الجزء التاسع عشر

363 9 4
                                    


إستيقظت فاتن علي صوت طرقات خفيفة علي الباب وكأن الطارق خشي من لمس الباب فقالت علي الفور :
أدخلي ياماما .
دلفت والدتها وقالت وهي تضغط علي يديها بتوتر :
تعالي يا بنتي ابوك عايزك تحت .
نظرت فاتن بأسي :
خير يا ماما فيه حاجة ؟
تلعثمت وقالت وهي تتحاشي النظر في عينيها :
ه...هو هيقولك .
قالتها ثم أسرعت للخارج وكأن هناك شبح يطاردها , نهضت فاتن من فراشها وهي تتمتم بدعاء الله أن يفرج ما بها من هم بدلت ثيابها علي عجل وخرجت لوالدها الذي قال ما أن رأها :
صباح الخير يا بنتي , تعالي عايزك فيه حاجة هتفرحك !
لم تتفوه ببنت شفة وظلت صامتة هادئة ولكن في داخلها بركان يكاد ينفجر ولا تدري كيف ستوقفه أمام والدها الذي لم ينتبه علي شيئ من ذلك فقد كان فرحا بالخبر الذي سيطلعها عليه إذ قال لها :
عمك يا فاتن جالي امبارح هو وابنه سيد اعتذارولي علي الحصل منهم وطالبين مسامحتك وعلشان يثبتوا حسن نيتهم ابن عمك قالي انه هيكتبلك الشقة اللي كنت فيها في البيت بتعهم و...
قاطعته وهي تحاول السيطرة علي أعصابها لكي لا تؤذي والدها بكلمة وقالت :
الشقة اللي هي من حقي في الاصل وهما سرقوها مني .
عبس والدها قائلا :
يا بنتي متبصيش للامر من الناحة دي هما اصلا عمرهم ما عملوا كدة لحد غيرك علشان تعرفي غلاوتك عندهم .
قالت ساخرة :
علشان الامر كله ولا هيفرق معاهم الورقة اللي هيكتبوها دي ولا ليها اي لازمة لان البيت كله باسم عمي يعني ميحقش لحد غيره يكتب او يبيع حاجة وطبعا بديهي جدا انه مافيش توكيل من عمي لابنه انته عارفه طبعا اكتر مني ما بيثقش في حد ... يعني بالمختصر مافيش شقة الامر كما هو عليه .
صاح بها والدها وقد أثاره حديثها :
انتي عايزة ايه بالظبط ؟ الشقة وهتكون ليكِي وبناتك هتفضل معاكي وقبل ده كله راجل هيتجوزك تعتمدي عليه ...
وهنا فتح باب الغرفة ليقف أخيها علي عتبته والغضب يشتعل في عينيه ويقول بغضب :
يعني انته لسه مصر علي دبحها , طيب وديني وما اعبد يابا انا ماهخلي حد يلسمها بسوء طول ما انا عايش ويانا يابن اخوك .
صاح والده يقول بثورة :
لو كنت بتفكر في مصلحة اختك صحيح كنت وافقت , قولي ميين هيرضي يتجوز اختك ومعاها عيلة ما هو يا راجل عجوز يا اما واحد عنده عيال ياخدها خدامة ليهم يا ...
قاطعته فاتن لتقول :
ومين قالك يا بابا اصلا اني عايزة اتجوز مسألتش نفسك السؤال ده .
زفر والدها وقال وعيناه تلمع مهددة بدموعها :
يا بنتي انا اب عايز اطمن عليكي اني هسيبك مع اللي يخلي باله منك .
قالت له متسائلة :
ويعني ولاد عمي دول انته هتطمن عليا معاهم يا بابابا ؟ تفتكر انت نفسك مقتنع باللي بتقوله ؟
نكس الرجل رأسه لا يجد ما يقول فإقتربت منه فاتن ورفعت راسه لاعلي وقالت مبتسمة :
اطمن يا راجل يا طيب في واحد متقدملي وموافق بيا مع كل عيوبي اللي انته شايفها من وجههة نظرك انسان فعلا هتطمن عليا معاه .
إلتفت الإثنان إليها والتعجب يكسوا ملامحهم وأكملت قائلة بإبتسامة هادئة :
وكمان مش عجوز ولا هياخدني خدامة لاهله وعياله لا ده بل شاب , راجل يعتمد عليه زي ما انته عاوز بالظبط .
أمسكها أخيها من كتفيها وصاح بها بفرحة وقال :
فاتن انتي بتتكلمي جد ؟ مين هو ؟
وضعت يديها علي يده الممسكة بكتفها وقالت :
استاذ أدهم , طلب ايدي امبارح وأنا وافقت .
ثم نظرت لوالدها وقالت بعينين تحمل الكثير من المشاعر المختلفة :
ده بعد موافقتك يابابا بكل تأكيد .
قال والدها بدهشة واستعار جملة ابنه :
انتي بتتتكلمي جد ؟
قالت بإقتضاب :
ايوة ومنتظر ردك علشان يجي هو وعائلته !
تهلل وجه والدها ودخلت والدتها وهي تطلق الزعاريد بسعادة قائلة :
الحمد لله يا بنتي ربنا عوض صبرك خير .
إحتضنتها ولمحت فاتن أحمرار عيني أخيها والدموع تكاد تنفلت منها وهو ينظر إليها باسما لتعانقه وهمست بإذنه قائلة :
عمرك ما هتتخيل مقدار سعادتي وانته بتدافع عني ومهتم بيا وخايف عليا حسيت فعلا ان ليا ضهر لكن ...
ثم بعدته عنها وأمسكت بكتفيه وأكملت :
طريقة كلامك مع بابا ما تنفعش ابدا ابدا يا خالد فين ولا تقل لهما أف روح لبابا واستسمحه وراضيه. يلا روح راضيه !
قال لها بغضب :
يا فاتن بابا هو السبب في كل اللي حصلك في حياتك ساب لاخوه الحبل علي الغارب وسايبه يتحكم في حياتنا , بابا اهمل امانته وواحبة ناحيتنا وده مايرضيش ربنا .
قالت له بحزم :
ومع ذلك لا يجوز ليك انك تتكام معاه بالطريقة دي بر الوالدين مالوش شروط فحتي لو قصر هو في واجبه نحيتنا , حسابه عند ربه ومش احنا اللي هنحاسبه بابا طيب ما يدركش مكر عمك ولا لؤم عياله , بكرة تبقي اب وتحس بيه , انا عارفة ان بابا غلطان في تصرفاته وانه كان يجب عليه انه يختار صح بس هتعمل ايه اللي حصل حصل والحمد لله الامر انتهي علي افضل حال
طأطأ رأسه ثم توجه لوالده , دمعت عيني فاتن حين رأت والدها وهو يعانق أخاها لم يخرجها من شرودها سوي رنين هاتفها لتجده أدهم شعرت بالإضطراب فإنسلت من بينهم لتعود إلي غرفتها وأجابته قائلة :
أ...أيوة يا استاذ أدهم ؟
أتاها صوته المليئ بالثقة وهو يقول :
انا شايف استاذ دي مالهاش لازمة خالص احنا علاقتنا اتغيرت دلوقتي تماما مش كدة ولا ايه يا ... خطيبتي ال ..
كادت تفلت منه الجميلة ولكنه لم يكملها لم تنبس فاتن بكلمة واحدة فبسبب كلماته تلك عقد الخجل لسانها ولم تتمكن من التفوه بكلمة زادت إبتسامته لذلك فصوت تنفسها العالي ينبئه بإضطرابها ولمعرفته بها فهي خجلي من إجابت كلماته فأكمل قائلا :
من باب الفضول عايز اعرف غيرتي رأيك ليه ؟
أتاه صوتها مليئ بالأسي وهي تقول :
عمي رجع تاني لالاعيبه هو وابنه وجه لبابا علشان يأثر عليه انه يوافق علي جوازي من سيد وفعلا بابا مكدبش خبر وكلمني علشان يقنعني اوافق و..
سمعت صوت إرتطامِ قوي فصاحت بقلق :
ألو .. استاذ ادهم انته كويس ايه الصوت ده ؟
كان أدهم يحمل في يديه كوب كبيرا وحين أخبرته بموافقة والدها علي زواجها من ابن عمها لم يتمالك نفسه من الغضب وألقي بالكوب علي مرأة كبيرة فتهشمت وسقطت لتصدر صوتها عاليا أفزع فاتن ولازالت تصيح به حتي تمالك نفسه وأجابها قائلا بصوت حاول أن يجعله هادئا :
مافيش حاجة كملي وبعدين ؟
لم تطمئن فالصوت كان مرتفعا ولكن لم تسئله ثانية فعلي ما يبدو أنه لا يريد إخبارها بما حدث فأجابت سؤاله قائلة :
قلتله انك اتقدمتلي ومنتظر رده .
فإبتلع ريقه وقال بتوتر :
وايه رد فعله ؟
تبسمت قائلة :
قلبه طار من الفرح طبعا ومش هو لوحده كلهم كان فرحانين جدا لما قولتلهم .
علت البسمة شفتيه وعاد إليه هدوءه وشعر بالأطمئنان ثم قال بخبث :
كلهم كلهم ..ز يعني بما فيهم انتي ؟
لم تجبه بشيئ وعلت حمرة الخجل خديها ثم قالت بسرعة :
ب..بابا. . بينادي عليا عن اذنك
ولم تنتظر حتي تستمع لرده بل أغلقت علي الفور .

الارغو (ورست سفينتي)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن