الفصل الثاني و الثلاثون

6K 258 49
                                    

(( الفصل الثاني والثلاثون ))

...............................

العيون مرآة الأرواح ، فلا تسمح لصفعات الحياة المتتالية باغتيال رونق الربيع من تلك المُقل أبدا ...

.....................................

لم يزل الجمود هو كل مااستطاعت أن تمنحه اياه، رغم وضوح كلماته إلا أنها مبهمة بالنسبة لها، نظراتها إلى ملامحه الواثقة كانت حَذرة، لذا تساءلت بحيادية: مالذي تقصده أنت؟؟

سرط ريقه بامتعاض ، فعلى مايبدو هو اليوم مضطر للاعتذار والتبرير أكثر مما تخيل ، زوى مابين حاجبيه مجيبا بتقطع، وقد انقبضت ملامحه: خطأي آماليا ، إبعادك عن أدهم....

- أنا ابتعدت بإرادتي مجد.
كانت نبرتها حاسمة وهي تقاطعه بثبات ، وقد فهمت آلامَ يرمي، لم تقبل كرامتها أن تسمع منه أكثر بعدما أهانها ، فأضافت بقسوة فاجأته: لكنك كنت السبب ، فلا ترتدي الآن قناع البراءة أمامي ، وتُمني عليّ محاولتك جمع شملنا، لأنه ببساطة أمر مستحيل.

زادت عقدة حاجبيه فيما هي توليه ظهرها ، متابعة مسيرها بخطوات ثابتة، غاضبة،  تدبّ الأرض بقوة،وتشعر الآن بكل كراهية العالم حيال نفسها ، هل تركت الأيام جميعها،  واختارت  اليوم بالذات لتترك سيارتها في المنزل؟؟

حقا أكثر قراراتها غباءً، إلا أن تفكيرها الأجرد لم يمنعها من متابعة سيرها الحثيث بسرعة،  قرار الهجر  اتخذته بعد سلسلة عذابات متتالية ، لم يكن سهلا البتة ، وتعلم ماينتظرها من ألم وتنكيل في الفراق، لكنها لن تتراجع....

ظل يتابعها حتى اختفت عن نطاق رؤيته، فليكن صريحا ، لم يتخيل ردة فعلها تلك، كان الذهول الإحساس  الوحيد الذي شعر به الآن ، اترفض عرضاً كعرضه هو؟؟

ياللعجب !!!

   .......................................

وصلت منزلها أبكر من العادة مع شعور رهيب بالتضخم في كاحليها ، حسنا ، نظرا لمسيرها المتعجل مسافة طويلة لن تتوقع أقل من هذا !!!

تحاملت على هذا الألم الفظيع لتصل إلى باب القصر، وقبل أن تطرق الجرس كان الباب يُفتح تلقائياً ، عادت للخلف بتفاجؤ لتقابلها نور، والتي لم تتوقع قدوم آماليا للمنزل الآن ، استعادت الأخرى ثباتها لتعيد جمود ملامحها، فتجاوزت نور تخطو إلى الداخل.

ضغطت نور على شفتيها لتلتفت صوب أختها قائلة بإصرار: يحب أن نتحدث آماليا.

توقفت آماليا عن المسير، لكنها ظلّت تعطيها ظهرها، أغمضت عينيها وهي تستمع إلى حديث نور المُستجدي: أرجوك آماليا ، اسمعيني فقط....

قاطعتها وماتزال على حالها، بنبرة لا إحساس فيها: لا تحاولي نور، لا حديث بيننا .

رغم تأهبها مسبقاً لرد فعل غير متوقع منها، لكنها تعترف ، صدمها جمودها، فيما اردفت الأخرى بمسحة تهكم ، غير عابئة بدهشة شقيقتها الصغرى: لن ينفع اعتذارك عزيزتي ،  فأنتِ لم تكسري ظفري ، لقد دمرتِ الجسور التي بيننا....

وصيه والد.. للكاتب علي اليوسفي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن