57..اذهب الى الجحيم

1.3K 31 0
                                    

جال ياغيز بنظره على وجه هزان القريب منه..ثم تعلقت عيونه بشفتيها الممتلئتين ..مرر لسانه على شفتيه بلهفة للاقتراب من خاصتها..قرب رأسه اكثر و قبل ان يتمكن من تقبيلها وضعت هزان يديها على صدره و دفعته الى الخلف بقوة ثم هوت بكفها على خده..صفعته بكل ما أوتيت من قوة و صاحت به بنبرة غاضبة" ماذا تظن نفسك فاعلا يا هذا؟ هل جننت؟ كيف تتجرأ على الاقتراب مني بهذه الطريقة؟ اياك ان تحاول الاقتراب مني او لمسي مرة ثانية و الا حطمت وجهك هذا ..هل فهمت؟" وضع ياغيز يده على خده الملتهب بتأثير صفعتها القوية و تمتم بصوت ضعيف" آسف..انا آسف..اعتذر جدا..لا تؤاخذيني هزان..ارجوك اعذريني" تحركت هزان مبتعدة من امامه و هي تقول" فلتذهب انت و اعتذارك الى الجحيم..و الآن افتح هذا الباب اللعين قبل ان احدث فضيحة مدوية" اقترب ياغيز من الباب ..ادخل يده في جيبه و اخرج المفتاح..فتح لها الباب فخرجت مسرعة دون ان تهتم الى كلمات الاعتذار و الاسف التي تفوه بها..تنفست هزان بعمق محاولة ان تهدئ من روعها قبل العودة الى المعرض لكي لا تلفت انتباه الصحفيين و المتطفلين..وقفت امام صورة جماعية تجمعها بعائلة سراج اوغلو..كانت تشعر بالدفء و الامان بوجودهما..و الآن صارت تفتقد كثيرا هذا الشعور..رحيلهما خلف فراغا في حياتها لا يمكن انكاره و لا تلافيه..لكنها كانت مصرة على أن تفعل كل شيء لكي ترد لهما و لو قليلا من معروفهما معها..ستعمل على تحقيق الأحلام التي لم يتمكنا من تحقيقها و على انهاء المشاريع التي لم يتسنى لهما انهاءها..هذا بالاضافة الى المحافظة على اسم العائلة ناصعا و لامعا و يحظى باحترام الجميع كما عهدته..لمحت بطرف عينها ياغيز و هو يعود الى القاعة و يتجول بين الموجودين..تجاهلته و واصلت جولتها ..نظرت الى ساعتها فإذا هي تشير الى الحادية عشر ليلا..تحركت نحو البوابة و همت بالخروج عندما اعترضتها سيفجي..تلك الممثلة الشهيرة و التي كانت في وقت من الاوقات عشيقة ياغيز و حبيبته..تقدمت منها تصافحها و تقول" مرحبا سيدة هزان..تعازي الحارة لك..كنت أتمنى أن أتواجد هنا في تركيا لتقديم واجب العزاء لكنني كنت مسافرة و لم اعد سوى اليوم..ليجعل الله مثواهم الجنة و اعانك الله على هذه المصيبة الكبرى" ابتسمت هزان و ردت" شكرا لك سيفجي هانم..ليرحمهم الله" اقترب منهما ياغيز فتقدمت منه سيفجي و عانقته بقوة و هي تقول" اشتقت اليك حياتي..كم هي رائعة هذه الحركة التكريمية النبيلة التي قمت بها لعائلة سراج اوغلو المرحومة..اليس كذلك سيدة هزان؟" اجابت هزان بهدوء" نعم..انها لفتة كريمة..عن اذنكما..يجب ان اذهب"..

تحركت هزان مبتعدة عنهما فيما تابعها ياغيز بعيونه الخائفة من ذلك البرود الذي اعتراها في تعاملها معه و تلك القوة الغريبة التي تحلت بها في مواجهتها له..نظرت اليه سيفجي و قالت" مسكينة هذه المرأة ..كيف تستطيع الوقوف على قدميها بعد كل ما حصل؟ لو كنت مكانها لكنت فقدت عقلي" هز ياغيز برأسه و رد" نعم..المصاب جلل و يلزمها قوة كبيرة للمواصلة..لكنني اعتقد بأنها قادرة على تحمل مسؤولية العائلة و المحافظة على اسمها" شبكت سيفجي يدها في ذراعه و قالت" دعنا منها الآن..لنهتم بأمورنا..ألم تشتاق الي؟" تجاهل ياغيز سؤالها و قال" يجب أن أعود الى الداخل و اهتم بالضيوف" زمت سيفجي شفتيها و تمتمت" تمام..فهمت انك مشغول..سنتكلم لاحقا حبيبي" ابعد ياغيز يدها عنه و تحرك نحو الصحفيين الذين كانوا يريدون الحصول على كلمة منه بخصوص المعرض..عادت هزان الى القصر فوجدت ندرت تنتظر عودتها..كانت جالسة في الصالون و ما ان دخلت هزان حتى اعترضتها و هي تقول" أهلا يا ابنتي..لماذا تأخرت هكذا؟ لقد قلقت عليك؟" ابتسمت هزان و ربتت على كتف ندرت ثم اجابتها" لقد انشغلت طوال اليوم مع اعضاء الحزب ثم ذهبت الى المعرض الخاص بصور العائلة" قالت ندرت" حسنا فعلت يا ابنتي..و ماذا قررت بخصوص الانتخابات؟ هل قبلت ام ماذا؟" جلست هزان و ردت" نعم..لقد قبلت..انا مرشحة الحزب للانتخابات و منذ الغد سترين صوري في كل مكان..هل انت سعيدة الآن؟" صفقت ندرت يديها بحماس و اجابت" نعم..سعيدة جدا..استطيع ان اطمئن الآن على الارث السياسي للعائلة ..و اكاد اجزم منذ الآن بأنك ستنجحين" قالت هزان بنبرة قلقة" أتمنى ذلك" سألت ندرت" هل انت جائعة؟ هل اجهز لك شيئا؟" قالت هزان" لا..لست جائعة..اريد كأسا من الحليب الدافئ به ملعقة عسل..سأشربه قبل النوم مع الدواء" هزت ندرت برأسها و انطلقت مسرعة نحو المطبخ..صعدت هزان الى غرفتها..وضعت حقيبتها على الطاولة ثم غيرت ملابسها و هي تحاول طرد صورة ياغيز من رأسها..رغما عنها كان كلامه يتردد في مسامعها..لكنها تعجز عن تصديقه او الثقة بما يقوله..كل ما فعله في السابق جعلها تفقد ثقتها به و ترفض تصديقه مهما فعل...

حُبّ مُلَوّثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن