(( الفصل الأول ))
..................
صباحُ يومٍ هادئ، شمسٌ مشرقةٌ بخجل تتوارى خلف السحاب ونسائمٌ خريفية باردة لكنها مُنعشة، وقفت ( أماليا الصاوي ) الطبيبة الفاتنة، تتأمل الأفق البعيد بعيون مُغلقه من نافذة شرفتها في منزل والدها، تنفست رائحة العشبِ النّدي بعمق، ابتسامة باهتة شقت ثغرها كمن حرّم الابتسام على نفسه، فتحت عينيها ليتضح لونهما الأزرق كبحرٍ هادئ يدفن في جوفه الكثير من الأسرار ، شعرها الأشقر الطويل الذي يتطاير مع نسمات الهواء العليل، تضامن مع بشرتها الصافية لتكتمل تلك اللوحة الإلهية والتي يندر أن رسمَ مثلها رسام.
أتتها طرقاتٌ سريعه متلاحقة على باب غرفتها، صاحت بابتسامة مقتضبة دون أن تلتفت عندما عرفت صاحبتها: ادخلي يا مجنونة.
فُتِح الباب لتظهر من خلفه فتاة هتفت بنبرة طفولية مُتصنعة الحزن: سامحكِ الله أماليا، أهكذا تقدّرين قدومي إليك لألقي تحية الصباح؟؟؟
استدارت أماليا صوبها وتحدثت فيما هي تتجه إلى الداخل لتجلس على كرسيها : أنا وأنت نعلم أنك لم تأتي إليَّ إلا لحاجةٍ أو طلب، وإلا لم أكن لأرى هذه الطلّة البهية منذ الصباح الباكر، أليس كذلك آنسة نور؟؟
ضحكت نور بخفوت وهي تدلف للداخل لتجلس قبالة شقيقتها مُرددةً: حبيبتي يا اختي، دائما تفهمينني بشكلٍ خاطئ.
..............
نور شقيقة أماليا من والدها، امتازت بعينيها البنية الواسعة وبشرتها القمحية، شعرها الأسود يلامس كتفيها باختصار لا تشبه شقيقتها في شيء ، بلغت الثانية والعشرين عاماً من عمرها مؤخرا وهي تدرس السنة الأخيرة في كلية إدارة الأعمال.
............
تحدثت أماليا وهي تنظر إلى شقيقتها بابتسامة عذبة: إذاً آنسة نور، هلّا أخبرتني ماسبب تشريفك لي في غرفتي؟؟؟تحدثت نور بابتسامة لطيفة: أولاً صباح الخير على أجمل طبيبة في العالم.
أردفت شقيقتها بنفاذ صبر: اها صباح الخير، وبعد؟؟؟
تنحنحت الأخرى بحرج ثم أضافت: وبعد، أريدكِ أن تخبري والدي عن موضوع مجد.قطّبت جبينها بعدم فهم لتعقب: لم أفهم، هل تريدين مني إخبار والدي عن قصة حبكما أنتِ ومجد؟؟؟
قهقهت بخفة وهي تخبر شقيقتها: طبعا لا، بل أريدكِ أن تخبريه أن يحدّد موعداً لعائلة مجد ليتقدموا لخطبتي.
رمشت أماليا بتفاجأ ثم صاحت بفرحة: سيتقدم لخطبتك حقاً؟؟
أشارت لها بالإيجاب فمالبثت حتى نهضت من مكانها لتعانق شقيقتها وهي تهمس لها بكلمات التهنئة.عادت مكانها تتنهد بارتياح هاتفةً: أخيراً نطقها جبلُ الجليد ؟؟
عقدت نور حاجبيها بضيق ثم أردفت: أرجوكِ أماليا، لاتتكلمي عنه بهذه الطريقة.
ابتسمت بخفة وهي تقرص خدها بمزاح: حسنا لن أتكلم عنه هكذا.
ابتعدت عنها لتضيف: المهم، لمَ لا تقومي أنتي بإخبار والدي؟؟
أنت تقرأ
وصيه والد.. للكاتب علي اليوسفي
Romanceجميع الحقوق محفوظة للكاتب ممنوع النقل والاقتباس (((المقدمة ))) (( لكلًّ منّا ماضٍ ، يؤثر في حاضره وربما مستقبله أيضاً)) { لم أستطعْ تجاوزه بعد، مازلتُ عالقةً في تلك اللحظة حرفيّاً ،حين لفظني من حياته كأنني نكرةٌ لم أكن يوماً ،لم يكلف نفسه عناء التقد...