الجزء العشرون

373 7 3
                                    

بترت عبارتها وأختفت البسمة  من وجه الجميع حين إقتحم عمها عبد الجبار وابنه سيد المكان وصاح الاول هادرا :
والدك هو سليم  وسيظل كذلك  .
ثم إلتفت إلي فاتن  صارخا :
وانتي يا ملعونة يا جاحدة عمري ما هخليكي تتهني ابدا بنت ابني وهاخدها منك وعمرك ما هتشوفيها بعينك تاني  , ولا هتشوفي مني مليم واحد والشقة انسيها خالص .
كان الغل والحقد واضحان علي وجهيهما وسيد  ينظر لها بحقد وحسد ولكن فاتن لأول مرة بحياتها لم تخشي أحد , لم تخشي من تهديداته تلك  سابقًا كانت ترتجف أمام تهديداته تلك  , ولكن هناك الأن من يحميها  بل علي العكس كانت تهزأ به بداخلها فشتان بين قوته وقوة ونفوذ أدهم  ولم تنتبه إذ ظهرت علي شفتيها إبتسامة هازئة  والتي أشعلت فتيل غضب  عمها وإبنه ليرفع الأخير يديه للأعلي ليهوي بها علي وجه فاتن ولكنه تلقي لكمة قوية أسقطته أرضا لم يصدق سيد نفسه فقد كان دائما فخورا بقوة عضلاته وحجم جسده الكبير , أن يقذف هكذا  في الهواء بلكمة واحدة  فقام علي الفور  ومسح خيط الدماء من علي فمه   وأندفع كالثور الهائج نحو أدهم الذي تلقي لكمة سيد في راحة يديه ثم أمسكه منها بقوة وكال له لكمة ثانية أكثر قوة من الأولي ثم الثالثة والرابعة حتي تعلق به   صهره خالد وقال له بإشمئزاز :
سيبه انته اديتله اللي يستحقه بلاش تلوث ايدك بقذراته اكتر من كدة .
ما أن تركه أدهم حتي سقط سيد علي الارض لا يقوي علي الحراك  عاونه والده علي النهوض وهو يتوعدهم  والغضب يملئ وجه  وقال بصوت كفحيح الافعي :
انا ماشي دلوقتي بس اوعك تفكري اني هسيبك في حالك يابنت ... اخويا .
تبعهم الجميع بنظراتهم وهو يخرج يجر أذيال الخيبة  ولم يمر القليل حتي  عاد الجميع لفرحته وبهجته ولكن كانت فاتن أكثرهم سعادة  أختلست نظرة لأدهم لتجده ينظر إليها هو الأخر وكأنه يقول لها :
اياكي تقلقي ابدا , معايا انتي في امان .
حولت نظرها عنه سريعا وتظاهرت بأنها تكلم من بجانبها  وفجأة وجدت أمامها أخر شخص تتخيل أنه قد يأتي لتهنئتها رفعت بصرها لصاحبة اليد الممدودة وقالت بدهشة :
سارة !  انتي بتعملي ايه هنا ؟
قالت سارة وهي تجلس بجانب فاتن بضحكة لم ترتح لها فاتن أبدا  :
جيت علشان اباركلك يا بنت عمي  ,  ده احنا اخوات .
كادت تفلت صيحة من جنات صديقة فاتن وتقول لها منذ متي تلك الأخوة ولكن فاتن أمسكت يديها لتوقفها وقالت  لسارة بدبلوماسية :
شكرا  يا سارة  , وربنا يهنيكي وتلاقي ابن الحلال اللي يحفظك ويصونك .
رفعت سارة أحدي حاجبيها وقالت  بثقة لم تفهمها فاتن :
لقيته يا حبيبتي ما تقلقيش  .
وقالت بينما تقلب بصرها بين الحضور :
أومال فين عريسك , مش باين ليه هو هرب ولا ايه  ؟ .
قالت جنات  هازئة  وقد كرهت وجود تلك الفتاة  :
   راح يودع ابوك واخوكي , ومش عارفة ليه كدة خير اللهم اجعله خير هيجي يلحقك بيهم قريب إن شاء الله .
كادت تفلت ضحكة من فاتن ولكنها كتمتها وبدون مقدمات  وقفت سارة  وهي تقول لفاتن :
ا... انا شفت واحدة صحبتي هروحلها سلام  .
أسرعت الخطي بدون ان تنتظر إجابة فاتن التي نظرت لجنات وهزت كتفيها  بتعجب  وقالت مازحة :
فهمتتي حاجة  ؟
ضاقت حدقتا جنات وهي تقول :
مفهمتش بس اللي متاكدة منه ان البت دي بتخطط لحاجة انا مش مرتاحلها خالص يا فاتن .
ربطت فاتن علي يديها وقالت بثقة :
ولا تقلقي او تشغلي بالك طالما بنتقي الله يبقي ان شاء الله مش هيخذلنا ابدا ..
كانت  فاتن تعلم لما جنات لا تحب سارة  فبجانب   كره جنات لعائلة عم فاتن لما يفعلونها بها فهي تعلم أن خالد معجبا بسارة رغم   أنها لا تستحق هذا الحب  لذا لم تكثر الكلام عن هذا الامر لكي لا تفتح جرح  حاولت نسيانه .
  توجه أدهم للطابق السفلي لكي يغسل يديه من أثر ضربه لذلك الوقح وبينا هو في طريق عودته خيل إليه أنه يسمع صوت أخيه أسر قادم من أحدي الغرف  فتقدم وفتح الباب وجد أمامه  مشهدا جعله يتسمر في مكانه وبدون مقدمات صفع أخاه أسر وقال وعينيه تقدح شررا :
انت بتعمل ايه ؟
ثم نظر بإشمئزاز للفتاة التي أخذت تعدل من هندامها بخجل وخوف وقال لها بقرف :
وانتي بتعملي ايه هنا , مش انتي برضه المعلمة الفاشلة اللي شفتها قبل كدة , ايه الوقاحة دي اللي تخليكي تيجي ورا راجل لبيت حتي ما  مش بيته ...
قاطعه أسر وهو يمسح خيط دماء من علي جانب فمه  وقال بشماتة :
لا ما هو ده بيتها يا عريس , هو انته ما تعرفش دي تبقي نسيبتك بنت عم العروسة ايه رايك , عيلة تشرف فعلا ؟ مش كدة ؟
عبس أدهم وقال لها بترفع :
الكلام ده حقيقي  ؟
قالت بصوت لا يكاد يخرج من الخوف :
أ ... أيوة  أنا سارة بنت عم فاتن  .
هز رأسه وقال وهو يدفع اخاه أمامه :
ولكن شتان بين النجوم اللي في السماء والقاذورات اللي في الارض ياريتك كنتي شبها ولو بجزء قليل  قوي كان هيبقي كتير حتي عليكي .
رحل تاركا إياها تغلي من الحقد وقالت بغل :
أشبهها ؟  وربنا لهخليك تندم علي كلامك ده  ولازم اظهر حقيقتها ليكم كلكم في يوم من الايام , مش  هيهدالي بال الا لما ابعدكم عن بعض .
لاحظت فاتن تغير وجه أدهم  حين عاد وودت لو تسئله عما أصابه ولكن  الظروف لم تكن مواتيه   مر الوقت  وبدأ الحضور في الرحيل  ولم يتبقي سوي أدهم وجدته وأخته التي  تسائلت وهي تتلفت حولها :
هو اخوك اسر فين مشوفتهوش من ساعة ما جينا هو فين  ؟
قالت  الجدة بتافف:
هيكون فين يعني ,. هتلاقيه في قاعدة من اياهم هنا ولا هناك , ياريته كان فيه حاجة منك يا ادهم ياريت .
قال أدهم بجمود :
هو جه بس جاله تليفون واستاذن مني ومشي.
هزت رأسها متفهمة  ثم  إحتضنت فاتن وهي تقول بفرحة :
أنا سعيدة  قوي  يا فاتن عمري ما كنت هختار افضل منك لادهم , انتي فتنتيه  بجمالك يا عروسة  .
خجلت فاتن لحديث رقية فأحتضنتها الجدة قائلة :
قصدك  فتنتنا كلنا باخلاقها وادبها ومن بعدهم جمالها ربي يديم عليكي السعادة يا بنتي  .
كان ضمير فاتن يؤنبها لكذبها علي الجميع  لكن ما باليد حيلة فأن تضيع حياتها ثانية أو تكمل في تلك التمثيلية  تنبهت علي صوت رقية وهي تقول بإبتسامة :
  طب يلا بينا بقه احنا يا جدتي هنسبقك احنا للعربية يا عريس  .
ما أن أستدارت حتي قالت له وهي تخرج لسانها :
بس متتاخرش كتير عليا وتعيش بقه دور العاشق الولهان .
ضحك عليها وهي تركض مبتعدة عنه وما أن صعدت رقية في السيارة حتي أدار رأسه إلي فاتن قائلا بإهتمام  :
  بنت عمك دي خلي بالك منها كويس ولو اي حد منهم حاول ياذيكي بشي متتردديش ابدا ا تتصلي بيا علي طول  .
تعجبت لتحذيره ولكنها قالت ممتنة :
أوعدك  حاضر ,  بس مظنش ان حد منهم هيحاول يعمل حاجة الخزي اللي شافوه النهاردة هيخليهم ما يخرجوش من بيتهم لشهور .
زفر أدهم قائلا بشرود :
وده اللي مقلقني  .
ثم عاد ببصره إليها وقال بإبتسامة جذابة اخترقت حصون قلبها الدفاعية  :
بس سيبك انتي , كنتي جميلة قوي النهاردة , وكمان دنيتي الامورة .
علت حمرة الخجل وجهها وغزت خديها بشدة حتي تحول وجهها  واصبح كالفراولة وتلعثمت ولم تجد شيئ ترد به عليه ولم يتنقذها سوي  صوت الفتاة تقول بسعادة :
فيه حد هنا جاب سيرتي ولا حاجة  ؟
فتح أدهم ذراعيه لها وحملها  وهو يقول :
بكل تأكيد يا صغيرتي , هو انا اقدر استغني عنك  .
تعلقت دنيا بعتقه وصاحت :
أنا سعيدة جدا ,  ايه رايك نخرج بكرة كلنا عايز اوري للعالم كله بابا .
نظر أدهم إلي فاتن وقال بمكر :
ان كان عليا انا ماعنديش ابدا اي مانع مكش عارف بقه ماما رايها ايه ؟

الارغو (ورست سفينتي)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن