الفصل السابع

7.1K 286 4
                                    

( المشوار الأصعب )
بعد مرور خمس سنوات ,,
في لندن ,
تسارعت أنفاس بريهان في محاولة لالتقاط أنفاسها و هي تضغط على صدر تلك الفتاة المدرجة بدمائها في محاولة لإنعاش قلبها .. ثم بدأت بعمل تنفس صناعي لها !!
دقائق شعرت فيها بريهان باليأس من استجابة المريضة و قد شعرت بانقطاع أنفاس الفتاة فدمعت عينا بريهان و نظرت ليدها المتشبعة بدماء الفتاة لتحيي أسواء كوابيسها !
هتفت بتلك النبرة الأجنبية التي اعتادت عليها هنا :..
-she is died !
قالتها بنبرة مرتجفة خائفة و يدها ترتعش ..
هتفت بها مشرفتها المباشرة :..
-beryhan! Go on ! Don't give up ! She is still alive .
  قالتها بحزم أيقظ بريهان متذكرة كل كلمة ، كل أمر ! و اتبعت كل التعليمات الازمة في مثل تلك الحوادث ..
نعم تلك الفتاة ضحية شاب مستهتر صدمها بسيارته و هرب تاركا إياها تعاني الموت بسبب طيشه !
بريهان تلك الطبيبة في سنة امتيازها التي كانت تسير مع مشرفتها تناقشها في بعض الأمور فصودفا بالحادثة ، طلبتا الإسعاف و هرعت بريهان في محاولة لإسعافها !
حاولت بريهان عدم تحريك الفتاة حتى لا تتفاقم حالتها إن كانت مصابة بكسور ، و أعادت الكرة مرارا و تكرار حتى شعرت باستجابة ضعيفة منه ، مصدره آنه متأوه !!
تنفست بريهان بعمق و راحة و هي ترى سيارة الإسعاف قادمة !!
.....
مسدت بريهان شعرها الأشقر  ..
(ربما كان ما حدث لبريهان دافع كبير في تحسن شخصيتها , فبعد أزمة دكتور ألبرت لجأت لربها و لدينها ... سبحانه الذي جعل من الابتلاء فرصة لعودة العباد إلي الطريق القويم , فقد ينقصها التشجيع لكن أيييين و هي وحيدة في بلد مثل تلك , فبعد أنا كانت المدللة الآن وحدها فقط , تحارب وحدها و لأجلها  )
بدا على خضراوتي بريهان الإرهاق , و كأنها هي من كانت تصارع الموت !!
نظرت لها المشرفة بفخر و قالت : ..
-أوه .. بريهان لقد رفعتي رأسي لو تعلمِ ... تلك إشارات جيدة لتنهي سنة امتيازك و تختارِ في أي مجال ستتخصصين ...
ابتسمت لها بريهان ابتسامة مهتزة و قالت بامتنان حقيقي : ..
-أشرك حقًا معلمتي ... أنتِ حقا إنسانة رائعة و طبيبة ممتازة , لقد سعدت حقًا بالتعرف إليكِ و العمل تحت إشرافك .
-بيري ! أنتِ تلميذتي المفضلة ..و اعتبرك صديقتي ... سعدت بالتعرف إليكِ .. يكفي أنك السبب في كشف ذلك الحقير ألبرت , الكل هنا ممتن لكِ .. لم أكن أصدق أن من ادعي الشرف سنوات يكن بتلك الشخصية الوضيعة .
-لقد ظن لأني عربية سأصمت ... و لن أجد من يدافع عني .. لم يعلم أن الله معي , ايماني بأنه لن يضيعني جعلني واثقة أن نهايته قريبة !
-قد لا أفهم الكثير من مفاهيم العرب و اعتقادتهم , لكن هذا لا يهمني , أنا لا أحكم على الناس من القشرة هكذا علمتني الحياة .. سرني التعرف إليكِ بريهان , وقتما تحتاجينني ستجديني .
-في داخلك إيمان و رقي و حضارة و هكذا يكفي الآن ... و أنا متأكدة أن هذا سيرشدك يوما لما هو خير لو تعلمين , و إن شاء المولى نلتقى في وقت جديد معلمتي نكن أنا و أنتِ أفضل بكثير مما نحن عليه .
-عسى أن يكون كما تقولين ... هيا إلي المشفى .
=============
في بلدنا الحبيب ,,,
يقف عصام بملل كبير و هو يعبث بسلاحه ، ينظر حوله بترقب لمعونيه في نظرات خبيرة !
هتف لشريف الذي يجاوره قائلا بملل :..
-إحنا هنتنينا مرزوعين هنا كتير .. بتهبب إيه الزفتة دي فوق ... ما ادتنيش اشارة ليه ؟! و لا الوضع عجبها !!
-ما تقلقش يا كبير .. الملازم عفت عاملة اللي عليها و زيادة  و الله أنت ظالمها ! و عيب اللي أنت بتقوله ده .
-ظالم مين يا عم !! انا قولت ميت مرة النسوان ما ينفعوش للشغلانة دي , و إدارة الأداب كمان ..
-نسواان ! قديم أنت يا عصام !
-فاكرين نفسهم زينا و لا إيه ؟!! بعد كدة هنقعد في إحنا في البيت نربي العيال و هما اللي يشتغلوا إن شاء الله !
-ههههه مش للدرجاتي !!
-هو النسوان صنفين .. يا فافي يجلطوا .. يا واحدة واخدة كورسات حقوق المرأة و عيشلها في الدور ..
-هههههه عنيف أنت يا عصام !!
-أنا  نفسي أفهم مجنون أنا أجيب واحدة أصرف عليها كل وظيفتها في الحياة تحرق في دم أمي .. و ياريتهم حلوين أصلا .. أنت بشنبك دا يا شريف بالنسبالي أحلا ..
-صلي على النبي في قلبك يا دفعة ... هو أنا لاقي وحدة تعبر أمي حتى !!
-بس !! بس .. الإشارة ..ابدأ في تنفيذ الخطة !
....
بعد ساعتين , كان كل شيء على ما يرام , و تمت المهمة بنجاح , لكن الملازم عفت تلقت تعنيفًا قاسيًا من جنكيز خان عصره (الرائد عصام) !!
وقف شريف متحسرا عليها بعيدًا و هو يقول : ..
-مكنش يومك يا بنتي ... و الله تقشير البصل أحسن من الاصطباحة بالوش العكر ده ... وسيم دي خلقة ربنا ... غني يرزق من يشاء ... شاطر و ذكي نعمة من ربنا .... ربنا مديه كل ده , بس للأسف عصبيييييييي ايفر نيفر فو ريفر , غشيم , و دماغه أنشف من قبقاب جدي ... و بيكره الستات كره العمى , ما أعرفش ليه ... ليه يا ست أم عصام بلتينا البلوة السودة دي .. أنتِ بتكرهينا كدة ليه , أنتِ تعرفينا أصلا ... و بعد دا كله عجبهم فيكِ إيه يا بعيد روح , حتى الهبلة بنت الهبلة اللي أنتِ بتزعقلها دي !!
قاطعه صوت جواره : ..
-بتعدد على إيه ؟! شكلك بتقطع في فروتي ..
ابتسم شريف ببلاهة و قال لعصام :..
-لا أبدًا يا روح الروح ... قولي يا عصام مين مثلك الأعلى في الحياة .
-سؤال صعب ؟!!! هبقي أفكر فيه ..
-لا ما اتفكرش ما أنا عرفت , الأستاذ خلف الدهشوري خلف و هو بيجول : .. "حريم ... لع يا علي ... ما تأمنش لحرمة في الدنيا دي غير أمك , و لو أبوك طلجها ما تأملنلاش يا علي "
ضحك عليه عصام بسخافة و تجاهل عبارته برمتها , ثم قال : ..
-يلا عشان ربنا تاب علينا من المخروبة دي .
أمسك شريف بذراع عصام و قال بلهفة : ..
-بجد قبلوا طلب النقل من أم إدارة الأداب اللي شبهتنا دي ..
نزع عصام يده و قال : ..
-آه ... و سيب إيدي ..
-آه صح دا أنت تشبهني ...
-أنتِ تطول يا مفعن .... بس أما سألت عن الإدارة الجديد قالولي مفاجأة ..
ترنح شريف بمزاح و أمسك بعصام و هو يقول بتحسر : ..
-شكلنا هنحصل الأستاذ تيمور .. قصدي الأستاذ أحمد السقا ..
قال عصام بضحك مقلدًا الفيلم : ..
-أبشــــــــــــــر يا شريف !
-يا خسارة شبااااابي يا أمه آآآآآآآه ..
أطلق عصام ضحكات منطلقة على صديقه , و طريقته المسرحية !!      
-----------
بعد مرور عامين ,,
تغيرت فيهما الكثير و حدث فيهما الكثير !
عصام قد صار برتبة مقدم , لكن زادت مزاجيته , و أصبح أعنف و كأنه يخرج طاقة مكبوتة بداخله !
أما من كان يخفف عنه , فتغير هو الأخر , فقد أصبح شريف .. أقصد الرائد شريف أكثر هدوءًا و أصبح يميل إلي الصمت , و اكتسب بعض صفات عصام !
" فكما يقال الصاحب ساحب "
و قد تلقي تعليقات من بعض رفقاءه المساون له في العمر :.
"إيه يا اسطا هو من عاشر قوم أربعين يوم صار منهم و لا إيه "
لكن ما حدث مع شريف أكبر من مجرد تبدل صفات ! كان يميل دائما لسماع أغنية "مين في الحياة دي ما تولدش برئ , ما بنختلفش عن الملايكة في شيء و الله يسامحها الدنيا بتغير "
و هنا سؤال يتردد على الخاطر : ماذا لو أننا ظللنا على الفطرة ؟!
----------------
مرت السنوات بالضبط سبع سنوات على مريم و بالطبع تم تمديد مدة التجربة بعد أن كانت 6 سنوات أصبحت حتى الآن 9 سنوات .
الأمر الآن أصبح أكثر متعة , كانت مريم تحس إحساس رائع فهي تشعر بالمسئولية وأن قاداتها يثقون بها , لقد أصبحت اليوم برتبة مقدم , استعادت مريم بعض من شعورها بالثقة بالنفس , لقد مر الأمر سريعاً , لأنها قامت بعمليات استثنائية كثيرة كلفها بها رؤساؤها , لم يجرؤ أحد على القيام بها , لكن ما أحزنها أن أسامه بالرغم من كفاءته مازال برتبة رائد , وذلك لأنه في بعض الأحيان ( و على غير عادته)  يبدو مهملاً للغاية وغاضبًا من أتفه الأسباب, وعندما تسأله مريم عن السبب لا يجيب , وعندما تحاول التخفيف عنه يغضب أكثر ويهب في وجهها  فيتشاجران, وهذا يحدث كثيراً بعدما يأتي من أجازته , لذلك أحيانا لا ينزل أجازته , شجاراتهما معًا تكاد لا تنتهي , وأحيانا لا يكلمان بعضهما البعض لأكثر من أسبوع , وأحيانا تصالحه هي وأحيانا يأتي هو , لكن حقا انتابنها شعور أنه يجب عليها معرفة ما هي مشكلته , و كما يساعدها دائما تريد أن تساعده .
وفي يوم ما في الصباح جاءها استدعاء من اللواء جلال سراج الدين , انتابنها شعور بالقلق الشديد , وعندما وصلت كان الأمر عكس المتوقع , أولا طرقت الباب , فسمح لها بالدخول .
مريم : "السلام عليكم" .
اللواء جلال : وعليكم السلام , اتفضل .
وقفت على بعد 6 خطوات وأدت التحية العسكرية (برفع يدها اليمني للأعلى ) , وقالت معرفة نفسها :
-"المقدم مريم محمد حجازي تحت أمرك يا فندم . ",
فرد عليها التحية , و أخبرها عن مهمة جديدة , وشدد على خطورتها , لمريم حرية اختيار السريه ( مجموعة الجنود والضباط )  التي ستكون تحت قيادتها وأعطاها الملف , ثم غادرت المكتب بعدما أدت التحية مرة آخري, وبعد أن اطلعت مريم على أوراق المهمة , الابتسامة من على وجهها اختفت .
وبعد ما عادت للمعسكر جلست وحيدة في هدوء تدرس الأوراق , وفجأة سمعت مريم صوت من خلفها يقول :
"مخدرات – سلاح هـــا هــه ... "
فزعت مريم  وأغلقت الأوراق أمامها والتفتت خلفها لتجد أسامه
مريم : أسامه !! رعبتني .
أسامة : سيادة اللوا كان عايزك ليه ؟ مهمة جديدة ولا إيه ؟
مريم : وشكلها مش سهل كمان , اقعد هنا يا أسامه عايزاك.
أسامه : تمام يا فندم .
مريم : بطل هزار, اعمل حسابك ما أنتش رايح مع الكتيبة اللي راحه الصحرا بكرا.
أسامه ببرود : اشمعنا .
مريم : المهمة كبيرة وأنا ليه حرية اختيار اللي جايين معايا .
شعر أسامه بحماس و فرك يديه معًا و قال :...
- كويس , مهمة خطيرة , أنا بحب ده .... بدل الملل و الروتين .
مريم : اللي جاي مش كويس  .
أسامه باقتضاب : خير !! أنت ما تكمليش حاجة كويسه أبدًا  .
مريم : بتعملها إزاي و بتعرف تهزر كدة ..
أسامة : أنتِ اللي كشرية ... صحيح الستات المصرية نكدية فعلا .
تجاهلت كلامه , لكنها بالفعل تحسده على قدرته على التخفيف عن الأخرين رغم أنها متأكدة أنه يعاني الكثير !!
-المهمة دي استثنائية ولأول مرة  يتعاون الشرطة والجيش في مهمة واحدة .
تغيرت ملامح وجه أسامه , فأضافت مريم :......
- أومال أنا أعمل إيه ! أنا حولت مع سيادة اللوا مفيش فايدة ؛ لأن القرار جاي من فوق , الموضوع عن خلية إرهابيه بتاجر في السلاح ومخدرات و بتهدد الأمن القومي , و بتهدد منطقة خطرة من الحدود , ولو ما تصرفناش بسرعة , ممكن يحصل اضطراب مع الدول المجاورة  .
أسامة : مش دي المجموعة الإرهابية اللي شغله الرأي العام الفترة اللي فاتت .
مريم : ولسه اللي جاي أحلى , قائد مجموعة الشرطة نفس رتبتي .
أسامة : بمعني ؟
مريم : القائد مش محدد , يعني بعد تحقيق الانسجام بين الطرفين واللي حطوه من مسئوليتي- يعني دبسوهالي, والتدريبات الأولية والعامة , الفرقة هي اللي هتختار القائد  , وهو اللي هيحط الخطة ويدربهم عليها بقي .
أسامه :إيه المشكلة ! في الأول الأصوات المفروض متساوية , لو كسبتي ثقة واحد بس من هناك هتبقي القائد .
قالت مريم وهي تضغط على كل حرف من حروف جملتها : ....
- دا لو الأصوات أصلا متساوية .
أسامه وهو يصفق بيده : أوبا ! صح, بالرغم من إنك قضيتي معانا السنين دي كلها , بس أنتِ مالكيش شعبية خالص ..
عقدت مريم ذراعيها أمامها و قالت باقتضاب و ملامح طفولية عابسة : ..
-أنتِ عايز تنقطني صح !!
ضحك أسامة عليها كثيرا , فنظرت له بغيظ , فازدادت ابتسامته , دائما ما كان تسعده ملامحها المنزعجة المغتاظة , فهي بالنسبة له طفلة مشاكسة , عابثة , مجنونة , شرسة , لا تثق بأحد سواه , و للأسف جميلة .. جميلة جدا بشكل يخطف الأنفاس بتلك العينين ذات زرقة البحر تشعر و كأنك تغرف فيهما بدون مقاومة , فمن ذاك المجنون الذي يقاوم أمواجها العاتية , و كل تلك الصفات تسعده !!
لكنه تمسك بوجهه الجدي و قال بحكمة : ..
-بس أوعي ده يأثر علي اختيارك .
أردفت مريم بحيرة مرتبكة : ..
-أنت عارف إنه مهم عشان التجربة بتعتي لازم أبقي القائد , لو أنت مكاني هتعمل إيه  ؟
أسامه : أنتِ لازم تتصرفي لوحدك ,أنا هقولك حاجة واحدة بس أنت أهم حاجة بالنسبة ليكي نجاح المهمة والتجربة , ولا تثبتي أنك القائد , ومش عايز أعرف الإجابة دلوقتي , ومتأكد أنك هتتصرفي صح .... سلام .
تركها أسامة تفكر لاختار الجنود والضباط وأعدت القائمة بأسمائِهم و كانوا 15 (منهم  8 ضباط برتب متفاوتة و7 جنود)
وبعد ساعتين جاء أسامة وشاهد القائمة وتأملها ثم قال :
- بسم الله الرحمن الرحيم  أولا الضباط :1- الرائد أسامه سامح ..لاب لاب لاب ها اللي بعده ... إيه الحلاوة , على رأس القائمة الرائد سامح محمد .. ما شاء الله دا من أيام الكلية يتصور العمى ولا يتصوركيش  .
مريم باقتضاب : أسرع واحد في الجيش كله .
أسامه مهللا: الله أكبر .. 2- الرائد مجاهد عبد التواب , دا صعيدي .
مريم : نشنجي درجة أوله .
أسامه : دا كده إحلوت أوي الرائد رءوف ...............
مريم  : أوعي كده مش هتشوف حاجة تاني .
أسامه : استني بس يظهر الشلة كلها هنا ولا كنتِ مسمياهم  إيه ..... آه مجموعة الفشله صح
مريم : اسمهم الفشله الحمقى , ومش هوريك حاجه تاني ..........
أسامه : أنا شخصيًا انبهرت أنت عملتي تشكيله رهيبة , ابقي تعلي تفِ على دقني لو بقتي قائد ولا بعد 100 سنه .
مريم : ما أنا عارفه , وأنت السبب , أنت اللي قويت في دماغي شعار الكلية تاني  ( الواجب_الشرف_الوطن )
وقالت مقلدة صوته : أنتِ عايزة إيه بالضبط يا مريم.
مريم بصوتها الطبيعي : مش ده كلامك و جاي تتريق دلوقتي .
أسامه : بس مش للدرجة دي , ههههههه .. أنت ممكن تخدي صوات واحد  صوتك أنت بس .
مريم : يا سلام , ليه هو مش أنت هتصوتلي ولا إيه ؟
أسامه : والله على حسب , هشوف السكر والزيت اللي هتوزعيهم .
مريم : هههه يا سلام .
ظلوا يضحكان , حتى تتطور الموضوع للضرب , كان يتقاذفن بالأوراق , يضربن بعض بأي شيء تطوله أيديهم  .
لكن أسامه كان أفضل صديق قابلته في حياتها , و دائما يدلها على الصواب . ب
عد عدة دقائق سمعا صوتا أجش , فانتبها على الفور , ووقف حابسين الأنفاس , و أديا التحية العسكرية .. فقد كان الفريق عماد ..
مريم / أسامة : تمام يا فندم .
عماد : استرح .... عملتي إيه عند اللوا جلال يا مقدم مريم .
مريم بجدية : ما أقدرش أقول يا فندم ..
أسامة مازحًا : أوامر عسكرية يا فندم .. بقت مقدم بسرعة رهيبة محدش قدها .
- ماشي ... اتجدعن أنت كمام يا رائد أسامة .
أسامة : إن شاء الله يا فندم .
- مقدم مريم .... القائد عايدة عيزاكي .. هتودعك قبل ما تمشي .
مريم باقتضاب : إيه ! هتمشي انهاردة ... و دلوقتي بس الدنيا هتليل خلاص ...
عماد : مفيش عواطف في الجيش هاه .
مريم : أسفة يا فندم .
-يلا روحيلها .. و بعدين هي مش شغلها هنا في الصحرا , لازم ترجع تدرس في الكلية تاني ... هي كانت موجودة لمهام محددة و عشانك .. و أظن أنتِ مش عيزاها تاني .... يلا بسرعة .
ختم جملته بحزم , فأسرعت مريم الخطا لتودع معلمتها الحبيبة .
استعد أسامة للانصراف , لكنه سمع صوت القائد يناديه :..
-أسامة عايزك .
- تحت أمرك يا فندم .
- مش عجبني تقربك من مريم بالطريقة دي ... راعي حساسية موقفها .
- بس يا فندم , مفيش أي تجاوز بيني وبينها إطلاقًا ..
- يعني إيه قعدتكم لوحدكم كدة .
- هي طلبت مساعدتي في اختيار قايمة السريا اللي هتطلع معها في المهمة و أنا هكون منهم ... و القيمة هتبعتها عند حضرتك , و عند اللوا جلال عشان الموفقة عليها ... و أنا كنت بديها رأيي , و أنا بتعامل معها معاملة صداقة و زماله  .... حتى لما بنقعد سوا حضرتك إحنا كنا قاعدين في مكان مكشوف بيعدي علينا القيادات كلها ..
- أنتِ بترد عليا يا رائد أسامة .
طأطأ أسامة رأسه و قال : ..
- أنا أسف يا فندم ... بس إحنا عمرنا ما سلمنا على بعض بالإيد حتى .
- خلاص يا أسامة ... امشي دلوقتي .. بس أنا كنت بوضحلك موضوع لو غايب عن بالك .
- لا أبدا يا فندم .. حضرتك كلامك أمر .
- انصراف .
- تمام يا فندم ..
انصرف أسامة و هو يشعر ببعض الإنزعاج لكنه حاول التشاغل عن الأمر , و بدأ يقرأ في كتب عسكرية , فهو ليس في نوبة حراسة بما أنه ذاهب لمهمة في الصباح ...
..............
أما مريم فودعت معلمتها و ملهمتها ... و بالطبع كان هناك بعض من العناق , و القليل , القليل من الدموع التي أخفتها مريم ببراعة , لكن عايدة لم تنجح كليًا , فمريم كانت و مازالت أفضل بل أروع طالبة لديها , فكنت تشعر و كأنها ابنتها ..و و مريم كذلك , بالرغم من صلابتها إلا أنها تظل فتاة حرمت من حنان الأم في وقت صغير !
...................................................
وفي الصباح تم طابور لجميع من في القائمة , ووصل للواء جلال نسخة من القائمة , كما تم الموافقة عليها قبلاً , و أخذت مريم موافقة باصطحاب هذه المجموعة من الضباط والعساكر إلي مكان المعسكر الذي سيقابلون فيه مجموعة من ضباط الشرطة , وهو المكان الذي سيتدربون فيه , وقد تم اختيار المواقع بعناية حيث يلائم ظروف التدريبات , وأيضا نفس ظروف المغارة التي سيهجمون عليها , لكنه كان يفتقر إلي المستلزمات الضرورية لهم , ولا يوجد قرى قريبة , إلا على بعد 10 كيلو من المعسكر, وبالتالي لا يوجد طبيب ولا حتى ممرض .
مريم لنفسها : وكمان اللي إحنا اللي هنعمل الأكل بنفسنا , يعني معسكر تعذيبي مش معسكر تدريبي .
وطبعا في الطابور لم يرد أحد أن يدخل مع مريم في مهمة , فلقد رأت علامات الشكوى جلية على وجوهِهم .
مريم : أنا عارفه إنكم مش عايزين تطلعوا المهمة دي معايا , بس خلاص أسماءكم راحت للوا جلال .
سيد : حد يخفي البت دي من قدامي .
سامح : أنا عايز أطلع أجازتي  .
صابر : مين اللي اخترنا مع الإنسانة دي .
رءوف : أنا معاك يا سامح أنا أصلا قدمت على الإجازة .
مصطفي : دي ليلة بيضة .
مريم بحدة : بالنسبة للأجازات  ......... اتــلـغــت لكل اللي طلعين معايا على المعسكر ..
الجميع : أوووووووووووووووووووووف .
وبعدها وصلوا للمعسكر بالباص , وصلوا قبل رجال الشرطة , وتلقت مريم كم من الاعتراضات هائل على المكان وعلت أصواتهم معترضة .
رءوف : إيه ده هو دا المكان اللي هندرب فيه 15 يوم .
سامح : أقطع دراعي لو مش هيا اللي اخترت المكان عشان تغظنا .
سيد : أيوة  , عندك حق .
مريم : مش وقت كلامكم اللي ملوش لزمة ده , المعدات وصلت .
وذهبت مريم وتركتهم يتجادلون , ذهبت لتتفحص المعدات وتعطي عليهم التمام , حتى أنها لم تأخذ حقيبتها من العربة , وتفحصت المعدات وبدأت بحملها و إفراغها من الشاحنة , وعندما رأي أسامه أمر الجدال يحتد ولا أحد يريد المساعدة أو إتباع الأوامر . فقال لهم بنبرة غضب شديدة ....
- في إيه يا اللي اسمكم رجالة , أما أنتم بتوع الجيش الرجالة المتعودين على الصحرا بتعملوا كده أومال بتوع الشرطة الفرافير هيقولوا إيه ؟
صابر : أنت مش شايف بنفسك يا أسامه دا منفي .
سيد : الصحرا بنقعد فيها 4 او5 أيام و نرجع المعسكر فترة وبعد بنرجع الصحرا تاني وهكذا يا عم أسامه , و عارفين إحنا بنعمل إيه  , إنما دول 15 يوم .... و هي بس اللي عارفة المهمة .
سامح : أنا حاسس إنها عملت كده عشان تضايقنا .
أسامة : لا اربط عندك أنت وهو , لحد كده ومش هسكت , ودي شهادة أُتحاسب عليها , أنها وقدماي رفضت المكان , وقالت : "إنها مش وخده الكتيبة معاها عشان تعذبها , ولو حصل لهم أي حاجة مش هنعرف نصرف . " بسببكم القائد رد عليها بطريقة وحشه وحسسها أنها مدلعة وبتقول كده عشان نفسها وحملها مسئوليتكم وأي حاجة تحصلكم , وقالها بالصريح كده : " أنت ملكيش دعوة بالمكان , إحنا اللي بنختاره , وأنتِ لازم تتصرفي ."   إيه رأيكم يا رجاله ؟
مجاهد : أسامة مش هيكدب علينا يا رچـاله , ويله بينا نساعدها , ما ينفعش حرمه تشيل الحاجات التچيله دي لوحديها ولا أيييه ؟
رءوف : حرمه ! ما تقفلناش منها يا عم مجاهد .
مجاهد : ما أني صعيدي عايزني أچولها أيه !
الجميع : ههههههههه
صابر : يله بينا يا جنود الجيش وروها العزم .
وفجأة وجدتهم مريم جميعاً حولها يساعدوها , ولأول مرة تشعر فيها بشهامتهم  .
سيد : هيلا هيلا يلا يا رجاله .
مريم : أنتم بتعملوا إيه .
سامح : إحنا رجاله , جنود , بواسل .
و ظلوا يرددون أغنية حماسية تحفيزية ..
سامح : و قالوا إيه علينا دولا و قالوا إيه ...مش سامح حاجة !!
الكل بصوت عالي :..
-قالوا إيه عالينا دولا و قالوا إيه ..
و ظلوا يرددوا كلمات الأغنية المصرية خلف سامح , و مريم معهم ..
وبدأت مشاعر الكره بداخل مريم اتجاههم تتحول إلي مشاعر احترام وتقدير و أخوة , وهنا بدأ ينتابها الأمل .
وبعدها انتهوا من إنزال المعدات ووضعوها مكانها , لكن كان يلزمها الترتيب والجرد , تفحصتها مريم و ساعدها أسامة في ذلك بنظراته الخبيرة , و بعد برهة قال لها :..
-أعتقد كل حاجة لزمانا جاهزة ... الحبال و الأعمدة و العصيان و الأسلحة و الذحيرة .
مريم بتوتر :..
-أعتقد كدة , و باقي التدريبات أنا أعرف أدبرها بنفسي .
مجاهد :..
-أدوات النشان موجودة أهم حاجة .
ربت أسامة على كتفه و قال :..
-و إحنا نقدر ننساك .. دا المقدم مريم اختارتك من وسط نشانجية الكلية كلهم .. واثقة فيك للأسف هههه .
نظر لها مجاهد نظرة ذات مغزى , فبادلته هي بابتسامة ثقة , ثم ألقت لأسامة نظرة امتنان و شكر عميقة ..
أنت رائع بالفعل ! ماذا فعلت لأحصل على صديق مثلك !
صقفت مريم بيدها و قالت :..
-يلا طابور بسرعة برا !
أسرعوا في إعداد الطابور , بدأت مريم بإعلامهم ببعض من الأمور الهامة , والتعليمات التي يجب عليهم الالتزام بها , و بعض التفاصيل التي يجب أن يعرفوها قبل وصول ضباط الشرطة , فطلبت إعداد الطابور في الحال , فاستجابوا لها سريعاً على غير العادة .
وانتبهوا لها وأدوا التحية العسكرية وردتها عليهم .
مريم بجدية : سريااا صفا
السريا بصوت عالي : ها
مريم : سريا انتباه .
السريا : هي ها
مريم بصوت قوي : أنت عارفين المهمة دي خطيرة جدًا , مش بس تهم الأمن القومي , دي كمان شرف وكرامة رجال الجيش قدام رجال الشرطة  , وكمان لو حصل أي حاجة – و أنا هتكلم بصراحة- سمعتي وشرفي ومستقبلي كقائد هيبقوا في الأرض .
أسامه بجدية : مش هنقصر رقبتك يا فندم  .
مريم : المهمة مش سهلة , وأظن إنكم عارفين كويس عن المجموعة الإرهابية الي اطلقت على نفسها اسم (الموت ) دي من أخطر العصابات دلوقتي وإحنا مسئولين عن أمن البلد , بس معنديش كلام تاني كدة المهمة وضحت , وأنا واثقة فيكم , انصراف .
ذهب كل فرد إلي مكانه ليفرع أمتعته في مكانها , ومريم ذهبت لتفقد المكان . وحدثت نفسها قائلة .......
- كأنه معسكر قديم ومحدش قربله من زمان , عبارة عن عنبرين للجنود ماشي , وعرفة للمعدات بشباك لتهوية المعدات عشان في معدات يلزمها تهوية لأن الحرارة تبوظها تمام .... ماشي ماشي أوضة القيادة و فيها سريرين , و فيها جهاز المراسلة و دولاب للخرائط و الملفات وعشان ورق المهمة والخطة وأي تعليمات جديدة تمااام .......... يا سلام أنت بتعملي أيه لوحدك هنا ؟ شجرة كبيرة جدًا بس برده لوحدها ليه , إيه الأوضة النونه دي ...........إيه ده دا المطبخ , واو .
سيد : هو فين الأكل أصلا .
مجاهد : عَندك حج .
مصطفي : بس إحنا جبنا شويه حاجات ضرورة للأكل وكمان أكل جاهز بسيط يعني .
أسامة : إحنا قدها وقدود .
وكان الجميع في انتظار الفريق الأخر , ثم ظهر على مرمى البصر أتوبيس به 15 ضابط و القائد وعندما اقتربوا طلبت مريم من جنودها الوقف في صف لتحية الفريق الآخر , وقفوا في صف كانت مريم في بدايته وتوقف الأتوبيس ونزل منه الضباط , و في بدايتهم قائدهم , هنا هتف أسامة :..
-مستحييييييييييييييييييل !!

أختان في العاصفةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن