انزل الظلام ستاره لتغرق السماء بسواد اعتاد عليه... الرياح باردة للغايه خاصة وهو يقف هنا الان... امام شاطئ البحر في منتصف فصل الشتاء... للحظة ظن انه مازال في ايطاليا... امام احدي شواطئها... ظن انه عندما سيعود لمنزله سيجد رائد غارقًا في النوم... ليقبل رأسه كما يفعل كل ليله... قبل ان يتجه لغرفته ساقطًا في ظلامها...
شعر وكأن الرياح المحملة برائحة البحر ستخنقه.... جسده ثقيلًا للغايه.... لطلاما كان ثقيلًا للغايه ذلك الجسد.... مليئًا بسواد تواجد في قلبه منذ كان طفلًا صغيرًا... سوادًا ورثه من والده....
لم ينتبه لأصابعه والتي بدأت في فك ازرار قميصه الأسود... لم ينتبه لقداميه العاريتين والتي لامست رمال الشاطئ الباردة... وبالتأكيد لم يشعر بساقيه وهي تتحركان في اتجاه... كل ما يتواجد في عقله ان جسده ثقيلًا... يريد فقط الطفو فوق الماء...
ظل يتقدم بخطوات صغيره... يرتفع الماء محيطًا جسده كشيطان أسود يبتلعه عن بكرة ابيه... لم يهتم للماء البارد... فكم من مرات حاوطه الماء المثلج في فصل الشتاء... عندما تتساقط الثلوج كان هو دائمًا في اعماق احد المسابح او احد البحور.... سواد الماء يطمئنه... وبرودته تريحة... تجمد عقله وجسده فتتجمد معهما مشاعره... فيخرج أدهم ذو الطبقه الجليديه... وكلما ذاب الجليد.... كلما عاد و وضع طلقه ثلجيه جديده...
"أنت بجد فاكر اني هقبل اعيش معاك بعد كل اللي حصل ؟ ولا حتي هأمنلك تاني ؟ مانا وثقت فيك مرة واحدة... وثقت فيك اكتر ما كنت بثق في نفسي... واخرتها كان سواد زي قلبك اللي بتقول انه بيحبني... اللي بيحب مش بيوجع مش بيعذب ومش بيقتل.."
ارجع رأسه للخلف فجأة صارخًا... اهة ألم خرجت من قلبه قبل ان يهبط برأسه وجسده كله أسفل الماء... وكما يعلم لم يطفوا.... بل هبط للأسفل اكثر حتي اختفي تمامًا... ولكن تلك المره شعر ان الماء يهاجمه... يلقنه درسًا علي اذابة طبقة الجليد تمامًا... فكل مرة كان كلما تصدعت الطبقة كان يعود... ولكن تلك المرة اختلفت... فثلج ذاب الي ان لم يبقي غير جسده بلا اي حمايه... بلا تذيف... لتدربه القصيرة في مقتل... هاجمته علي حين غفله فلم يستطع تصدي ضرابتها والتي عرفت هدفها ببراعه...
صرخ مجددًا ولكن كان الصوت ضئيلًا للغايه اسفل الماء... الماء حقًا يهاجمه... يكاد يختنق اكثر ولكنه لا يبالي... فمن سيهتم اذا غرق الان ؟ علي الاقل سيبقي محاطًا بين ذراعي شيطانه والذي رفض تلك المره تركة... ليستسلم الاخير مغمضًا عينيه... مستعدًا لبتلاع كل الماء الذي يستطيع ابتلاعه الي ان يغرق.... وعندما هم بضم شيطانه له والذي كان يبتسم بسعاده لفريسه اخري وقعت بين مجموعته سمع صراخ.... صراخها هي دون غيرها... للحظات ظن ان عقله يخدعه مجددًا... دائمًا يسمعها تصرخ بأسمه.... ولكن مهلًا صوتها يقترب....
ليفتح عينيه علي اخرهما مستوعبًا ان صوتها يقترب منه للغايه... يتقرب منه وهو في الماء... الحمقاء لا تعرف السباحه... انتفض قلبه بشده عند تلك الفكره لينتفض جسده ايضًا من بين ذراعيه شيطانه العزيز صاعدًا لسطح الماء بأقصي سرعته ليجدها علي بعد خطوات منه تصرخ بأسمه بجنون... وبالرغم من رأتيه والتي شعر حرفيًا بهما تحترقان... وانفاسه والتي لا تتواجد من الاساس... تحرك في اتجاهها... يمسك بخصرها من وسط صراخها اللاعن له ولأجداده وشجرة العائلة... يرفعها فوق الماء ويحاول ان يرفع رأسه معها...
أنت تقرأ
الفارس الأسود "سلسلة الآفعى السوداء" (مكتملة)
Azioneالجزء الثانى من "الآفعى السوداء" الظلام حالك.. الطقس بارد.. والمياة كأنها من ثلج.. اختار ذلك الوقت تحديدًا حيث الجميع غارق فى ثبات عميق مقررًا النزول للماء فى فصل الشتاء حيث القمر هو الضوء الوحيد الذى ينير الارجاء... اغمض عينيه وترك الماء يحمل جسده...