الفصل الثالث: ويليام ديكنز

328 30 13
                                    

الأول من مايو عام 2090م .

رنين مزعج تسبب فى إيقاظى مصدره كان منبهى البالى، إنه على قدر عال من العتاقه، للوهلة الأولى تظنه خرده لكن هذا الخرده يساوى مبلغاً فاحشاً من المال، اطفئته بصعوبة فهو صدئ و بدأت استعد للذهاب إلى القسم؛ فلدى أكوام من القضايا و لا املك سوى تأحيلها كلها و التركيز على معضلة الأمس .

كانت ساعات نومى على قلتها عديمة الأحلام مما أعتبره أنا من حسن الحظ ،
بنطال أسود و قميص سماوى من مجموعة قمصان قد كنت خصصتها سلفاً للعمل كان هذا ما ارتديته متجهاً للمجهول .
اشتريت كوب قهوة من ماكينة بيع قرب القسم و ها أنا ذا فى مكتبى مع قهوتى أطالع صحيفة إلكترونية لا أحد يطالع الصحف الإلكترونية فى عصرنا هذا لكن حالى من حال سيارتى قديم و رث .

تذهلنى قدرة الصحافه على التجسس بل إنها تكاد ترعبنى؛ فهنا صفحة مخصصه لتغطية حادث الأمس بأدق التفاصيل حتى أنهم علمو بوجود شاهدى لكن بعض المعلومات مغلوطه فقد ذكرو عن حاله الصحيه انه مصاب
ببعض الخدوش و الشروخ مما أجده أنا مثيراً للسخريه إذ أنى مازلت أذكر كيف كان تفريقه عن باقية الجثث ضربة حظ لا أكثر و كيف كانت ملامح الحياه قد فارقته !
حسناً حسناً على الإعتراف تلك الفتاه على فظاظتها و عجرفتها فقد أبدت ذكاءً ملحوظاً فى تضليل الصحافه .
ابتسمت متذكراً كيف اشعلتها غضباً البارحه، رغم أنى فى العقد الثالث من العمر لكن الصبيانيه صفة تأبى مفارقتى .
صوت مزعج سرعان ما حول إبتسامتى عبوساً و فتح باب مكتبى كاشفاً عن ابغض رجل عرفته البشريه رحل  طويل القامه فى عقده الرابع من العمر بشعر اشقر و عينان كستانائييان يسكنهما الخبث يعتليهما حاجبان رفيعان و إكمالاً لهالته الكريهه إبتسامة فاخرة الصنع (ويليام ديكنز) ذائع السيط سليط اللسان الذى هو لسوء حظى رئيس القسم !

دخل تاركاً الباب مفتوحاً على مصرعيه، منح نفس الإذن و جلس على واحد من كرسيين تتوسطهما طاولة صغيرة مقابل مكتبى و إكمالاً لعاداته المقرفه مد قدميه على طاولتى الجميله بكل فظاظه ثم نظر إلى مرتديا إبتسامته المصطنعه الكريهه، كان ينوى الحديث لكن نهوضى المفاجئ قاطعه، إتجهت إلى الباب و أغلقته ثم عدت إلى مكانى و بدأت أنا الحديث :
-"سيد ديكنز، إنه من النادر رؤيتك فى القسم و ياله من شرف عظيم يحظى به مكتبى المتواضع بإستضافتك لكنى أرجو أن تزيح قدميك "

-"حاد كعادتك جورج" قالها و هو يبعد قدميه عن طاولتى و يعتدل فى جلسته

استمرت بضع ثوانٍ من الصمت قطعها هو سائلاً :
-"على أى قضية تعمل اليوم ؟" قالها بإبتسامته المصطنه الشهيره

-"لقد وصلت للتو كما ترى و من المفترض أن أكمل التحقيق فى بلاغ ابتزاز تلقيناه من رجل الأعمال الشهير السيد فيكتور نازاروف لكن حادث الأمس عبث بجدولى
لذا . . . . "

لم يتركنى انهى جملتى و قاطعنى قائلاً :
-"فيكتور نازاروف تقول ؟ ذاك العجوز الخرف دعك منه و من بلاغه الساذج إنه يسعى لجذب الإهتمام لا أكثر و لا أقل، أما بالنسبة لحادث الأمس فهذا ما أنا هنا لمناقشته، هل شاهدت الأخبار جورج ؟ "

-"ﻷ لكنى انهيت قراءة الصحيفه للتو !"

حرك إحدى قدميه ليضعها فوق الأخرى و عاود الحديث:
-"اتعجب أن البعض مازال يقرأ الصحف ! على كل حال ذاك الحادث يتصدر جميع البرامج الاخباريه منذ الأمس و لابد أنه يتصدر الصحف أيضاً لقد صار الكبير و الصغير على دراية بالواقعه سيحظى القسم بإهتمام خاص من الحكومه و تمويل سخى إن استطعنا كشف الغموض عن ما حدث، علينا استغلال هذه الفرصه "

-"ليس لى أى شأن بإهتمام الحكومه أو التمويل السخى لكن ﻷصدقك القول أنا أيضاً ارجو كشف ذاك الغموض "

-"وإن كانت مطامعنا مختلفة جورج، لكن الهدف واحد و أين لى بمحقق أمهر منك ﻷحمله هكذا مسؤليه ؟! دعك من أى قضية أخرى سأنقل ما عليك من قضايا للسيد (جاكوب) ليتكفل بها و أنت ركز جهودك فى هذا التحقيق "

-"عرض مغر سيد (ديكنز) لكنى لم أسجل قضية ضد مجهول من قبل و لم يسبق لى أن فشلت فى احدى التحقيقات لذا لا يمكننى القبول بإهمال ما على من قضايا !"

-"لى اليد العليا فى القسم و قد قررت بالفعل نقلهم للسيد (جاكوب) و أنت عليك التركيز على ما بين يديك، إن أنهيت التحقيق قبل أن يحل السيد (جاكوب) ما نقلت له سأعيد تلك القضايا لك بكل سرور، إتفقنا ؟"

بالطبع لا يعجبنى كلامه لكنه على قدر من المنطقيه فمع احترامى للزميل (جاكوب) و باقى زملائى المحقيين أنا الألمع فى المجال إن كانت قضية متمصة الهويه متشابكة الخيوط فمن غيرى أجدر بحلها ؟! صمتت لثوان أفكر، تنهدت و وجهت أنظارى إليه ثم مددت يدى و أردفت :
-"إتفقنا "

تصافحنا ثم نهض من كرسييه و نهضت أيضاً إحتراماً له فرغم ما بيننا من خلاف هو رئيسى فى العمل

-"سأرحل الآن حتى ﻻ أعطلك، أرجو سماع أخبار سارة فى القريب العاجل " قالها مرتديا إبتسامته المعتاده

-"صحبتك السلامه "

خرج و ترك الباب مفتوحاً إنها عادة أرجو أن يغيرها، أغلقت الباب خلفه و عدت لمكتبى مبتسما و أكملت قهوتى البارده رغم أنى مستاء لسلب بعض القضايا منى لكنى الآن متفرغ تماماً لهذا التحقيق و لن يسجل ضد مجهول اقسم أن أحل هذا الغموض . . . . .






السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ♥
الفصل 774 كلمه تقريباً أكتر من المره الى فاتت بحاجه بسيطه بس برضو أكتر :)
أرجو الدعم و إذا عجبتكو كتابتى أتمنى تنشروها ده هيشجعنى جداً أكمل♥

the unknown || المجهول حيث تعيش القصص. اكتشف الآن