19..جرح نازف

1.2K 35 2
                                    

خرجت هزان من مكتبها و يدها في يد زوجها و باليد الأخرى كانت تحمل باقة الورد..مشهد رآه ياغيز من نافذة جناحه و بدا على وجهه المتجهم بأنه أزعجه و ضايقه للغاية..فور دخول هزان و بولنت الى المنزل..ارتسمت ابتسامة سعادة و رضى على وجه صدقي و فريدة..كانا يتمنيان دائما أن يريا ابنهما سعيدا في حياته و في زواجه..و ضمنا ذلك في اليوم الذي اختارا فيه هزان كزوجة له..لأنها تربت على يديهما و يعلمان جيدا بأنها ستكون الزوجة المناسبة له..فتاة هادئة و متفهمة و طيبة القلب مثلها من شأنها أن تؤسس عائلة سعيدة و منزلا مستقرا..و هذا ما كانا يريدان توفيره لابنهما..هذا اضافة الى محبتهما الصادقة لهزان..نظر اليهما صدقي بعيون لامعة و قال" كم جميل أن اراكما هكذا..ليدم الله السعادة عليكما و لا يفرق بينكما ابدا" قالت فريدة" آمين..هذا ما أتمناه..بولنت..ابني..اعمل جيدا على اسعاد هزان..انها جوهرة ثمينة و تحبك من كل قلبها..اياك أن تهملها او ان تتجاوز في حقها..لن نتسامح معك أبدا اذا فعلت ذلك..هل فهمت؟" احتضن بولنت هزان و قبل خدها و هو يقول" لن افعل ذلك ابدا..لا تقلقي امي..انا احب هزان من كل قلبي و لن أسمح لنفسي بأن اخسرها أبدا" حملقت فيه هزان للحظة كأنها لا تصدق ما تسمعه ثم ابتسمت و اكتفت بأن تهز رأسها..جلس بولنت مع أبيه يتحادثان حول العمل و الانتخابات فيما صعدت هزان الى غرفتها لكي تستحم و تغير ملابسها..وقفت تحت مياه الحمام الدافئة مغمضة العينين ..لا تعلم لماذا كانت قطرات المياه المنسابة على جسمها تذكرها بلمسات ياغيز و حركاته و حتى كلماته..كانت ترتعد كأنه ما يزال يحاصرها بذراعيه و يلصق جسده بجسدها..حتى رائحته اللعينة و المثيرة تلك..انها تشعر بأنها تشتمها و تفوح حولها..انه هنا..معها..في عقلها..و تفكيرها..انه يهمس في اذنها بأنها امرأة مثيرة و رائعة..انه يمرر اصابعه على عنقها و يطبع قبلاته الخفيفة على بشرتها..تسارعت دقات قلب هزان و غلت الدماء في عروقها و كأن ياغيز يشاركها حمامها ذاك و يقف معها تحت الصنبور..انتبهت لنفسها بعد لحظات فوجدت ابتسامة سعادة و رضى ترتسم على شفتيها..لقد اصبح ياغيز في الآونة الاخيرة هو سبب تلك الابتسامة الرقيقة التي تزين وجهها..و هو كذلك سبب الحماس و الاثارة التي تشعر بها..

انهت هزان حمامها و خرجت و هي تلف جسدها بمعطف استحمام أحمر اللون..جلست امام المرآة و اخذت تمشط شعرها..نظرت الى نفسها و قالت" ماذا يحدث لك؟ ما هذا الهراء الذي تفكرين به؟ هل جننت؟ لا بد انك فقدت صوابك..تذكري دائما بأنك إمرأة متزوجة و ممنوع أن تفكري حتى و لو مجرد تفكير في رجل آخر غير زوجك..ثم هل نسيت بأن ياغيز الذي يسرق عقلك و يجبرك على التفكير فيه صباحا مساءا و الذي يذهب صوابك بكلماته و لمساته ما هو الا زير نساء و رجل متعدد العلاقات و من السهل عليه ان يسيطر على عقل إمرأة تعيش نقصا فادحا في حياتها مثلك..انت بالنسبة اليه لقمة سائغة و صيد سهل..لا تسمحي له بذلك..حاولي ان تقاومي هذه الافكار و هذه المشاعر بكل ما اوتيت من قوة..حاولي ان تشغلي نفسك بالعمل..ركزي مع زوجك الذي يحاول ارضاءك و يبذل جهدا واضحا لكي يتجاوز عن التقصير و يعوضك عنه..انه زوجك و يجب ان .." قاطع صوت طرقات على الباب حوارها مع نفسها فقالت" ادخل" ..فتح بولنت الباب و دخل ..قال" العشاء جاهز..و الجميع في انتظارك" وقفت هزان و تقدمت نحوه و هي تقول" لقد انهيت للتو حمامي..سأرتدي ثيابي و انزل" كانت تظن بأنها سترى نظرة اخرى في عيون زوجها عدا تلك النظرة الباردة الهادئة التي يرمقها بها..نظرة اعجاب بجسم زوجته..نظرة رغبة ..و شوق طال و عذب كليهما..نظرة لهفة لاحتواءها بين ذراعيه..لكنها لم تجد ذلك عنده..اقتربت منه اكثر و لفت ذراعيها حول عنقه و قربت وجهها من وجهه منتظرة ان يقبلها لكنه ربت على يديها بخفة و ازاحهما عنه و هو يقول" تمام جنم..خذي وقتك..سننتظرك" و تحرك مبتعدا عنها..جمدت هزان في مكانها تحملق في الباب الذي انغلق لتوه بعد خروج زوجها..انه بارد معها..و بعيد جدا عنها..خاصة عندما يكونان لوحدهما..بعيدا عن انظار والديه او عدسات الصحافة..كأنها لا تثيره أبدا..او كأنه لا يرى فيها إمرأة قادرة على تحريك الرغبة فيه..و كان ذلك يجرح هزان كثيرا و يفقدها ثقتها في نفسها..أغمضت عيونها بقوة فعادت كلمات ياغيز الى الرنين في مسامعها.." أنت إمرأة مثيرة و رائعة..أنت مميزة و خاصة جدا..أحسد زوجك عليك" كانت تلك الكلمات بمثابة رد اعتبار لها و صدعا لجرح كرامتها الذي ينزف و يزداد توسعا يوما بعد يوم..

حُبّ مُلَوّثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن