اقتباس

19.5K 292 6
                                    


وقعت أرضا من كثرة التعب ، و قد امتلأ وجهها بالكدمات ، و صوت تنفسها يعلو و يعلو !!
و خلفها شخص خرتيت منتفخ العضلات يبدو على أتم الاستعداد أن ينهي ما قد بدأه !
أطبق هذا الشخص على عنقها من الخلف و هي تجاهد لإبعاد قبضته الحديدية عنها و هي تشعر بالاختناق . 
سمعت صوت مدربها و الذي يعرفها جيدا :..
-مريم ! لا يا مريم ! أوعي تستلمي ... قاومي ... أنت أقوى من كدة !
تلك الكلمات التي دائما ما سمعتها منه ، تلك الكلمات التي تطلق كل طاقتها الروحية ، بحيث تهاجمها كل ذكريات الماضي ..
بسرعة خاطفة ثنت جسدها و رفعت نصفها السفلي لتضربه بقدميها على وجهه , في عينيه و ما بينهما بقوة كبيرة أجبرته أن يخفف يده عن عنقها ، فدفعته ليبتعد عنها قليلا .
زحفت هي بعيدا و هي تلهث بعنف ، سمعت نفس الكلمات من مدربها ، فقالت بتهكم و هي تشعر بأنها تترنح :..
-أنا أقوي من المخدرات  !
نظرت إلي الأمام فوجدت نفس ذاك الخرتيت ينظر لها بشر , و هو يهتف بكلمات غاضبة لم تسمعها جيدا من تعبها و صوت تنفسها العالي!
فتمتمت لنفسها بتعب :..
-و عمو ده هيخليني مكسرات .
و في ثوان أطاحها أرضا بقوة ثم ابتعد , و بعدها أعد نفسه و قفز بكامل جسده عليها ، لكنها في هذه اللحظة تدحرجت مبتعدة ليسقط على الأرض ، و بسرعة كانت خلفه و بحركة تعلمتها من رياضة الجودو كان كلتا قدميها على عنقه تمنعه من التنفس ، بقبضته القوية حاول أن يبعد قدميها التي التصقت بعنقه بقوة تصميمها ..
بسكين يدها الحاد كما تعلمت من فنون النينجا كانت تصيب أماكن جسده الحساسة المتاحة لها ، كالضلوع و فوم المعدة و صدره ناحية القلب و الرئتين ..
بإصبعيها السبابة و الوسطى ضربت فم معدته ثم موضع القلب و الرئتين ليتأوه بقوة , تلى ذلك ضربتين قويتين من يدها على الضلوع العائمة مع زيادة ضغطها على عنقه .
فقد وعيه!
لتكون الغلبة لامرأة استخدمت ذكاءها ضد قوة رجل !
نظرة حزن عميقه غابت فيها عينها رغم فوزها و كأن هذا كله لا يعنى شيئا
أنه مجرد وسيلة لم يكن يوما هدف !
وقف مدربها أمامها يهنئها بالفوز : ..
-مبروك يا مريم , رفعتي رأسي .
ابتسمت له ابتسامة بلهاء و قالت :..
-ابعد كدة يا كوتش .
و أشارت بيدها ليتنحى جانبا , ففعل , فسقطت هي على الأرض دون حراك متأوهة بألم!بيج روايات بقلمي أسماء علام
------------------
سرعة البرق تمثلت به و هو يركض في تلك الأرض الشاسعة شديدة الخضرة ، إن أطلقت نظرك للأبد فلن تلمح لها نهاية !
صوت تنفسه يعلو بالغا عنان السماء ، لكن انتظامه دل على خبرة و قوة و مثابرة لا تصدر إلا من مقاتل عنيد !
-صهيب مالك النهاردة ! أنا في قمة مجدي و لياقتي لكن أنت ..
و انقطع صوته مع أصوات تنفسه , و هو يلقى نظره على ذلك الجواد العربي الأصيل !
صهيب !
جواد أسامة الأبيض يشبه نقاء قلبه ، و مع حدة طباعه ، عزة النفس و القوة !
تنافس مستمر منذ أصبح تابعا لأسامة .
أطلق الجواد قدميه القويتين في رفض تام للانهزام .
صفات جمة جمعت بين الجواد و صاحبه !
يا للعجب شخصا يسابق جوادا !!
لكن و هل للمستحيل مكانا في قلب هذا الأسامة
استطاع أسامة الفوز على جواده في الركض !
ابتسم بانتصار و هو ينظر لصهيب لتختفي تلك الابتسامة فورا !
لطالما دام هذا الصراع و لمن الغلبة .... تختلف من حين لأخر .
لكن أبدا لم يشعر أسامة بانهزام صهيب هكذا .
برغم تعبه تقدم من جواده يمسح على رأسه فلم يبادله الاستجابة كعادته .. فتعالت أنفاس أسامة ارهاقا و قلقا !
تخاذلت قدمي الجواد ليسقط أرضا بإعياء واضح .
بعد ساعة ،،،
جلس أسامة أرضا يمسد على ظهر الجواد النائم على قدمه ، بعد أن أعطاه الطبيب البيطري – الذي يرعى الخيول في مزرعة صديق أسامه حيث يحتفظ بجواده هناك - أدوية ، موضحا مرض الجواد منذ فترة  ..
كان أسامة ينظر لصهيب بحزن و ضميره يؤنبه على عدم اكتراثه بجواده و صديقه الوحيد .
لعن الله غروري الذي كاد يودي بحياتك يا صهيب!
أناني أنا ... بحثت عن مجدي و انتصاري و لم أرى ألما ألم بك!
داء ألم بك أنت يا أسامة فأضلك ضلالا .. الغرور !
فلم يكن صهيب أولى ضحاياه!! بقلم أسماء علام
_________________________
تسارعت أنفاس بريهان في محاولة لالتقاط أنفاسها و هي تضغط على صدر تلك الفتاة المدرجة بدمائها في محاولة لإنعاش قلبها .. ثم بدأت بعمل تنفس صناعي لها !!
دقائق شعرت فيها بريهان باليأس من استجابة المريضة و قد شعرت بانقطاع أنفاس الفتاة فدمعت عينا بريهان و نظرت ليدها المتشبعة بدماء الفتاة لتحيي أسواء كوابيسها !
هتفت بتلك النبرة الأجنبية التي اعتادت عليها هنا :..
-she is died !
قالتها بنبرة مرتجفة خائفة و يدها ترتعش ..
هتفت بها مشرفتها المباشرة :..
-beryhan! Go on ! Don't give up ! She is still alive .
  قالتها بحزم أيقظ بريهان متذكرة كل كلمة ، كل أمر ! و اتبعت كل التعليمات الازمة في مثل تلك الحوادث ..
نعم تلك الفتاة ضحية شاب مستهتر صدمها بسيارته و هرب تاركا إياها تعاني الموت بسبب طيشه !
بريهان تلك الطبيبة في سنة امتيازها التي كانت تسير مع مشرفتها تناقشها في بعض الأمور فصودفا بالحادثة ، طلبتا الإسعاف و هرعت بريهان في محاولة لإسعافها !
حاولت بريهان عدم تحريك الفتاة حتى لا تتفاقم حالتها إن كانت مصابة بكسور ، و أعادت الكرة مرارا و تكرار حتى شعرت باستجابة ضعيفة منه ، مصدره آنه متأوه !!
تنفست بريهان بعمق و راحة و هي ترى سيارة الإسعاف قادمة !!
.....
مسدت بريهان شعرها الأشقر  ..
(ربما كان ما حدث لبريهان دافع كبير في تحسن شخصيتها , فبعد أزمة دكتور ألبرت لجأت لربها و لدينها ... سبحانه الذي جعل من الابتلاء فرصة لعودة العباد إلي الطريق القويم , فقد ينقصها التشجيع لكن أيييين و هي وحيدة في بلد مثل تلك , فبعد أنا كانت المدللة الآن وحدها فقط , تحارب وحدها و لأجلها  )
بدا على خضراوتي بريهان الإرهاق , و كأنها هي من كانت تصارع الموت !!
نظرت لها المشرفة بفخر و قالت : ..
-أوه .. بريهان لقد رفعتي رأسي لو تعلمِ ... تلك إشارات جيدة لتنهي سنة امتيازك و تختارِ في أي مجال ستتخصصين ...
ابتسمت لها بريهان ابتسامة مهتزة و قالت بامتنان حقيقي : ..
-أشرك حقًا معلمتي ... أنتِ حقا إنسانة رائعة و طبيبة ممتازة , لقد سعدت حقًا بالتعرف إليكِ و العمل تحت إشرافك .
-بيري ! أنتِ تلميذتي المفضلة ..و اعتبرك صديقتي ... سعدت بالتعرف إليكِ .. يكفي أنك السبب في كشف ذلك الحقير ألبرت , الكل هنا ممتن لكِ .. لم أكن أصدق أن من ادعي الشرف سنوات يكن بتلك الشخصية الوضيعة .
-لقد ظن لأني عربية سأصمت ... و لن أجد من يدافع عني .. لم يعلم أن الله معي , ايماني بأنه لن يضيعني جعلني واثقة أن نهايته قريبة !
-قد لا أفهم الكثير من مفاهيم العرب و اعتقادتهم , لكن هذا لا يهمني , أنا لا أحكم على الناس من القشرة هكذا علمتني الحياة .. سرني التعرف إليكِ بريهان , وقتما تحتاجينني ستجديني .
-في داخلك إيمان و رقي و حضارة و هكذا يكفي الآن ... و أنا متأكدة أن هذا سيرشدك يوما لما هو خير لو تعلمين , و إن شاء المولى نلتقى في وقت جديد معلمتي نكن أنا و أنتِ أفضل بكثير مما نحن عليه .
-عسى أن يكون كما تقولين ... هيا إلي المشفى .
=============
في بلدنا الحبيب ,,,
يقف عصام بملل كبير و هو يعبث بسلاحه ، ينظر حوله بترقب لمعونيه في نظرات خبيرة !
هتف لشريف الذي يجاوره قائلا بملل :..
-إحنا هنتنينا مرزوعين هنا كتير .. بتهبب إيه الزفتة دي فوق ... ما ادتنيش اشارة ليه ؟! و لا الوضع عجبها !!
-ما تقلقش يا كبير .. الملازم عفت عاملة اللي عليها و زيادة  و الله أنت ظالمها ! و عيب اللي أنت بتقوله ده .
-ظالم مين يا عم !! انا قولت ميت مرة النسوان ما ينفعوش للشغلانة دي , و إدارة الأداب كمان ..
-نسواان ! قديم أنت يا عصام !
-فاكرين نفسهم زينا و لا إيه ؟!! بعد كدة هنقعد في إحنا في البيت نربي العيال و هما اللي يشتغلوا إن شاء الله !
-ههههه مش للدرجاتي !!
-هو النسوان صنفين .. يا فافي يجلطوا .. يا واحدة واخدة كورسات حقوق المرأة و عيشلها في الدور ..
-هههههه عنيف أنت يا عصام !!
-أنا  نفسي أفهم مجنون أنا أجيب واحدة أصرف عليها كل وظيفتها في الحياة تحرق في دم أمي .. و ياريتهم حلوين أصلا .. أنت بشنبك دا يا شريف بالنسبالي أحلا ..
-صلي على النبي في قلبك يا دفعة ... هو أنا لاقي وحدة تعبر أمي حتى !!
-بس !! بس .. الإشارة ..ابدأ في تنفيذ الخطة !
....
بعد ساعتين , كان كل شيء على ما يرام , و تمت المهمة بنجاح , لكن الملازم عفت تلقت تعنيفًا قاسيًا من جنكيز خان عصره (الرائد عصام) !!
وقف شريف متحسرا عليها بعيدًا و هو يقول : ..
-مكنش يومك يا بنتي ... و الله تقشير البصل أحسن من الاصطباحة بالوش العكر ده ... وسيم دي خلقة ربنا ... غني يرزق من يشاء ... شاطر و ذكي نعمة من ربنا .... ربنا مديه كل ده , بس للأسف عصبيييييييي ايفر نيفر فو ريفر , غشيم , و دماغه أنشف من قبقاب جدي ... و بيكره الستات كره العمى , ما أعرفش ليه ... ليه يا ست أم عصام بلتينا البلاوة السودة دي .. أنتِ بتكرهينا كدة ليه , أنتِ تعرفينا أصلا ... و بعد دا كله عجبهم فيكِ إيه يا بعيد روح , حتى الهبلة بنت الهبلة اللي أنتِ بتزعقلها دي !!
قاطعه صوت جواره : ..
-بتعدد على إيه ؟! شكلك بتقطع في فروتي ..
ابتسم شريف ببلاهة و قال لعصام :..
-لا أبدًا يا روح الروح ... قولي يا عصام مين مثلك الأعلى في الحياة .
-سؤال صعب ؟!!! هبقي أفكر فيه ..
-لا ما اتفكرش ما أنا عرفت, الأستاذ خلف الدهشوري خلف و هو بيجول : .. "حريم ... لع يا علي ... ما تأمنش لحرمة في الدنيا دي غير أمك , و لو أبوك طلجها ما تأملنلاش يا علي "
ضحك عليه عصام بسخافة و تجاهل عبارته برمتها , ثم قال : ..
-يلا عشان ربنا تاب علينا من المخروبة دي .
أمسك شريف بذراع عصام و قال بلهفة : ..
-بجد قبلوا طلب النقل من أم إدارة الأداب اللي شبهتنا دي ..
نزع عصام يده و قال : ..
-آه ... و سيب إيدي ..
-آه صح دا أنت تشبهني ...
-أنتِ تطول يا مفعن .... بس أما سألت عن الإدارة الجديد قالولي مفاجأة ..
ترنح شريف بمزاح و أمسك بعصام و هو يقول بتحسر : ..
-شكلنا هنحصل الأستاذ تيمور .. قصدي الأستاذ أحمد السقا ..
قال عصام بضحك مقلدًا الفيلم : ..
-أبشــــــــــــــر يا شريف !
-يا خسارة شبااااابي يا أمه آآآآآآآه ..
أطلق عصام ضحكات منطلقة على صديقه , و طريقته المسرحية !!      
بقلمي أسماء علام

أختان في العاصفةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن