(( الفصل الرابع ))
..........
- كانت صدفةً.
وهل في الحياة هذا النوع من الصدف؟؟
ابتسم لنفسه ساخراً وهو يسند رأسه إلى سريره مُحدثاً نفسه: لا، إنها فقط صدمة القدر.لم يعرف النوم لجفنيه طريقاً، تطلع إلى نافذة غرفته ،لقد انبلج النهار دون أن ينام للحظة واحدة، قضى ليلته متقلباً يفكر فيها، لم يعتقد أنه سيقابلها في يومٍ من الأيام، لم يتخيل ولا حتى في أسوأ توقعاته تلك الصدفة العجيبة، بدى الأمر كأنه ضربٌ من الجنون.
لكن هل عرف أحد أفراد عائلتها عنه؟؟ وهل كانت تعرف حقيقة مجد؟؟
هل كانت علاقة مجد ونور صدفةٌ ام مخطط من تدبيرها هي ؟؟أسئلة تردد صداها داخل عقله مذ رآها في الأمس، لكنه لم يجد سوى إجابةً واحدة، لا مستحيل ، من المؤكد له أن أماليا لم تكن تعرف ان مجد شقيقه هو، لا يصدق بأن الأمر برمته مخطط له ، فنظرات الدهشة التي رآها في عينيها أمس كانت حقيقية لدرجة كبيرة ، هي لم تعرف مجد قبلاً ،ولم تُدبر ولم تخطط لشيء ، ربما هي أيضاً عندما سمعت باسم مجد الكامل لم تربط بينهما، وربما اعتبرته صدفة ،تماما كما حدث معه هو عندما علم باسم نور الكامل .
تلك العينان هو أكثر من يجيد قراءتها، لقد ثارت امواجهما عندما رأته، أغمض عينيه وهو يبتسم بألم ، لقد أضحت أجمل من السابق بكثير.
فتح عيناه فجأة وهو يطالع سقف غرفته، ما الذي سيحدث الآن بعد أن عرفت بصلة قرابته لمجد؟؟هل ستخبر شقيقتها؟؟ وإن علمت نور بالماضي الذي يجمعهما فهل ستقبل بأن تكمل مع مجد ام أنها ستتركه؟؟
انتفض مُعتدلاً في جلسته عندما التمعت تلك الكلمات في ذهنه، لا مجد لن يتحمل ابتعاد نور عنه، هي الوحيدة التي استطاعت كسر قوقعته التي غلف نفسه بها، وهي الوحيدة التي اقتحمت قائمة معارفه التي اقتصرت قديما على اسمه واسم ريما زوجته،
ونور هي الوحيدة أيضاً التي استطاعت أن تحرك في شقيقه شيئاًوكان يظنه قد مات.زمّ فمه بتفكير ثم أنزل قدميه إلى الأرض، لن يسمح بأن يعود أخاه إلى دوامة الأدوية و الأطباء النفسيين مجدداً تحت أي ظرفٍ كان، حتى لو اضطر لمواجهة أماليا بالحقيقة ،عليه أن يتحدث معها سريعاً قبل ان تخرج الأمور عن السيطرة .
هذا ماعزم الأمر عليه، استلَّ هاتفه ثم طلب رقم أحد الرجال الذين يعرفهم .
...........................
كان بإمكانها أن تأخذ اليوم إجازة، لكن لا جَلد بها للبقاء في المنزل فتتلاقفها أمواج الذكريات بلا رحمة، فقررت المجيء إلى المشفى علّها تنسى قليلاً مامرّت به من مشاعر متضاربة منذ ليلة أمس.
مشت في رواق المشفى وهي تمسّد جبينها وتضغط عليه بقوة علّ هذا الصداع الذي كان يعصف برأسها يخفّ قليلاً، لم تذق طعم النوم منذ الأمس.
أنت تقرأ
وصيه والد.. للكاتب علي اليوسفي
Romanceجميع الحقوق محفوظة للكاتب ممنوع النقل والاقتباس (((المقدمة ))) (( لكلًّ منّا ماضٍ ، يؤثر في حاضره وربما مستقبله أيضاً)) { لم أستطعْ تجاوزه بعد، مازلتُ عالقةً في تلك اللحظة حرفيّاً ،حين لفظني من حياته كأنني نكرةٌ لم أكن يوماً ،لم يكلف نفسه عناء التقد...