الفصل السابع عشر

5.4K 249 22
                                    

(( الفصل السابع عشر ))

.....................

وقلبي كعجوزٍ متهالكة......يتيمةٌ، أرملةٌ ، ثكلى......رغم أنني مازلتُ في ريعان شبابي، هكذا أخبرتني مرآتي وناقضته مشاعري، فأيهما أصدق؟؟؟

........................................

فاجعة عظيمة حلّت على ساكني هذا القصر الكبير ، سندهم وعضدهم في هذا العالم قد رحل بلا رجعة.

امتلأت الصالة الكبيرة بحشود المعزين من النساء ، أما الرجال فقد تمّ نصب سرادق كبير عند مدخل منزل عمار ، وكان في مقدمة استقبالهم أدهم ومجد، وكذلك صديق عمار المحامي قاسم .

، جلست عليا بلباسها الأسود وغطاء الرأس الأبيض تستقبل عزاء السيدات بوجهٍ شارد وروح غائبة، تركتها تحوم حول حبيبها الذي فارقها ، عزاءها الوحيد وجود ابنتيه أمامها ، ليذكراها بضرورة التماسك لأجلهما ، مسحت دمعتها عندما اقتربت منها ريما لتعزيها ، قدمت الأخيرة كذلك تعازيها إلى نور التي كانت جالسة بجانب والدتها وتلبس ثيابا مشابهة.

جلست ريما على كرسيٍّ قريب، لكنها كانت تبحث بعينيها عن أماليا تريد الاطمئنان عليها كما اوصاها أدهم، لم تجدها بين الحاضرين فشعرت ببعض القلق عليها ، لمحت إحدى الفتيات وقد بدت أنها من العاملين في المنزل تقدم القهوة المُرّة للمعزيات، كان قد سبق وأن رأتها في خطبة نور ،  انتظرت حتى اقتربت الفتاة منها فسألتها ريما بهمس : أين أماليا؟

همست سارة بينما تمسح دموعها بنشيج: الآنسة أماليا تحبس نفسها في غرفتها.
ضغطت ريما على شفتيها بحزن لتهمس لسارة بخفوت ، وعيناها تجول على السيدات بحذر: أين غرفتها؟ أريد أن اعزيها ؟

استقامت سارة لتشير إليها بأن تتبعها، نظرة أخيرة القتها ريما على عليا وابنتها لتقف وتتبع سارة بحذر، قادتها الأخيرة إلى الطابق الأعلى حيث غرفة أماليا وقبيل وصولهما خرجت هدى من عندها تحمل هاتفها تضعه على أذنها ، تباطأت ريما قليلا حتى أوصلتها سارة ثم غادرت قبل أن تطرق ريما الباب، حقا لا تعرف كيف ستكون ردّة فعل أماليا لو رأتها الآن ، كان أخشى ما تخشاه ظنّ الأخيرة السيء بأدهم.

كانت أماليا تقف في شرفة غرفتها ، عبراتها تجري متلاحقة ووجنتيها نديّتان ، ربطت شعرها الأشقر بإهمال وتلبس كنزة سوداء مع سروال مماثل ، استندت على باب الشرفة برأسها وعيناها تسرحان في الأفق البعيد ، لم تتحرك عندما سمعت طرقات خفيفة على الباب ، إذ أنها ظنّت بعودة صديقتها بعد إنهاء المكالمة مع زوجها.

ضغطت ريما على شفتيها بتأثر من حالتها ، تلقائياً عادت بها ذاكرتها إلى يوم وفاة والدتها ، تشعر بنيران أماليا الداخلية فليكن الله في عونها.

اقتربت منها حتى وقفت على بعد مسافة مناسبة ، ثم همست تناديها: عظم الله أجركم حضرة الطبيبة.

وصيه والد.. للكاتب علي اليوسفي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن