60..هذه هي الحقيقة

1.3K 35 8
                                    

رمقها ياغيز بنظرة مكسورة و لم يقل شيئا..فاضافت هي" لم تخبرني لماذا أتيت" فرك ياغيز أصابع يديه بتوتر و أجاب" أتيت لأنني خائف عليك" انفجرت هزان ضاحكة بطريقة ساخرة و قالت بصوت متقطع" ماذا؟ تخاف..علي..لا..اكاد..اصدق..ما أسمعه..انت؟ تخاف علي انا؟ و هل تريدني أن أصدق هذا الكلام؟ و ممن.. منك انت؟ طبعا لن افعل ذلك..اخبرتك سابقا بأنني لم أعد تلك الفتاة الغبية و الساذجة و التي تصدق كل كلمة تقولها..كفاك كذبا و تمثيلا و اخبرني عن غايتك الحقيقية..ماذا تريد مني؟" قطب ياغيز جبينه و بدا الانزعاج جليا على ملامحه و رد بنبرة حاول ان تكون هادئة قدر الامكان" هزان..معك حق بألا تصدقيني..و بأن تعامليني بهذه الطريقة..لكن تأكدي بأنني صادق في كلامي..اتيت لأنني خائف عليك..لقد علمت صباح اليوم بأن تورغوت عاد الى اسطنبول..و عودته في هذا التوقيت بالذات ليست مصادفة أبدا..اخشى بأنه عاد لكي ينتقم بعد وفاة بولنت" هزت هزان كتفيها بلا مبالاة و قالت بهدوء" و ما شأني انا بعودته و بانتقامه؟ هل انا من كان وراء موت بولنت؟ هل انا من هددته و ابتزيته و كنت السبب في وفاة والديه؟ هل انا من فعل كل هذا؟ لا..اذا ..لا داعي لخوفك علي..برأيي خف على نفسك منه..لانه سيسعى خلفك انت..لينتقم منك انت..بسبب ما جنته يداك..انتقام سخيف لا اعرف حتى سببه كان وراء كل هذه المصائب..لا اعلم ان كان لديك والدان و عائلة ..و ان كانوا على قيد الحياة ام لا..لكن ما أنا واثقة منه ..هو انهم سيكونون خجلين بك و لن يكونوا ابدا لا فخورين و لا سعداء بما فعلته" انتفض ياغيز واقفا و اقترب من هزان..جذبها من ذراعيها بقوة نحوه فالتصق جسمها بجسمه و تقاربت وجوههما..جز ياغيز على اسنانه و تمتم بعصبية" هزان..افعلي بي ما تشاءين..اكرهيني و اغضبي مني و اضربيني اذا اردت..لكن احذري ان تتحدثي مرة ثانية عن عائلتي..انت لا تعرفين شيئا عنهم..لا تعرفين شيئا عن الألم و القهر الذي سببه لي بولنت..انتقامي منه ليس مجرد انتقام سخيف كما تقولين..زوجك بولنت سرق مني أخي ياسين..لقد كان السبب المباشر في موته..بعد ان..ان..اعتدى عليه بوحشية..لقد اغتصبه..و تسبب في انتحاره..لذلك قررت ان انتقم منه..هل فهمت الآن؟"..

حملقت هزان في وجه ياغيز الذي كان الالم يقطر منه و هي تشعر بانقباض في قلبها بسبب ما سمعته..لكن عقلها كان يكذب كل حرف تسمعه منه خاصة بعد أن أذاها و تلاعب بها في السابق..انتشلت نفسها من بين ذراعيه و سألت بسخرية" و متى حدث هذا؟ في احلامك مثلا؟ لا استغرب هذا..لا استغرب ان تجد كذبة تبرر بها لعبة انتقامك التي دمرت حياة عائلة بأكملها..انت .." قاطعها ياغيز" لقد حدث هذا منذ خمس سنوات عندما كان بولنت مدرس تربية بدنية في احدى معاهد انقرة..قبل ان ينتقل الى هنا..الى اسطنبول..أخي ياسين كان طالبا لديه..انه اخي الوحيد..كان فتى جميلا و كله حيوية..كانت ابتسامته تعني الحياة بالنسبة الي..كنت أعيش من اجله بعد وفاة والدينا في حادث سير..كان متفوقا في دراسته و يعشق ممارسة الرياضة..ذلك ال..بولنت كان يتقرب منه دائما و يطلب منه أن يحضر معه تدريبات ليلية..و في ليلة مشؤومة..ارسل لي ياسين رسالة قصيرة على الهاتف يخبرني فيها بأنه سيتأخر بسبب التدريب..و كنت أنا أقوم بجلسة تصوير لعائلة تحتفل بزفاف ابنها..تأخرت ليلتها في العودة الى المنزل..كانت الساعة تشير الى الثالثة صباحا عندما فتحت باب المنزل و دخلت..ذلك المشهد الذي رأيته لا يفارق خيالي..كلما اغمضت عيوني رأيته..كان ياسين يرتجف كورقة في مهب الريح..و الدموع تسيل من عيونه بغزارة..كنت دائما أذهب الى غرفته لكي أطمئن عليه قبل ان أنام..رأيته على تلك الحال..كانت حرارته مرتفعة و عيونه متورمة..و كان يتمتم بكلمات غير مفهومة..اقتربت منه..و سألته..فلم يقل شيئا في البداية..كنت قلقا من حالته الغريبة تلك و التي استمرت ثلاثة أيام بلياليها..لم ينطق بحرف و لم يأكل شيئا..ضغطت عليه و أصريت على معرفة ما حدث..احضرت الطبيب لكي يفحصه..فأخبرني بأنه تعرض لاغتصاب وحشي..اصريت عليه و ضغطت عليه كثيرا لكي يخبرني بإسم من فعل به ذلك لكنه لم يقل شيئا..كان يبكي فقط..و في اليوم الرابع..كنت قد ذهبت لشراء الدواء و بعض المستلزمات..و عندما عدت..لم اسمع صوته..و لا صوت بكاءه..فتحت باب غرفته و ما ان فعلت..حتى رأيته ..يتدلى من السقف..لقد شنق نفسه..انتحر..و ترك لي رسالة يخبرني فيها بأن مدرسه بولنت سراج اوغلو هو من فعل به ذلك" توقف ياغيز عن الكلام و قد خنقته الدموع و صار غير قادر على النطق بأي حرف..كان صوت شهقاته يقطع القلب..اخفى وجهه بين كفيه و اخذ يبكي بحرقة..شعرت هزان بقشعريرة تهز جسدها بسبب رؤيتها لياغيز على تلك الحال..رغما عنها خفق قلبها شفقة عليه..و آلمها أن تراه على تلك الحال..اقتربت منه و ربتت على كتفه بخفة فالتفت اليها و ارتمى بين احضانها و هو يبكي...

حُبّ مُلَوّثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن