٣٥

5.2K 243 3
                                    

الفصل الخامس و الثلاثون
(أبي وجدي ... شتان  )
في فيلا سامي حجازي ,,,,
جلس سامي حجازي على أريكه في البهو أمام التلفاز , كان الخدم يعتقدون أنه يشاهد أحد البرامج السياسية , ليتابع الأخبار , فهو يهتم كثيرًا بكل ما يخص الشعب ..
لكنه كان في عالم أخر يستعرض أفكاره وألامه , فذكرى حسين ثابت تأتي على باله كثيرًا هذا الأيام لتنغص عليه حياته المضطربة , وأيضا أضيف لحياته المزيد من القلق , إنه الخطر المحدق بحفيدته - ذلك المدعو عصام – ابن الرجل الذي حقد عليه بشدة , إنه رجل بلا ضمير باع روحه لهوى نفسه , ليسقط في بئر الدنيا , لتقيده بقيود الضلال .. انه المدعو سامح زهران .
سامي لنفسه : يا ترى ناوي على إيه تاني يا سامح , هتدمر حياتنا إزاي , ياتري أنت باعت إبنك قصد ... أنا مش هخلص من الشبح اللي بيطردني في حياتي , مش كفاية عليا حسين ثابت .... الناس دول ما يستحقوش يكونوا في البلد , البلد لازم تتبرأ منهم , بيستعملوا أي حاجة عشان يوصلوا لأعرضهم القذرة .... حتى لو ولادهم ............... بس أنا مش عارف أنا ليه ما قولتش لبريهان  أد إيه أبوها إنسان  قذر ..... يمكن ما ماكنتش عايز أدمر بنته وأخت مريم ...... يمكن عشان علاقته بمريم .......... لا لأ أنا مش لازم أربط مريم مع اسمه في جملة واحدة ....... هو أنا مش هخلص من سيرتك بقي يا حسين ابعد عن كل حاجة ليها علاقة بيا ...... بس لو حاولت أنسي حسين , هروح فين من التفكير في سامح ... يا ريتك كنت معايا دلوقتي يا محمد , كنت سندي في الدنيا , سبتني يا بني , أنت ومراتك اللي كانت مليه البيت ضحك , ومحوطاه بحنانها واهتمامها .. سيبتوني أنا ومريم حلتنا تصعب على الكافر ....... لا حول ولا قوة إلا بالله ..
قطع تفكيره صوت فنجان القهوة الذي سقط من يدي سماح , وشهقت بفزع .. كانت شفتي سماح ترتعش , ولا تستطع الكلام وكأنها فقدت قدرتها على النطق ... تلعثمت أكثر وتحشرج صوتها , كأنه يدخل إلي أعماقها بدل الخروج من جوفها ... اضطرب سامي لمنظرها المثير للرعب , فأردف متوجسًا :...
- في إيه يا سماح ؟! ....
كانت شفتيها ترتجف و هي تشير للتلفاز , فأردفت متلعثمة :...
-أأأأ .. م ..ر
سامي وهو مضيق عينيه : مش فاهم .
حاول أن يفهم ما ترمي إليه , لكن لم يستطع , فنظر حيث تسدد بصرها , فرأي بعينه وسمع بأذنه ما جعله يفتح فمه في صدمة , و يرتسم على وجهه معالم اجرامية ... فهو على وشك قتل أحدهم !!
............................................
في فيلا حسين ثابت ,,,
اتجهت نورا و بعض الخدم إلي من دلف إلي المنزل بتلك الهمجية , وكيف سمح له الحرس الكثر بدخول القصر , أما حسين فقد مكث في مكتبه ضائعًا بأفكاره , و لم يعبء بالصوت , وأقنع نفسه أنه أمر عارض , ليس هامًا ...
بدأت بريهان تفق ... فهذا ليس وقت الاسترخاء !
الشخص الذي اقتحم القصر هو حازم , الابن الذي لم يعبء يومًا بما يدور في هذا القصر , لم يشعر بأنه جزء منه !! لكنه الآن يدخل القصر مقتحمًا إياه , ويتطاير الشرر من عينيه , لم يره أحد بهذه الهيئة من قبل ..
هتفت نورا مندهشة :..
-حازم !!!
اقتربت منه لكنه أشار لها بكف يده لتقف في مكانها , و أردف بنبرة جادة تماما خلاف شخصيته المرحة يشوبها بعض التهكم :..
- أنا مش جاي عشانك يا نورا هانم , أصلك واضح إنك زي الفل ... أنا جاي للباشا الكبير ......
أخذ حازم ينادي على والده باسمه دون ألقاب , و بصوت جوهري , وغضب هادر :..
-حسين باشا ....... حسين باشا ...
خرج حسين من مكتبه على صوت ابنه الذي نادي عليه عدة مرات بدون أدب أو تهذيب .. فصاح فيه بغضب من فظاظته :..
- هي بقت تكيه ولا إيه , أنت أتجننت ...
أردف حازم متهكما بعدم اكتراث لصياح الأخير :..
- أخيرا الباشا اتكرم بنفسه ونزل ..
حسين : أنت إزاي تتجرأ وتكلمني كده ...
- أومال عيزني أكلمك إزاي يا سيادة الوزير ...
صاح حسين بغضب ، ماذا يحدث في هذا المنزل بحق الجحيم :...
- أنتم إيه اللي جرلكم يا ولاد حسين ثابت ....... أنتم في حاجة حصلت لعقلكم .... شايفه ولادك يا نورا هانم ...عجبك اللي بيحصل !!
لم تكن نورا تفهم ما الذي أغضب ولدها لتلك الدرجة و لكن لم تعجبها طريقة كلام نجلها مع والده , فأردفت بغير رضا :..
- لا طبعا مش عجبني ... أنت اتجننت يا حازم , حد يكلم بابا كده ..
أصدر حازم ضحكًا تهكميًا على رد فعل والدته.... مما أثار حفيظة الحاضرين ..
...............
انتبهت بريهان على الصوت الهادر بالأسفل , لم تدرك ماهية الصوت ولا مصدره لكنها فكرت أنها سوف تتخذ نفس خطوتها السابقة , وهي الهرب .
لكن هذه المرة لن تأخذ معها سوى متعلقات أساسية في حقيبة يدها , بالأساس كل متعلقاتها في منزل مريم .... لكن فضولها كان يدفعها لاختلاس نظرة سريعة على من على صوته بالخارج ..
............
زجرت نورا ولدها قائلة :...
- حازم !!
حازم بتهكم : طبعًا كان لازم ده اللي يتقال , مش أنت نورا هانم , مرات البيه , يا ستي دا أنا طول عمري ما سمعتكيش بتقولي لا ..
الكل ينظر له بصدمة و دهشة , و انفعال كيف خرج من قوقعته ...
أضاف حازم بسخط لوالده :..
- أنا بحمد ربنا كل يوم إني ما خدش منك أي حاجة , أنت مش إنسان .
اتسعت مقلتي حسين في دهشة , فمنذ عدة أيام وهو يتعرض لاتهام من كل من يصادف ..
زجرته نورا مرة أخرى بصرامة :..
-حازم!!
حازم : يا ترى يا نورا هانم  كنت موجودة و جوزك بينفذ جريمته ..
استعصى عليها فهم ما ينوه له حازم .
كانت إجلال تتسأل في نفسها :..
- هو قصده على إيه , يكونش عرف اللي حصل هنا , بس أنا ما عرفتش أوصله .. يبقي عرف منين .
تابع حازم باشمئزاز :..
-حسين باشا ! أنا بشمئز من نفسي , أما أفتكر إنك أبويا , أنت ..... أنت ......
هتف حسين بعيون حمراء !! فابنه تجاوز كل الحدود :...
-  لا أنت زودتها أوي يا بيه , دا أنت هتتربي النهاردة .
كاد أن يصفعه حسين , إلا أن حازم أمسك يده بكل تحدٍ و هتف :..
-أنا مش ضعيف يا حسين باشا ,أنا بس للأسف كنت بحاول أحترمك .
ألقي حازم يده بعيدًا , ونظر الكل لما يحدث بذهول .
استطرد حازم :...
- أنا جيت أبلغك يا حسين باشا إنك لازم تنسي إنك ليك ولاد ...
ثم نادي بصوت عالٍ :...
-يا بريهان .. بريهاااااااان .
ظهرت بريهان من حيث تختبأ ..
حازم : جايا معايا ولا لأا , أظن لازم تيجي معايا مش ممكن تقعدي بعد اللي أبوكي عمله في مريم ولا إيه ؟!!
لم تتحدث بريهان بل نزلت من الدرج لتقف جواره , في حين سيطرت حالة من الاضطراب على نورا بمجرد سماع كلمة مريم , و حالة من الجمود سيطرت على حسين , لكنه أردف بتحدٍ في النهاية :..
- ما حدش فيكم خارج أنا همنعكم ..
- هتمنعنا إحنا , أظن أحسن تحاول تمنع الصحافة اللي جيين يقتحموا عرينك يا معالي الوزير .. الفضيحة اللي أنت عملتها بقت على كل القنوات و مواقع التواصل الاجتماعي  يا ... يا باشا .
تشابكت أصابع حازم و بريهان معًا , و غادرا المنزل , بعد أن أضرما نارًا في هذا المنزل .......
...............................
في المشفي ,,,
خرج الطبيب من غرفة مريم , فانتفض أسامة من مقعدة والتف هو وعصام وجنى  حول الطبيب ..
هتف أسامة بلهفة :..
- خير دكتور ..
الطبيب بأسف  : أنا مش عارف أقول إيه ؟!
أسامة : هي إيه اللي حصلها يا دكتور ؟
الطبيب : دا إعتداء بالضرب وبمنتهي القسوة ..
أغمض أسامة عينيه في ألم ..
الطبيب : بس أنا لازم أعرف .. مين اللي عمل فيها كده .. لازم نبلغ !!
أسامة : إحنا منعرفش يا دكتور ..
الطبيب : أنا مضطر أبلغ عشان نخلي مسؤلية !!
أسامة : طب ممكن حضرتك تستنى شوووية لحد ما نتصل بأهلها ..
الطبيب : هحاوول  !!
عصام : و حالتها العامة يا دكتور
الطبيب : أما تفوق إن شاء الله هنجري شوية أشعة , وربنا يستر ..
أسامة : أقدر أشوفها يا دكتور ..
الطبيب : مش هتستفيد حاجة هي لسه ما فقتش ...
أسامة : أرجوك يا دكتور ..
أشار له الطبيب تجاه الغرفة .. و أردف بعدم اهتمام :..
- براحتك ..
دلف إلى غرفتها , تقدم بخطوات بطيئة , جلس جوارها بهدوء , نظر لوجهها , كانت مغمضة العينين , هادئة الملامح , لكن أثر الضمادات على وجهها أخفى ملامحها .... نظر لها بأسف , و خفق قلبه بشدة على حالها ..
............................................
ركبت بريهان بجوار أخيها الصغير , و على أنوار السيارة بحثت بريهان  بعيونها عن مريم على أمل أن تجدها , وجدت صعوبة في البحث عنها بسبب الظلمة .. لم تجدها فشعرت بقلق حاولت أن تقنع نفسها بأن أحدًا أنقذها ..
بريهان لنفسها : اهدي يا بريهان أكيد حد أنقذها أكيد أكيد ....
تفرس حازم بوجهها فعلم أنها تخفي شئ ما , حاول استدراجها ..
حازم : ما سألتيش يعني أنا عرفت اللي حصل لمريم منين ..
بريهان بثقة : أكيد من على اليوتيوب !!
حازم بخبث : وعرفتي منين إن أنا عرفت من على اليوتيوب !!
تلعثمت بريهان لم تعلم كيف تجيب أخيها ؟!
بريهان : ما... أأأأ ... أنت قولت جوه إن أنت عرفت من ...
حازم : أنا قولت مواقع تواصل اجتماعي مش يوتيوب ..
بريهان : أأأأأ ... آآآآآآآ
- هو صح نزل أول حاجة فيديو ع اليوتيوب , بس بعد كده بسرعة البرق بقى على كل مواقع ال social media  ...
أردفت هي كاذبة :...
-ما أنا شوفته من ...
- يا بريهان يا كدابة , قصدك أنتِ اللي صورتيه ..
- حازم هو هو ..
حاولت بريهان الخوض في حديث آخر حتى لا يتأكد أنها من سجلت الواقعة ونشرتها على الانترنت , حتى يخسر والدها هيبته :...
- بس حازم أنت مش كنت over  شويا جوه ..
- معلش كانت وخداني الجلالة أوي .... على العموم أنا عارف إنك بتحولي تتوهي عن الموضوع ....... بس أقولك حاجة أحسن حاجة عملتيها إنك صورتي اللي حصل , ما هو لازم أبوكي يعرف إن أرواح الناس مش لعبة ..
- بس أنا مش عارفة ردة فعل مريم لو عرفت اللي أنا عملته ..
- على سيرة مريم , ما تعرفيش ممكن نلاقيها فين ..
أردفت بريهان بأسي على تلك الصديقة الحبيبة التي لم ترى بسببها إلا الأذى و الهلاك :..
- مش عارفة والله يا حازم .... ندور في المستشفيات القريبة كلها ....
- أمري لله يلا بينا ندور .
شعرت بريهان بالتردد و هي تقول :..
- بس كنت عايزة أقولك على حاجة بس الظرف مش مناسب ..
- لا قولي ..
- كويس إن ما خلتش بابا يضربك بالقلم لحسن كنت هتبقي التالت .
هتف حازم بابتسامة ساخرة :..
- أبوكي فاكر نفسه فريد شوقي ..
ثم استدرك ما قالته بريهان , فارتسمت الدهشة على وجهه قليلا فأكمل قائلا ...
-أنت قولتي الثالت , ليه هو ضرب مين بالقلم ..
- في خلال يومين كان ضربني أنا ومريم ..
حازم بدهشة : مريم !!! خلت أبوكي يضربها ..
- دي مجنونة ! دا وقفت قصاد أبوك وحوليها فرج وال3  اللي معاه , وما همهاش وشوحت في وشه كمان .
شرد حازم لثوانٍ ثم أردف :..
-تعرفي أنا خدت بالي من حاجة , بس ما كنتش عايزة أجيب سيرتها  قدام مريم ...
- what?
حازم : تعرفي إن مريم شبه أبوكي خالص , لما ببص في عينيها , بحس كأني واقف قدام أبوكي بالظبط ..
بريهان : والله أنا بحس بكده sometimes ..
وصلت سيارة حازم إلي مستشفي حي الزمالك , فضغط حازم على مكابح السيارة بسرعة , فارتدت بريهان للأمام ..
بريهان : بالراحه يا حازم ..
حازم بابتسامة : أنت عارفة إني بحب التهور وأنا بسوق ...
- هتموت حد في يوم من الأيام ..
حازم : بطلي رغي .. خشي اسألي ولو هنا رني عليا ..
دلفت بريهان للداخل وبعد عدة دقائق عادت خالية الوفاض ..
- في إية يا بنتي ...
- ما فيش أي حالات جت النهاردة .
- أنت بتيأسي بسرعة , تعالي معايا نشوف مستشفي تانية ...
- أوكي ...
................................
في فيلا حسين ثابت ,,,
بعدما غادر حازم وبريهان , اشطاط حسين غضبًا بمجرد سماع كلمات ولده , وهجومه الشرس عليه ومعرفة بانتشار خبر اعتداءه على مريم ..
بينما نورا لم تدرك بعد ما حدث مع ابنتها ..فقررت سؤاله :..
-أنا عايز أفهم إيه اللي اتقال هنا دا يا حسين ..
حسين بغضب : نورا أنا مش نقصك .. سيبوني لوحدي .
نورا : حسيـ...
تركها وغادر إلي غرفة مكتبه ...
تركها للقلق ينهش قلبها الضعيف الذي لا يحتمل الألم الذي لا يريد أن يتركها لحالها ... فلم تجد سوى الخادمة لتستجوبها ...
نورا بلهجة أمره : إجلال ورايا على الجنينه ...
خرجت إلى حديقة المنزل , تبعتها الخادمة للخارج .. عندما وصلتا لمنتصف الحديقة , التفت لها نورا ...
نورا : ها يا إجلال اتكلمي وبسرعة ..
إجلال : بصراحة يا هانم .... حسين باشا أمر فرج ورجلته , إنهم يستنوا أما بريهان هانم تيجي من غير ما يقربولها , وما تيجي تمشي يمسكوها ... بس هي ما جتش لوحدها , جت معها صاحبتها اللي اسمها مريم .. لما الرجالة مسكوهم , البنت اللي اسمها مريم ما سكتتش , ضربت فيهم , بس فرج كتفها , وودوهم عند الباشا اللي كان مستنيهم , وخلاني أحبس بريهان هانم فوق , وهو قعد يستفز اللي اسمها مريم , لحد ما اتخنقت معاه وزعقتله , وشوحت في وشه , لحد ما اتعصب وشدها من شعرها , وضربها بالقلم ... وبعدها ....أ أ أ .... خلى فرج ورجلته يضربوها , ويرموها بره ...
سمعت كل هذا الكلام بجسد مضطرب وأيدي مرتجفة , ووضعت يدها المرتجفة على فمها , وسقطت بضع عبراتها , وكادت تهوى على الأرض من هول الصدمة , فأسندتها الخادمة , أجلستها على الأريكة الموضوعة في الحديقة .... ماهي إلا لحظات وسمعتا صوت بوق لسيارة يخترق صمت الليل ....
........................................
في غرفة مريم بالمشفي ,,,
كان أسامة يسند رأسه على الفراش بجوارها , فوجد يدا باردة تلمس يده التي تجاور رأسه , فانتفض ... إنها مريم بدأت تستعيد وعيها , تحاول فتح عيونها .. فاقترب من وجهها وهتف برقة :.....
-مريم .. مريم .. سمعاني يا مريم ...
مريم بضعف : م ..م .. مين ؟
أسامة بسعادة : أنا أسامة , يا مريم .. أنت كويسة ؟
-أنا فين يا أسامة ؟
- أنتِ في المستشفى يا مريم ..
فتحت مريم عيونها, و طافت الغرفة بعينيها الزرقوتين الذابلتين من التعب .
أسامة : إيه اللي حصلك يا مريم .. مين عمل فيكي كده ؟! و إزاي ؟
أجابت مريم على سيل أسئلته بعد برهة بابتسامة واهنة متهكمة محاولة تذكر الأحداث و تسلسلها : ..
-أسامة ! أنت لو هجم عليك واحد من اللي هما بتوع كمال الأجسام دول هتعمل إيه ؟
- أكيد هضربه لحد ما أقدر ,أنا قدها وقدود ..
أردفت مريم بتساؤل ضعيف :..
- طب لو كانوا أربعة ؟!
أسامة : أنا كده هيتحفل عليا وش ..
- طب لو كانت إيدك متكتفه ..
أسامة بمرح : يبقى البقاء لله , العزا أمتي ؟!
أردفت مريم بصوت ضعيف جدا جدا :..
- هو دا اللي حصل بالظبط ..
أسامة بفزع : إيه .. إزاي , مين عمل كده وليه ؟!
أخذت الدنيا تدور وتدور , حاولت التركيز في وجهه أسامة , لكنها لم تستطع , فانهارت مرة آخرى .
أسامة بلهفة : مريم , مريم !!
نادى ونادى لكن دون إجابة .. فصرخ طالبًا الطبيب ..
تقدم الطبيب ليفحصها ..
الطبيب : إيه اللي حصل ؟
أسامة : هي فاقت يا دكتور , وتكلمت شوية وبعد كده أغمي عليها تاني ..
الطبيب : ليه ما ندتش أول ما فاقت ..
تلعثم أسامة قائلا :..
- هو ...
الطبيب : طب اتفضل دلوقتي يا أستاذ , بعد إذنك .
........................
خرج أسامة وهو قلق للغاية , فاقترب منه عصام و جنى ..
أسامة : أنتم كنتم فين .. وأنا بنادي من جوا ..
عصام : لا كنا روحنا الاستقبال .... في حاجة حصلت ؟
أسامة :  مريم فاقت ..
جنى بفرح : بجد .
عصام : عرفت إيه اللي حصلها  ؟
أسامة : قلتلي عن أربع رجال بتوع كمال أكسام ... وإديها كانت متكتفة .. بس ما فهمتش حاجة ...بعدها أغمي عليها ..
جنى : ليه تاني ؟
أسامة : ما أعرفش , والدكتور معاها جوه ..
عصام : طب بص بقى , هما طلبونا في الاستقبال عايزين حد من أهلها ..عشان لازم يملوا البيانات ... فلازم إننا نتصل بجدها ..
أسامة : ما ممكن نمليهم إحنا البيانات ..
عصام : أسامة , بقولك إيه جدها لازم يعرف , هات الرقم وأنا هكلمه ..
أسامة : أنا مش معايا إلا رقم البيت .. اكتب ******* , وأنا هحاول مع الاستقبال ..
...........
ذهب أسامة إلي موظفة الاستقبال ... التي نظرت له بإعجاب , من ملامحه العذبة , وقوة عضلاته , واتزانه في سيره ..
أسامة : سلام عليكم  ..
الموظفة بهيام : وعليكم .
- حضرتك ــ
قاطعته الموظفة قائلة :..
- ما تقوليش حضرتك ..
أسامة بتحفظ : نعم !!
حاولت الموظفة استعادة اتزانها ووقارها و هتفت :...
- قصدي خش في الموضوع على طول ..
- أنا جاي مع المريضة اللي دخلت الطوارئ من ساعة ..
هتفت محذرة :..
- أنت تقربلها .. أوعي تكون جوزها ..
ارتاب أسامة من طريقتها و هتف :..
- فيكي حاجة يا مدام ..
الموظفة : أنسة لو سمحت ..
ردد أسامة في نفسه ..
- المستشفي دي عالم مجانين ولا إيه ؟!
حاول أسامة ألا يشتت نفسه بتلك المهاترات , فأجاب بصوت متزن :..
- لا أنا زميلها في العمل .
تنهدت الموظفة في ارتياح و أردفت :..
- هاه يعني عايز إيه ؟
- أنا عارف كل بياناتها ممكن أنا أمليها لحضرتك ..
الوظفة بهيام : هاا
هنا تدخلت موظفة آخري هاتفة :..
- لا طبعًا ما ينفعش ............
ثم وجهت الكلام للموظفة الآخري :..
- ركزي شوية في شغلك يا عصمت .
عصمت : ما أنا مركزة أهو .
الموظفة الأخرى : والله مش باين , روحي لدكتور عبد المعز عايزك , وأنا هتصرف مع الأستاذ ..
أسامة : ليه ما ينفعش ؟!
الموظفة : لأننا مش متأكدين من هويتك وقرابتك للمريضة ..
أسامة : حضرتك , أنا اللي جايبها .... ولو عايزة اتفضلي البطاقة بتاعتي ..
قدم لها بطاقة الهوية , فأخذتها واطلعت عليها ...
الموظفة : مع احترامي يا سيادة الرائد ...... استنى استني .. إزاي أنت رائد بالجيش , وهي تبقي زميلتك في العمل ..
أسامة : ما عشان هي تبقي المقدم مريم محمد حجازي , أظن لازم تكوني سمعتي عنها في الأخبار ..
الموظفة : مش معقول  فرقة العاصفة !!! دا أنا متبعه كل اخباركم على الفيس , وعجبني الفيديو الأخير بتاع شرف الوطن ....
أسامة : إحنا هنهزر بقي ... حضرتك خدي البيانات الأولية بتاعتها لحد ما جدها يوصل عشان لو حد سأل ...
نبرة صوته أخافتها , فامتثلت لأوامره ...
...................
في سيارة حازم ...
بريهان : إحنا دورنا عليها في المستشفي وفي كل العيادات الخاصة بتاع الزمالك كلها ...
حازم : يمكن اللي خدها يعرفها , أو هي أقلتله يبعدها عن الزمالك , تعالي نشوف أقرب مستشفي بس مش في الزمالك ..
بريهان : والله فكرة يا حازم !
حازم : دا أنا أبو الأفكار النيرة كلها ..
- خليك كده ديمًا واخد مقلب في نفسك ..
- تفتكري أبوكي هيحصله إيه بعد الفيديو ..
هتفت بعد اكتراث :..
- ما أعرفش ولا عايزة أعرف !!
حازم : أنا حاسس إن مش هيجراله حاجة ... أبوكي واصل .
- لا أكيد لازم يحصل حاجة .
- أبوكي واصل , ومهم ... وهيقولوا إذا كان هو عمل غلط واحد , قصاد كل الانجازات اللي عملها يبقي نقلب عليه كده .... دي سياسة ..
بريهان : تصدق والله فكرة ..
حازم : فكرة إيه ..
أخذت تضغط على بعض أزرار الهاتف...
بريهان : أيوة ... هو دا الفيديو التمام ..........
ضعطت على زر معين و هتفت :..
- كده ويبقي share  ..
لم يفهم حازم ماذا تفعل فسأل :..
- بريهان ! فهميني لو سمحتي ...
أجابت بابتساامة واسعة :..
- مفيش يا حزومي ... ده فيديو لمريم و هي بتدرب الفرقة بكل جدية ونشاط ... وكمان وهما بيهزروا سوا ... وكمان وإحنا بنحاول نعمل أكل ... أصل أنا بحب أصور اللحظات السعيدة والمهمة في حياتي ... والفيديو دا أنا كنت عاملة مع music حماسي ... ودا وقته ...
- طب ما توريهولي ..........
هتفت بفزع :..
- إيه ؟ أنت بتسوق , أنت عايز تموتنا يا حازم .... ركز في السواقه وشوفه بعدين .
- أوامرك .
هتفت هي بتشفى :...
- بكده هثبت إن حسين باشا همجي ومالوش حق يعمل كده , وكمان هيرفع اسم مريم .. وأبرءها من الاتهامات الفظيعة دي... وأوري الناس أد إيه الفرقة دي متعاونة وجميلة , وأضمن إن مريم ما تهدش الدنيا فوق دماغي لو شافت الفيديو الأولني  ..
ثم ضحكت حكة هصبية هائفة و منوترة ..
.................................................
في فيلا حسين ثابت ,,,,
كان صوت بوق السيارة لا يتوقف عن الرنين ...
إجلال بانزعاج : مين اللي عمال يزمر بالعربية بالطريقة دي !!
وضعت نورا أصابعها في أذنيها لتصمهما عن الصوت الهادر بالخارج وقالت :..
- خلي الحرس يشوفو مين  يا إجلال !! مش قادرة أسمع صوت التزمير بالطريقة دي ...
....
خرج أحد الحرس ليجد من الذي يدق بوق السيارة هكذا ...
الحارس بصوت خشن : مين ؟
أطل سامي حجازي رأسه من نافذة السيارة وقال بحدة وخشونة :...
- أنا النائب سامي حجازي , عايز أشوف الوزير حالا , وإلا مش ماشي من هنا ...
استنكر الحارس لهجة التهديد من ذلك الرجل !!  ولم يعرف لماذا كان يصرخ أمرًا ؟!
لكنه دخل الحديقة ليطلب الأذن لدخول سامي حجازي , فصادف ربة المنزل جالسة في الحديقة .
نورا : مين اللي بيزمر بالطريقة دي ؟!
الحارس : دا راجل بيزعق ويشخط وينطر كده , وعايز يقابل الباشا الكبير ... وبيقول اسمه النائب سامي حجازي .
لمجرد سماع اسمه انتفض جسدها ..
إجلال : ماتروح تبلغ الباشا .. بسرعة .
الحارس : حاضر ..
حاولت نورا التفوه بأي كلمة لكن الكلمات هربت من شفتيها , وتحجر لسانها ... ماهي إلا لحظات حتي عاد الحارس من الداخل , حاولت نورا معرفة ما كانت ردة فعل زوجها ... تتبعت بأنظارها الحارس , الذي أخبر الرجل المنتظر بأن سيده في انتظاره !!
توترت نورا أكثر , تري ماذا سيفعل حسين أكثر مما فعل ؟!
دلف سامي حجازي للحديقة , يمشي بخطرات متزنة , شاهد السيدة التي تجلس في الحديقة على الأريكة , فرمقها بنظرات ساخطة , و كز على أسنانه .. تتبعته هي بخوف .... دخل هو من الباب .. كان يتبع الحارس الذي دله على غرفة المكتب ... لم تستطع نورا الانتظار في الخارج , وترك الكارثة تحدث ... لكنها بسرعة أشبه بالركض تسلقت الدرج لتدلف من الباب ... ثم سارت بخفة تجاه باب غرفة المكتب حيث يوجد سامي وحسين ... حيث لم يكونا قد أغلقا الباب باحكام .. لم تدري كيف أتتها الجرأة لكي تتنصت على حديثهما ..
.........
دلف سامي للداخل دون أن يطرق الباب, وكان حسين مولي ظهره للباب , جلس سامي على أقرب أريكة , ولم ينبس ببنت كلمة , مما استفز حسين .
مرت فترة زمنية ليست بالقصيرة ... فاضطر حسين للافصاح عن غضبه:..
- لو مش عايز تتكلم جيت هنا ليه ؟!
- أما تلف وتبصلي وتحترم وجودي أبقي أتكلم ..
اغتاظ من كلامه , فالتفت إليه هاتفا : ..
حسين : أنت عايز إيه ؟!
انتفض سامي من مكانه , ووقف قابلته تمامًا و أردف بنبرة مبطنة ما بها من  تحذير :..
- أظن إن أنت عارف يا حسين كويس ...
- أظن أنت لازم تشوف حفيدك فين دلوقت .. مش تجيلي هنا .
أردف سامي بنبرة خطيرة :..
- أنا جاي هنا عشان أحذرك للمرة الأخيرة يا حسين , طلع حفيدتي من دماغك , و ابعد عنها بدل ما أنسفك .
اغتاظ حسين فأردف بقوة :..
- تنسف مين ؟! ابعد أنت وحفيدك عني بدل ما يحصل أسوء من كده .
-أنا وحفيدتي طول عمرنا بعاد عنك , أنت اللي حاسس بالعجز والنقص قدامي , فبتحاول تحط نفسك في مقارنة معايا , وخليت بنتك هي وجه المقارنة .. أسلوب قذر جديد , زي ما أنت طول عمرك بتستخدم أساليبك القذرة سواء في السياسة أو في أي حاجة تانية .
- أنا برده , ولا أنت اللي بتحاول تلوي دراعي ببنتي ..
تابع سامي باستهانة :..
- مش أسلوبي على فكرة .
- أيوة صح , أسلوبك الحقيقي إنك تشوة سمعتي , إنك تلفقلي الأكاذيب وتعمل أدلة على مزاجك .. صح .
- هتعرف أسلوبي كويس لما تشوف بعنينك الاتنين دول إزاي أنا هنتقم للي عملته في حفيدتي .. الموضوع لسه ما سخنش , لكن أوعدك إن مستعد أعمل مظاهرات في الشارع لحد ماتتشال من منصبك ... وبنفسي هخليك تعتذر لمريم .. وتنحني عشان تسامحك , أوعدك يا حسين ...
حسين بتحدٍ : مش هتقدر يا سامي يا حجازي ..
ضحك سامي في سخرية واضحة تمتزج بغيظ شديد :...
- الله يرحم أيام ما كنت بتقولي يا أونكل سامي هنلعب في الجنينة ...
أطرق حسين رأسه في حزن .. ثم تابع في تحدٍ  : ...
- دا أيام ما كان محمد عايش ...
أمسك سامي ياقة قميص حسين وقال بغضب :...
- ومين السبب إنه مات , مين قول ؟!
أبعد حسين يده و هتف :...
- قولتلك مليون مرة مش أنا ..
سامي : ما كنش لمحمد أعداء غيرك ...
حسين : محمد طول عمره صاحبي , مهما كان في بنا خلاف مش ممكن أاذيه أنت ليه مش عايز تصدق ..
سامي : لأن ما كنش في أي حاجة تخليني أصدقك .
حسين : أنت ما حولتش تعرف الحقيقة , كل اللي أنت عملته إنك اتهمتني .
سامي : وكل اللي أنت عملته , إنك حولت تخفي الدليل , بدل ما تحاول تثبت برائتك ...
ترقرقت العبرات في عيون حسين ربما لأول مرة  .
- عشان أنت مش محمد ... أنا ومحمد طول عمرنا اصحاب مستحيل أذيه مستحيل ... مش عشان اتخنقنا وكل واحد دخل كلية تانية وافترقنا من غير ما نتصالح إني أقتله .. افهم بقى .........
صرخ في نهاية جملته !!
سامي :  لو زي ما بتقول ليه ما اتصلحتوش بعد كده , العشرة ما تهزهاش حاجة بسيطة ..
حسين : ما كنتش ينفع , ما كنش ينفع ...... لأننا إحنا الاتنين كنا بنحب نورا .... ما كنش ينفع نتقابل , هو كان هيتعذب , و أنا كنت هتعذب من غيرتي على مراتي ...
ردد سامي في نفسه ..
- أنت سبب كل مصيبنا كلها يا نورا هانم ..
ثم تابع في حزن ...
- أنت عملت كده عشان غيران بس مش عشان محمد , لو كنت سألت عنه , كنت عرفت إن بعد أما دخل الجامعة , عرف دعاء واتجوزها , ونسي اليوم اللي عرف فيه مراتك ......
حسين : صدقني إن عمري ما حاولت أذي محمد ...
سامي : عمري ما هقدر أسامحك يا حسين ... لو اللي بتقوله ده صح ما كنتش تأذي بنته ......
التفت نحو الباب ليغادر , ثم أردف أخيرًا باستخفاف ...
- سلام ... نتقابل و أنت بتدفع تمن اللي عملته مع مريم ... بس غااااالي أوي !!
خرج من الحجرة ,  و لحسن الحظ لم يرى نورا التي سمعت حديثهم جميعه , دمعت عيونها على تلك الحقيقة المؤسفة التي فرقت بين صديقين حميمين , و ولدت الكره بين هذين الاثنين ....
تقدم سامي بضع خطوات تجاه الباب , فرن هاتفه ..... بمجرد أن رأى اسم سماح حتى أجاب بدون تردد ..
سامي : أيوة يا سماح , عرفتي حاجة ..
سماح : ..............
سامي : في مستشفي إيه !!
سماح :.........
سامي : مستشفى (............) ... طيب طيب , أنا عشر دقايق وهبقي هناك , سلاااااام ..
لم يدرك سامي أنه مازال في فيلا حسين ثابت , لكن قلقه كان ثأثيرة أقوى ... وهرول للخرج مسرعًا في حين سمعته نورًا حديثه ...........

أختان في العاصفةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن