الفصل الثلاثون

5.7K 261 113
                                    

(( الفصل الثلاثون))

.............................

الحب الحقيقي هو من يصطلِ بنار الشوق والفراق، فإن صمد فهو ذاك ، وإن لم يصمد فهو مزيف من البداية.

............................

هل سبق وأن أخبرك أحدهم عن الخيبة ؟؟

نعم أعلم أن الكثير فعل، لكني لا أعرف إن كانوا قد اخبروك،  أن الصمت هو الفعل الوحيد الذي نتقنه حينها، ليس لأننا لا نعرف كيفية الرد، بل لأن ضجيج الخيبة داخلنا طغى على كل شيء.

لم يعد بها من طاقة لصبّ المزيد من الدموع ، تشعر أن منابع الدمع داخل مآقيها قد جفت، كغيمة غاض ديمُها وانقطع ، شاردة في نقطة أمامها ، محياها هادئ الملامح وشبح ابتسامة رقيقة ارتسمت على ثغرها الصغير، كأن فكيها قد اعتاداها ، يراها العابر كأنها تناجي ملاكاً.

  حقا لم تعد تعرف أمجدٌ هو المريض أم هي وأدهم ؟؟؟
يبدو أن الجميع مريض ويحتاج للعلاج الفوري.
ولا تعلم حقا مالذنب الذي اقترفته لتعاقبها الأقدار بتلك الطريقة ؟؟؟
نعم تعلم أن كل إنسان سينال نصيبه من الاحزان والاوجاع، لكن هل من العدل بمكان أن تكون حياتها كلها عبارة عن كتلة آلام وخيبات؟؟.

كان عمرها ست سنوات عندما توفي والدها ، لم تكن قد ارتوت من حنانه الفطري بعد، لتنشب بعد وفاته صراعات كثيرة تمثلت في قطبين متناقضين ، أعمامها وخالها الذي ترعرعت على يديه وبين ولديه الذكور ، لم يفرق بينها وبينهم يوما، بل سقاها من نهر حبه الأبوي ، لم يتوانى عن حمايتها حتى توفاه الله، وكجزء من ردّ المعروف والدين تعاطفت مع مجد وأفاضت عليه من عاطفتها الجياشة والحب الذي فُطرت عليه، لكنها لم تنلْ منه سوى كذبة دمرت صورته المشوهة أصلا.

.........................................

ظلٌّ طويل خيّم عليها حيث كانت تجلس في حديقة المشفى ، لترفع رأسها إلى أدهم وتقاسيمه الواجمة، من يراه يقسم أنه لن يبتسم بعد اليوم.

تحدث بنبرة مرهقة: لقد حان الوقت ، يجب أن نتحدث إليه الآن.
للحظات بقيت مقلتيها شاخصة على وجهه حتى اعتقد أنها فقدت حاسة السمع ، أشارت أخيرا له بالموافقة لتنهض مستندةً على كفه الذي مدّه لها ، سارا جنبا إلى جنب ، وفي أذهانهما ترن كلمات الطبيب بعدما رأى التقارير الأصلية والمزيفة،مستفيضا في حديثه عن مرض مجد ، شارحا لهما طرق العلاج.

_ الأشخاص المتعلقين عاطفيا في معظم الأحيان يفقدون الثقة بالآخرين ، وربما يصبحون مثيرين للشك ومسيطرين، يقيمون مخاوف وهمية من أنهم سيصبحون مهجورين أو منبوذين ، فيترتب على تلك الأعراض مشاكل أخلاقية كالكذب ونوبات الغضب المزمنة، تماما كحال مجد.

تنهيدة طويلة مشبعة بالإرهاق صدرت عن أدهم ، فيما كانت ريما واجمة كأنها لم تسمع حديثه ، ليتساءل الأول: لكن لماذا تعلق بريما أكثر مني أنا ؟

وصيه والد.. للكاتب علي اليوسفي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن