٣٦ جزء ٢

5.4K 242 1
                                    

الفصل السادس و الثلاثون (الجزء التاني)
(لا تحرموني اللقاء )
بريهان : why , أنا هطمن عليها بس .
أسامة : ماهو جدها جوه .
بريهان : جدو سامي , وإيه يعني ؟!
أسامة : لا عشان اللي حصل .. أعتقد إنه مش هيبقي مبسوط .
بريهان : أنت ما تعرفش جدو سامي كويس يا أسامة ..
أسامة : كمان الدكتور مانع الزيارة ..
لم تفهم بريهان أنه هو الذي لا يريدها أن تقترب من مريم .. فبعد ما حدث أضحي يخاف على مريم من بريهان , خصوصًا من والدها .
تنحنح حازم , وتدخل قائلاً :...
- أحححممم ..... أعتقد هو عنده حق يا بريهان ...
انفعلت بريهان هاتفة:...
- يعني إيه عنده حق , أنتم عايزيني أعقد هاديه و أنا عارفة إن مريم في المستشفي ..
أردف أسامة بهدوء مصطنع , و هو يقف كالجدار أمام الباب :..
- دكتورة بريهان ... إحنا في مستشفي , وأظن إنك أكتر واحدة فاهمة يعني إيه مستشفي ..
حازم : إهدي يا بيري .. مريم مش من النوع اللي بيستلم , وكمان الوقت اتأخر أوي , من الأفضل نمشي دلوقتي ونرجع سوا ..
تابعت بريهان بانفعال :..
- مش ههدى يا حازم , عايزني اهدي , وأنا بيني وبين مريم باب واحد و مش عارفة أشوفها ...
حازم : صوتك عالي .... سؤال واحد يا أستاذ , هي كويسة , في خطر عليها يعني ..
أردف أسامة بجمود :..
-هي كويسة الحمد لله ..
حازم : خلاص يا بيري , بكرا الصبح أول ما الدكتور يسمح بالزيارة هجيبك ..
لم تنصت لهما .. فجذبها حازم من يدها .. ليقودها قسرًا للمصعد ومنه للخارج ..
..
عندما وصلا للخارج , انتزعت يدها من يده .
بريهان : حازم .. أنت ــ
قاطعها حازم بهدوء :..
- هششششششش ... استني هنا دقيقة واحدة .
بريهان : بس أنا ..
لم ينتظر ليسمع بل دلف مرة آخري للمشفي وتوجه إلي حيث مكتب الاستقبال ... رأي نفس الموظفة السابقة فابتسم لها ابتسامة ساحرة وتقدم منها ...
- سلام عليكم ..
عصمت : و عليكم السلام
حازم : أهلا يا آنسة ....
عصمت : عصمت ..
تذوق حازم هذا الاسم , وجده غريبًا نوعًا ما .. لكنه لفت انتباه ... حاول صب تفكيره للتركيز في ما جاء من أجله .
حازم : عصمت .. اسم غريب ...
عصمت بنرفزة : ماله ؟!
حازم : اسم يليق بوحدة فريدة زيك ...
ابتسمت له :..
- شكرًا .
- أحلا حاجة فيك إنك مش متصنعة ..
- لو سمحت دا مكان شغل .
- خلاص أن أسف بس هطلب منك طلب .. أرجوكي وافقي ...
توقعت شيء لكنها سمعت شيء أخر خيب أمالها :...
- المريضة اللي أنا سألتك عليها (مريم محمد حجازي) عايز أعرف إذا كانت الزيارة ممنوعة ولا لأ ...
غضبت بشدة وكادت تنفجر , لكنها نظرت فوجدت أن مديرتها المباشرة قادمة .. فوقفت بوقار .. ثم قالت بحزم :..
- طبعًا يا أستاذ ..
- في حاجة .. أسلوبك اتغير ..
- أنا حضرتك مش بتعامل إلا كده , دي مستشفي محترمة , وأنا وظيفتي إني أهتم بالمرضى ... دي مهنة سامية ..
نظر لها نظرة احترام , و أضافت هي :...
- ثانية واحدة يا أستاذ ...
تحدثت في الهاتف وصلت لما أرادت ثم أغلقت و التفت له قائلة : ...
- لا يا فندم الزيارة مش ممنوعة ..
ابتسمت لها مديرتها المباشرة , ثم غادرت , فتنهدت في راحة ..
حازم : أنا أسف إني عطلتك يا آنسة .. سلام ..
انتبهت له وهو يغادر .. فندمت لأنها أضاعت فرصتها الذهبية ..
ثم قالت لنفسها :...
- أوعي تيأسي يا عصمت .. مش لازم يروح من إيدك .. اسمه كان إيه , آه حازم ثابت .. هجيبه ..
.................................................
أمام غرفة مريم ,,,
تنفس أسامة الصعداء بمجرد رؤية بريهان تغادر ...
- أنا كده مشتها المرادي , مش هعرف هقدر أمنعها تاني إزاي ؟!
سمع أسامة صوت باب غرفة مريم يُفتح .. وإذا بسامي حجازي يخرج منها ...
- بريهان كانت هنا يا أسامة صح , أنا سمعت صوتها من جوه ..
نكس رأسه ثم تابع في حزن :..
- أنا مشتها يا سامي باشا ؛ لأن ــ
- كويس إنك عملت كده ..
انتبه أسامة لجملته الأخيرة و هتف متعجبًا :..
- إيه ؟!
- لازم العيلة دي تبعد عن حياتنا .. بس أنا مش هسيبك يا حسين يا ثابت ... مش هسكت إلا أما تدفع التمن غالي أوي .
- في جديد مع مريم ..
- لأ , زي ما هيه .. نايمة ..
- إن شاء الله هتبقي كويسة ...
.......................................................
خارج المستشفي ,,,
وصل حازم إلي حيث تقف أخته التي يكاد القلق يقتلها ...
بريهان : كنت فين يا حازم ؟!
حازم : كنت بتأكد من حاجة .
- أنا عايزة أعرف أنت شدتني هنا ليه ..
- عشان اللي أنتِ مش عارفه إن الزيارة مش ممنوعة عن مريم ..
- أومال أسامة قالي كده ليه ؟!
- أكيد عشان ما كنش عايزنا نخش وخصوصًا إن با ..
- خلاص خلاص ..
دمعت عينيها ووضعت يدها على وجهه ..
حازم : يا بيري ما تقلقيش هنروح نشوف مكان نبات فيه الليلة دي .. والصبح يحلها الحلال ...
سألته من بين دموعها :..
- هنقعد فين ..
- طب أنا كنت لوحدي كنت بصرف نفسي وأقعد مع حسام .. دلوقت لازم نشوف أي أوتيل .. بس أكيد مش هنروح أي أوتيل بمنظرك ده لازم نروح نشرب حاجة الأول ....
ذهب بها لكافيه قريب , حتى تريح أعصابها , وتهدأ ...
.............................................
أمام فيلا سامح زهران ,,,
كانت سيارة عصام قد وصلت إلي مستقرها , خرج منها عصام وجنى ..
عصام باستغراب : جنى هو حد في الفيلا ..
جنى : لا !!
عصام : أومال إيه الأنوار اللي جوا دي ..
جنى بتوجس : ممكن يكون حرامي ..
أردف عصام بسخافة على سذاجتها :..
ما أعتقدش في حرامي هيولع نور البيت ..
لم يزل توجس جنى فأردفت بحذر :..
- طب هنعمل إيه ؟!
عصام : هندخل طبعًا .. يمكن دادا سعاد نسيت الأنوار .. و بعدين أنتي معاكي ظابط احترميني حتى .
-طيب ورينا يا جيمس بود .
دلف عصام مستأسدًا تبعتها جنى التي أمسكتها من قميصه من الخلف خوفًا ... تقدم عصام من غرفة المكتب الصغيرة التي اشتعلت أنواها .. أدار مقبض الباب .. وإذا به يرى شخص غير متوقع جعل كلاهما يحملق به بدهشة !!
..........................................................
في فيلا حسين ثابت ,,,
كانت آخر قنبلة فجرت في هذا المنزل الكبير دمرته .. وفتته إلى أشلاء , تناثرت في الأنحاء ..
نورا في غرفتها تبكي و الألم يعتصر قلبها , تبكي على أولادها , على زوجها ورفيق دربها , إلي أين أودت به الظنون .. إلي قوقعة مظلمة ....
- عملت فينا كده ليه يا حسين , عملت في نفسك كده ليه ؟!! دمرت البيت ليه يا حسين ؟!! عملت كده ليه في .. مـ... ـر ...مريم ..بنتنا !!
انتحبت أكثر واحتضنت الوسادة , وبكت بكاء مرير ..
- أنت اللي ولدت الكره في قلبك للعيلة دي .. وأنت غلطان والله غلطان .. أن عمري ما حبيبت محمد ولا فكرت .. دا أنا عمري ما اتكلمت معه أبدًا حتى في المدرسة ... أنا ما حبيتش غيرك يا حسين .......... الحمل زاد عليا أوي كده , هتحمل فرق ولادي كلهم إزاي دلوقتي , غير حرماني من إني أنطق باسم مريم غير مع نفسي ... أنا تعبت , تعبت أوي , ارحمني بقي يا ربي .. ارحمني بقي .....
كانت كل دموعها صادقة , تأتي شهقاتها من أعماق قلبها دون تكلف ...
...........
وعلى صعيد أخر في مكتب حسين ,,,
كعادة حسين دائما ليس الشخص الذي يؤثر البكاء والنحيب ..
جلس على أريكة مكتبه ممدًا رجليه , مريحًا رأسه من أفكاره التي أثقلت رأسه , محدقًا في العدم ... تذكر كل لحظاته مع صديق طفولته محمد حجازي , كيفا اشتركا في صفات كثيرا حتى في حبهما لنفس الفتاة ... أخذته ذكرياته لبعيد ليسبح فيها , طارت به الذكريات حتى  وصلت به إلي سن الثانية عشر ..
*****
حسين : محمد إيه رأيك نذاكر عندي في البيت .
قوس محمد فمه وقال باقتضاب طفولي برئ :..
- لأ .. بنت عمتك في البيت , ودي رغاية ورخمة أوي ... لو شفتنا هتلزقلنا .
- عندك حق والله يا محمد أنا شخصيًا مش بحبها .. بس خلاص ع الأسبوع الجاي هتسافر برا مصر ومش راجعه تاني .
محمد : أحسن .
حسين : طب إحنا هنخلينا في الشارع ومش هنذاكر النهاردة , وهنعمل إيه ف امتحان بكرا ..
محمد : أنت قلقان أوي كده ليه دا أنت حتى دحيح ..
حسين :يا عم عايز نشوف حته نذاكر ...
محمد: خلاص نذاكر عندي أنا فالبيت .
حسين : لا يا عم ... أنا عارف إن الناس الكبار بيبقوا شداد , وهيزعق لنا .
محمد :أنت بتقول إيه , وبعدين بابا مش كبير أوي , بابا عنده 30 سنة ..
حسين : إيه دا صغير ؟!
محمد: عيب كده ... وبعدين بابا لو شافك هيحبك .. دا لو كان في البيت مش في الشركة مع جدو .
- يعني أنت متأكد إن مامتك بس اللي في البيت ..
- أيوة ..
- طب خلاص تعالا معايا نروح نجيب العجلة من البيت وأقول لماما ..
- ماشي ..
انطلق الرفيقان إلي حيث منزل حسين الذي كان متواضع في ذلك الحين .
أمام بوابة المنزل , أخرج حسين دراجته .
استعد محمد ليركب خلفه , بينما مرت من أمامهما فتاة جميلة للغاية بعيونها الخضراء وشعرها الأشقر .. نعم إنها نورا , جارة حسين .. حب طفولته وهي كذلك .
ابتسمت له بخجل , فخفق قلبي حسين و محمد معًا .
لم يظهر أحدهم للأخر حبه لنورا ,  ركب حسين دراجته وركب خلفه محمد حتى وصلوا لفيلا سامي حجازي القديمة ..
دخل محمد , فوجد والدته تطالع بعض الأوراق – فهي شريكة والدة في العمل – على الأريكة في الردهة , فتقدم اتجاهها هاتفا :..
- ماما !!
قبلته في خده ..
- إزيك يا حبيبي , اتأخرت ليه ..
- أصل أنا روحت مع حسين عشان نستأذن مامته إننا نيجي نزاكر هنا ..
- ماشي يا حبيبي , أنا النهاردة هأروح مع بابا الشركة ..
- ماشي يا ماما , ممكن أقول لحسين يدخل .
- طبعًا يا حبيبي , عيب أصلا تسيبه واقف برا ..
ناداه محمد :..
- حسين !! اتفضل يا حسين ..
تقدم حسين بأدب وسلم على والدة محمد ..
حسين : أهلا يا طنط ..
علياء : أهلا يا حسين يا حبيبي .. محمد ديما بيحكي عنك ..
ابتسم لها , وفجأة تعالى صوت من الأعلى ينادي على محمد ..
- محمد ... تعالي يا محمد ..
هتف محمد بأدب متوجس :..
-بابا !!
تطلع له حسين فشعر بالخوف , فلم يعتد على وجود الأب فهو يتيم ..
كانت على وجه سامي علامات الانزعاج , ومع كل خطوة يخطوها أسفل الدرج يزداد الخوف في نفس حسين , لم يكن سامي كبيرًا في السن كباقي الأباء لكنه مهاب , تقدم باتجاه محمد حتى وقف قابلته , ومحمد مطأطأ رأسه للأسفل , وحسين يترجف بشدة من أن يُوبخ رفيقه بسببه !!
هل الأباء مخيفون بالفعل  هكذا ؟!
هل سبوبخ محمد لأني أتيت معه ؟!! ماذا سيحدث  ؟!
هتف سامي بقوة :..
- محمد أنت ..
- بابا أنا ..
بعد ثوانٍ قليلة ابتسم وجه سامي العابس و هتف بحمس :..
- سلام جامد يلا ..
ابتسم محمد , وصافحه بطريقة عجيبة لم يراها حسين من قبل , كأنهم رفقاء ..
والدة محمد (علياء ) : حرام عليك يا سامي خضتني , افتكرتك زعلان منه بجد ...
سامي : في إيه يا حبيبتي , وهو أنا أنا أقدر أزعل من محمد برده ..
مسح على شعر ولده وابتسم .
محمد : بابا دا حسين ..
نظر له نظرات عابسة متفرسه ..
سامي : تعالى هنا يا ولد ..
تقدم حسين بخوف , إلي وقف أمامه وهتف :..
- حاضر يا فندم ..
أردف سامي ضاحكا :..
- مالك يا حبيبي , أنت خايف كده ليه , وإيه حاضر يا فندم ديه ؟!
محمد بابتسامة بلهاء :..
- أصله نفسه يبقي عسكري ..
حسين بضيق طفولي : إيه عسكري ديه !! أنا عايز أخش الحربية ..
محمد : ما أنا عارف , كنت بهزر ..
ابتسم سامي و علياء لهم ...
سامي : يلا ذكروا يا ولاد ..
محمد : مع السلامة يا بابا ...
....................
طافت الذكريات بحسين أكثر حتى وصلت به لنقطة الفراق .. وقت قرر محمد الاعتراف لحسين بحبه لنورا بعد امتحانات الثانوية العامة .. لم ينس حسين ردة فعله القاسية تجاه صديقه ...
حسين بصدمة : بتقول إيه !!
محمد بهدوء : بقولك أنا بحب نورا جارتك ..
نظر له بغضب جم و هتف :..
- أنت إزاي تحب نورا أنت مش عارف إني أنا اللي بحبها ..
محمد بصدمة : أنت بتحبها !!
حسين بقوة متملكة :أيوة , دا أكتر شيء أنا بحبه في الدنيا ..
محمد بدهشة : بس أنت عمرك ما قولتلي ..
حسين :وأنت عمرك ما قولتلي ..
- خلاص نسألها ونعرف هي بحب مين ..
دفعه حسين بعنف , و هتف :..
- هو عشان أنت غني عايز تاخد كل حاجة مني .. إلا نورا ..
تعجب محمد و أردف بطبعه الهادي :..
كلاهما رفيقان لكن حسين يتميز بطبعه المتحفز الناري بخلاف طباع محمد الهادئة إلي أقصى حد ..
- حسين إحنا عمر ما كان في حاجة زي دي بنا ..
أردف حسين بغل بدافع عقدة النقص البشرية التي سمح لها بالسيطرة عليه :..
- لا يا محمد أنت طول عمرك بتعملني بتعالي ,عشان أنت عندك أب وأنا لا , و أنت غني وأنا مش غني زيك ...
أردف محمد بذهول مما يقوله رفيقه :..
- حسين !أنت بتقول إيه ؟!
- لا يا محمد , الفلوس مش كل حاجة , والفلوس اللي عندك مش أنت اللي عملتها ولا حتى أبوك , دا جدك ... وأنا هشتغل وهبقي غني وأغني منك ... و نورا هتبقي ليا أنا وبس .. وكمان أنا مش هعرفك تاني ..
- أنا مش هاخد على كلامك دلوقت يا حسين , و إذا كان على نورا مش هشوفها تاني , وأنا عمري ماعملتك على إنك أقل مني , أنا صحابك وبحبك وخليت أهلي يحبوك .. وعمري ما هفرط في صداقتنا زي ما أنت عملت دلوقتي .. بس أنا ما كنتش عايز الفلوس تأثر علينا .. بس أنت زنقتني يا صاحبي , وعايزك تعرف إني أفرح لفرحك وأزعل لزعلك , وقت ما أنت تحس إن صدقتنا كانت بجد , ابقي تعالي زرني وأنت عارف البيت .. مش عايز أضغط عليك أكتر من كده ......
حزن محمد وترقرت الدموع في عينيه , حتى سقطت بعض العبرات , وأدار وجهه واصرف .... بينما تجمدت قدمي حسين مكانه , وعجزت شفتاه عن النطق ..

*******
كانت تلك اللحظات بمثابة كابوس مرعب بالنسبة لحسين .. تذكرها وأغمض عينيه .. وما هي إلا لحظات ونام دون أن يشعر بذلك ..

....................................................
في إحدي الكافيهات القريبة من المشفى بالمعادي ,,,
جلس حازم و بريهان على طاولة منزوية في ركن هادئ , طلب لها حازم شيء ساخنًا لتهدأ ...
حازم : يلا اشربي و اهدي , بسرعة عشان الساعة داخله على 12 ..
بريهان بضعف : أيوة فعلا مش ينفع نقعد هنا أكتر من كده , بس هنروح فين ..
حازم : أما بكون لوحدي بصرف نفسي , وبقعد عند حسام .. إنما أنت معايا مش عارف هنروح فين ...
نظرت له بصدمة .. لكنه تابع دون أنا يتوقع أنه يجرحها , وأن ما تكابده الآن أصعب من أن تحتمله إنسانة رقيقة مثلها ... في تلك الليلة الهادئة ضاع منها كل شيء ...
حازم ببرود : أنا مش عارف مريم كانت مستحملكي إزاي , دا يمكن ربنا عمل كده عشان يريحها منك , و كمان هي شكلها بتاعة مشاكل ..
مست كلماته وترًا حساسًا ضغط عليه بكل قوته , فانفجرت فيه , وضربت المنضدة بيدها بشدة وفزت من مكانها .. هذا الصوت نبه الكل لهما ..
حازم : أنت بتعملي فرجتي علينا الناس ..
بريهان بغضب : أنت ما بتحسش خلاص ما فيش دم إيه كمية البرود دي , شيفني منهارة ودا كل اللي همك .. نفسك وبس أنت إيه ؟! عارف دا الفرق بينك وبين مريم , فوقت الغربة كانت كنفي , فوقت البرد كانت دفئي .. أنت أصلًا كنت هامش في حياتي , إنما هي كل حياتي .. لما كنت بره كان سندي وحمايتي , كانت راجلي وأماني رغم إنها بنت .. بس بشجاعتها وقوتها عدينا مصايب في حياتنا بره , كل اللي أنا فيه ده بفضل مريم , في وسط العالم الغربي اللي أنا اترميت فيه لوحدي من غير مريم كنت هضيع و هخسر نفسي , مريم دلوقتي بتعاني و أنا مش قادرة أطبط عليها , مش قادرة أشوفها .. وأنت بتقول إيه , أنا ماشية ..... وحضرتك تقدر براحتك تروح عند صاحبك زي ما أنت عايز ....
غادرت وتركته الكل ينظر له باستنكار , التفت لمن ينظرون إليه لكنه لم يبدٍ ردة فعل ....
زفر بشدة , والتقط شيء من مقعد بريهان ثم هرول خلفها .
....................
في فيلا سامح زهران,,,
دلف عصام مستأسدًا تبعتها جنى التي أمسكته من قميصه من الخلف خوفا .  تقدم عصام من غرفة المكتب الصغيرة التي اشتعلت أنواها .. أدار مقبض الباب , وإذا به يرى شخص غير متوقع جعل كلاهما يحملق  بذهول ..
عصام / جنى : ماما !!!
عنان بابتسامة : إيه شوفتوا عفريت ..
جنى : لا أبدًا يا ماما , بس ما كناش نعرف إن حضرتك جاية النهاردة !! ألف حمد لله على سلامتك ..
عنان : تعالي يا جنى , وحشتيني ..
اقتربت جنى فاحتضنتها والدتها (عنان هانم )..
أما عصام فقد اقترب منها وصافحها قائلا :.
- نورتي مصر يا عنان هانم ..
نظرت له عنان باستنكار و أردفت :..
- إيه يا عصام ده , صحيح أنت كبرت وبقيت مقدم بس مش عليا أنا , هات حضن يا ولد ..
- يا ماما !!
عنان : هو أنا عشان سكتلك هتطلع عليا يا واد ... مش عايز تحضني نسيت و أنا بغيرلك الكفو ــــ
قاطعها عصام بسلرعة ضامًا إياها  :..
- كفاية يا ست الكل .. ارحميني ..هيبتي بقت في الأرض .. 😂😂😂
جنى : هههههههههههههههه
احتضنها عصام , ثم ابتعد بسرعة فمثل تلك الأمور تخجل الرجال ...
عنان : أومال فين أسامة حبيبي ..
جنى : أأ..
عصام : أسامة حبيبك , وأنا قذف جبهة على طول ..
عنان بعند : طبعًا أسامة حبيبي ..
فجأة سُمع صوت الهاتف الذي عكر صفو ذلك المشهد العائلي ... نظرت عنان لاسم المتصل فوجدته أختها سميرة , فامتعض وجهها لتوقع ما جاءت به أو بالأحرى ما تخشاه ...
عنان : أيوة يا سميرة ..
سميرة : ........
عنان : يعني إيه مش عايز يكمل القضية ؟!
سميرة :............
عنان : اتصرفي يا سميرة ... شوفي أي محامي تاني ..
- .............
عنان بتوعد :  ماشي يا سامح ...... خلاص أنا هشوف محامي وهتصرف .. ما أنا هتطلق يعني هطلق  ...
عصام / جنى : إيهههههههه !!!!

أختان في العاصفةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن