20..هدية..و إبتسامة

1.2K 37 4
                                    

انظمت هزان الى عائلتها على العشاء..كانت تحاول ان تبدو طبيعية و الا تظهر انزعاجها من تصرف زوجها و من برودته في التعامل معها..امسكت الشوكة و اخذت تلعب بها في صحنها دون ان ترفعها الى فمها..لم تكن لها شهية للأكل و لم تكن جائعة بالأساس..نظرت اليها فريدة و سألت بقلق" هزان..ابنتي..لماذا لا تأكلين؟ هل انت مريضة؟ هل تشعرين بشيء؟ الم يعجبك الأكل؟" رفعت هزان عيونها نحوها و أجابت" لا..لست مريضة..و الأكل لذيذ جدا كالعادة..لتسلم يداك امي..لكنني لست جائعة..لا شهية لي للأكل" ربت صدقي على يدها و قال" هذا لا يجوز يا ابنتي..انت تعملين و تتعبين طوال الوقت و يجب ان تتغذي جيدا..صحتك ايضا لها حق عليك" ابتسمت فريدة بعد لحظة صمت و تفكير ثم قالت بنبرة سعيدة" هزان..هل تخبئين لنا شيئا؟ " رفعت هزان حاجبها استغرابا و سألت بسذاجة" لم افهم..مالذي تقصدينه امي؟" تجهم وجه بولنت و بدا الانزعاج واضحا على ملامحه اما فريدة فسألت مباشرة" لا تخجلي يا ابنتي..اخبريني..هل انت حامل؟" كادت هزان تنفجر ضاحكة في وجه حمويها لكنها تداركت الامر في آخر لحظة..فأجابت بهدوء" لا يا امي..لا يوجد شيء كهذا" وضع بولنت يده على يد هزان و قال" امي..نحن لا نفكر الآن بالإنجاب..نريد ان نستمتع بحياتنا اولا ثم نفكر في الاطفال..أليس كذلك حياتي؟" رمقته هزان بنظرة باردة ثم هزت رأسها بالايجاب دون ان تنطق بحرف لان الغصة كانت قد استقرت في حلقها و اذا قالت اية كلمة فستسبقها الدموع و تفضحها..لف صدقي ذراعه حول كتف زوجته و قال" دعيهما يا زوجتي العزيزة..انهما مازالا شابين و في مقتبل العمر و لا يزال الوقت باكرا على التفكير في الاطفال..رغم اننا نتمنى ان نرى احفادنا قبل رحيلنا عن هذه الدنيا" قال بولنت" بعد عمر طويل ان شاء الله يا أبي..لا تقلق..سيأتي يوم و ترى فيه احفادك و تلعب معهم و تدللهم..ليدمكما الله فوق رؤوسنا انت و امي" ثم وقف و اضاف" عن اذنكم الآن..لدي عمل مستعجل مع تورغوت" ثم التفت الى هزان و قال" سأتأخر حياتي..نامي و لا تنتظريني" ثم انحنى و قبل خدها فيما التزمت هي الصمت..

بعد خروج بولنت..عادت هزان الى غرفتها تلفها سحابة من الكآبة و الحزن ..يقهرها أن يتحدث صدقي و فريدة عن حفيد ليست قادرة على منحهما اياه..فبالنهاية هي لا تعيش علاقة جسدية مع زوجها ..و ليس هذا فقط..بل هي غير قادرة على اثارة زوجها لكي يقبلها عالأقل..قبلة عاطفية عاصفة كتلك التي رأت ياغيز يتبادلها مع سيفجي..و هذا يؤلم قلبها و يحرق روحها و يفقدها الثقة بنفسها و بأنوثتها..تجمعت دموع ساخنة في عيونها تدافعت الواحدة تلو الاخرى لتنهمر سخية على خديها..اخفت وجهها بين راحتيها و راحت تبكي في صمت..لحظات بكاء و نشيج متواصل لم يقطعها سوى صوت رنين الهاتف معلنا وصول رسالة نصية عليه..مسحت هزان دموعها و اتجهت نحو السرير حيث كان الهاتف ملقى..اخذته و قرأت رسالة من رقم خاص يقول صاحبها" هل تفكرين بي مثلما افكر بك؟ هل تحتاجين الي مثلما احتاج اليك؟ هل انجح في رسم ابتسامة على وجهك مثلما تنجحين في رسم ابتسامة على وجهي؟ أشتاق اليك هزان..الى رؤيتك..الى صوتك..الى عينيك..الى جسدك..اشتاق اليك و أريد أن أكون معك و بجانبك..أنت حقا إمرأة مميزة و مثيرة و رائعة..لأنك فعلت بي ما لم تنجح أية واحدة من سابقاتك في فعله..أتمنى أن أزورك في حلمك و أن أستمتع برفقتك..ابتسمي دائما لأجلك..و لأجلي..ياغيز" ارتعدت يد هزان و هي تقرأ هذه الكلمات التي كتبها لها ياغيز..و كأنه يشعر بها..و يشاركها كل لحظة تعيشها..حتى و لو كان بعيدا عنها..يأتيها في اللحظة التي تحتاجه فيها..كدواء..كبلسم..و كشفاء لجروح كرامتها..يرسم ابتسامة سعادة على شفتيها..و يدفئ قلبها بكلماته التي تعيد ثقتها بنفسها..ابتسمت هزان و قربت الهاتف من صدرها و عانقته بفرح طفل صغير وجد لعبته المفضلة بين احضانه بعد طول غياب..ثم تذكرت فجأة بأنها لم تفتح هدية ياغيز التي قدمها لها ذلك اليوم بمناسبة عيد زواجها..جرت نحو الخزانة و فتحتها بتلهف ..اخذت تلك العلبة الصغيرة التي مازالت ملفوفة كما قدمها لها..ازاحت عنها الغلاف و فتحتها فإذا فيها عقد فضي به تعليقة هي عبارة عن وجه مبتسم..و معه وجدت بطاقة كتب عليها" ابتسمي من كل قلبك..و ابحثي عن السبب الحقيقي لابتسامتك الحقيقية..و تمسكي به..ياغيز" ضحكت هزان من كل قلبها و هي ترى العقد و تقرأ الملاحظة التي كتبت معه..ها هو ينجح من جديد في بعث السعادة في نفسها و في رسم البسمة على محياها..ارتدت العقد و وقفت امام المرآة و هي تنظر الى نفسها..فرق كبير بين تلك التي كانت تبكي منذ لحظات..و هذه التي تقف الآن و الابتسامة لا تفارق وجهها..

حُبّ مُلَوّثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن