعها على خديها و جسدها ينتفض بارتعاش .
فهي لم تعش أسوء مما عايشت في الدقائق المناصرة !
كيف يمكن لذلك الشخص الذي يعلمهم و يعطي الحكم و المواعظ أن يكن بتلك الخثة و الدناءة !!
لقد كانت لتضيع لولا ذلك الطبيب الشاب المصري الذي أنقذها و أعطى ذلك الحقير ألبرت درسا قاسيا !
في تلك اللحظة فهمت معني و قيمة من قيم بلادها ألا و هي النخوة ..
لكنه الآن هو في ورطة بسببها و هي لا تستطيع أن تساعده كل ما تفعله هو ذرف الدموع !!
-يا رب كدة مستقبله هيضيع و يروح في داهية بسببي !! يا رب دبرني أعمل إيه ؟!! خلاص هعصر على نفسي كونينر ليمون و أكلمه ... يارب ساعدني .. 
.................
وفي صباح يوم غد , وفي طابور الصباح , وبعد تحية القائد انتقلوا بعربة  إلي مكان التدريب الجديد , كانت مريم شاردة الذهن قليلاً , لم تكن على علم بما يدري من حولها ، مع أنها تعلم تمام المعرفة أن شرود الذهن أمر لا يغتفر في الجيش , والأخطر من ذلك عندما تعلم أن أعدائك كلهم حولك , لكنها لم تستطع فالمنظر يذكرها بكل اللحظات المؤلمة القاسية التي مرت بها في حياتها كلها , تتذكر لحظات شعرت فيها بالصداقة , بالخيانة , بالتعاسة , بالألم , بالخوف , بالوحدة ... هذا حالها .
وكانت تُدبر من حولها خطط وتحاك المؤامرات , وهناك همسات وضحكات , هذا هو حالهم .
وفور وصلهم المعسكر التدريبي تجمعوا في الصف بسرعة لتأدية تحية  القائد , وعندما شاهدها القائد ظهرت نظرة الحيرة على وجهه , فهو لم يكن على علم بوجود مريم مع هذه المجموعة , وكيف لا يضمها المسئولون لهذه المجموعة في هذه التدريب الصعب , لكي يصنعوا منها أضحوكة أمام  الجميع .
كان أول شيء يتوجب عليهم فعله هو نصب الخيام ، فلها عدة مميزات منها : صغرها في الحجم , سهولة إخفائها , سهولة حملها ، وهي مناسبة للصحاري أكثر من أي شيء أخر, حيث كان يجب عليهم تعليمهم كيفية التعامل مع أصعب المواقف في الصحراء , و أفضل شيء حدث أن خيمة مريم نُصبت بعيدة عن خيام الجميع .
انتهي اليوم الأول بدون مشاكل مما زاد حيرة مريم , وقلقها علي هؤلاء الحمقى اعتقدت أن شيئا ما سيئا أصابهم .
وكل يوم يمر يشتد التدريب أكثر ويزداد الوضع هدوءًا وهذا يقلق مريم أكثر, فمن المستحيل بالنسبة لها تصديق أنهم استسلموا .
وكل زادت صعوبة التدريبات وزادت معاناتها , اعتقدت أنها أصبحت أكثر صلابة و قسوة , والجميع يفكر كيف لفتاة أن تجتاز كل هذا , وبالأخص فتاة ثرية و بالتأكيد مدللة كباق الفتيات من تلك الطبقة , لكن معهم ألف حق , فهذه كانت هوية مريم الحقيقية , قبل أن تعرف حقيقة العالم من حولها , وبعدها  أدركت أن عليها أن تغدو أقوى من أقوى رجل بينهم ...
أن تجعل كل رجل يرى حجمه الحقيقي , وما الذي تستطيع أن تحققه المرأة التي يستخف بها .
وفي المساء كان تدريب قاسي للغاية , حتى أصبحت مريم لا تشعر بقدميها , فدخلت خيمتها أملاً أن تجد بعض الهدوء والراحة , لكن هناك أناس يحرمون الراحة علي الغير , وفجأة  بدأت تسمع أصوات غريبة , وعندما تتبعت مصدر الصوت , رأت شيئاً غريبًا , وفي هذه اللحظة بدأت  تتذكر الكلام الذي كان يهمس به بعض الطلبة , أن هذه المنطقة كانت في البداية مقابر إلي أن تم تدميرها , وإعادة بناءها لتصبح مركز تدريبي لطلاب الكلية الحربية , وأنهم قد سمعوا من الطلاب الأقدم وجود أشباح تحوم حول هذا المكان , بدا الأمر سخيفاً حينها والآن أيضا  , لكن الأمر  يبدو غريباً للغاية , وكلما تحركت وجدت هذا الشيء الغريب يتحرك في كل مكان وكأنه فعلاً شبح , انتابنها الرعب لبرهة , وثبتت أقدامها في الأرض , وحاولت أن تستفق .
مريم لنفسها : بجد يا مريم فوقي أنت غبية ولا إيه ؟! معقول تصدقي إن فيه أشباح .... بس بجد دول فشلة وحمقي كمان , دول ظلموا نفسهم لما دخلوا الكلية الحربية , بس كده هردلهم الصاع صاعين .
تظاهرت مريم بالخوف لكي تستطع أن تحدد هوية ومكان الشخص الذي يتحكم بهذه الأشباح وبالفعل فعلت ذلك , واختفت من أمامه فجأة بحيث لا يستطيع تتبعها , واقتربت منه من الخلف ومعها هاتفها - الذي كانت دائما  تسجل عليه أصوات الحيوانات , وبالأخص الذئاب -  وعندما أصبحت خلفه تمامًا اختبأت خلف صخره وبدأت بتشغيل صوت الذئب وبعدها أسد , فارتعب ذلك الشخص وفر هاربًا إلي المكان الذي ينتظروه فيه , وهو يجري اكتشفت أنه ( سيد ) , وعندما دخل الخيمة حيث ينتظروه كان يلهث من كثرة الجري والخوف , ففزعوا جميعًا عندما قال لهم : ..
" ديب .... أسد"
أسامه : أنت أتجننت ولا إيه , المكان متأمن كويس, مش ممكن يبقي في حيوانات مفترسة هنا .
مريم بسخرية : أنا برضه كنت بقول لنفسي كده , زى ما مش ممكن يكون فيه حيوانات مفترسة أكيد ما فيش أشباح ولا إيه .
نظر الجميع إليها بذهول .
مريم بتهكم : في إيه يا جماعة , إيه ليكون ممكن وأنا ما أعرفش , في الأول أحب أقول إن الصوت كان صوت متسجل عنديٍ على التليفون  .
أشارلها أسامة بسبابته و قال بحدة  : ...
-  اسمعي .
قاطعته مريم بحدة : ...
-أنتم جبنه , ما تقدرش توجهوني و بتلجئوا لحيل رخيصة .
أسامة بغل : يا بنت نواجه مين , دا أنتي شبه البرص الجعان لو نفخت فيكي هطيري .
-مش بالجسم على فكرة .
أسامة : أومال بإيه إن شاء الله بالتسلق على الحيط .
-ليه شايفني صرصار .
هتف أسامة مغيظا إياها :...
-لا برص .
مريم بتهكم : هيهيهه!!
سامح : يا أسامة ! دي مسنودة ريح نفسك .
مريم : تصدق ضحكتني بجد ... دا أنا بتعامل معاملة أسوء من أسرى الحرب , بس بجد نفسي أسالكم أنتم بتعرفوا تناموا عادي , بتناموا كده وأنتم ضميركم مرتاح , أنتم عار على الجيش وعار على البلد , أنتم فكرين نفسكوا رجاله , الراجل هو اللي يحمي بلده , والجندي اللي يحمي تراب بلده , دا انتم دلوقتي بتأذوا زميلتكم , هتعملوا إيه في البلد بكرا , أنا لو مت هتموت معايا فكرة نبيلة إنما انتو لا , وأكرم ليكم  لو فشلت يبقي عشان أنا اللي فشلت مش أنتم اللي فشلتوني , مع إن دا مستحيل يحصل , أنتم كلكم مسلمين هما دول المسلمين اللي الرسول أمرهم وقال "استوصوا بالنساء خيرا " ......
مجاهد : هو أنتِ شايفه نفسك من النساء .
مريم : الحكاية أني مش ست بالمعني اللي أنتم تعرفوه , بس أهم حاجة ما أبقاش راجل زيكم , خليكم في طريقكم وأنا في طريقي ونشوف من اللي هيكسب في الأخر .....و يا ريت تبعدوا عن طريقي عشان مش هتوصلوا حاجة ... عشان أنا هنا  ....
ثم خبطت على صدرها موضع القلب بقبضة يدها بقوة و تابعت : ..
-مفيش قلب ... فكل اللي بتعملوه ده بـــــلح ما بيأثرش فيا .. ربنا يهديكم .
طأطأ أسامة رأسه مفكرا , يبدو أن كلام مريم أثر في قلب واحد فيهم ولكن ليس أي واحد إنه زعيمهم أسامة , رغم أن غروره ظل يراوده , لكنه اتخذ قراره سيبتعد حتي اشعار أخر , على الأقل الآن فترة هدنة ...
......
نزلوا جميعا أجازة ,,
أمسك أسامة هاتفه الذي استلمه و أخيرا و قال و هو يشعر بانزعاج منذ المواجهة الأخيرة بينه و بين مريم ..
فتمتم و هو يتلاعب بأزرار هاتفه : ..
-مستحيل أكون اتأثرت بكلامها ....... أوف ما تولع بجاز , إيه الأرف ده ! 
ثم اتصال بأحد أصدقائه : ..
-أيوة ! أنا خدت الأجازة و جيلك .... عايزك تنسني الأرف و المرمطة اللي شوفتها هناك , و أنت عارف مزاجي ..
...........................
فور ما عادت مريم إلي منزلها ارتمت على الفراش بتعب و نامت دون أن تدرك ذلك حتى .
بعد عدة ساعات أصدر هاتفها رنينا مستمرا فاضطرت للاجابة و قالت بصوت يغلب عليه النعاس : ..
-السلام عليكم ..
-أنتِ نايمة .. لا قومي و فوقي ... عندي ليكِ حته مفاجأة ..
================
مل عصام من تصرفات صديقه شريف , فهتف في ضيق : ..
-يا بني اتلم , و بعدين دي مناظر تتعاكس أصلا , دول غفر .
-مش معانا في الشرطة يبقوا لازم يبقوا كدة , تيجي نشوف حد من برا .
-لا يا عم لا نشوف , و لا نروح ولا نيجي .. أنا مروح سلام ..
-استني جاي معاك طيب .
.............................

-استني جاي معاك طيب

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
أختان في العاصفةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن