الجزء السابع عشر

379 11 1
                                    

ماما يلا بقه العربية مستنية من بدري  *
كانت دنيا تنادي علي والدتها وهي تفتح باب البيت ولم تنتبه علي مجيئ عمها سعيد وخالتها سمر التي ما أن دخلت إلي البيت حتي هرعت إالي غرفة أختها وهي تقول بفضول :
فاتن , العربية الاوبهة اللي بره دي بتاعت مين , وانتي رايحة علي فين ؟
قالت فاتن وهي تتأكد من هندامها أمام المرأة  :
ماما نور  بعتت ليا  دعوة لحفلة خروج زوجها من المستشفي  هروح علشان اخد بالي من بنتها .
تمعنت بها اختها ثم صاحت سمر بغضب  :
ايه اللي انتي لابساه ده يا فاتن , حرام عليكي يا شيخة دي هدوم حد يلبسها وهو راح حفلةة زي دي برضه , صغري شوية  حجابك ده مش مبين جمال  لبسك خالص  .
إبتسمت فاتن وتذكرت تعليق زوجها حين إرتدت هذا النوع من الحجاب وصاح بها قائلا بإشمئزاز :
مش هتخرجي كدة معايا روحي البسي حاجة عدلة واقلعي الخمة اللي فوق راسك دي والبسي طرحة صغيرة بلاش البشاعة دي .
عادت فاتن من شرودها وقالت لسمر  الكلمات ذاتها التي قالتها لزوجها من قبل :
سمر لما بيحبوا يصوروا رجل الكهف البدائي  الجاهل   زي ما بيقولوا  بيرسموهم  عراة إلا ما يستر عوراتهم , إذن نفهم من ده ايه !!! أنه العري جهل وتخلف و كلما  استترنا أكتر كلما أصبحنا   متحضريين أكتر .
لم تجد سمر ما تقوله فزوت شفيتها جانبا غير راضية  , سلمت فاتن عليها ثم أسرعت لتلحق بإبنتها التي قد نفد صبرها , صعدت  في السيارة لتنطلق تنهب الأرض نهبا وصلت فاتن  إلي الفيلا  ووحين مدت يدها وتفتحت البوابة الأمامية حتي إنطلقت دنيا عدوا إلي الفيلا والسعادة تكاد تنبثق من عينيها وما أن همت فاتن لتلحق بها حتي سمعت أصوات المدعوون  وضحكاتهم  عند المدخل  لم يعجبها أن تمر من أمامهم  فعرجت  إلي حديقة الباحة الخلفية  لتجلس بها قليلا ريثما يدخل الأخرون ويسهل عليها الدخول جلست علي الأرجوحة وعادت برأسها للخلف متطلعة  إلي السماء وجمالها ثم   أنشدت قائلة :
- أَعَزمي طال هذا الليل فانظُرْ
أمنكَ الصُّبْحُ يَفْرَقُ أن يَؤوبا
كأنَّ الفجَر حبٌّ مُسْتَزارٌ
يُرَاعي من دُجُنَّته الرقيبا
وفجأة سمعت صوت  نسائي أتي من خلفها  يكمل عنها قائلا :
كأنَّ نجوَمه حُلْيٌ عليه
وقد حُذيتْ قوائمُهُ الجُبُوَبا
وقفت فاتن وإستدارت  للخلف  علي الفور فطالعها  وجه إمرأة كبيرة بالسن  بدت كإرستقراطية هاربة من العصور الوسطي  يدل وجهها علي أنها كانت بديعة الطلة في شبابها  ابتسمت المرأة بود وقالت لفاتن وهي تقترب منها :
عمري ما تخيلت في يوم ان فيه حد من شباب الايا دي بيقرأ من الاساس ناهيكي عن معرفة قصيدة المتنبي  القديمة  دي ظ, اعترفي انتي  حقيقية  يا حوريتي الصغيرة  .
ثم جلست  علي الأرجوحة وأجلست فاتن  بجانبها وهي تكمل  قائلة :
والجميلة  كمان  .
كان صوت المرأة دافئ وحنون لذا أنست فاتن لتلك العجوز وقالت مازحة وهي تغمزها  :
مش كله  مبتلي بتلوث السمع باللي اسمها  جحيميات  يا سيدتي الجميلة .
ضحكت المرأة وأجابت :
معاكي حق ولكن القليل القليل يا صغيرتي  .
ثم إعتدلت قائلة :
طيب بقه مالكيش في الهندي والتركي والكوري زي الباقييين .
عبست  فاتن  وقالت :
كوري !! انا مش فاهمة البنات ازاي بتفكر يعني اخد واحد اتخانق انا وهو علي صوباع الروج ولا لما المسكارا تخلص اخدها منه .
قهقهت المرأة وهي تقول برضي :
بس مقولنليش انتي مين ؟ انا اول مرو اشوفك هنا !
عادت فاتن ببصرها للسماء  واسندت يدها  بجوارها وهي تقول :
أنا  بشتغل في شركة استاذ  أدهم .
ضاقت حدقتا المرأة وهي  تنظر للخاتم بيد فاتن وقالت بغموض :
دلوقت فهمت  .
ثم أكملت وهي تغادر فجأة كما ظهرت فجأة :
كدة انا إطمئن قلبي يا طفلتي  وفهمت  هو ليه  مستعجل  .
لم تفهم فاتن كلمات المرأة ولم تعرها إهتمام فهي علي يقين بأنها لم تراها ثانية , ولكنها كانت مخطئة تماما .
بعد مرور عدة دقائق قررت فاتن  الذهاب وما أن دخلت حتي جذبت إنتباه الجميع  وأصبحت محط الأنظار شعرت بشيئ من الخجل فالجميع ينظر إليها ولم يطل بها الأمر كثيرا حتي وجدت رقية تقترب منها وهي تمد ذراعيها معانقة إياها وهي تقول بإمتنان :
فاتن  اهلا يا حبيبتي  , أنا مبسوطة قوي انك جيتي , مش عارفة اشكرك ازاي علي اعتنائك بنور في غيابي   .
ردت عليها فاتن ببشاشة :
مافيش داعي لكل ده , عملتش حاجة تستاهل يعني  نور زي دنيا عندي .
لم تكمل كلماتها حتي سمعتا  صوت يقول بإستخفاف :
متبقيش مبالغة اوي كدة يا رورورلا ما مابتعملش ببلاش كله بحسابه .
ثم نظرت شزرا لفاتن هيام عرفة  وأكملت قائلة :
وخلي بالك مدلعيهاش قوي كدة , النوع ده متعرفيش امتي تظهر  علي حقيقتها وتطعنك في ضهرك من غير ما تحسي  .
صدمت فاتن لحديث تلك المرأة وهمت لترد عليها ولكن صوت صارما رد عليها قائلا :
فريال خلي بالك من كلامك كويس اللي قلتيه ده مش عاجبني  ابدا .
ثم قال بصوت يجمد الدماء في العروق :
ولو ما  اعتذرتيش حالا صدقيني هتندمي  .
إرتفع حاجبيها دهشة وصاحت مستنكرة :
  أدهم قلتلك  مية مرة إسمي فيفي  وبعدين  أعتذر لها ؟  انت بتهزر  ؟
ومع إرتفاع صوتها تنبه الحضور لهم  مما  جعل فاتن  تشعر بمزيد من الإستياء  وعلمت من نبرة صوتيهما أنهما لن يتنازلان فقالت  لأدهم منهية الحديث  :
كلامها ما ضايقنيش  !
ثم نظرت لها وقالت بكبرياء :
لانها  متعنيش حاجة ليا  ,  لو كل واحد كلب نبح عليه  ضربه بحجره الحجر هيبقي بتمن الدهب علشان الكلاب بقت كتيييير اليومين دول .
تعالت صيحات الأعجاب بل زاد الأمر أن أخذ بعض الحاضرون يطلقون الصفير إشادة بها وقال أسر من بين الحضور ضاحكا :
كتمتيها يا عزيزتي .
  كان صوت أسر عاليا مما تسبب في موجة جديدة من الضحك  وهذا ما جعل فريال تستشيط غضبا فرفعت يديها  لتنزل   علي وجه فاتن  وإذ بصوت  غاضب  يأمرها بالتوقف  علي الفور لمعرفتها لمن يعود وإستدرات علي الفور  وهي تقول ببكاء :
عمتو جيهان البنت دي شتمتني ..
  رفعت السيدة جيهان حاجبيها باستنكار ثم  مرت من جانب فريال ولم تلتفت إليها واقتربت من أدهم الذي أسرع في إلتقاط يديها وقبلها وهو يقول بإبتسامة حنونة :
جدتي  أمتي وصلتي ومقولتليش ليه كنت جيت وأستقبلتك .
ربطت علي كتفه وهي تنظر لفاتن قائلة بحبور  :
ولا يهمك لقيت اللي قام بدورك كويس  .
ثم إلتفتت لفريال وقال بتعالي :
لما شفتك داخل للحفلة ومعاك اللبتاعة دي اتصدمت وفكرتها هي دي اللي الاخبار بتقول عنها انك هتخطبها واصدقك القول الصدمة تعبتني فخرجت اشم شوية هوا وافكر ازاي هحل المصيبة  دي اللي حلت علي العيلة .
ثم إلتفتت لأدهم مشيرًا إلي أسر وأكملت :
واتفزعت وقلت مش كفاية واحد مستهتر  بس لما شفت الجميلة دي ودفاعك عنها عرفت انها هي المقصودة  , الف مبروك يا حبيبي عرفت تختار صح .
تبدلت ملامح أسر وأظلم وجهه  ,  وكانت الصدمة من نصيب الجميع بلا إستثناء ولكن مع إختلاف مشاعرهم وكانت فاتن أسرعهم في الإفاقة من تلك الصدمة إذ أسرعت تنفي الأمر قائلة بحرج :
حض.. حضرتك انتي فهمتي غل..
ولم تكمل كلماتها حتي وجدت دنيا تسرع إليها ونور من خلفها لتحتضنها قائلة بفرح :
ماما بصي انا ونور عملنا  الاشكال دي  شوفي حلوة ازاي.
ربطت علي رأسها هي ونور وقالت :
جميلة  قوي  هيام عرفة يا حبيبتي اطلعي يلا دلوقتي .
صاحت فريال وكأنما وجدت ضالتها وقالت بشماتة :
دي عندها عيلة يعني سبقلها الجواز , ازاي هتسمحي ان واحدة زيها تتجوز ادهم دي زي البضاعة المستعم ..
أخرستها السيدة جيهان  قائلة والإشمئزاز يقطر من كلماتها :
قولي كلمة كمان وهتلاقي نفسك من غير اي حاجة ولا حتي بيت يأويكي .
ثم  إحتضنت وجه فاتن بين كفيها وقالت بإشراقة جميلة :
ديحاجة  متيعيبهاش ابدا  كل  أمهات المؤمنين  كن ثيبات عدا عائشة رضي الله عنها .
نظرت فاتن لأدهم تستحثه علي إيضاح الأمر إلا أنه لم يحرك ساكنا ولأجل إنهاء تلك الواقعة صاحت رقية بإبتسامة :
يلا يا جماعة البوفيه جاهز  .
رحل الجميع   بصحبة رقية  متأففين فقد كانوا يريدون مشاهدة المزيد وبعدما رمقت السيدة جيهان فريال بنظرة حارقة غادرت هي الأخري
ولم يتبقي سوي فاتن وأدهم وفريال التي  تعلقت بذراع أدهم وصاحت باكية :.....

#الارغو
#ورست_سفينتي
#هيام_عرفة

الارغو (ورست سفينتي)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن