10..أسئلة مرهقة

1.1K 38 2
                                    

تابعت هزان ما يجري كأنها تشاهد مشهدا بفيلم سينمائي ..مشهد قبلة عنيفة تراه للمرة الأولى ..مشهد لم تعشه من قبل أبدا..مشهد جعلها تحسد سيفجي و تتمنى لو كانت مكانها..تمنت لو كانت صحبة زوجها و بين ذراعيه..تمنت لو كان معها الآن..تمنت لو يقترب منها و يسمح لها بالاقتراب منها..تمنت لو تجد في ذاكرتها أي ذكرى رومانسية تجمعها به..أو أي مشهد حميم يجعلها لا تحسد غيرها و لا تتمنى ان تكون مكان احداهن..و خاصة اذا كانت تعلم جيدا بأن إمرأة كسيفجي تعيش علاقة عابرة مع زير نساء سيتركها عاجلا ام آجلا..و هذا لا يجعلها تحسدها..بل تشفق عليها..لأن علاقة كالتي تعيشها الآن مع ياغيز هي عبارة عن حلم وردي ستستيقظ منه ذات يوم..انتبهت هزان لنفسها..كانت جامدة في مكانها..تتابع ما يحدث هناك على الشرفة المجاورة..تحركت مبتعدة عن الشرفة..عادت الى الداخل..ودعت ضيوفها و أعلنت نهاية الحفل ثم صعدت الى جناحها ..كانت قد اتصلت بالعم صدقي و اخبرته بأنها ستبقى للمبيت في الفندق لأن الحفل ينتهي في ساعة متأخرة و لن تكون قادرة على العودة لوحدها الى المنزل..أغلقت هزان باب الجناح خلفها و ارتمت على سريرها..دفنت وجهها في وسادتها و أخذت تبكي بصوت مكتوم..انها حقا إمرأة تعيسة رغم تظاهرها بالسعادة..انها حقا إمرأة وحيدة رغم ارتباطها برجل يسمي نفسه زوجها..انها حقا هشة من الداخل و ضعيفة رغم تمثيلها لدور المرأة القوية و الثابتة..

بكت هزان بحرقة و هي تتذكر صوت سيفجي و هي تضحك بأعلى صوتها بسبب دغدغة ياغيز و مداعبته لها..تذكرت قبلتهما الذي رأتها منذ قليل..تذكرت كلامه لها و اقترابه منها..تذكرت حركة أصابعه على جلدها العاري..تذكرت زواجها الذي كانت تعتقد بأنه سيمنحها السعادة و الاستقرار و الطمأنينة التي كانت بأمس الحاجة اليها..كانت تعتقد بأنها ستجد الحب الذي لم تعرفه و لم تتذوق طعمه في السابق مع زوجها..و بأنها سترتبط به و ستعيش معه علاقة حب رائعة تملأها ذكريات لحظاتهما الحميمة و الرومانسية..لكن واقعها كان أمرا مغايرا تماما لما حلمت به و ما تمنته..واقعها كان عبارة عن كابوس مزعج كانت تظن بأنها راضية به مثلما هو و بأن الرضى هو الحل..و بأن في تظاهرها بالعكس و في تصنعها للسعادة و القوة خلاصا لها منه..لم تكن تتوقع أن يأتي يوم تعترف فيه لنفسها بأنها إمرأة تعيسة و وحيدة..لم تكن تظن بأنها ستكون يوما ما قادرة على حسد شخص ما و تمني أن تكون مكانه..رفعت رأسها عن الوسادة و قد كسرت الدموع رموشها و لوثت وجنتيها بالمساحيق..سألت نفسها سؤالا غريبا استغربت هي ذاتها منه..قالت" أيعقل بأن يكون عدم اقتراب زوجي مني و لو بقبلة أو لمسة أنه لا يجدني جذابة أبدا..و لا يرى في إمرأة مثيرة؟ أيعقل أن أكون إمرأة عادية جدا في عينيه؟" وقفت أمام المرآة و أخذت تتأمل نفسها..وجهها و جسدها..ثم تراجعت الى الخلف و هي تهز رأسها بعنف و تقول" هزان..عودي الى وعيك..هل جننت؟ ما هذا الهراء الذي تفعلينه و تفكرين فيه؟ أنت إمرأة جميلة و لا تستحقين شهادة أي أحد لاثبات ذلك..تكفي ثقتك بنفسك..اياك ان تخسريها او ان تسمحي لظروف زوجك الخاصة أن تفقدك اياها..زوجك مريض..و سيتعالج..و ستعيشين معه ما يعاش..قليل من الصبر فقط..و ستكونين إمرأة متزوجة و سعيدة..و لا داعي لمقارنة نفسك بأي شخص آخر..و لا للحسد او لتمني شيء يعيشه الآخرون..سيأتي ذلك اليوم الذي ستصنعين فيه ذكرياتك الخاصة و تكونين فيه سعيدة جدا..كما ينبغي لك أن تكوني..هيا..كوني قوية كما عهدتك..ارسمي ابتسامتك على وجهك..و قفي شامخة كعادتك..أحسنت..هكذا تماما" ابتسمت هزان و اخذت تزيل المساحيق عن وجهها ثم دخلت الى الحمام لكي تستحم و تخلد بعد ذلك الى النوم..

حُبّ مُلَوّثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن