(( الفصل الثامن والعشرين))
...............................
ساكن يساري المسكين ينتفض كعصفور ذبيح ، حتى الهواء تخنقني ذراته كأنني على وشك الاحتضار.
لكنني ما زلت قويا، أجابه تلك العواصف بجبينٍ عالٍ وكبرياء، هبي أيتها العواصف، فأنا مازلتُ كما أنا...........................
مازال على جلسته منذ الصباح يفكر في طريقة ليفاتح شقيقه بموضوع انفصاله، الأمر ليس هيّناً أبدأ ، ومجد وعلى مايبدو فهو لم يُشفى بشكل تام لذلك عليه توخي الحذر واختيار مفردات آمنة معه.
لم يكن مرتاحاً البتة ولا يعرف لماذا ، نفخ بضيقٍ غير معلوم الاسباب ثم حمل القلم بين اصبعيه يحركه في الهواء بسرعة كطريقة للتخفيف من حدة توتره والذي لم يعرف له سببا لغاية اللحظة ، طرقات خفيفة على الباب جعلته يجفل بخفة، أجلى حلقه ليسمح للطارق بالدخول ، والذي لم يكن سوى أيمن الذي كان مبتسماً ببشاشة ، أصابه الذهول للحظة سرعان ماتمالك نفسه ليقف مرحباً بضيفه بحبور: أهلا وسهلا أيمن، تفضل.
تحرك أيمن ناحيته ليظهر من خلفه شاب آخر يماثله عمراً ، قطب أدهم جبينه باستغراب ثم نقل نظراته إلى أيمن الذي حدثه مشيراً للرجل خلفه: أهلا بك أدهم ، أود أن أعرفك إلى صديقي شاهين، لديه منزل يريد توضيبه ولم أجد أكفأ منك لتولي الأمر.
سكت لثانية مضيفا بغمزة ممازحاً: وأريدك أن تبيض وجهي.
أجبر نفسه على الابتسام وهو يومئ له موافقا، دعاهما للجلوس وشيء ما داخله يحرضه على ارتكاب حماقة غير مسبوقة ، ليست صدفة عابثة من القدر أن يُرسل إليه أيمن وهو يفكر في حياة ريما ، حتى بات عقله المجنون يتساءل بسذاجة: ماالذي قد يحدث لو أنه كشف نفسه لأيمن؟؟
كان شاهين يحدثه عن المنزل وعن التعديلات التي يرغب بها عندما رن هاتفه؛ ارتبك للحظة وهو يرى اسم ريما يضيء الشاشة ، تلقائياً وجه نظره المرتبك إلى أيمن الذي توجه بالحديث إلى شاهين ، كأنه يخفف عنه الحرج لو رغب بإجابة الاتصال.
استأذن منهما ثم ابتعد ناحية النافذة ليجيب الاتصال بخفوت: نعم ريما ؟
أتاه صوتها المهتزّ رغم محاولتها إخفاءه: أدهم ، تعال إلى مشفى (.....) حالا.
داهمه القلق خاصة أنها المشفى التي تعمل بها آماليا فتساءل بريبة: مالأمر ريما ؟؟
سكتت لثوان حتى نطقت بنبرتها المرهقة بما نسف ماتبقى من تعقله:لقد عرف مجد نصف الحقيقة و انتكس من جديد.
_ ماذا؟؟؟
صرخ بها باستنكار لينتبه الشابين خلفه لصراخه، طالعه أيمن باستغراب فيما كان أدهم يغلق المحادثة: أنا في طريقي.وقف أيمن مقابلا له وقد شعر بالقلق من صراخه ، ومن باب تقديم المساعدة سأله: هل هناك مشكلة ما أدهم ؟
أجابه الآخر فيما هو يلملم أغراضه من الطاولة: إنه مجد، لقد تم نقله إلى المشفى.
دُهش أيمن من مقاله فهتف يسأله بقلق حقيقي: لماذا ؟ ما الذي جرى.؟؟
أنت تقرأ
وصيه والد.. للكاتب علي اليوسفي
Romanceجميع الحقوق محفوظة للكاتب ممنوع النقل والاقتباس (((المقدمة ))) (( لكلًّ منّا ماضٍ ، يؤثر في حاضره وربما مستقبله أيضاً)) { لم أستطعْ تجاوزه بعد، مازلتُ عالقةً في تلك اللحظة حرفيّاً ،حين لفظني من حياته كأنني نكرةٌ لم أكن يوماً ،لم يكلف نفسه عناء التقد...