(( الفصل الخامس والعشرين ))
..................................
أحيانا يجب أن تقطع أجنحة الشوق، قبل أن يحلق بك في السماء السابعة، فعلى قدر السعادة سيكون السقوط المؤلم.
..........................................
لم يغمض جفنه طوال تلك الليلة ، ظلّ ساهراً حتى ضربته أشعة الشمس ، يفكر في عقبات معرفة مجد للحقيقة ، لكنه لم يستطع أبدا تخيل إلى أين قد يصل بهم الحال، نفخ بامتعاض ماهذه المعضلة؟؟ قلبه أم شقيقه؟؟ حبيبته أم أخاه الذي رباه كأنه ابنه؟؟؟
تقلبت ريما على جانبها الأيمن ، واضعة يدها تحت خدها ، وقد ظهرت على محياها علامات الأرق ، فحالها من حال أدهم ، تلاقت اهدابها الطويلة لتغطي تلك العسليتين الغزلانية، سرعان ماسحبتها الذكريات، ذكريات يُتمها وفقدانها لأمها.
................................
لم تنشف دمعتها بعد على والدتها وزوجة خالها، واللتان فارقتا الحياة فور اشتعال السيارة بمن فيها ، فبعد أن صدمتها سيارة ظهرت في باحة المحطة من العدم، فقد فارس السيطرة على سيارته لتنزلق حتى اصطدمت بماكينة تعبئة الوقود وتنفجر فورا.
استطاع فارس أن يفتح بابه بصعوبة ليقذف بابنه الصغير على الأسفلت ، فيما بقي هو يجاهد ليحرر اخته او زوجته ، لكنه اختنق بالدخان وأصيب بحروق كثيرة في مناطق متفرقة من جسده، حضر جميع من كانوا داخلاً ليشاهدوا الحدث الفظيع، وكان كلاً من أدهم وريما معهم ، صرخت الأخيرة برعب عندما رأت النار تلتهم سيارة خالها، أما أدهم فقد صُدِم حرفيا من المنظر المريع، لاحت منه نظرة ليرى شقيقه الصغير جالسا ً على الأرض ، يصرخ بخوف من المنظر المتمثل أمامه.
هرول أدهم إلى مجد ليتفحصه أولا ، وجد أن يده بها بعض الحروق الخفيفة ، إضافة إلى جروح وسحجات في منطقة جبينه، صرخ على ريما التي أخرجها صراخه من صدمتها، فجرت بدورها لتحتضن مجد بحماية، وادمعها تسيل كالأنهر للمصاب الجلل.
حاول البعض منهم مساعدة فارس والأخرتين وكذلك فعل أدهم ، فيما اعمل بعضهم عقله ليجلب بعض قوارير النتروجين للمساهمة في إطفاء الحريق.
لكن محاولاتهم باءت بالفشل الذريع، فلم تكن النيران تزداد إلا جنوناً واشتعالاً، إلا أنهم تمكنوا من إخراج فارس ، ومازال جسده ينبض بالحياة رغم احتراقه.
أُعلنت وفاة كلا من والدة أدهم وعمته والدة ريما ، بعد تفحم جثتيهما داخل السيارة ، فيما تم نقل البقية إلى المستشفى القريبة، أُودع فارس في غرفة العناية المشددة، بعد إصابة جسده بحروق من الدرجة الثانية والثالثة ، أما إصابة مجد فكانت طفيفة ، لذا تمّ إيداعه في غرفة مخصصة في قسم الأطفال ومعه ريما التي رفض أن يتركها مجد.
جلس أدهم على الكرسي الأزرق في رواق المشفى، واضعاً كلتا يديه الملفوفتين بشاشٍ طبي في حجره، مُنكساً رأسه وعلى زاوية عينه تحجرت دمعة تبحث عن منفذٍ للخروج ، لم يصدق بعد ما آلت إليه حال عائلته ، خسر شخصين عزيزين على قلبه، والدته وعمته، ووالده الآن في شبه غيبوبة.
أنت تقرأ
وصيه والد.. للكاتب علي اليوسفي
Romanceجميع الحقوق محفوظة للكاتب ممنوع النقل والاقتباس (((المقدمة ))) (( لكلًّ منّا ماضٍ ، يؤثر في حاضره وربما مستقبله أيضاً)) { لم أستطعْ تجاوزه بعد، مازلتُ عالقةً في تلك اللحظة حرفيّاً ،حين لفظني من حياته كأنني نكرةٌ لم أكن يوماً ،لم يكلف نفسه عناء التقد...