65..من أجل ابننا

1.4K 30 2
                                    

مسحت سيفجي دموعها و وقفت و هي تقول" كنت واثقة بأنك ستتخلى عني بمجرد أن تظهر أخرى في حياتك..لكنني لن اسمح لك بأن تكون من نصيب إمرأة غيري..لن اسمح لك..هل سمعتني سيد ياغيز ايجمان؟" تحرك ياغيز نحو الباب و فتحه لها و قال و هو يشير اليها لكي تخرج" هيا..مع السلامة" اخذت سيفجي حقيبتها و خرجت و الشرر يتطاير من عينيها..في القصر..ألقت هزان نظرة اخيرة على برنامجها الانتخابي الذي جهزته بحماس قبل أن ترسله عبر البريد الاكتروني الى السيد اوميت..طرقت عليها ندرت باب المكتب و دخلت و هي تحمل كأسا من العصير ..نظرت اليها هزان و ابتسمت ثم قالت" كم جميل أن اجد من يهتم بي هكذا..لولاك لم اكن اعرف ماذا كان سيحدث لي..شكرا لك ندرت " ربتت ندرت على شعر هزان و ردت" لا داعي لشكري يا ابنتي..أنا اقوم بواجبي و بما أريد فعله من كل قلبي..أنت ما تبقى من عائلة سراج اوغلو التي قضيت اكثر من عشرين سنة في خدمتها..لذلك يجب علي ان اعتني بك و بابنك الذي سيحمل اسم هذه العائلة" عبس وجه هزان فجأة لأنها تذكرت بأنها تكذب على هذه المرأة التي تعاملها معاملة الأم لابنتها ..قطع حديثهما دخول احدى الخادمات التي كانت تحمل طردا وضعته امام هزان و هي تقول" سيدة هزان..لقد وصلك هذا الطرد منذ قليل" خرجت ندرت و الخادمة و بقيت هزان لوحدها..ارتشفت رشفة من كأس العصير ثم فتحت الطرد..و ما ان فعلت ذلك حتى شحب وجهها شحوب الموتى و صارت ترتعد بشدة من خوفها..كان الطرد عبارة عن رسالة تهديد من تورغوت على شكل دمية لطفل رضيع تلوثها الدماء و معها بطاقة صغيرة كتب عليها" هذا سيكون مصير ذلك الطفل الذي تحملينه بين احشاءك و الذي تحاولين نسبه الى بولنت..كاذبة حقيرة..لن اسمح لك بذلك..احذري مني..تورغوت" وضعت هزان يدها على بطنها و هي تردد بصوت مرتعش" الا ابني..الا ابني..لا تقترب من ابني..لن اسمح لك بأن تؤذيه..لن اسمح لك بذلك"..

قضت هزان بقية يومها في غرفتها منطوية على نفسها و تفكر في تهديد تورغوت الذي سبب لها حالة من الرعب و الهلع..و كعادته كان ياغيز يأتيها في الوقت المناسب كأنه يشعر بها و يشاركها كل تفاصيل حياتها..اتصل بها فردت بصوت ضعيف" نعم" سأل مباشرة بقلق" هزان..هل انت بخير؟ اردت الاطمئنان عليك؟ هل طلبت الحماية من الشرطة؟" اجابت" نعم..لقد فعلت ذلك..و وعدني الضابط بأن المرافقة الشخصية ستكون متوفرة غدا" قال" تمام..هذا جيد..من الافضل أن تلزمي المنزل الى ان يأتي المرافقون..لا تتحركي لوحدك..و لا تسمحي لتورغوت بالوصول اليك و أذيتك" قالت هزان" ياغيز..انا خائفة..لقد كان معك حق عندما أخبرتني بأنني أخطأت في اعلان حملي على الشاشة" سأل ياغيز بقلق" لماذا؟ مالذي حصل؟ هل أتى اليك تورغوت؟ هل فعل لك شيئا؟" ردت" لقد ارسل لي تهديدا..انه يهددني بابني..انه مجنون و مريض نفسي..لقد ارسل لي دمية لطفل صغير عليها دماء كثيرة..انه منظر مرعب و مخيف..ياغيز..انا خائفة على طفلي..انه السبب الوحيد الذي يجعلني على قيد الحياة..ماذا ان خسرته؟ ماذا ان حدث له مكروه؟ لن اعيش بعده يوما واحدا..يكفيني ما خسرته الى اليوم" قال ياغيز" لن يحدث له شيء..لا تقلقي هزان..لن اسمح لتورغوت بأن يؤذيك او يؤذي طفلك..لن اسمح له أبدا..اطمئني..انت لست لوحدك..انا معك..هزان..اريد أن اطلب منك طلبا" سألت" و ما هو؟" اجاب" هل أستطيع أن آتي اليك؟ اعلم بأنك ربما لا ترغبين برؤيتي..لكنني اريد ان اكون معك و بقربك..ارجوك..اسمحي لي بذلك" صمتت هزان قليلا ثم قالت" تمام..تعال..انا انتظرك" و انهت المكالمة..لقد كانت تحتاجه فعلا..تحتاج ان تشعر بالامان و الاطمئنان بوجوده..رغم كل ذلك الألم الذي اورثها اياه..الا ان ذلك الشعور بالأمان و السكون الذي كانت تحس به في وجوده..لم يتغير أبدا..مازال على حاله..

غيرت هزان ملابسها و ارتدت قميصا و سروالا بلون أسود و ما ان انتهت حتى جاءتها ندرت تعلمها بوصول ضيفها..استغربت هزان من وصول ياغيز السريع الى القصر و هو الذي يقطن في أطراف مدينة اسطنبول و قدومه يستغرق حوالي الساعة..نزلت الى الصالون لتفاجئ برؤية سيفجي جالسة تنتظرها..مررت هزان يدها على عنقها بعصبية و تقدمت منها و هي تقول" مرحبا سيفجي هانم..خيرا؟ لم اكن اتوقع زيارتك" صافحتها سيفجي و ردت" مرحبا هزان هانم..معك حق..لا تؤاخذيني لقد اتيت بلا موعد..لكنني اردت فقط أن اتحدث معك بأمر" اشارت اليها هزان بالجلوس و جلست قبالتها ثم قالت" خيرا ان شاء الله..ما هذا الامر؟" تمتمت سيفجي بصوت ضعيف" قد لا يعنيك ما سأقوله..لكنني شعرت بأنك قد تكونين صديقة جيدة استطيع مشاركتها بهمومي و مشاكلي..لقد ارتحت لك منذ المرة الأولى التي رأيتك فيها..هل تسمحين لي بإخبارك عن مشاكلي؟" زمت هزان شفتيها و ردت" ان كان هذا سيريحك فقولي..تفضلي..انا أسمعك" صمتت سيفجي قليلا ثم قالت" هزان..و اسمحي لي ان اناديك بإسمك مجردا..لا شك بأنك تعرفين علاقتي بياغيز..ياغيز ايجمان المصور الذي اقام معرضا لصور عائلتك المرحومة..انا و هو تربطنا علاقة حب منذ ما يناهز السنة..كان هو دائما يعتبر علاقتنا نزوة عابرة فيما غرقت انا في حبه و صرت عاجزة عن الابتعاد عنه..لقد عشت معه لحظات لا تنسى..و نسيت نفسي معه..نسيت شهرتي و نجوميتي..و صارت حياتي تدور حوله..كنت أعرف جيدا بأنه يخونني و بأنه يعاشر اخريات ..لكن ذلك لم يكن يهمني لأنه كان يعود الي و يقضي اغلب وقته معي..كنت اظن بأن علاقتنا جدية و بأن باقي علاقاته عبارة عن نزوة عابرة..أحببته و عشقته من كل قلبي..لكنه كان كعادته باردا و متباعدا و بلا مشاعر..هذه المرة عندما عدت من السفر..وجدته متغيرا..لم يعد ذلك الياغيز الذي اعرفه اكثر من نفسي..به شيء جديد..لمعة عيون مختلفة..و طريقة تعامل لا تشبه طريقة تعامله معي في السابق..صار يتهرب مني و يرفض ان يلمسني و هو الذي لم يكن يضيع فرصة اقامة علاقة معي او مع غيري..اخشى بأن يكون قد وقع في الحب و بأن تكون اخرى قد نجحت في خطف قلبه" حاولت هزان تجاهل تضايقها من كلام سيفجي و سألتها" و ليكن ذلك صحيحا..ماذا تنوين ان تفعلي؟ هل وعدك بشيء و اخلف وعده؟ هل حدثك و لو لمرة عن علاقة جدية و ارتباط رسمي؟" هزت سيفجي رأسها بالنفي و اجابت" لا..لم يفعل..لطالما اعتبر علاقتنا علاقة مؤقتة..لكن الوضع الآن يختلف عما هو عليه..يجب أن يعود الي و ان نضع اسما لعلاقتنا..و ذلك ليس من اجلي انا فقط..بل من اجل ابننا..انا حامل منه" ..

حُبّ مُلَوّثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن