٣٠

5.5K 249 5
                                    

الفصل الثلاثون
(بعد الحقيقة)
كان ولابد أن تشعر مريم بالسعادة , لكن دموعها هي فقط ما كانت على وجهها , لكنها ليست دموع الفرحة , إنما دموع خيبة الأمل , الخيانة , الغدر , مؤلمة هي الخيانة , لكن الأكثر إيلاما عندما تكون ممن تثق .
أردفت مريم وكأنها أله :..
- أنا ماشية .
بريهان : استني أنا ...
لم تنتظر مريم لتسمعها و ذهبت ... حاول جدها اللحاق بها لكنها استغلت كبر سنه لتهرول هاربة , لم يكن حالة الكل أفضل من حالة مريم .....
سامح : أظن ما ينفعش نسيب بعض , إحنا اتعودنا نكون مع بعض في أي موقف صعب .
بريهان بحزن : طب أنا هروح أقنع مريم ... أنا مش قادرة أشوفها متحطمة كده , نفسي أشوفها مرتاحة بقى , أنا هلحقها .
أسامة : استني يا بريهان .. أنت نسيتي إنك سبتي المستشفي من غير ما تبلغي حد , أكيد عيلتك قلقانه عليك روحي طمنيهم , باباكي ممكن يتهمها في مريم و إحنا مش ناقصين و كفاية عليها اللي عمله يوم المستشفي ...
قال أسامة كلماته بدون تفكير ثم تمني لو أنه لم يفعل ...
بريهان بدهشة : هو إيه اللي حصل يوم المستشفي !
هتف أسامة بارتباك : هاه ما فيش , بصي عصام وصلها بسرعة ..
رمقها عصام بنظرات غير مفهومة وحده من عايش اللحظات السابقة من يستطيع أن يفهمها ,  ثم تصنع عدم الاهتمام و أردف : ..
- لا مش فاضي .
نظرت له بريهان نظرات تملأها الدهشة والحيرة من تغير أسلوبه .
أسامة : دي حاجة مهمة يا عصام , وأنا هلحق مريم قبل ما تبعد , و في حاجة مهمة للباقي .
أشار لهم أسامة بإصبعه تجاه والدة خالد , ثم غادر أسامة مسرعًا ...
سامح بغضب : أنا مش عارف أسامة بيوصينا عليها دي ليه  ؟ مش كافية اللي ابنها عمله .
شريف بعصبية : دي أم يا سامح , ومهما كان إحنا كان بنا عشرة أنا ريحلها .
رءوف / مجاهد / ومحمد : وإحنا جايين معالك .
غادر عصام فتبعته بريهان , وهي تحاول تفسير نظراته الحائرة وكلماته اللاذعة , كيف تحولت طريقته معها بين ليله وضحها . ركب سيارته ولم يفتح لها الباب حتى , ففتحته لنفسها , لم تربط حزام الأمام لانشعالها بالتحديق فيه , و في ملامحه الجامدة  .
ما الأمر ؟! ما الذي يحدث بحق السماء !!
هتف عصام بوجه خالٍ من التعابير , متجمد : ...
- اربطي الحزام !
قوست فمها اعتراضًا على أسلوبه , لكنها ربطت الحزام .
عصام بجمود : تحبي أوديكي فين ؟!
أفاقت من شرودها على صوته الجامد , فأردفت :...
-هاه .. إيه !!

أعاد عليها سؤاله !!فشعرت بارتباك !!
كم هو سؤال صعب ؟ بل أصعب مما يتخيل !
فأردفت بحيرة :.. 
-مش عارفة .. أنت شايف المفروض أعمل إيه ؟
عصام بجفاء : ممكن تخدي تليفوني تكلمي أي حد .
بريهان : بس أنا مش حافظة رقم أي حد .
عصام : ممكن تتصلي على رقمك .
بريهان بامتنان  : صح .. ثانكس .
..........................................................
في مكتب معتز الدمنهوري ..
دلف شكري إلي دخل المكتب سيده مطرق الرأس  ..
شكري : باشا أنا آسف ..
معتز بعصبية : غور من وشي مش طايق أشوف وشك قدامي .
شكري : أنا بس ـــ
معتز : قولتلك امشي من هنا , الخطتين باظوا , عشان أنا معين نسوان مش رجاله .
كاد معتز أن يضرب مساعده بمطفأة السجائر , فخرج شكري مسرعًا ..
معتز لنفسه : شوية نسوان , أنا لازم أخطط وأخلص منهم ..
.......................................
ذهب أسامة خلف مريم , فشاهدها تركب تاكسي منطلقة لمكان مجهول , حتى أنها نسيت أنها تركت جدها الذي مازال يبتعد عنهما عدة أمتار ..... لم يستطع فعل شيء حياله في هذه اللحظة , فما كان من أسامة إلا أن تبعها بسيارته ...
أسامة : يا ترى راحه على فين يا مريم ..
فجأة توقف التاكسي , وترجلت منه مريم , نظر أسامة للجانب فعرف أين توقفت , توقفت أمام المقابر ......
اقتربت مريم من مقبرة والدها والدتها , رأها ترتمي على الأرض , ظلت تبكي وتبكي , و ثم سمعت صوت من خلفها يقول :...
- مريم .
التفتت إليه , لاح من بين دموعها صورته ..
أسامة : بتعملي إيه هنا مريم .
مريم ببكاء شديد : سيبني يا أسامة , ما تعاملنيش زي جدي , وتمنعني من إني أشكلهم همي .
أسامة بعتاب : أنا عمري ما همنعك عن حاجة تريحك , بس مش بالشكل ده .
مريم : أنا تعبت من كل حاجة , تعبت من نفسي , من حياتي , من كتر من ظهرت قدام فرقتي إني معنديش قلب , نسيت إن ليا قلب بيرفضني , بيرفض قسوتي ............ يا ريتني زي كل الناس وقت ما أحب أبكي أبكي , وقت ما أحب أفرح أفرح .... ليه يا أسامة الفرحة ما بتقربش مني , ليه السعادة بتبعد عني ................ يمكن يكون قلبي حجر ..
أسامة بدموع : لا يا مريم أنتِ ..
مريم مقاطعة : أنا إيه يا أسامة , أنا إنسانة بلا مشاعر , بلا أحاسيس , أنا حتى نسيت أطمن على بريهان , أخودها في حضني وأتاكد إنها لسه بخير .
أسامة : الموقف اللي كنت فيه ينسي الواحد فيه نفسه , دي ..دي ....
مريم : خيانة , الخيانة صعبة أوي مش كده ..
أسامة : طبعًا مفيش أصعب من كده , أما الواحد بيتعرض للخيانة قلبه ممكن يتحجر , يتحطم ......
مريم : عشان كده قلبي اتحجر من زمان , ونسي الحب , نسيت أحب .. أحب نفسي وأخ.....
انتبهت مريم لم كانت ستتفهوه به , كانت ستقر بحقيقة العلاقة بينها وبين بريهان , فصمتت , واكتفت فقط بالبكاء والنظر لقبر والديها كلما نظرت أكثر , كلما تذكرت أنهما ليسا والديها الحقيقيان , فتعلو شهقاتها أكثر ...
تمني أسامة في هذه اللحظة لو أنه يأخذها في بين أحضانه , ويمسح دموعها , لكنها ليست له , لا تحل له .
لم تستطع مريم تحتمل النظر إلي قبر والديها أكثر ..
مريم بخفوت : روحني يا أسامة ..
أسامة بدهشة : إيه ..
مريم بارهاق : روحني , مش قادرة أستحمل أكتر من كده ...
سارت نحو سيارة أسامة , و هو يتبعها , ثم ركبا السيارة ..
...................................................
في سيارة عصام ,,,
بريهان : yes,mom ........أيوة I'm fine   ...... لا مش هرجع المستشفي .... دادي متعصب وإيه الجديد ...... أنا قدامي تلت ساعة و أكون في البيت ....... خلاص يا مامي أما أرجع هقولك أنا مشيت إزاي .......... والله بقيت كويسة .
أغلقت بريهان الهاتف وأعطته لعصام , فأخده منها ببرود , لم تتوقع منه هذا الأسلوب الجاف , كان الصمت الذي يسود المكان قاتلا , فقررت بريهان الحديث في أمر ما ... لكن لم تجد الموضوع المناسب , لكنها تذكرت ما قاله أسامة عن والدها , فقررت سؤاله ..
بريهان : عصام , ممكن أعرف أسامة كان قصده إيه باللي قاله عن بابا ومريم .....
عصام : يهمك تعرفي ..
بريهان : أيوة جدًا .
عصام : مفيش يوم المستشفي باباكي كان مصمم إن مريم وجدها هما السبب في اللي حصلك , و....
بريهان مقاطعه بحزن : ليه بس ... طب عملها حاجة ..
عصام : عمل حاجات , عارفه الجرح اللي في إيديها ..
بريهان بفزع : ما تقولش , يعني الجرح مش من الحادثة بابي هو اللي ...
عصام : لا من الحادثة , بس هي كانت عايزة تشوفك قبل ما تمشي , فباباكي منعها , ومسكها من إيدها جامد لحد ما الخياطة فكت تاني ودرعها نزف تاني ..
بريهان بصدمه : بابي عمل كده مستحيل , لا .
عصام : ما هو عنده حق كان خايف عليكي , أنا كمان حاطيت اللوم عليها و..
كان على وشك أن يخبرها بما فعل مع مريم , وبمدي قلقه عليها وقتها , لكنه منع لسانه في أخر لحظه , وبالرغم من أنه لم يكن يريد الحديث معها , لكنه لم يستطع مقاومة نفسه .
أما هي فلم تفهم قصده , بل ركزت على الجزء الخاص  بمريم فقط .
بريهان : أنت بتقول إيه .... أنا نفسي أفهم أنت بتكرهها كده ليه , أديك أنت وبابي طلعتم غلطانين ... أنتم إزاي فكرتم كده , دا مع إنها كانت على وشك إنها تموت من الـ fire , وكانت ممكن تنقذ نفسها بس لما أنا خرجتها .. لكن لا هي كانت نسيه نفسها عشان تأدي واجبها , دا أنتم تفكركم غريب , وما تفتكرش إني هعدي موضوع دادي دا على خير ... أنا لازم أخد موقف .
أدرك عصام من كلماتها أنها تحب مريم بشدة , وكان يتسأل ماذا يمكن أن تفعل إذا علمت بما فعله هو مع مريم ؟! زاد شكه و حيرته و كرهه لنفسه عرف أن جنى كانت محقة !  فمثل بريهان لما بها من رقة وجمال داخلي وخارجي , مستحيل أن تحب شخص غلف قلبه الكره و العصبية و الغضب ثم الغضب ثم الغضب !
ركن عصام سيارته على أول الشارع العريض المؤدي لمنزلها .
عصام بجمود : أفضل إنك تنزلي هنا ...
" أوك "
قالتها بريهان وهي تشعر باضطراب كيف تحول ؟! ولماذا تحول ؟! فهي لا يعجبها عصام هذا , لكنها لا تجرأ أن تقول عد معي كما كنت !!
أما هو فكان أهون عليه أن يبقيها حبيسة ولا يخرجها أبدًا فقد لا يراها أبدا فقلبه مليئًا بالأشواك وقلبها ورد زُرع في ريعان الربيع ...
غادر عصام بسيارته , فرمقته بريهان بنظرة أسي , ثم تقدمت للأمام , وتنهدت قبل أن تتقدم تجاه منزلها حيث هناك مواجه طاحنة في انتظارها ..
.........................................
أما في سيارة أسامة ,,,
كان أسامة يسترق النظر لمريم التي تجلس واجمة تسند رأسها على الزجاج , مغلقة العينين , و كأنها تأمر عبراتها " لا لن تخرجي من مقلتي" .
كان يتنمي أن تفصح له عن مكنون قلبها , عن الألم الذي تعاصره , لكنها أحب صمتها ,أحب عنادها , أحب كل تفصيلة من تفصيلها , فصارت مطلبه من الدنيا , وكلما كان الهدف أجمل , كلما شق الوصول إليه , نظر لها نظرة تقول "مهما أوصدتِ قلبك بأقفال فسأصل له , سيكون قلبك لي حتمًا " .
وصل للشارع المؤدي لمنزلها , فأفاقت و نظرت لأسامة بامتان .
مريم بهدوء مريب : أسامة كفاية كده نزلني هنا .
أسامة : لا يا مريم ..أنا ..
مريم : بجد شكرًا , بس جدو كده هيضايق .
أسامة : بس ..أنتِ .
مريم : أسامة ! بعد إذنك , أنا لازم أحترم البيت اللي أنا عايشة فيه , وأحترم صاحبه , وجدنا في الجيش شيء , ووجدي في القاهرة شيء تاني ..
أسامة : ماشي .
أنزلها أسامة , لا ينكر أنه استنكر كلماتها , تبدو مختلفة للغاية , دائما واثقة من نفسها , لا تخشي سوى ربها , طالما تعلم أنها لا تعصيه , ولا تخطئ أبدًا , كانت تتكلم كأنها ضيف غريب على نفسها , منزلها , وعلى الدنيا .
تقدمت تجاه المنزل بثقة , فقد قررت أنه انتهي فصل الضعف من حياتها .
دخلت منزلها , فأوقفها جدها ..
سامي : مريم أنت كويسة ... روحتي فين وسيبتينا ..
مريم بابتسامة رقيقة باهتة : ما تقلقش أنا روحت عند بابا وماما .
سامي بقلق : إيه , بابا و ماما مين ؟!
قالت له مريم بهدوء وقد فهمت مقصده : .....
- بابا محمد , وماما دعاء هو في غيرهم ..
تنهد سامي في ارتياح و أردف : ..
- اهاه , بس روحتي إزاي أنا مش ـــــ
مريم : ما تقلقش أنا دلوقت ارتاحت أوي ...... جدو أنا هدخل الأوضة ارتاح شوية .
سامي بحنان : أيوة يا حبيبتي ارتاحي ...
..........................................................
في فيلا حسين ثابت ,,,
دخلت بريهان وهي تحاول كبت ملامح الغضب من أثر ما سمعته عما فعله مع مريم , دخلت فوجدت والدها واقف بغضب جم في الردهة , وبجانبه نورا وهي قلقة للغاية , لكلاهما مشاعر متضاربة ....
بريهان بابتسامة : سلام عليكم .
انتفضت نورا بمجرد سماع صوت ابنتها , فكم اشتاقت أن تسمعه منذ أيام . ركضت تجاهها , ثم ضمتها .
نورا بسعادة : الحمد لله إني شيفاكي قدامي بخير ..
كانت ملامح بريهان باردة قليًلا , فكل ما تفكر فيه هو والدها , لم تتكبد عناء مصارحته بشيء فقد وفر عليها عناء التفكير في بداية للحديث ....
حسين بغضب : بريهان !
بريهان ببرود : نعم !
حسين : أنت هربتي من المستشفي عشان تروحي لحفيدة سامي حجازي .
بريهان ببرود مستفز: اسمها مريم , وبعدين أنا روحت عشان أشهد بالحقيقة يا دادي ..
حسين : حقيقة إيه وزفت إيه , أي حاجة ليها علاقة بسامي حجازي ما تبقاش حقيقة .
بريهان : لا إيه رأيك , لو كنت شهدت زور , عشان أرضي غرورك .
حسين بغضب أكثر : بريهان , أنت اجننتي !
هتفت نورا بارتباك محاولة تلطيف الوضع :...
- لا بيري ما تقصدش يا حسين , هي تعبانة بس .
بريهان : بيري الحمد لله بقت كويسة , وعرفت كل حاجة حصلت وهي مش داريه بالدنيا , أنا عايزة أفهم , أنت إزاي يا دادي تعمل مع مريم كده في المستشفي , لا والغريب أكتر إن ماما ما اعترضتش إن يعمل كده ... لأ و لا غريبة و لا حاجة هي عمرها أساسًا ما اعترضت ولا هتعترض على حاجة غلط أنت بتعملها ..
لمست كلمات بريهان وترًا حساسًا في قلب نورا , فهذا يذكرها بجرمها في حق ابنتها .. أما حسين فقد اشتعل غضبها وتقدم من بريهان و صفعها على وجهها (طاااااااااااخ)
حسين : يظهر إن قعدتك مع البيئة دول نسيتك الأدب , ماشي يا بريهان , من هنا ورايح مش هتخرجي من أوضتك ولا هتشوفي اللي اسمها مريم دي تاني ....
انصدم الجميع من رده فعل حسين , لم يعبء حسين بإحساس بريهان , بل جرها لغرفتها وأوصد الباب من الخارج , وسط بكاء نورا , حاولت أن تتراجاه , لكنه لم يعب لدموعها هي الأخرى ....
..................................................
في فيلا سامي حجازي ,,,
كانت مريم في غرفتها وقد بدلت ثيابها استعدادًا للخروج , لم تكن قد ارتدت حجابها , ففوجئت بجدها يدخل الباب , فانتفض , وأخذت أقرب حجاب لتضعه على شعرها المنساب .
مريم : مش تخبط يا جدو .
سامي : أنا كنت افتكرتك نمتي ونسيتي معاد الدكتور .
مريم : لأ أنا فاكرة , و كنت بجهز .
سامي : كنت عايز أتكلم معاكي في موضوع .
مريم : اتفضل يا جدو .
دخل جدها وجلس بجوارها على الفراش , فلف ذراعه حول كتفها , فأزاحته بخجل .
سامي : ما كنتش فاكر إننا هنوصل للدرجة دي , بس أي حد من عيلة ثابت بيخش حياتنا بيدمرها ..
مريم : في إيه يا جدو , بتجيب سيرتهم ليه بس .
سامي : بصي أنا كنت عايزة أقولك على حاجة عشان أنتِ من حققك تكوني عارفة كل حاجة عن ماضيكِ .
مريم : حاجة إيه يا جدو ؟!
سامي : أول يوم دخلتي فيه على حياتي , كان محمد ابني مسافر , بس بنت دعاء ومحمد اللي كان عمرها أسبوعين كانت تعبانه أوي .
مريم : بنتهم .
زفر سامي بأسي و هو يتذكر موت حفيدته ثم أردف بهدوء :...
- أيوة بنتهم , خدتها أنا ودعاء للمستشفي , لكن البنت ماتت , وإحنا راجعين , دعاء كانت مدمرة , كانت ساكته , فجأة لقيتها بتقولي وقف العربية يا بابا , ولما سألتها شورتلي على نورا هانم وهي بتحطك قدام الملجأ , ساعتها قلب دعاء رق في ثانية , لأنها شفتك وأنت بتضحكي , والست بترميكي , لمحت وش الست دي وكنت نازل أموتها بايدي , لكن بسرعة هربت , بسرعة دعاء طلعت بره العربية نحيتك , بس كانت مديرة الملجأ خدتك لجوه , دخلت بسرعة وراها , و قررت إنها لازم تتبناكي , اللي صبر محمد على فراق بنته هو أنتي , كنت أمل البيت كله , سرقتي قلبنا كلنا ..
مريم : أنا عارفة يا جدو أنكم أنتم ـــــــ
سامي : لسه ما خلصتش كلامي , دعاء حبتك حب ما يتوصفش , كانت بتقول لو بنتها الحقيقة كانت عايشة ما اعتقدش كانت هتحبها قدك , وأنتِ كمان ما كنتش تقدري تفريقها , واللي زاد الحب ما بنكم إن دعاء رضعتك يا مريم ......... يعني مهما حصل هما بردو أمك و أبوكي و أنا جدك .. أنا ربيتك على ايدي  .
ترقرقت الدموع في عيون سامي , و قرر مغادرة الغرفة , على عكس مريم التي كانت الأرض لا تسعها من الفرحة , فأقبلت عليه و عانقته بفرحة ..
مريم : بجد يا جدو , بجد .
سامي باقتضاب : أيوة .
مريم : أنت ما تعرفش أنا مبسوطة أد إيه ..
سامي : أنا ماشي .
مريم : دا أنت مقموص مني بقي .
سامي : كنت لازم تعرفي يا مريم , إني مستحيل أخليكي تعملي حاجة غلط .... و بعدين أنا عجزت خلاص ..
مريم بمرح : عجزت إيه دا أنت أصغر مني ....
أجلسته على الفراش !! فوجدته ما زال مقتضب , فهتفت مازحه :..
-دا أنت زعلان مني بقى ... طب حوش نفسك مني بقي .
أقبلت مريم عليه تعانقه بحب , وقبلت جبهته , و كف يده .
سامي : مريم بتعملي إيه ؟!
مريم : ببوس الإيد اللي ربتني , اللي حبتني , اللي مهما عشت مش هرد فضلها عليا ...
سامي : مريم بتقولي إيه أنتِ حفيدتي .
مريم : وليا الشرف طبعًا ,  جدو لازم تعرف أنك العيون اللي أنا بشوف بيها , بشوف الدنيا جميلة عشان أنت فيها , بشوف نفسي جميلة عشان أنت شايفني حفيدك حبيبتك ...
سامي بتأثر : وأنا وأنت جنبي , ما بيبقاش هممني أي حاجة , ولا أي تهديد أتعرضله , كنت عايزك متأكده إني عمري ما هخليكي تعملي حاجة تزعل منك ربنا , بالعكس دا أنا مبسوط وأنا بشوفك قريبة منه , بنبسط لما نصلي أنا وأنت الفجر جماعة , ببقي مبسوط لما تزعقيلي في يوم لو نسيت أقول الأذكار ...
ثم هتف مازحًا:...
-و للأمان أكتر هبقى أخبط على الباب ..
ابتسمت مريم بصدق ثم أردفت بجدية :...
- جدو أنا كل حاجة في حياتي متلخبطة , أنت عارف أنا كنت بحب بريهان قد إيه , بس فجأة انجرحت واتحطمت ... حولت أنسي  بس هي ظهرت في حياتي تاني .... وطلعت أنا في الأخر ظلماها ... عارف يا جدو أول ما شوفت باباها صعبت عليا , حسيت أد إيه هو بني آدم أسي , صعبت عليا أوي ... بس في الأخر صعبت عليا نفسي , لما عرفت إن شخص زى ده ممكن كان يبقي بدل بابا محمد , أكتر حاجة وجعتني إن نورا هانم طلعت .... أمي اللي اتخلت عني وأنا في اللفه ...... واللي وجعني كمان , إني طلعت شكله .. طلعت شبه بالظبط يا جدو , لما ببص في المرايه بشوفه هو مش بشوف نفسي ...
ضمها سامي إليه و مسد شعرها بحنان و أردف :...
- بس يا مريم .
مريم بدموع : ليه يا جدو طلعت شكله ؟!
سامي : بس بدل ما أنده الفرقة بتاعتك دي يشوفكي كده , وبالذات الواد اللي عجبني ومجنني .... ألا كان اسمه إيه .
مريم : أسامة .
سامي بنصف عين : وعرفتي منين إني قصدي عليه .
مريم بارتباك : ما.. آآآآآآآآآ هو ..آآآ..
دخلت سماح الغرفة .
مريم : خير يا سماح .
سماح : في واحد ظابط بره عايز الهانم .
سامي : ظابط !
مريم بابتسامة : جبنا في سيرة القط , أكيد حد منهم .
جهزت مريم نفسها و خرجت  لترى من كان , فجأة فتحت فمها دهشة , وتوقف ساكنها ......
يتبع

أختان في العاصفةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن