(( الفصل الرابع والعشرين))
..............................
يتوسمون في صمتي الهدوء، وماعلموا أن ازدحام الذكريات في رأسي أخرسني، ففي الصمت ضجيج لا يعرفه سوى من تاه فيه.
..............................
كان الهدوء هو المسيطر عليهما ، وهما في طريق العودة إلى المنزل ، رغم أن الفضول يقتلها لمعرفة ماحدث بينهما ، إلا أنها أثرت الصمت حتى يتحدث هو، كما أن تلك الرعشة البسيطة التي تسيطر عليها وهي بقربه منذ تلك الليلة المشؤومة لم تزل ساكنة جسدها، تنهدت ريما بتعب لاحظه أدهم ، رمقها بنظرة من طرف عينه فهذا اليوم كان طويلا لها ومتعبا.
ضغط على شفتيه قبل أن يتحدث ببعض التردد، وعيناه مرتكزتان على الطريق أمامه: ريما، أنا أعلم أنني أخطأت في حقك.
جذب انتباهها فاستدارت نحوه بجفلة خفيفة، لذكره تلك الليلة المرعبة لها، فأضاف بنبرة رخيمة لكنها استشعرت ندمه واضحا: اعذري زلتي أرجوك ، يومها لم أكن في وعيي صدقيني.
تنهدت ريما بسعادة لاعتذاره، فقد أعاد لها ثقتها فيه، ابتسمت بارتياح متمتمة بصوتها الهادئ: لاعليك أدهم ، فأنا أعلم أنك لم تقصد إيذائي .
أمالت رأسها للجانب مضيفة بنبرة ذات مغزى: ولو أنني اتوق لمعرفة سبب مافعلته يومها.بداية أعتقد أنها تلومه أو ربما تعاتبه، إلا أنها أضافت بنبرة ذات مغزى، وشيء من القلق داخلها: أقصد أنك لم تشرب أبدا في حياتك، فهل لي بمعرفة كيف فعلتها للمرة الأولى،؟؟؟ وتلك الليلة بالذات؟
لم يرغب أدهم بأن يخبرها عن فعلة أيمن وحديثه ، فاكتفى بتنهيدة متعبه مجيبا بصدق وكذب في آن: لقد ذهبت ذلك اليوم لأقابل أماليا أمام منزلها ، لكنها خرجت غاضبة باكية و على مايبدو قد تعاركت مع عائلتها.
تجعد جبينها باستغراب وهي تذكر حالة نور تلك الليلة أيضا، فصدقته بسهولة خاصة عندما أردف: وهناك صرخت في وجهي وأخبرتني بأن ابتعد عنها.
سكت لثانية قبل أن يأخذ نفسا عميقا وبتنهيدة طويلة أردف: لقد كنت آمل أن اعترف لها بكل شيء، لذا لم أستطع أن أفكر بعقل سليم بعد صراخها في وجهي ، وهكذا وقعت في المحظور.صدقته ريما لأنها كانت على سجيتها،ولأنه لم يسبق وأن كذب عليها قبلا ، شهقت كمية من الهواء بارتياح، بعد تخييب اعتقادها بأن لأيمن يد فيما حدث، سمعت سؤال أدهم التالي : هل سامحتني ريما؟؟
ابتسمت بمكر مجيبة : سأسامحك، شريطة أن تدعوني إلى الغداء يوما ما.
تعالت قهقهة أدهم على طريقتها الطفولية في التفاوض، حرك رأسه للجانبين بيأس منها، فيما ارتسمت ابتسامة صادقة على ثغرها، وشعور رهيب بالارتياح سيطر عليها ، مااجمل أن تجد شخصا تثق فيه ثقة عمياء.
أنت تقرأ
وصيه والد.. للكاتب علي اليوسفي
Romanceجميع الحقوق محفوظة للكاتب ممنوع النقل والاقتباس (((المقدمة ))) (( لكلًّ منّا ماضٍ ، يؤثر في حاضره وربما مستقبله أيضاً)) { لم أستطعْ تجاوزه بعد، مازلتُ عالقةً في تلك اللحظة حرفيّاً ،حين لفظني من حياته كأنني نكرةٌ لم أكن يوماً ،لم يكلف نفسه عناء التقد...